مع تغير أرقام السنين، يظهر شكل جديد من الإحتجاج.. لم تعد الحناجر تصدح مطالبة بحقوقها المسلوبة في الأزقة أو أمام البرلمان.. بل قد حلقت إلى مدرجات ملاعب كرة القدم، لتتخذه موطنا جديدا ، وهناك نقلت الرسالة فبدت أكثر وضوحا من ذي قبل، فوجد جهاز القمع نفسه أمام معظلة عسيرة في اسكات أكثر من أربعين ألف شخص، وهم يرددون نفس الكلمات وفي نفس الوقت، لكأنها وقفة وصرخة رجل واحد، فبدا المشد مهيبا تقشعر له الأبدان.. جماهير نادي الرجاء البيضاوي المغربي قررت الخروج من جلد الأهازيج الداعمة لفريقها والتغني بتاريخه، لترفع سقف التحدي إلى أرقى مراتبه وأطلقت أغنية تحتج فيها على أوضاع البلد.. الأغنية حملت عنوان "في بلادي ظلموني".. العنوان لوحده يبين ما آلت إليه الشعوب العربية في أوطانها.. الأغنية التي تحمل رسائل قوية، من بينها بيع ثورات البلاد للأجانب وصرف المخدرات على الشباب وقتل أحلامهم، وضمن كلمات الأغنية أن "الشكوى لرب العالي".. ردد أكثر من أربعين ألف شخص هذه الأغنية في ملعب محمد الخامس في مدينة الدار البيضاء؛ فسمع صداها في كافة البقاع العربية.. ليظهر للعيان كمية القهر المكتوم والشجن المدفون في أعماق الشاب العربي، واليوم الذي اهتز مدرج ملعب محمد الخامس بأغنية "في بلادي ظلموني" رددها للتو واللحظة العرب من المحيط إلى الخليج، ليتجلى مشهدا حزينا على أمة مظلومة في بلادها.. بعد ذلك خرج الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ليقول بلهجة واضحة لا غبش يعلوها؛ أن ما قامت به جماهير الرجاء أمر مرفوض.. إلا أن الجماهير لم توقفها لهجة المسؤول الحكومي الساخطة، فواصلت النداء مرددة هذه الأغنية التي غدت شبحا في نظر الرادعون.. حتى قررت ولاية الدار البيضاء اغلاق ملعب محمد الخامس بعذر أنه بحاجة لبعض الإصلاحات.. إلا أن المفسرون أعطوا تأويلا لهذا الإغلاق المفاجئ، بأنه لا يخرج عن سياق اسكات الجماهير في معقلها ودفن أغنية "في بلادي ظلموني" .. بعد ذلك خرجت جماهير الوداد البيضاوي الفريق الثاني في الدار البيضاء - والغريم التقليدي لنادي الرجاء - بأغنية شبيهة بسابقتها وهي بدورها تحتج على الأوضاع في البلد بعنوان "القلب حزين" فبرغم مواصلة اغلاق "ملعب محمد الخامس" في مدينتهم؛ إلا أن جماهير الوداد أوصلت الرسالة في "ملعب مولاي عبد الإله" بمدينة الرباط في مبارة نهائي دوري أبطال إفريقيا..
لا شك أن شرارة مدرجات ملاعب كرة القدم في المغرب قد تصيب عدوها دول أخرى، فتغدو الملاعب العربية ميادين جديدة للإحتجاج.. فهل من سميع.
لا شك أن شرارة مدرجات ملاعب كرة القدم في المغرب قد تصيب عدوها دول أخرى، فتغدو الملاعب العربية ميادين جديدة للإحتجاج.. فهل من سميع.