ا
قبل اختراع الورق بزمن طويل كتب البشر على الحجر والخشب وجلود الحيوانات، او على الطين كما كتب السومريون.
ولكن اول اختراع لورق الكتابة والذي دام زمنا طويلا، كان هو ورق البردي الذي ابتكره المصريون القدماء، في حوالي سنة 2700 قبل الميلاد. وكانت صحائف العرب الاولى تكتب على الورق المستورد من مصر.
ويصنع ورق البردي من لب سيقان نبتة البردي الطويلة، والتي تحوّل الى صحائف تستعمل للكتابة. ولكن ورق البردي كان معرضا للتلف في الاماكن الرطبة. فاستعمل بجانبه ـ الرق ـ وهو جلود رقيقة ومرنة آتية من حيوانات صغيرة. ولكنه كان غاليا جدا، وبسبب غلائه كان البعض يحك نصوص كبار المفكرين ومؤلفات العظماء للكتابة عليها من جديد.
ثم اخترع الانسان الورق كما نعرفه اليوم، اولا في الصين. وينسب اختراعه الى شخص يدعى ـ تساي لون ـ في عام 105 حيث صنع ورق من عجينة آتية من قشور الشجر والقنب والخرق. فأعطى هذا الابتكار مادة مسطحة رقيقة، تنتج عن ضغط الالياف سميت ـ الورق ـ وان ابتكر الورق في البداية بهدف الكتابة، فانه استخدم بعد ذلك بمجالات اخرى متعددة في الحياة. اذ يستعمله اليابانيون في المعمار حيث تسحب الاوراق الكبيرة على اطارات من الخشب، لتؤدي دور الابواب والنوافذ بدل الزجاج، في بلد يعيش باستمرار هاجس الاهتزازات الارضية. ومن التقدير الكبير الذي يكنه بعض اليابانيون للورق انهم يعبدون تمثال امرأة تسمى ـ آلهة الورق ـ وفي الصين هنالك ايضا استعمالات متعددة للورق كعمل المصابيح والطيارات الورقية، مصدر فرح الاطفال.
كما وان اليابانيون والصينيون يعرفون بمهارتهم في فن طي الورق، ويعملون من الورق اشكال مجسمة كثيرة ومتعددة. كما يعملون من الورق زخارف ورقية تقص بالسكين والمقص لتزيين الابواب والنوافذ.
كانت الصين في الماضي تشحن الورق الى المناطق المحيطة بالبحر الابيض المتوسط. واعتبر الصينيون في ذلك الزمن صناعة الورق كنز ثمين لا تعلن اسراره. فأنشأوا مصانع كثيرة للورق. كان قسم منها يقع قرب مدينة سمرقند، جوار وادي ينبت فيه القنب ( وهو نبات ليفي ) وكذلك كانت المياه متوفرة بكثرة في المنطقة.
ولتصدير الورق اتخذت الصين نفس طريق تصدير الحرير عبر صحراء كوبي او عبر الهند، باتجاه بغداد والجزيرة العربية ومنها الى اوروبا. وقد كانت سمعة ورق سمرقند عالية جدا. ويقال انه كان ورق جميل ابيض ونظيف.
استعمل العرب الورق في مكة منذ عام 650 ولما استمرت الفتوحات الاسلامية حتى الصين، اعطى بعض الصينيين اسرار صناعة الورق للمسلمين، وذلك بعد معركة قرب سمرقند عام 751. وخلال خلافة هارون الرشيد، طلب ـ الفضل ـ حاكم خراسان استعمال الورق للكتابة في الديوان بدل الرق. لكون الرق غاليا ولانه يقبل المحو والتزوير. بينما ان الورق رخيص الثمن ويمكن الحصول على الكمية المطلوبة منه بسهولة، كما لا يمكن التزوير فيه بسهولة كالرق.
بعد ذلك طلب الخليفة هارون الرشيد من الوزير جعفر بانشاء مصنع للورق في بغداد، واستعماله في الدوائر الرسمية. وهكذا كانت بداية صناعة الورق في بغداد عام 794 وصنع الورق في ذلك الزمن حسب الوصفات الصينية، ثم ادخل البغداديون بعد ذلك تحسينا على الورق الصيني بتنقيته من الشوائب، كما استعملوا مصادر نباتية متنوعة، فكسب الورق النعومة والمتانة والمقاومة لتأثير الزمن. وكان الورق البغدادي انفس واغلى اجناس الورق. ويصف الورق المؤرخ القلقشندي:
ان احسن الورق ما كان ناصع البياض صقيلا متناسب الاطراف صبورا على مرور الزمن.
وتدريجيا انشأت مصانع للورق في شمال افريقيا وفي الاندلس، ومن الاندلس دخل الورق العالم الغربي. وهكذا ساهم العرب في التطور الحضاري للغرب.
وبعد ذلك انتشرت صناعة الورق والكتب في مدن عديدة من العالم الاسلامي، فأنشأت مصانع للورق في بلاد الشام، واطرى المؤرخون على نوعية ورق دمشق. كما انشات مصانع اخرى في حلب وحماة. وكان في دمشق اثناء كل يوم جمعة مزاد لبيع الكتب. يقـتـنيها البعض ويحملونها احيانا لبلدان اخرى كالعراق.
وهكذا ان تطور صناعة الورق وكثرته ساعدت على تطور الخط ايضا، كما ان الخط دفع المصانع لابتكار ورق يطلى ويلمع لكي يعطي خطوط انيقة.
وابتكر الورق مهنة ـ الوراق ـ وكانت هذه الكلمة تعني في الماضي، صانعي الورق او بائع الورق واحيانا الخطاط، وكذلك صاحب المكتبة. وكانت دكاكين الوراقين والمكتبات العامة ملتقى الادباء والمثـقـفين، ومراكز النسخ والمنتديات الادبية. وقد اختصر الشاعر الجواهري دور الوراق الثقافي في بغداد بهذا البيت الشعري:
كانت عباقرة الدنيا وقادتها تأتي المورقُ في اقصى الدكاكين
وكان الوراقين يمثلون حلقة الوصل بين المؤلفين والجمهور. ويذكر المؤرخون ان سوق الكتب في بغداد كان يحتوي على اكثر من مائة دكان، تستضيف العلماء والمفكرين والخطاطين. وكانت الكتب تصل احيانا الى اسعار عالية. وعلى الاخص عبر المزاد حيث يتجمع الراغبين بالشراء حول صاحب الكتاب، ويعلن كل واحد ثمنا اعلى من الآخر.
وكان بعض الخطاطين او المؤلفين يمارس مهنة نسخ الكتب بهدف المعيشة. فان ابن الهيثم عالم البصريات يقول انه يخط بيده كل عام نسخة من كتاب ـ المجسطي ـ ( وهو كتاب علمي مترجم عن اللغة اليونانية ) ويبيعه بمبلغ يكفيه مؤونة عيش عام كامل. كذلك ابن النديم مؤلف ـ الفهرست ـ ( وهو كتاب يمثل نظرة شاملة للأدب العربي في زمانه ) كان وراقا يعيش من مهنة نسخ الكتب. وكانت هذه المهنة تدعوا اي اديب الى اللجوء اليها عند الحاجة. فقد كان الوراقين ينسخون الكتب للمؤلفين وكذلك للأغنياء الذين يريدون انشاء مكتبة خاصة بهم.
ومن المتعارف عليه كان من غير اللائق تقاضي اجور مقابل ـ العلم ـ ولكن كلما اهدى مؤلف نسخة خطها بيده الى شخصية كبرى، فان هذه الشخصية سوف تقدم هدية للكاتب. كما كدح الاصفهاني في نسخة من كتابه ـ الاغاني ـ ( وهو كتاب عن الشعراء ) واهداها الى سيف الدولة امير حلب. فقدم له هدية بألف دينار، ولكن مقربون من سيف الدولة قالوا انه كان شحيحا وان المؤلف يستحق اكثر بكثير.
بعض النساخين كان يبيع الكتب التي ينسخها، وينسب الى ابو على العكبري ـ القرن الحادي عشر ـ قوله:
كسبت في الوراقة خمسة وعشرين الف درهم، وكنت اشتري كاغدا بخمسة دراهم، فاكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وابيعه بمائتي درهم.
وان كان اكثر الخطاطين يمارس مهنة نسخ الكتب لغرض المعيشة، فانهم يكرهون النسخ. ومن النوادر التي كانت تروى سابقا ما ينسب الى ابن الخاضبة البغدادي ( القرن الحادي عشر ) :
ـ لما غرقت بغداد، غرقت داري وكتبي فلم يبق لي شيء، فاحتجت الى النسخ، كي اعيش به واعيد كتبي. فكتبت ـ صحيح مسلم ـ في تلك السنة سبع مرات. واثناء النسخ في احدى المرات نمت فرايت كان القيامة قد قامت، وقائل يقول: اين ابن الخاضبة؟ فجئت فأدخـُلت الجنة، فلما دخلتها استلقيت على قفاي ووضعت احدى رجلي على الاخرى وقلت: الحمد لله استرحت من النسخ. ثم استيقظت والقلم بين اصابعي والنسخ في يدي ـ
خطاط آخر اسمه ـ الحربي ـ امضى حياته في غرفة صغيرة يقوم فيها بالنسخ. ابان لأمراته ان لديه اثني عشر الف مجلد كتبها بنفسه عن مواضيع لغويه. فاذا مات يمكنها ان تعيل نفسها ببيعها. وكانت الصفحات التي ينسخها كبار الادباء تعد بالآلاف. فان شرح الطبري للقرآن كتب في ثلاثين الف صفحة، اختصرت فيما بعد الى ثلاثة الاف.
ابو حيان التوحيدي خطاط ماهر وكاتب كبير، ونسخ الكثير من الكتب بخطه الجميل، ولكنه صرح عدة مرات بكراهيته لنسخ الكتب. فعندما كان شابا ساعدته مهنة النسخ للعيش، ولكن عندما كبر في السن وعند اقترابه من الشخصيات الكبرى اخذه الضجر من نسخ الكتب، وسمى النسخ ـ مهنة الشؤم ـ لان فيها ضياع العمر والصبر. وفي اخر ايام حياته كان مريضا، ومن تعبه في نسخ الكتب وتأليفها حرق كل كتبه قائلا:
لماذا تجهد عيناي بعد اليوم بالحبر والرقاق والقراءة والجمع والتصحيح والتسويد والتبييض.
وترك لنا التوحيدي ـ رسالة في الخط العربي ـ من حسن الحظ انها لم تحرق. ويقول ياقوت في كتابه معجم الادباء عن التوحيدي:
كان متفننا في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والادب، والفقه والكلام. فهو شيخ الصوفية وفيلسوف الادباء ومحقق الكلام ومتكلم المحققين وامام البلغاء وهو فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة وفصاحة ومكنة. كثير التحصيل للعلوم في كل فن حفظه، واسع الدراية والرواية ـ
عندما انشا الخليفة المأمون ـ دار الحكمة ـ دعا الخطاطين لابتكار خطوط جديدة لنسخ الكتب. فاشتق الخطاطون من الاسلوب الكوفي المستعمل في ذلك الوقت اساليب جديدة اخرى. اساليب لا يمكن لهاوي الخط ان يستوعبها بسهولة، انما يحتاج الى ارشاد شيخ خطاط، وكذلك ممارسة مستمرة. وهذه الطريقة في التعلم استمرت حتى يومنا الحاضر، حيث تنتقل تعاليم الخط من يد الى يد بشكل مباشر دائما من الخطاط الكبير الى الهاوي الصغير.
كما طلب المأمون ترجمة ونسخ كل كتاب معروف، وطلب ايضا تأليف كتب جديدة عن مواضيع لم تدرس بعد، كدعوته الفقيه اللغوي ـ الفرار ـ لتأليف كتاب عن اللغة العربية فاُستضيف الفرار في القصر مع نساخين، وعندما انتهى منه امر المأمون ان تكرر النسخ لهذا الكتاب وتوزع على كل المكتبات العامة.
*
من مميزات الورق انه يمكن تصنيعه بأنماط مختلفة، كشكل ونوعية، منه الابيض وهو اللون السائد، ولكن يمكن تلوينه بتمرير الورق في حوض شاي او الزعفران. ومن نص قديم لاخوان الصفا ينصح باستعمال الورق الملون لانه افضل من الابيض الذي يؤذي العيون. وقد استعملت الاوراق الملونة ايضا لتجليد الكتب.
الورق الكبير يسمى في الماضي الورق الكامل ، والورق الصغير يسمى الورق الخفيف. وكان يعمل لرسائل الحمام الزاجل الذي جعل الاخبار تنتقل بسرعة في ذلك الزمن. حيث كانت اخبار سورية ومصر والعراق تنتقل من بلد لآخر وربما بنفس اليوم.
عندما تخط على الورق نصوص مقدسة لايمكن بعد ذلك حرقها او تمزيقها او رميها انما دفنها. وهذا ما يفسر ما وجد منذ سنوات قريبة في احد مساجد اليمن لصفحات مخطوطة كثيرة تعود لقرون قديمة في مكان مغلق بالسقف.
وكان بالامكان لصق ورقة بأخرى لعمل لفات طويلة. ويذكر المؤرخون انه عندما عين الصاحب بن عباد عام 996 رئيس القضاة. كتب الامر بنص طويل على الورق السمرقندي، مؤلفا من اوراق كثيرة لصقت الواحدة بالاخرى وطويت، ويقال انها كانت تشابه عمود البناء. وقد شاهدت انا شخصيا في معرض بالقصر الكبير بباريس عام 1990 رسائل كثيرة محفوظة في المجموعة الرسمية الفرنسية، ارسلها السلطان العثماني سليمان القانوني الى ملك فرنسا فرانسوا الاول في القرن السادس عشر، وكانت كل رساله تتكون من عدة امتار. ويذكر المؤرخون ان رسالة السلطان بايبار الى المغولي بنك خان عام 1262 كانت مطوية بعدة امتار.
لعب التأليف دورا مهما في الثقافة الاسلامية قبل القرن الثاني عشر. فقد شغل العلم الذي كان يعني كل حياة الفكر اهتمام المسلمين. فجمع الامراء والاغنياء رجال العلم حولهم. وكمثال الخليفة الحكم (961 ـ 976) بالاندلس الذي احتل مكانة سامية بين العلماء ومحبي الكتب، ففي مكتبة مسجد قرطبة كان فيها صالة خاصة لنساخي ومجلدي الاف الكتب. وكان الحكم يرسل مندوبين عنه للبحث عن الكتب في المقاطعات المتعددة، اما لشراء الكتب او لنسخها.
عندما اباح الصينيون للمسلمين عام 751 طريقة عمل الورق، طلبوا قدور ومطارق خشبية وحجر كبير وشرائح رقيقة من الخشب لعمل مصفاة ـ منخل ـ ثم وضعوا خرق بالية في القدر وتركوا القدر على النار حتى الغليان. بعد ذلك دقت الخرق بالمطارق على الحجر حتى تحولت الى عجينة طرية، اضيف اليها الماء، وسكب السائل الكثيف في المصفاة، فيسقط الماء وتبقى فوق المصفاة طبقة رقيقة خفيفة من الالياف المتماسكة. بعد ذلك تنزع هذه الطبقة الرهيفة وتنشر لتجفيفها فتعطي الورق.
ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة اضافة مادة صمغية لتقوية الورق ومنع الحبر من الترشيح. ونسبة الصمغ تختلف من خط لآخر فبالنسبة للخط الصيني لابد من ورق يشرب الحبر مما يتطلب ذلك الخط بسرعة. فان يتردد الخطاط ويبطيء تتحول الحركة النحيفة الانيقة الى كتلة سوداء غير محددة ويتشوه الخط. بينما ان الورق المحضّر للخط العربي يشابه الرق في امتصاص نسبة ضئيلة من الحبر و لا يزيد البطيء الحركة الخطية سمكا وتشويها.
لتحسين الورق المخصص للخط العربي، هنالك وصفات كثيرة ومتعددة منها الوصفة التالية:
يضع الخطاط كمية من النشاء وعشرة امثالها من الماء على النار حتى يغلي ويحمر لونه. ثم يطلى الورق ويتركه ليومين حتى يتم جفافه، بعد ذلك يمزج بعض الشب المطحون الناعم وزلال البيض. ثم يعيد طلاء الورق بهذا المزيج ويتركه يوم واحد حتى يجف. واخيرا يصقل الورقة بحجر تلميع الذهب وهو من العقيق او بيضة من الكريستال. حتى يصير ناعما كالمرآة وصالحا للكتابة. تترك الورقة خمس شهور، والا ان الحبر سوف يتكسر بمرور الزمن.
كان ولازال مسجد القرويين في مدينة فاس في المغرب مزينا بالسيراميك لزخارف وخطوط على الجدران. وبالوان زاهية توحي بحديقة ابدية. وعندما غزى الموحدين هذه المدينة في القرن الثاني عشر بقيادة عبد المؤمن، اثار غضبه رؤية هذه الزخارف بمكان العبادة، فامر برفعها. ولكن سكان مدينة فاس اللذين يهمهم تاريخ بلدتهم الفني، عملوا على تغطية الجدران وذلك بلصق الورق عليها. فصنعوا عدة اوراق سميكة وبقياسات كبيرة، ثم غطوا الورق بالجص الابيض، مما حافظ الورق على هذا التزيين الجميل من الاندثار. وتعكس لنا هذه القصة القدرات الصناعية للورق في ذلك الزمن. ويذكر المؤرخون ان ورق مدينة فاس كان معروفا بجودته بحدود عام 1200.
ومع اختراع المطبعة في القرن الرابع عشر ازدادت مصانع الورق، وازداد التعليم في العالم. واستعملت مواد متعددة لعمل الورق منها القطن والكتان والاخشاب والخرق البالية والقنب ومواد اخرى آتية من النباتات. ولكن الازدياد المستمر لاستعمال الورق وصعوبة توفر المواد الاولية بكثرة اتى بفكرة عبقرية لاحد العلماء ة واسمه ـ ريمور ـ عام 1720 فعندما كان يتأمل حشرة تقضم الخشب وتمتص اليافه وتمزجها بلعابها جاعلة منه عجينة تصنع منها بيتها الورقي الابيض. فتوصل الى عمل وصفة لتحضير الورق من لباب الاشجار. وفي عصرنا الحالي تستخدم مواد كيماوية متعددة لصفاء الورق ونصاعته وبياضه. وتوالت بمرور السنين الاختراعات للمكائن المتعددة من اجل السرعة في الاستنساخ والطباعة وكذلك في التغليف للمنتوجات في المخازن او في ديكور اماكن العمل والسكن. وهنالك استعمالات معاصرة للورق لا حصر لها. ولكن يبقى الورق المحضر بالطرق القديمة جميلا يبعث برؤية دافئة وعطر المواد الطبيعية يستلم الضوء لداخله، على عكس الورق الصناعي الذي يرجع الضوء. الورق القديم لطيف الملمس، وعند طيه وثنيه لا يخلق الضوضاء، رطب الملمس كأوراق الاشجار.
حسن المسعود
www.massoudy.net
قبل اختراع الورق بزمن طويل كتب البشر على الحجر والخشب وجلود الحيوانات، او على الطين كما كتب السومريون.
ولكن اول اختراع لورق الكتابة والذي دام زمنا طويلا، كان هو ورق البردي الذي ابتكره المصريون القدماء، في حوالي سنة 2700 قبل الميلاد. وكانت صحائف العرب الاولى تكتب على الورق المستورد من مصر.
ويصنع ورق البردي من لب سيقان نبتة البردي الطويلة، والتي تحوّل الى صحائف تستعمل للكتابة. ولكن ورق البردي كان معرضا للتلف في الاماكن الرطبة. فاستعمل بجانبه ـ الرق ـ وهو جلود رقيقة ومرنة آتية من حيوانات صغيرة. ولكنه كان غاليا جدا، وبسبب غلائه كان البعض يحك نصوص كبار المفكرين ومؤلفات العظماء للكتابة عليها من جديد.
ثم اخترع الانسان الورق كما نعرفه اليوم، اولا في الصين. وينسب اختراعه الى شخص يدعى ـ تساي لون ـ في عام 105 حيث صنع ورق من عجينة آتية من قشور الشجر والقنب والخرق. فأعطى هذا الابتكار مادة مسطحة رقيقة، تنتج عن ضغط الالياف سميت ـ الورق ـ وان ابتكر الورق في البداية بهدف الكتابة، فانه استخدم بعد ذلك بمجالات اخرى متعددة في الحياة. اذ يستعمله اليابانيون في المعمار حيث تسحب الاوراق الكبيرة على اطارات من الخشب، لتؤدي دور الابواب والنوافذ بدل الزجاج، في بلد يعيش باستمرار هاجس الاهتزازات الارضية. ومن التقدير الكبير الذي يكنه بعض اليابانيون للورق انهم يعبدون تمثال امرأة تسمى ـ آلهة الورق ـ وفي الصين هنالك ايضا استعمالات متعددة للورق كعمل المصابيح والطيارات الورقية، مصدر فرح الاطفال.
كما وان اليابانيون والصينيون يعرفون بمهارتهم في فن طي الورق، ويعملون من الورق اشكال مجسمة كثيرة ومتعددة. كما يعملون من الورق زخارف ورقية تقص بالسكين والمقص لتزيين الابواب والنوافذ.
كانت الصين في الماضي تشحن الورق الى المناطق المحيطة بالبحر الابيض المتوسط. واعتبر الصينيون في ذلك الزمن صناعة الورق كنز ثمين لا تعلن اسراره. فأنشأوا مصانع كثيرة للورق. كان قسم منها يقع قرب مدينة سمرقند، جوار وادي ينبت فيه القنب ( وهو نبات ليفي ) وكذلك كانت المياه متوفرة بكثرة في المنطقة.
ولتصدير الورق اتخذت الصين نفس طريق تصدير الحرير عبر صحراء كوبي او عبر الهند، باتجاه بغداد والجزيرة العربية ومنها الى اوروبا. وقد كانت سمعة ورق سمرقند عالية جدا. ويقال انه كان ورق جميل ابيض ونظيف.
استعمل العرب الورق في مكة منذ عام 650 ولما استمرت الفتوحات الاسلامية حتى الصين، اعطى بعض الصينيين اسرار صناعة الورق للمسلمين، وذلك بعد معركة قرب سمرقند عام 751. وخلال خلافة هارون الرشيد، طلب ـ الفضل ـ حاكم خراسان استعمال الورق للكتابة في الديوان بدل الرق. لكون الرق غاليا ولانه يقبل المحو والتزوير. بينما ان الورق رخيص الثمن ويمكن الحصول على الكمية المطلوبة منه بسهولة، كما لا يمكن التزوير فيه بسهولة كالرق.
بعد ذلك طلب الخليفة هارون الرشيد من الوزير جعفر بانشاء مصنع للورق في بغداد، واستعماله في الدوائر الرسمية. وهكذا كانت بداية صناعة الورق في بغداد عام 794 وصنع الورق في ذلك الزمن حسب الوصفات الصينية، ثم ادخل البغداديون بعد ذلك تحسينا على الورق الصيني بتنقيته من الشوائب، كما استعملوا مصادر نباتية متنوعة، فكسب الورق النعومة والمتانة والمقاومة لتأثير الزمن. وكان الورق البغدادي انفس واغلى اجناس الورق. ويصف الورق المؤرخ القلقشندي:
ان احسن الورق ما كان ناصع البياض صقيلا متناسب الاطراف صبورا على مرور الزمن.
وتدريجيا انشأت مصانع للورق في شمال افريقيا وفي الاندلس، ومن الاندلس دخل الورق العالم الغربي. وهكذا ساهم العرب في التطور الحضاري للغرب.
وبعد ذلك انتشرت صناعة الورق والكتب في مدن عديدة من العالم الاسلامي، فأنشأت مصانع للورق في بلاد الشام، واطرى المؤرخون على نوعية ورق دمشق. كما انشات مصانع اخرى في حلب وحماة. وكان في دمشق اثناء كل يوم جمعة مزاد لبيع الكتب. يقـتـنيها البعض ويحملونها احيانا لبلدان اخرى كالعراق.
وهكذا ان تطور صناعة الورق وكثرته ساعدت على تطور الخط ايضا، كما ان الخط دفع المصانع لابتكار ورق يطلى ويلمع لكي يعطي خطوط انيقة.
وابتكر الورق مهنة ـ الوراق ـ وكانت هذه الكلمة تعني في الماضي، صانعي الورق او بائع الورق واحيانا الخطاط، وكذلك صاحب المكتبة. وكانت دكاكين الوراقين والمكتبات العامة ملتقى الادباء والمثـقـفين، ومراكز النسخ والمنتديات الادبية. وقد اختصر الشاعر الجواهري دور الوراق الثقافي في بغداد بهذا البيت الشعري:
كانت عباقرة الدنيا وقادتها تأتي المورقُ في اقصى الدكاكين
وكان الوراقين يمثلون حلقة الوصل بين المؤلفين والجمهور. ويذكر المؤرخون ان سوق الكتب في بغداد كان يحتوي على اكثر من مائة دكان، تستضيف العلماء والمفكرين والخطاطين. وكانت الكتب تصل احيانا الى اسعار عالية. وعلى الاخص عبر المزاد حيث يتجمع الراغبين بالشراء حول صاحب الكتاب، ويعلن كل واحد ثمنا اعلى من الآخر.
وكان بعض الخطاطين او المؤلفين يمارس مهنة نسخ الكتب بهدف المعيشة. فان ابن الهيثم عالم البصريات يقول انه يخط بيده كل عام نسخة من كتاب ـ المجسطي ـ ( وهو كتاب علمي مترجم عن اللغة اليونانية ) ويبيعه بمبلغ يكفيه مؤونة عيش عام كامل. كذلك ابن النديم مؤلف ـ الفهرست ـ ( وهو كتاب يمثل نظرة شاملة للأدب العربي في زمانه ) كان وراقا يعيش من مهنة نسخ الكتب. وكانت هذه المهنة تدعوا اي اديب الى اللجوء اليها عند الحاجة. فقد كان الوراقين ينسخون الكتب للمؤلفين وكذلك للأغنياء الذين يريدون انشاء مكتبة خاصة بهم.
ومن المتعارف عليه كان من غير اللائق تقاضي اجور مقابل ـ العلم ـ ولكن كلما اهدى مؤلف نسخة خطها بيده الى شخصية كبرى، فان هذه الشخصية سوف تقدم هدية للكاتب. كما كدح الاصفهاني في نسخة من كتابه ـ الاغاني ـ ( وهو كتاب عن الشعراء ) واهداها الى سيف الدولة امير حلب. فقدم له هدية بألف دينار، ولكن مقربون من سيف الدولة قالوا انه كان شحيحا وان المؤلف يستحق اكثر بكثير.
بعض النساخين كان يبيع الكتب التي ينسخها، وينسب الى ابو على العكبري ـ القرن الحادي عشر ـ قوله:
كسبت في الوراقة خمسة وعشرين الف درهم، وكنت اشتري كاغدا بخمسة دراهم، فاكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وابيعه بمائتي درهم.
وان كان اكثر الخطاطين يمارس مهنة نسخ الكتب لغرض المعيشة، فانهم يكرهون النسخ. ومن النوادر التي كانت تروى سابقا ما ينسب الى ابن الخاضبة البغدادي ( القرن الحادي عشر ) :
ـ لما غرقت بغداد، غرقت داري وكتبي فلم يبق لي شيء، فاحتجت الى النسخ، كي اعيش به واعيد كتبي. فكتبت ـ صحيح مسلم ـ في تلك السنة سبع مرات. واثناء النسخ في احدى المرات نمت فرايت كان القيامة قد قامت، وقائل يقول: اين ابن الخاضبة؟ فجئت فأدخـُلت الجنة، فلما دخلتها استلقيت على قفاي ووضعت احدى رجلي على الاخرى وقلت: الحمد لله استرحت من النسخ. ثم استيقظت والقلم بين اصابعي والنسخ في يدي ـ
خطاط آخر اسمه ـ الحربي ـ امضى حياته في غرفة صغيرة يقوم فيها بالنسخ. ابان لأمراته ان لديه اثني عشر الف مجلد كتبها بنفسه عن مواضيع لغويه. فاذا مات يمكنها ان تعيل نفسها ببيعها. وكانت الصفحات التي ينسخها كبار الادباء تعد بالآلاف. فان شرح الطبري للقرآن كتب في ثلاثين الف صفحة، اختصرت فيما بعد الى ثلاثة الاف.
ابو حيان التوحيدي خطاط ماهر وكاتب كبير، ونسخ الكثير من الكتب بخطه الجميل، ولكنه صرح عدة مرات بكراهيته لنسخ الكتب. فعندما كان شابا ساعدته مهنة النسخ للعيش، ولكن عندما كبر في السن وعند اقترابه من الشخصيات الكبرى اخذه الضجر من نسخ الكتب، وسمى النسخ ـ مهنة الشؤم ـ لان فيها ضياع العمر والصبر. وفي اخر ايام حياته كان مريضا، ومن تعبه في نسخ الكتب وتأليفها حرق كل كتبه قائلا:
لماذا تجهد عيناي بعد اليوم بالحبر والرقاق والقراءة والجمع والتصحيح والتسويد والتبييض.
وترك لنا التوحيدي ـ رسالة في الخط العربي ـ من حسن الحظ انها لم تحرق. ويقول ياقوت في كتابه معجم الادباء عن التوحيدي:
كان متفننا في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والادب، والفقه والكلام. فهو شيخ الصوفية وفيلسوف الادباء ومحقق الكلام ومتكلم المحققين وامام البلغاء وهو فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة وفصاحة ومكنة. كثير التحصيل للعلوم في كل فن حفظه، واسع الدراية والرواية ـ
عندما انشا الخليفة المأمون ـ دار الحكمة ـ دعا الخطاطين لابتكار خطوط جديدة لنسخ الكتب. فاشتق الخطاطون من الاسلوب الكوفي المستعمل في ذلك الوقت اساليب جديدة اخرى. اساليب لا يمكن لهاوي الخط ان يستوعبها بسهولة، انما يحتاج الى ارشاد شيخ خطاط، وكذلك ممارسة مستمرة. وهذه الطريقة في التعلم استمرت حتى يومنا الحاضر، حيث تنتقل تعاليم الخط من يد الى يد بشكل مباشر دائما من الخطاط الكبير الى الهاوي الصغير.
كما طلب المأمون ترجمة ونسخ كل كتاب معروف، وطلب ايضا تأليف كتب جديدة عن مواضيع لم تدرس بعد، كدعوته الفقيه اللغوي ـ الفرار ـ لتأليف كتاب عن اللغة العربية فاُستضيف الفرار في القصر مع نساخين، وعندما انتهى منه امر المأمون ان تكرر النسخ لهذا الكتاب وتوزع على كل المكتبات العامة.
*
من مميزات الورق انه يمكن تصنيعه بأنماط مختلفة، كشكل ونوعية، منه الابيض وهو اللون السائد، ولكن يمكن تلوينه بتمرير الورق في حوض شاي او الزعفران. ومن نص قديم لاخوان الصفا ينصح باستعمال الورق الملون لانه افضل من الابيض الذي يؤذي العيون. وقد استعملت الاوراق الملونة ايضا لتجليد الكتب.
الورق الكبير يسمى في الماضي الورق الكامل ، والورق الصغير يسمى الورق الخفيف. وكان يعمل لرسائل الحمام الزاجل الذي جعل الاخبار تنتقل بسرعة في ذلك الزمن. حيث كانت اخبار سورية ومصر والعراق تنتقل من بلد لآخر وربما بنفس اليوم.
عندما تخط على الورق نصوص مقدسة لايمكن بعد ذلك حرقها او تمزيقها او رميها انما دفنها. وهذا ما يفسر ما وجد منذ سنوات قريبة في احد مساجد اليمن لصفحات مخطوطة كثيرة تعود لقرون قديمة في مكان مغلق بالسقف.
وكان بالامكان لصق ورقة بأخرى لعمل لفات طويلة. ويذكر المؤرخون انه عندما عين الصاحب بن عباد عام 996 رئيس القضاة. كتب الامر بنص طويل على الورق السمرقندي، مؤلفا من اوراق كثيرة لصقت الواحدة بالاخرى وطويت، ويقال انها كانت تشابه عمود البناء. وقد شاهدت انا شخصيا في معرض بالقصر الكبير بباريس عام 1990 رسائل كثيرة محفوظة في المجموعة الرسمية الفرنسية، ارسلها السلطان العثماني سليمان القانوني الى ملك فرنسا فرانسوا الاول في القرن السادس عشر، وكانت كل رساله تتكون من عدة امتار. ويذكر المؤرخون ان رسالة السلطان بايبار الى المغولي بنك خان عام 1262 كانت مطوية بعدة امتار.
لعب التأليف دورا مهما في الثقافة الاسلامية قبل القرن الثاني عشر. فقد شغل العلم الذي كان يعني كل حياة الفكر اهتمام المسلمين. فجمع الامراء والاغنياء رجال العلم حولهم. وكمثال الخليفة الحكم (961 ـ 976) بالاندلس الذي احتل مكانة سامية بين العلماء ومحبي الكتب، ففي مكتبة مسجد قرطبة كان فيها صالة خاصة لنساخي ومجلدي الاف الكتب. وكان الحكم يرسل مندوبين عنه للبحث عن الكتب في المقاطعات المتعددة، اما لشراء الكتب او لنسخها.
عندما اباح الصينيون للمسلمين عام 751 طريقة عمل الورق، طلبوا قدور ومطارق خشبية وحجر كبير وشرائح رقيقة من الخشب لعمل مصفاة ـ منخل ـ ثم وضعوا خرق بالية في القدر وتركوا القدر على النار حتى الغليان. بعد ذلك دقت الخرق بالمطارق على الحجر حتى تحولت الى عجينة طرية، اضيف اليها الماء، وسكب السائل الكثيف في المصفاة، فيسقط الماء وتبقى فوق المصفاة طبقة رقيقة خفيفة من الالياف المتماسكة. بعد ذلك تنزع هذه الطبقة الرهيفة وتنشر لتجفيفها فتعطي الورق.
ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة اضافة مادة صمغية لتقوية الورق ومنع الحبر من الترشيح. ونسبة الصمغ تختلف من خط لآخر فبالنسبة للخط الصيني لابد من ورق يشرب الحبر مما يتطلب ذلك الخط بسرعة. فان يتردد الخطاط ويبطيء تتحول الحركة النحيفة الانيقة الى كتلة سوداء غير محددة ويتشوه الخط. بينما ان الورق المحضّر للخط العربي يشابه الرق في امتصاص نسبة ضئيلة من الحبر و لا يزيد البطيء الحركة الخطية سمكا وتشويها.
لتحسين الورق المخصص للخط العربي، هنالك وصفات كثيرة ومتعددة منها الوصفة التالية:
يضع الخطاط كمية من النشاء وعشرة امثالها من الماء على النار حتى يغلي ويحمر لونه. ثم يطلى الورق ويتركه ليومين حتى يتم جفافه، بعد ذلك يمزج بعض الشب المطحون الناعم وزلال البيض. ثم يعيد طلاء الورق بهذا المزيج ويتركه يوم واحد حتى يجف. واخيرا يصقل الورقة بحجر تلميع الذهب وهو من العقيق او بيضة من الكريستال. حتى يصير ناعما كالمرآة وصالحا للكتابة. تترك الورقة خمس شهور، والا ان الحبر سوف يتكسر بمرور الزمن.
كان ولازال مسجد القرويين في مدينة فاس في المغرب مزينا بالسيراميك لزخارف وخطوط على الجدران. وبالوان زاهية توحي بحديقة ابدية. وعندما غزى الموحدين هذه المدينة في القرن الثاني عشر بقيادة عبد المؤمن، اثار غضبه رؤية هذه الزخارف بمكان العبادة، فامر برفعها. ولكن سكان مدينة فاس اللذين يهمهم تاريخ بلدتهم الفني، عملوا على تغطية الجدران وذلك بلصق الورق عليها. فصنعوا عدة اوراق سميكة وبقياسات كبيرة، ثم غطوا الورق بالجص الابيض، مما حافظ الورق على هذا التزيين الجميل من الاندثار. وتعكس لنا هذه القصة القدرات الصناعية للورق في ذلك الزمن. ويذكر المؤرخون ان ورق مدينة فاس كان معروفا بجودته بحدود عام 1200.
ومع اختراع المطبعة في القرن الرابع عشر ازدادت مصانع الورق، وازداد التعليم في العالم. واستعملت مواد متعددة لعمل الورق منها القطن والكتان والاخشاب والخرق البالية والقنب ومواد اخرى آتية من النباتات. ولكن الازدياد المستمر لاستعمال الورق وصعوبة توفر المواد الاولية بكثرة اتى بفكرة عبقرية لاحد العلماء ة واسمه ـ ريمور ـ عام 1720 فعندما كان يتأمل حشرة تقضم الخشب وتمتص اليافه وتمزجها بلعابها جاعلة منه عجينة تصنع منها بيتها الورقي الابيض. فتوصل الى عمل وصفة لتحضير الورق من لباب الاشجار. وفي عصرنا الحالي تستخدم مواد كيماوية متعددة لصفاء الورق ونصاعته وبياضه. وتوالت بمرور السنين الاختراعات للمكائن المتعددة من اجل السرعة في الاستنساخ والطباعة وكذلك في التغليف للمنتوجات في المخازن او في ديكور اماكن العمل والسكن. وهنالك استعمالات معاصرة للورق لا حصر لها. ولكن يبقى الورق المحضر بالطرق القديمة جميلا يبعث برؤية دافئة وعطر المواد الطبيعية يستلم الضوء لداخله، على عكس الورق الصناعي الذي يرجع الضوء. الورق القديم لطيف الملمس، وعند طيه وثنيه لا يخلق الضوضاء، رطب الملمس كأوراق الاشجار.
حسن المسعود
www.massoudy.net