بالأمْسِ مَرَرْنا بالغَدِ ، رَكِبّْنا جُنْحَ القَصِيدةِ وطِرْنا، قابَلَنا الغَدُ وفَاهُهُ مَليئٌ بالدُخَانِ ، وضَوضَائُه الصّامِتَة تَطْحَنُ العَظَمْ ، فطَفِقْنا نَرْكُلُ الأصْواتَ كَمَا تَرْكُلُ الأُضْحِيةُ آخِرَ أنْفاسِها ، مِنْ جُلُودِنَا يَخْرُجُ الضّوءُ ،وما إنْ يُلَامِسُ الهَواءَ ،حَتّى يَنْقِلبُ الى ريحٍ .
قُلْنا للغَدِ ماذا تُخَبِّئُ فِي جَيْبِ غَيْبِكَ ؟
قالَ الغَدُ مُتَسَتِّراً على خَوْفِهِ لا شَيء ! إنّمَا "كَلِماتٍ" .
فِي البِدْءِ كانَتْ الكَلِمَةُ ثُمَّ إسْتَحالَتْ لاشَيء ، لا شَيء يَتَوالَدُ مِرَارَاً مُخَلِّفاً أطْفَالَ قَمْحٍ بِرُؤوسٍ مُلْتَهِبةٍ ، ظِلٌّ يَأكُلُ نَفْسَهُ ،ورِيْحٌ تَرْكُلُ ظِلَّها هذا ما أُخَبِّئُهُ فِي جَيْبِي وهَذا عَيْشُ الكَلِمَاتِ .
مِنْ جَيْبِهِ أَخْرَجَ الغَدُ "سَأَكْبُرُ" فَأزدَادَ ضَخَامَةً بِقَدْرِنا جَمِيعاً ، ثُمَّ مِنْ عالٍ قَالَ الغَدُ : كُونُوا “ هَرَباً" .
فَصِرْنَا أَخَفَّ مِن السَّرابِ ، نَسْبِقُ أَنْفاسَ الجِيادِ بِخُطْوَةٍ دائِماً .
بَعْدَ فَتْرَةٍ أَحَسَّ الغَدُ بِالمَلَلِ مِن كَثْرَةِ دَوَرانِنا حَوْلَه ، فَقالَ كُونُوا : "مَاءَاً" فَأنْهَمَرْنا على نُهُودِ الصَّبايا كأنهِمَارِ الغَزَالِ على بَعْلِها ، ثُمَّ قَالَ أيْضاً كُونُوا : "مَعْنى ".
فَوَضَعْنا البُنْدقِيةَ في يَدِ الفَرِيسَةِ وثَبَّتْنا قَدَمَيْ الصَّيّادِ بِالأرْضِ ،مُنْتَظِرِينَ إخْتِلاطَ دَمِهِ بِالتُرَابِ ، كَيْ نَأخُذَ بِثَأرِهِ مِنْ القَتَلةِ .
مَدَّ الغَدُ يَدَهُ إلى جَيْبِهِ ،تَارِكاً إيَّانا نُحَمْلِقُ بِتَرَقُّبٍ ، وأَخْرَجَ صُرّةً مِنْ الحَرِيرِ ، سَوْدَاءَ تُشِعُ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنَ الضَّياءِ ، وبَعْدَ أنْ أزَالَ عَنْها الغِطَاَء قَالَ : كُونُوا "أَنْتُمْ“ .
اليَدُ التِي كَانَتْ تُرَتِّبُ الوَقْتَ سَقَطَتْ، والعُنُقُ التي تَلْوِي نَفْسَها كَيْ تَسْتَيْقِظَ نَامَتْ ، والهُوةُ التي تُرَمِّمُ نَفْسَها بالجُثَثِ قَذَفَتْهُم جَمِيعَاً .
ذُهُولٌ ذُهُولٌ ذُهُولٌ ،يَضْرِبُ شُظْآنَ الروحِ فَتَرتَعِدُ الأرْكَانُ .
كَيْفَ لَنَا أنْ نَكُونَ أنْفُسَنا ألآنَ وَهُنا ، فَهَلْ يَعْنِي هَذا أنّنا لَمْ نَكُنْ أنْفُسَنا قَبْلاً ؟ وإِنْ صَدَقَ الأدِّعَاءُ وكُنّا غَيْرَ أنْفُسِنَا فَمَنْ كُنّا؟
فِي طَرِيقِنا لِنَكُونَ أنْفُسَنا ؟
إلى تُرَابٍ إنْقَلَبَ البَعْضُ ، كَنَسَهُ آخَرُونَ إسْتَحَالُوا بِدَورِهِمْ مَكَانِس ، البَعْضُ صَارَ هَواءَاً يَحْلُمُ بِالمَشْي ، وآخَرُون صَارُوا طَرِيقَاً يَحْمِلُ ثِقَلَه ، والكَثِيرُ مِمن كَانُوا هُناكَ صَارُوا كُوّةً تُطِلُ على الحَرْبِ ،تَمْلَئُهُم مَنَاظِرُ الأَصَابِعَ والأقْدَامِ المَبْتُورِةِ ، وآخَرِيْنَ صَارُوا عَطَشَاً ،عَطَشٌ لِلْبِئْرُ واليَدِ وَالمِرْآةِ ، أمّا أنَا فَصِرْتُ "كَلِمةً" أُبْحُرُ فِي اللّغَةُ والوَقْتِ ، قَرَأَني الغَدُ فَصَارَ الآن .
قُلْنا للغَدِ ماذا تُخَبِّئُ فِي جَيْبِ غَيْبِكَ ؟
قالَ الغَدُ مُتَسَتِّراً على خَوْفِهِ لا شَيء ! إنّمَا "كَلِماتٍ" .
فِي البِدْءِ كانَتْ الكَلِمَةُ ثُمَّ إسْتَحالَتْ لاشَيء ، لا شَيء يَتَوالَدُ مِرَارَاً مُخَلِّفاً أطْفَالَ قَمْحٍ بِرُؤوسٍ مُلْتَهِبةٍ ، ظِلٌّ يَأكُلُ نَفْسَهُ ،ورِيْحٌ تَرْكُلُ ظِلَّها هذا ما أُخَبِّئُهُ فِي جَيْبِي وهَذا عَيْشُ الكَلِمَاتِ .
مِنْ جَيْبِهِ أَخْرَجَ الغَدُ "سَأَكْبُرُ" فَأزدَادَ ضَخَامَةً بِقَدْرِنا جَمِيعاً ، ثُمَّ مِنْ عالٍ قَالَ الغَدُ : كُونُوا “ هَرَباً" .
فَصِرْنَا أَخَفَّ مِن السَّرابِ ، نَسْبِقُ أَنْفاسَ الجِيادِ بِخُطْوَةٍ دائِماً .
بَعْدَ فَتْرَةٍ أَحَسَّ الغَدُ بِالمَلَلِ مِن كَثْرَةِ دَوَرانِنا حَوْلَه ، فَقالَ كُونُوا : "مَاءَاً" فَأنْهَمَرْنا على نُهُودِ الصَّبايا كأنهِمَارِ الغَزَالِ على بَعْلِها ، ثُمَّ قَالَ أيْضاً كُونُوا : "مَعْنى ".
فَوَضَعْنا البُنْدقِيةَ في يَدِ الفَرِيسَةِ وثَبَّتْنا قَدَمَيْ الصَّيّادِ بِالأرْضِ ،مُنْتَظِرِينَ إخْتِلاطَ دَمِهِ بِالتُرَابِ ، كَيْ نَأخُذَ بِثَأرِهِ مِنْ القَتَلةِ .
مَدَّ الغَدُ يَدَهُ إلى جَيْبِهِ ،تَارِكاً إيَّانا نُحَمْلِقُ بِتَرَقُّبٍ ، وأَخْرَجَ صُرّةً مِنْ الحَرِيرِ ، سَوْدَاءَ تُشِعُ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنَ الضَّياءِ ، وبَعْدَ أنْ أزَالَ عَنْها الغِطَاَء قَالَ : كُونُوا "أَنْتُمْ“ .
اليَدُ التِي كَانَتْ تُرَتِّبُ الوَقْتَ سَقَطَتْ، والعُنُقُ التي تَلْوِي نَفْسَها كَيْ تَسْتَيْقِظَ نَامَتْ ، والهُوةُ التي تُرَمِّمُ نَفْسَها بالجُثَثِ قَذَفَتْهُم جَمِيعَاً .
ذُهُولٌ ذُهُولٌ ذُهُولٌ ،يَضْرِبُ شُظْآنَ الروحِ فَتَرتَعِدُ الأرْكَانُ .
كَيْفَ لَنَا أنْ نَكُونَ أنْفُسَنا ألآنَ وَهُنا ، فَهَلْ يَعْنِي هَذا أنّنا لَمْ نَكُنْ أنْفُسَنا قَبْلاً ؟ وإِنْ صَدَقَ الأدِّعَاءُ وكُنّا غَيْرَ أنْفُسِنَا فَمَنْ كُنّا؟
فِي طَرِيقِنا لِنَكُونَ أنْفُسَنا ؟
إلى تُرَابٍ إنْقَلَبَ البَعْضُ ، كَنَسَهُ آخَرُونَ إسْتَحَالُوا بِدَورِهِمْ مَكَانِس ، البَعْضُ صَارَ هَواءَاً يَحْلُمُ بِالمَشْي ، وآخَرُون صَارُوا طَرِيقَاً يَحْمِلُ ثِقَلَه ، والكَثِيرُ مِمن كَانُوا هُناكَ صَارُوا كُوّةً تُطِلُ على الحَرْبِ ،تَمْلَئُهُم مَنَاظِرُ الأَصَابِعَ والأقْدَامِ المَبْتُورِةِ ، وآخَرِيْنَ صَارُوا عَطَشَاً ،عَطَشٌ لِلْبِئْرُ واليَدِ وَالمِرْآةِ ، أمّا أنَا فَصِرْتُ "كَلِمةً" أُبْحُرُ فِي اللّغَةُ والوَقْتِ ، قَرَأَني الغَدُ فَصَارَ الآن .
يعقوب رائد
يعقوب رائد ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit يعقوب رائد und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und die Welt...
www.facebook.com