سيف الدين الدسوقي - عد بي إلى النيل.. شعر

عد بي إلى النيلِ لا تسال عن التعبِ = الشوق طي ضلوعي ليس باللعبِ
لي في الديار ديارٌ كلما طرفت عيني = يرف ضياها في دجى هُدبي
وذكرياتُ أحبائي إذا خطرتْ = احسُّ بالموجِ فوقَ البحرِ يلعب بي
شيخ كأن وقار الكون لحيته = وآخرونَ دماهُمْ كونت نسبي
وأصدقاء عيون فضلهم مدد = إن حدثوك حسبت الصوت صوت نبي
أمي التي وهبتْ حرفي تألقَهُ = تجئ رحمتها من منبعٍ خصبِ
وإن تغيّبَ في دربِ الحياةِ أبي = قامت إلى عبئها أيضاً بعبء أبي
والناس في وطني شوق يهدهدهم = كما يهز نسيم قامة القصب
والجار يعشق للجيران من سبب = وقد يحبهم جدًا بلا سبب
الناس أروع ما فيهم بساطتهم = لكن معدنهم أغلى من الذهب
عد بي إلى النيل لا تسأل عن التعب = قلبي يحن حنين الأينق النجب
من كان يحمل مثلي حب موطنه = يأبى الغياب ولو في الأنجم الشهب
ثارت جراحي نيراناً يؤججها = عدو الرياح على قلبي وفي عصبي
كنا سماء تبث الخير منهمرًا على البلاد = كقطر الديمة السكب
وكان موطننا عزًا ومفتخرًا = ما هان في عمره يوماً لمغتصب
وقدوة لشعوب لا تماثلنا = في الحلم والعلم والأخلاق والأدب
والكنز كان هو الإنسان مكتملاً = في محفل الجد لم يهرب ولم يغب
والنيل إن فاض أروتنا جداوله = وإن تراجع جاد النخل بالرطب
والحب أروع ما في الكون نغزله = خيطاً من الشمس أو قطراً من السحب
والحنبك الفذ في الأشجار لمعته = ازرت بكل صنوف الكرم والعنب
والناس قاماتهم طالت إذا هتفوا = بالشمس جيئي تعالي هاهنا اقتربي
جاءت على خجل حيرى تسائلهم = من ذا على النيل يا أحباب يهتف بي
ماذا أصاب ضمير الناس في زمن = صعب كان به داء من الكلب
هذا زمان غريب كيف نعرفه = أو كيف يعرفنا من زحمة الحقب
ارجع الي شباب العمر مؤتزراً = بالحب والوصل لا بالوعد في الكتب
وارفع عن القلب ما يلقاه من عنت = واغسل عن الوجه لون الحزن والغضب
فقد أعود كما قد كنت من زمن = فخر الشباب ورب الفن والأدب
أعلى