ما عاد صدري يفرز حليباً يا بنيّ ولو حاولت استرضاعه بشفتيك .. ولو عضضت حلماته بأسنانك البالغة تبرز من تحت شاربيك
صار ثديي قربةً فارغة متدليّة ..معلّقة كجثّة المشنوق باردة خالية من الحرارة والروح
ثديي حُقٌّ وزقٌّ معتّق ولكنه فارغٌ من نبيذ ..وقد تزيل عن فوهته شبكة العنكبوت لتسبر غوره الضحل
ولو وضعْتَ فمك الرجوليّ في جذمور ضرعي ..ولو أطبقتَ على حلمته تمتصّها ..وتمُصّها وتتمصّصها ..فلا حليب يبرّد لظى روحك
ولو حلبته من قحفه العالي فلن يحلب لك ..ولو عصرته حتى ثمالته لما بللت حلقك ..ولو مسّدته وتوسّدته ..وسحلته وكويته مراراً ..فلن يسيل من عصارته إلا عرق السنين المالح
لقد جفّ ضرعي ..وخبا نسغي
وما عادت تلك الحلمة تحتلم لك إلا الدموع ..تنعي معك خيبتك وتستشعر معك ذلتك .. وتبكي عليك وتفور من عيوني وتسيل في أخاديد وجهي الهرم حتى تصل إليك ..اشرب من دموعي لو أردت لكن خذها طاهرة طازجة من عيوني مباشرة ..ولا تنتظرها ملوّثة بعرقي عند قعر عنقي وثغرة نحري وفرجة صدري
تتذكر أمك فقط عندما تنكسر شوكتك وتعلن خيبتك فتعود إليّ محمولاً وملفوفاً ومضمّداً ببقايا رايتك المهزومة .
لماذا عدت إليّ – أيها المهاجر - تسترضعني بعد طول غياب ؟
لا أظنك عدت إليّ ظافراً لتعلّق على صدري أوسمتك !
قد أحتويك الآن بصدري ولكن لا حليب .. ككتابٍ تدفن رأسك بين دفّتيه ولكنّ أوراقَه فارغة ..أنت الآن من سيكتب عليها ولا أظنك ستكتب إلا سطوراً من آهاتٍ وخيبات وجراحاتٍ وندبات وعثرات وكبوات ..وخسائر وهزائم ونكبات ونكسات ..وثورات إثر ثورات
وما عرفتك إلا ثائراً وفائراً كالماء يغلي ..ويتبخر حتى الجفاف
اكتب بمداد حبرك حرفاً من انتصار ، ولكن لا انتصار في تاريخك المفعم بالقروح ..
كفاك لعقاً لأوراقي الصفراء بلسانك الجاف المتشقّق ..فلن تمتصَّ رحيقاً ولن تجني عسلاً
لقد ربّيتك وكبّرتك وغدوت رجلاً بشاربين ..لا لتعود إليَّ كالطفل تسترضعني بل لترويني في شيخوختي وهرمي بعصارات أمجادك وإفرازات جعبتك المحتقنة بالحب ..أنا الأم التي قاربت رسالتها على الانتهاء وأنت الإبن الذي سيعيد إليّ بعضاً من حناني السليب ..
ولا تلعن الأرض التي استنبتتك من أحشائها ..أنت الذي فشلت في الاستنماء في فيافيها ..وما عرفت إلا الاستمناء على حوافيها وبين حواشيها .
وبالوالدين إحسانا ..ولا تقل لهما أفٍّ إذا استرضعت والديك وما وجدت في جيوبهما حليبك الذي ترجوه ..خذ بقايا قطع الذهب التي ظلت معي ..بعها واشتري الحليب الذي يرويك ..
افتح حدودي للأغراب يدنّسون عوراتي ..فلم يبق لديّ قدسٌ ولا أقداس .
اقتلع سني الملبّس بالذهب وبعه ..ولو كان قديماً ولا تنتظرني حتى أموت فتقتلعه ..
بعني أنا كاملة أو مجزأة كأعضاء بشرية قابلة للبيع ..ومن سيشتري منك أعضاء شيخوخية مستهلكة فاقدة للبريق .
كفاك استرضاعاً لي ..فلن تجد في تربتي المتشققة إلا الجفاف .
ويلي ..وكأني أراك تنزف من خاصرتك المطعونة
ويلي ..وكأني أرى انطواءك كانطواء الجريح على جرح عميق
ويلي ..وكأنّ آلامك هذه المرة أشدّ من احتمالك
ويلي ..ولم يبق عندي إلا دمائي لتعيد إليك بعضاً من حياة ..لماذا قطعوا حبلك السري الذي يربطك بي ؟..وإلا لكنت منحتك جرعة من دمائي المثقلة بالهموم ..
هاك حبل وريدي ينفر من عنقي النحيل ..اثقبه بأنيابك الحادة ..وارتشفني كدودة العليق ..ارتشفني حتى الجفاف الكليّ..تغذّى عليّ كمصّاصي الدماء ..وأرني شفاهك حمراء مبللة بالدم ..
عندها اطبع على صدري الهزيل بلسانك الأحمر وشفتيك ..قبلة الوداع لوطن الأوطان
لا تستمع لحراك قلبي الذي ينتفض تحتك ..ولا ترتكس له ..إنه يرتجف فقط ارتجافات المذبوح عند جفاف الروح .
********************
صار ثديي قربةً فارغة متدليّة ..معلّقة كجثّة المشنوق باردة خالية من الحرارة والروح
ثديي حُقٌّ وزقٌّ معتّق ولكنه فارغٌ من نبيذ ..وقد تزيل عن فوهته شبكة العنكبوت لتسبر غوره الضحل
ولو وضعْتَ فمك الرجوليّ في جذمور ضرعي ..ولو أطبقتَ على حلمته تمتصّها ..وتمُصّها وتتمصّصها ..فلا حليب يبرّد لظى روحك
ولو حلبته من قحفه العالي فلن يحلب لك ..ولو عصرته حتى ثمالته لما بللت حلقك ..ولو مسّدته وتوسّدته ..وسحلته وكويته مراراً ..فلن يسيل من عصارته إلا عرق السنين المالح
لقد جفّ ضرعي ..وخبا نسغي
وما عادت تلك الحلمة تحتلم لك إلا الدموع ..تنعي معك خيبتك وتستشعر معك ذلتك .. وتبكي عليك وتفور من عيوني وتسيل في أخاديد وجهي الهرم حتى تصل إليك ..اشرب من دموعي لو أردت لكن خذها طاهرة طازجة من عيوني مباشرة ..ولا تنتظرها ملوّثة بعرقي عند قعر عنقي وثغرة نحري وفرجة صدري
تتذكر أمك فقط عندما تنكسر شوكتك وتعلن خيبتك فتعود إليّ محمولاً وملفوفاً ومضمّداً ببقايا رايتك المهزومة .
لماذا عدت إليّ – أيها المهاجر - تسترضعني بعد طول غياب ؟
لا أظنك عدت إليّ ظافراً لتعلّق على صدري أوسمتك !
قد أحتويك الآن بصدري ولكن لا حليب .. ككتابٍ تدفن رأسك بين دفّتيه ولكنّ أوراقَه فارغة ..أنت الآن من سيكتب عليها ولا أظنك ستكتب إلا سطوراً من آهاتٍ وخيبات وجراحاتٍ وندبات وعثرات وكبوات ..وخسائر وهزائم ونكبات ونكسات ..وثورات إثر ثورات
وما عرفتك إلا ثائراً وفائراً كالماء يغلي ..ويتبخر حتى الجفاف
اكتب بمداد حبرك حرفاً من انتصار ، ولكن لا انتصار في تاريخك المفعم بالقروح ..
كفاك لعقاً لأوراقي الصفراء بلسانك الجاف المتشقّق ..فلن تمتصَّ رحيقاً ولن تجني عسلاً
لقد ربّيتك وكبّرتك وغدوت رجلاً بشاربين ..لا لتعود إليَّ كالطفل تسترضعني بل لترويني في شيخوختي وهرمي بعصارات أمجادك وإفرازات جعبتك المحتقنة بالحب ..أنا الأم التي قاربت رسالتها على الانتهاء وأنت الإبن الذي سيعيد إليّ بعضاً من حناني السليب ..
ولا تلعن الأرض التي استنبتتك من أحشائها ..أنت الذي فشلت في الاستنماء في فيافيها ..وما عرفت إلا الاستمناء على حوافيها وبين حواشيها .
وبالوالدين إحسانا ..ولا تقل لهما أفٍّ إذا استرضعت والديك وما وجدت في جيوبهما حليبك الذي ترجوه ..خذ بقايا قطع الذهب التي ظلت معي ..بعها واشتري الحليب الذي يرويك ..
افتح حدودي للأغراب يدنّسون عوراتي ..فلم يبق لديّ قدسٌ ولا أقداس .
اقتلع سني الملبّس بالذهب وبعه ..ولو كان قديماً ولا تنتظرني حتى أموت فتقتلعه ..
بعني أنا كاملة أو مجزأة كأعضاء بشرية قابلة للبيع ..ومن سيشتري منك أعضاء شيخوخية مستهلكة فاقدة للبريق .
كفاك استرضاعاً لي ..فلن تجد في تربتي المتشققة إلا الجفاف .
ويلي ..وكأني أراك تنزف من خاصرتك المطعونة
ويلي ..وكأني أرى انطواءك كانطواء الجريح على جرح عميق
ويلي ..وكأنّ آلامك هذه المرة أشدّ من احتمالك
ويلي ..ولم يبق عندي إلا دمائي لتعيد إليك بعضاً من حياة ..لماذا قطعوا حبلك السري الذي يربطك بي ؟..وإلا لكنت منحتك جرعة من دمائي المثقلة بالهموم ..
هاك حبل وريدي ينفر من عنقي النحيل ..اثقبه بأنيابك الحادة ..وارتشفني كدودة العليق ..ارتشفني حتى الجفاف الكليّ..تغذّى عليّ كمصّاصي الدماء ..وأرني شفاهك حمراء مبللة بالدم ..
عندها اطبع على صدري الهزيل بلسانك الأحمر وشفتيك ..قبلة الوداع لوطن الأوطان
لا تستمع لحراك قلبي الذي ينتفض تحتك ..ولا ترتكس له ..إنه يرتجف فقط ارتجافات المذبوح عند جفاف الروح .
********************