كتب – جعفر الديري
قالت التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو إن وصول الفن التشكيلي العالمي الى مرحلة الستينيات كان إيذانا بتوقفه وإعادة تكرار نفسه، مردفة: لقد حاول التجريديون في الخمسينيات من القرن العشرين تقديم الجديد إذ كانت تلك الفترة فترة تكون للفن، أما في الستينيات فلم تكن هناك أية إضافات، اللهم إلا ظهور «البوب آرت» الذي يعني رسم المرأة الأميركية بشكلها الواقعي، وذلك يعني عودة الصور.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقتها فخرو مساء الثلثاء الموافق 20 ديسمبر/ كانون الأول 2005 بالملتقى الثقافي الأهلي، وتناولت فيها ملامح من تاريخ الحركة التشكيلية في العالم.
وقالت فخرو: مع بداية القرن العشرين ظهرت المدرسة الوحشية والمدرسة التعبيرية. وظهر منها سيزان الذي تأثر كثيراً بالزخارف الشرقية والذي يحلو لبعض النقاد القول في حقه إنه لولاه لما دخلنا العصر الحديث فمنه قد انطلقت التكعيبية، كما ظهر أيضا ماتيس. الذي كانت لوحاته متأثرة أيضا بالزخرفة الشرقية. وكان يوظف الزخرفة ويعطي احساسا كبيرا بالمساحات. وكان هناك أيضا من الفنانين التعبيريين «بولارد» و«بونارد» وهم من مجموعة «النابيز» وهي مجموعة يهودية تتمثل اضافتها في الألوان. قاموا في لوحاتهم بتوزيع الألوان بطريقة تشبه طريقة الوحشيين ولكن بطريقة أقرب الى عمل الواقعيين. ويتمثل جمال المدرسة الوحشية في وضع اللون كما هو ولكن مع إمكان تحريكه فنجد مثلا أن لون البحر يمكن أن يكون ورديا. وكل ذلك من أجل الإثارة اللونية. وهنا يبرز لنا الفرق بين المدرسة الفرنسية والمدرسة الألمانية التعبيرية. لقد كان الألمانيون يقيمون وزنا أكبر للاحساس بينما الفرنسيون كانوا أكثر حدّة في الألوان وتناغمها وجمالها. وإحدى لوحات ماتيس المعروفة باسم المرأة ذات القبعة وهي زوجته تبرز لنا جمال اللون الطاغي.
الموت هاجس التشكيليين الدنماركيين
وحول تجربة التشكيليين الدنماركيين قالت فخرو: هناك من يقول إن المدرسة الوحشية والمدرسة التعبيرية لم تقدما الشيء الكثير لأنهما كانتا تحتفظتان بالبعد الثالث. لكن عندما نترك الحديث عن الجنوبيين اللاتينيين الفرنسيين ونتحدث عن الدنماركيين نجد أن هاجس الموت والحياة هو الذي يشغلهم، ونلاحظ في لوحاتهم أن الحياة تبدأ باللون الأبيض وتنتهي باللون الأسود. وفي وسط لوحاتهم رقصة الحياة حيث لا تشرق الشمس وانما هي دائما في غروب. كمثال لوحة مونك ذات الأحاسيس القوية وهي لوحة الصرخة. وامتدادا لمونك كانت هناك المدرسة التعبيرية الألمانية. وكان جدهم الأكبر هو فان كوخ. فنجد مثلا في احدى لوحاتهم «العشاء الأخير» التأثر البالغ على السيد المسيح وهو يودع الأطفال.
مجموعة الجسر انبثقت عن المدرسة التعبيرية
وتحدثت فخرو عن مجموعة الجسر ومجموعة الحصان، بالقول: ان مجموعة الجسر ومجموعة الحصان الأزرق انبثقتا عن المدرسة التعبيرية وكانوا في أعمالهم يقتربون كثيراً من المدرسية الوحشية الفرنسية. ومن ثم يبدأ الحديث عن سيد القرن العشرين بيكاسو وأعماله العالمية. ومن أعماله التي رسمها في العام 1907 «نساء أفينيون». وهي لوحة رسمها ولم يقم بعرضها لفترة طويلة، وأقام عليها دراسات لسنوات كثيرة، وأدخل عليها الماسك الافريقي والآيبيري. وهي لوحة شكلت المدخل للثورة في عالم الفن. وبيكاسو وبراك هما من أسسّا التكعيبية.
1911 عام ظهور التجريد
وأضافت حول ظهور التجريد: اذا ما أتينا العام 1911 فسنجد «كاندنسكي» وقد أقام معرضا، وبذلك بدأ التجريد بالظهور في أوروبا ومن ثم انتقل في الخمسينات الى أميركا ولكن بأحجام ضخمة. وبعده بأربعة أعوام انطلقت المدرسة التكعيبية المستقبلية الايطالية. وكان هدفها التعبير عن الحركة. ثم ظهرت المدرسة الروسية التي استفاد فيها الفنانون الروس من المدرسة التكعيبية المستقبلية الايطالية مع اضافة بعض الحروف والصحف. ومنهم موندريان وهو المعروف بأنه كان يرسم شجرة التفاح في الخريف من دون أوراق والتي تحولت فيما بعد الى خطوط. فأصل اللوحات الخطية هي الشجرة من غير أوراق. و«كلمت»، «ايجون شيلية» الذي كان يرسم الانسان من أطرافه كأنه انسان مريض. ومن الفنانين الذين أضافوا الى القرن العشرين «مارك شاجال» حين عمل على تجسيد الحلم.
أوروبا لم تقدم شيئا ما بين الحربين
وعن خصوصية فترة ما بين الحربين قالت فخرو: في فترة ما بين الحربين لم تستطع أوروبا أن تقدم أكثر. فبعض المناظر التي قدمها فنانون ألمان نستطيع أن نشبهها بـ «الأرض اليباب» لتي اس اليوت. ومع بداية القرن العشرين كانت المدارس قد تكثفت. وأعطت كل ما بامكانها. ولكن بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار أميركا بدأت أميركا بتصدير المدارس الفنية للعالم. فقرروا أن تظهر المدرسة التجريدية في العالم 1947 عن طريق أول معرض لـ «جاك سمبولك» الذي كان يستعمل اسلوب التنقيط. أو التقطير، حيث يأتي باللون المخفف ويحضره على سطح اللوحة بأحجام.
وتابعت فخرو: إن الاضافة التي أضافتها أميركا في هذا الباب هي في حجم الأعمال. فصارت البنايات أكبر ومن ثم فهي تستوعب أعمالا فنية أكبر. فكانت مجموعة التجريدية التعبيرية يرسمون في مساحة لونية كبيرة ومنهم «روفكو» الذي كان يرسم في مساحة لونية حمراء في وسطها مربع يسبح فيها من دون حدود. والمقصود منها الفناء. فهو قد اختزل التفصيلات الموجودة وشبهها بهيروشيما بعد إسقاط القنبلة. ذلك أن الفنانين هم أكثر الناس احتجاجا على الأوضاع اللاانسانية. وهناك أيضا «نيومين» ذو الأصول اليهودية، الذي يرسم خطوطا مستقيمة في الأعمال التجريدية الكبيرة».
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 1208 | الإثنين 26 ديسمبر 2005م الموافق 04 محرم 1441هـ
قالت التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو إن وصول الفن التشكيلي العالمي الى مرحلة الستينيات كان إيذانا بتوقفه وإعادة تكرار نفسه، مردفة: لقد حاول التجريديون في الخمسينيات من القرن العشرين تقديم الجديد إذ كانت تلك الفترة فترة تكون للفن، أما في الستينيات فلم تكن هناك أية إضافات، اللهم إلا ظهور «البوب آرت» الذي يعني رسم المرأة الأميركية بشكلها الواقعي، وذلك يعني عودة الصور.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقتها فخرو مساء الثلثاء الموافق 20 ديسمبر/ كانون الأول 2005 بالملتقى الثقافي الأهلي، وتناولت فيها ملامح من تاريخ الحركة التشكيلية في العالم.
وقالت فخرو: مع بداية القرن العشرين ظهرت المدرسة الوحشية والمدرسة التعبيرية. وظهر منها سيزان الذي تأثر كثيراً بالزخارف الشرقية والذي يحلو لبعض النقاد القول في حقه إنه لولاه لما دخلنا العصر الحديث فمنه قد انطلقت التكعيبية، كما ظهر أيضا ماتيس. الذي كانت لوحاته متأثرة أيضا بالزخرفة الشرقية. وكان يوظف الزخرفة ويعطي احساسا كبيرا بالمساحات. وكان هناك أيضا من الفنانين التعبيريين «بولارد» و«بونارد» وهم من مجموعة «النابيز» وهي مجموعة يهودية تتمثل اضافتها في الألوان. قاموا في لوحاتهم بتوزيع الألوان بطريقة تشبه طريقة الوحشيين ولكن بطريقة أقرب الى عمل الواقعيين. ويتمثل جمال المدرسة الوحشية في وضع اللون كما هو ولكن مع إمكان تحريكه فنجد مثلا أن لون البحر يمكن أن يكون ورديا. وكل ذلك من أجل الإثارة اللونية. وهنا يبرز لنا الفرق بين المدرسة الفرنسية والمدرسة الألمانية التعبيرية. لقد كان الألمانيون يقيمون وزنا أكبر للاحساس بينما الفرنسيون كانوا أكثر حدّة في الألوان وتناغمها وجمالها. وإحدى لوحات ماتيس المعروفة باسم المرأة ذات القبعة وهي زوجته تبرز لنا جمال اللون الطاغي.
الموت هاجس التشكيليين الدنماركيين
وحول تجربة التشكيليين الدنماركيين قالت فخرو: هناك من يقول إن المدرسة الوحشية والمدرسة التعبيرية لم تقدما الشيء الكثير لأنهما كانتا تحتفظتان بالبعد الثالث. لكن عندما نترك الحديث عن الجنوبيين اللاتينيين الفرنسيين ونتحدث عن الدنماركيين نجد أن هاجس الموت والحياة هو الذي يشغلهم، ونلاحظ في لوحاتهم أن الحياة تبدأ باللون الأبيض وتنتهي باللون الأسود. وفي وسط لوحاتهم رقصة الحياة حيث لا تشرق الشمس وانما هي دائما في غروب. كمثال لوحة مونك ذات الأحاسيس القوية وهي لوحة الصرخة. وامتدادا لمونك كانت هناك المدرسة التعبيرية الألمانية. وكان جدهم الأكبر هو فان كوخ. فنجد مثلا في احدى لوحاتهم «العشاء الأخير» التأثر البالغ على السيد المسيح وهو يودع الأطفال.
مجموعة الجسر انبثقت عن المدرسة التعبيرية
وتحدثت فخرو عن مجموعة الجسر ومجموعة الحصان، بالقول: ان مجموعة الجسر ومجموعة الحصان الأزرق انبثقتا عن المدرسة التعبيرية وكانوا في أعمالهم يقتربون كثيراً من المدرسية الوحشية الفرنسية. ومن ثم يبدأ الحديث عن سيد القرن العشرين بيكاسو وأعماله العالمية. ومن أعماله التي رسمها في العام 1907 «نساء أفينيون». وهي لوحة رسمها ولم يقم بعرضها لفترة طويلة، وأقام عليها دراسات لسنوات كثيرة، وأدخل عليها الماسك الافريقي والآيبيري. وهي لوحة شكلت المدخل للثورة في عالم الفن. وبيكاسو وبراك هما من أسسّا التكعيبية.
1911 عام ظهور التجريد
وأضافت حول ظهور التجريد: اذا ما أتينا العام 1911 فسنجد «كاندنسكي» وقد أقام معرضا، وبذلك بدأ التجريد بالظهور في أوروبا ومن ثم انتقل في الخمسينات الى أميركا ولكن بأحجام ضخمة. وبعده بأربعة أعوام انطلقت المدرسة التكعيبية المستقبلية الايطالية. وكان هدفها التعبير عن الحركة. ثم ظهرت المدرسة الروسية التي استفاد فيها الفنانون الروس من المدرسة التكعيبية المستقبلية الايطالية مع اضافة بعض الحروف والصحف. ومنهم موندريان وهو المعروف بأنه كان يرسم شجرة التفاح في الخريف من دون أوراق والتي تحولت فيما بعد الى خطوط. فأصل اللوحات الخطية هي الشجرة من غير أوراق. و«كلمت»، «ايجون شيلية» الذي كان يرسم الانسان من أطرافه كأنه انسان مريض. ومن الفنانين الذين أضافوا الى القرن العشرين «مارك شاجال» حين عمل على تجسيد الحلم.
أوروبا لم تقدم شيئا ما بين الحربين
وعن خصوصية فترة ما بين الحربين قالت فخرو: في فترة ما بين الحربين لم تستطع أوروبا أن تقدم أكثر. فبعض المناظر التي قدمها فنانون ألمان نستطيع أن نشبهها بـ «الأرض اليباب» لتي اس اليوت. ومع بداية القرن العشرين كانت المدارس قد تكثفت. وأعطت كل ما بامكانها. ولكن بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار أميركا بدأت أميركا بتصدير المدارس الفنية للعالم. فقرروا أن تظهر المدرسة التجريدية في العالم 1947 عن طريق أول معرض لـ «جاك سمبولك» الذي كان يستعمل اسلوب التنقيط. أو التقطير، حيث يأتي باللون المخفف ويحضره على سطح اللوحة بأحجام.
وتابعت فخرو: إن الاضافة التي أضافتها أميركا في هذا الباب هي في حجم الأعمال. فصارت البنايات أكبر ومن ثم فهي تستوعب أعمالا فنية أكبر. فكانت مجموعة التجريدية التعبيرية يرسمون في مساحة لونية كبيرة ومنهم «روفكو» الذي كان يرسم في مساحة لونية حمراء في وسطها مربع يسبح فيها من دون حدود. والمقصود منها الفناء. فهو قد اختزل التفصيلات الموجودة وشبهها بهيروشيما بعد إسقاط القنبلة. ذلك أن الفنانين هم أكثر الناس احتجاجا على الأوضاع اللاانسانية. وهناك أيضا «نيومين» ذو الأصول اليهودية، الذي يرسم خطوطا مستقيمة في الأعمال التجريدية الكبيرة».
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 1208 | الإثنين 26 ديسمبر 2005م الموافق 04 محرم 1441هـ