ليس مُقدّرا لك، ليس فيه خير لك، غيّري اتجاهك، وصلت إلى باب مسدود، لا تُضيّعي وقتك في المحاولات الفاشلة، إنه مجالٌ متعب لا يليق بك، الخير فيما اختاره اللهُ... كُلها عبارات مرّت على أذني عندما كنتُ أحاول تحقيق حلمي وأفشل. كلها عبارات سهلة ومتداولة بيننا لمُواساة أقربائنا وأصدقائنا والتخفيف عنهم عندما يُثقل الإحباطُ نفسياتهم ويُغرقها في بحرٍ من اليأس والكآبة. ولكن كيف نعطي لأنفسنا الحق في معرفة المقدر لنا من غير المقدّر ؟ هل نحن الله لنعرف أين يوجد الخير فيما يحصل لنا؟ من أنتَ كي تنصحني بتغيير اتجاهي؟ هل تعرفني؟ هل تعرف كيف كبرت وأنا أحلم باليوم الذي أصل فيه إلى ذلك المجال المُتعب؟
الحقيقة أن الكثير من تلك العبارات لم تكن مقصودة بشكل عكسي وإنّما كانت نابعة من مصدر مُهتّم ومُحبّ، ولكنّه قليل حيلة أكثر منّي وأنا أتخبط في فشلي. إنّنا نشأنا في مجتمعٍ يرفض الفشل وينكره. منذ وعي الإنسان على الدنيا وهو مُطالب بالتّألق والنجاح في كل شيء؛ سواء كان في دراسته أو في أنشطته الرياضية أو المدرسية أو حتى في مُمارسته لهواياته الشخصية. يجب أن يكون الأوّل دائما كي ينال استحسان والديه وأساتذته ومدير المدرسة وأصدقاءه. ترعرعنا بين مُعادلة " أن أكون أو لا أكون." تأتي لأبيك بدرجة الامتحان ويكون أول أسئلته: من حصل على أعلى درجة؟ ولماذا لست أنت؟ مع العلم أن درجتك جيّدة إلاّ أنها ليست الأفضل. أمّا إذا كنت ممن لا ينجح مِرارا في الحصول على درجات عالية، فأنت ستضل فاشلا دائما مهما حاولت، لن يرى أحد محاولاتك لأنها ليست بمعايير النجاح المطلوبة.
كلمة الفشل لا تعني لي شيئا ولا تُمثل ما يحصل لي. أدركت أنّ تلك العقبات التي أجدها في طريقي هي بمثابة دروسٍ مجانية، أجلس الآن وأتعلّم منها ما استطعت
تخيّلنا الفشل وكأنه حُفرة سوداء نخشى دائما الوقوع فيها ونحاول جاهدين تجنبها. تربّينا على ألَا نفشل أبدًا وأن نكون الأفضل دائما؛ فالفشل غير مقبول في مُحيطنا ولا يليق بِنا. لا وبل تربّينا على أنّ للنجاح معايير مُحددة، إن لم نلتزم بها لا نُعتبَر ناجحين. زُرع فينا هاجس المُقارنة مع الغير والانشغال بما يفعله الأخرون لكي نتفوّق عليهم وبذلك يعتبرنا المجتمع ناجحين.
فجأة تصدمُنا الحياة بالفشل، الحفرة السوداء التي ربّما استطعنا تجنُّب الوقوع فيها ونحن صغار ولكنّنا لم ندرك حينها أنّها مَدفونة في كلّ مسارات الحياة، تُسقِطنا فيها ولا تُبالي. نتخبّط بشدّة في حفرة الفشل لأنّنا لم نتربى على وجوده كما يوجد النجاح. لم يُعلّمونا أن الفشل جزء لا يتجزأ من أي عمل نسعى من أجله. لم يقولوا لنا أن الفشل أمرٌ طبيعي ومؤقت ومُهّم جداً في بناء الذات. أوْهمُونا أن المسار يكون أبيض ومستقيم دون انعواجات ولا حُفر، مُجهز بكل لوازم النجاح. لهذا السبب نتعب مع كلّ فشل يُواجهنا ونحتاج لوقت أكثر لاجتيازها، هذا وإن تمكّننا من اجتيازه. تكوّننا في مجتمع يُعاني من الجَهل بأهمّ معاني النجاح.
أتذكّر أيامي العصيبة والتي توالتها الحفر السوداء -وحدة تلو الأخرى- لم ترحم جهلي وقلة حيلتي فيما يتعلّق بحر الحياة، جعلتني أسبح في مدّها وجزرها. كنت أتمنّى أن يقول لي أحد أنذاك ألا أقسو على نفسي، أنّي أمشي في الطريق الصحيح، أن أخذ استراحة ثم أواصل، أن كل شيء سيكون على ما يرام، أن أتنفّس بعمقٍ، أنّ مع العسر يُسر التي كُرّرت مرتين، أنّ لسوف يعطيك ربك فترضى، أننّي سأصل إلى حلمي وسأنجح في الاستمرار في طريقي رغم الحُفر السوداء. كنتُ أحتاج سماع مثل هذا الكلام بدل عبارات المساوات الباردة والبعيدة عن إصغاء أذني، كنت أبحث عن كلمة داعمة ومُحفّزة تدفعُني إلى الوقوف على قدمي من جديد. ولكنّي تعلّمتُ كلمات الدعم والتحفيز مع كثرة العثرات وصرتُ أقولها لنفسي في كل عثرة مررتُ بها. تعلّمت الإيمان بها والوثوق بصحّتها مهما كانت النتائج. أصبحت حقيقة بالنسبة لي لا يُغيّرها الوقوع في أعمق الحفر.
صرت أُسمّيها إخفاقات لأنّني اكتشفت أن كلمة الفشل لا تعني لي شيء ولا تُمثل ما يحصل لي. أدركت أنّ تلك العقبات التي أجدها في طريقي هي بمثابة دروسٍ مجانية، أجلس الآن وأتعلّم منها ما استطعت، بينما كان يُكلّفني الدوس من قبل تدهور صحتي واستنزاف كبير لجهازي العصبي. تَصالحتُ مع الحُفر السوداء وصادقتها؛ صرنا رُفقاء الدرب الواحد، درب النجاح والوصول إلى الحلم. لم أعد أعطي اهتماما لنجاح الآخرين لأنّي استطعت الانشغال بنجاحي أنا فقط، مهما كان بسيط ومهما تأخّر بين الاخفاقات، أفتخر به وأقف عنده، تعلّمت احتضان طريقي بتمره وبشوكه.
هذا المقال هو دعوة إلى كل الآباء أن يُقدّروا إنجازات أبناءهم مهما كانت صغيرة، أن يفتخروا بهم حتى لو لم يحصلوا على أعلى درجة في الامتحان، ألاَ يُقارنوا بينهم وبين أبناء جَيلهم، أن يُعلّموهم أن الإخفاق أمر طبيعي وأن المُحاولة شرف والإيمان بها مفتاحُ الوصول والنجاح. لنُنشأ جيْلا سَليماً، إيجابيا، قوّيًا وقادرًا على الاستمرار والتعمير في الأرض.
الحقيقة أن الكثير من تلك العبارات لم تكن مقصودة بشكل عكسي وإنّما كانت نابعة من مصدر مُهتّم ومُحبّ، ولكنّه قليل حيلة أكثر منّي وأنا أتخبط في فشلي. إنّنا نشأنا في مجتمعٍ يرفض الفشل وينكره. منذ وعي الإنسان على الدنيا وهو مُطالب بالتّألق والنجاح في كل شيء؛ سواء كان في دراسته أو في أنشطته الرياضية أو المدرسية أو حتى في مُمارسته لهواياته الشخصية. يجب أن يكون الأوّل دائما كي ينال استحسان والديه وأساتذته ومدير المدرسة وأصدقاءه. ترعرعنا بين مُعادلة " أن أكون أو لا أكون." تأتي لأبيك بدرجة الامتحان ويكون أول أسئلته: من حصل على أعلى درجة؟ ولماذا لست أنت؟ مع العلم أن درجتك جيّدة إلاّ أنها ليست الأفضل. أمّا إذا كنت ممن لا ينجح مِرارا في الحصول على درجات عالية، فأنت ستضل فاشلا دائما مهما حاولت، لن يرى أحد محاولاتك لأنها ليست بمعايير النجاح المطلوبة.
كلمة الفشل لا تعني لي شيئا ولا تُمثل ما يحصل لي. أدركت أنّ تلك العقبات التي أجدها في طريقي هي بمثابة دروسٍ مجانية، أجلس الآن وأتعلّم منها ما استطعت
تخيّلنا الفشل وكأنه حُفرة سوداء نخشى دائما الوقوع فيها ونحاول جاهدين تجنبها. تربّينا على ألَا نفشل أبدًا وأن نكون الأفضل دائما؛ فالفشل غير مقبول في مُحيطنا ولا يليق بِنا. لا وبل تربّينا على أنّ للنجاح معايير مُحددة، إن لم نلتزم بها لا نُعتبَر ناجحين. زُرع فينا هاجس المُقارنة مع الغير والانشغال بما يفعله الأخرون لكي نتفوّق عليهم وبذلك يعتبرنا المجتمع ناجحين.
فجأة تصدمُنا الحياة بالفشل، الحفرة السوداء التي ربّما استطعنا تجنُّب الوقوع فيها ونحن صغار ولكنّنا لم ندرك حينها أنّها مَدفونة في كلّ مسارات الحياة، تُسقِطنا فيها ولا تُبالي. نتخبّط بشدّة في حفرة الفشل لأنّنا لم نتربى على وجوده كما يوجد النجاح. لم يُعلّمونا أن الفشل جزء لا يتجزأ من أي عمل نسعى من أجله. لم يقولوا لنا أن الفشل أمرٌ طبيعي ومؤقت ومُهّم جداً في بناء الذات. أوْهمُونا أن المسار يكون أبيض ومستقيم دون انعواجات ولا حُفر، مُجهز بكل لوازم النجاح. لهذا السبب نتعب مع كلّ فشل يُواجهنا ونحتاج لوقت أكثر لاجتيازها، هذا وإن تمكّننا من اجتيازه. تكوّننا في مجتمع يُعاني من الجَهل بأهمّ معاني النجاح.
أتذكّر أيامي العصيبة والتي توالتها الحفر السوداء -وحدة تلو الأخرى- لم ترحم جهلي وقلة حيلتي فيما يتعلّق بحر الحياة، جعلتني أسبح في مدّها وجزرها. كنت أتمنّى أن يقول لي أحد أنذاك ألا أقسو على نفسي، أنّي أمشي في الطريق الصحيح، أن أخذ استراحة ثم أواصل، أن كل شيء سيكون على ما يرام، أن أتنفّس بعمقٍ، أنّ مع العسر يُسر التي كُرّرت مرتين، أنّ لسوف يعطيك ربك فترضى، أننّي سأصل إلى حلمي وسأنجح في الاستمرار في طريقي رغم الحُفر السوداء. كنتُ أحتاج سماع مثل هذا الكلام بدل عبارات المساوات الباردة والبعيدة عن إصغاء أذني، كنت أبحث عن كلمة داعمة ومُحفّزة تدفعُني إلى الوقوف على قدمي من جديد. ولكنّي تعلّمتُ كلمات الدعم والتحفيز مع كثرة العثرات وصرتُ أقولها لنفسي في كل عثرة مررتُ بها. تعلّمت الإيمان بها والوثوق بصحّتها مهما كانت النتائج. أصبحت حقيقة بالنسبة لي لا يُغيّرها الوقوع في أعمق الحفر.
صرت أُسمّيها إخفاقات لأنّني اكتشفت أن كلمة الفشل لا تعني لي شيء ولا تُمثل ما يحصل لي. أدركت أنّ تلك العقبات التي أجدها في طريقي هي بمثابة دروسٍ مجانية، أجلس الآن وأتعلّم منها ما استطعت، بينما كان يُكلّفني الدوس من قبل تدهور صحتي واستنزاف كبير لجهازي العصبي. تَصالحتُ مع الحُفر السوداء وصادقتها؛ صرنا رُفقاء الدرب الواحد، درب النجاح والوصول إلى الحلم. لم أعد أعطي اهتماما لنجاح الآخرين لأنّي استطعت الانشغال بنجاحي أنا فقط، مهما كان بسيط ومهما تأخّر بين الاخفاقات، أفتخر به وأقف عنده، تعلّمت احتضان طريقي بتمره وبشوكه.
هذا المقال هو دعوة إلى كل الآباء أن يُقدّروا إنجازات أبناءهم مهما كانت صغيرة، أن يفتخروا بهم حتى لو لم يحصلوا على أعلى درجة في الامتحان، ألاَ يُقارنوا بينهم وبين أبناء جَيلهم، أن يُعلّموهم أن الإخفاق أمر طبيعي وأن المُحاولة شرف والإيمان بها مفتاحُ الوصول والنجاح. لنُنشأ جيْلا سَليماً، إيجابيا، قوّيًا وقادرًا على الاستمرار والتعمير في الأرض.
التصالح مع الفشل هو أكبر سرٍ للنجاح
تخيّلنا الفشل وكأنه حُفرة سوداء نخشى دائما الوقوع فيها ونحاول جاهدين تجنبها. تربّينا على ألَا نفشل أبدًا وأن نكون الأفضل دائما؛ فالفشل غير مقبول في مُحيطنا ولا
blogs.aljazeera.net