بلغة عالية، قوية البناء، يتدفق الشعر من جنباتها، ومن العبارات ذات التركيب الجمالي، والعمق الدلالي، يأخذ الجاسم برسم شخصياته، كما يتخذ أيضا من البوح وبما يختلج بداخلها كخطوط مكملة لملامحها.
وهنا نجد شخصيتين ارتكزت عليهما القصة، وشكلتا المفارقة فيها، ويتضح ذلك أكثر عبر طريقة تفكير كل شخصية، وعبر قاسمهما المشترك وهو الحلم.
الشخصيتان هنا فتاة تحلم ربما بالزواج (ككل فتاة) ثم أن يكون لها طفل كثمرة لهذا الزواج، ورجل على ما يبدو أن كل ما يريده هو وعاء يفرغ فيه شهوته ويبدو أنه قد وجده في تلك الفتاة وفي صورة عشقه لها الذي يبدو أن عمره قد صار – أي هذا العشق- خمس سنين، وكما تحضر هنا المفارقة أيضا في حلم الفتاة الذي يعكس براءتها وحلم الرجل الذي يعكس خبثه.
يستهل الجاسم قصته بتسليط الضوء على شخصية الفتاة فيبدأ بعبارة شعرية وصورة جمالية جذابة:
(فتاة عاطفتها كالظل،...) ثم يبدأ بترتيب أثاث حلم الفتاة لنا والذي بدا بسيطا وبريئا: (ترقد على سرير منفرد)، (تحلم بأن يلد السرير سريراً)، (تخطب ود القدر، وصفح السماء)، (وتشكو لها آلام الأيام السبعة من كل شهر، وتترقب أوان زوالها،)، (تبحث في صفحتها الزرقاء عن أنجم شكلت اسمين متلاحمين يكون اسمها أحدهما)
حتى المطر هنا حضرت دلالته في تكملة رسم مشهد حلم الفتاة ورسم شخصيتها أيضا.
ثم نجده ينتقل إلى الشخصية الثانية - والتي تبرز هنا كشخصية أولى في القصة وكانت لها المساحة الأكبر – فيبدأ برسمها (كلب يود البول في دمها) وإن كان هنا إبداء رأي مباشر غير مفضل بحكم استخدامه ضمير الغائب الممثل للراوي الذي عليه أن يروي فقط، ولو وقف عند التشبيه لكان أفضل (رجل ككلب يود البول في دمها).
ثم يبدأ بعرض أثاث حلم الرجل - وكما يبدو معقدا ويعكس الخبث الذي فيه - وبشكل متداخل مع خطوط رسم شخصيته:
(يود البول في دمها)، (عانى آلام الحصر طويلاً، ذاق النوم غراراً، وعاش الحلم مداداً، حفظ شعر الغزل من ديوان العرب، وتعلم الرسم بالكلمات، عطل دخان الخمس سنين رئته اليسرى.)، (لطالما أملى عليه تفكيره: أن الشفاه الجمرية تساوي عمراً، وأن الفحم بعد مئة سنة تحت الأرض يتحول إلى ألماس!)، ("كثر الدق يفك اللحام" ستتحقق، ولقب الساهد سيفارق شفاه الزمرة المأفونين، وسيحل محله نعت المكافح،)، (وهذا السهوم الذي يملأ العينين سيعاد خلقه إلى بريق،)، (ثقب الأوزون يمنح الناس التشاؤم، ويمنحني الأمل، سيتسع هذا الثقب، وسيكثر مرض السرطان في جلود الإناث الجميلات، وسيمتن)، (الجبل يلبس رداء من العشب الأخضر وبداخله نفس بركان، قد أكون جبلاً بداخله بركان خامل، ليت لي ذاكرة وردة، وليت القلب كالمعدة، يستطيع لفظ الجمال الذي يحرقه إذا شاء)
ونلاحظ هنا تداخل الأصوات إذا نجد أنفسنا مع صوت المتكلم وهو يعرج بنا إلى سرديات سريعة وإضاءات فلاشية على شخصيات أخرى ارتبطت بشخصية الرجل:
(في الجنوب فرعت نخلة وسط صخرة نارية، لا وشل يغذيها ولا طير أو دابة تسمدها، ونهيان عاشق الجرابيع شق رأس الجربوع، وشرب دم رأسه، ورماه وأنا أضيء له الليل بالكشاف...)، (والأهبل مضحي مدمن النارجيلة يقول وقرقرة ماء النارجيلة تقلق تفكيري: لا تعشق فتاة بوصاء، فإن نلتها ومللتها ستبحث عن فتاة رسحاء، إن طال حب التغيير قلبك فسدت حياتك...)
وثم يعود بنا للشخصية الأساسية:
(آه كم أنفقت من الوقت في هذا التفكير الأخرق، علي بالعمل، لقد حفظت مئة بيت لمطارحتها شعرياً عبر الهاتف، أبيات شعرية جلها قيلت في الغزل)، (حتما ستجرفها سيول الأوزان والقوافي، بعض الشعراء ضحكوا على الخلفاء، فوزنوا لهم قصائدهم بالذهب، صعب أن تبيت والشهوة في دمك، وتجرها معك إلى الأسواق، وتجلس بها في المجالس خمس سنين!)، (كم الساعة الآن؟ مضحي، أنجدني، ما هذه البقع التي ظهرت بساعدي؟ ستراها على جلدي حين أتعرى لها، ستنفر مني، محال أن أموت وآلام حصر الشهوة تؤلمني!)
وهكذا نجده ينتهي من تقديم شخصية الرجل وحلمه وليعود بنا من حيث بدأت القصة والفتاة وبهذا تأخذ الشكل الدائري المغلق:
(قالت الأم المفاخرة بالعفاف لابنتها: لا يوجد في الحياة كلب طاهر، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب نجس أو تمثال)
وإن فسر هذا سر نعت الراوي للرجل في البداية بالكلب لكن تظل المشكلة في الضمير المستخدم الذي لا يفضل عبره إطلاق وجهات النظر
(وظلت الفتاة تعاني آلام الأيام السبعة، تنظر للسماء، وتنتظر أنجمها تشكل اسمين متلاحمين، وتعقد بينهما عقداً، مدته أربعون يوماً في الأعلى، ثم ينزل، ويكتب ثانية بالحبر على الأرض.)
هكذا يختم لنا الجاسم النص بحلم الفتاة الممتد وكأنه اختار للحلم الأجمل أن يستمر.
وهنا نجد شخصيتين ارتكزت عليهما القصة، وشكلتا المفارقة فيها، ويتضح ذلك أكثر عبر طريقة تفكير كل شخصية، وعبر قاسمهما المشترك وهو الحلم.
الشخصيتان هنا فتاة تحلم ربما بالزواج (ككل فتاة) ثم أن يكون لها طفل كثمرة لهذا الزواج، ورجل على ما يبدو أن كل ما يريده هو وعاء يفرغ فيه شهوته ويبدو أنه قد وجده في تلك الفتاة وفي صورة عشقه لها الذي يبدو أن عمره قد صار – أي هذا العشق- خمس سنين، وكما تحضر هنا المفارقة أيضا في حلم الفتاة الذي يعكس براءتها وحلم الرجل الذي يعكس خبثه.
يستهل الجاسم قصته بتسليط الضوء على شخصية الفتاة فيبدأ بعبارة شعرية وصورة جمالية جذابة:
(فتاة عاطفتها كالظل،...) ثم يبدأ بترتيب أثاث حلم الفتاة لنا والذي بدا بسيطا وبريئا: (ترقد على سرير منفرد)، (تحلم بأن يلد السرير سريراً)، (تخطب ود القدر، وصفح السماء)، (وتشكو لها آلام الأيام السبعة من كل شهر، وتترقب أوان زوالها،)، (تبحث في صفحتها الزرقاء عن أنجم شكلت اسمين متلاحمين يكون اسمها أحدهما)
حتى المطر هنا حضرت دلالته في تكملة رسم مشهد حلم الفتاة ورسم شخصيتها أيضا.
ثم نجده ينتقل إلى الشخصية الثانية - والتي تبرز هنا كشخصية أولى في القصة وكانت لها المساحة الأكبر – فيبدأ برسمها (كلب يود البول في دمها) وإن كان هنا إبداء رأي مباشر غير مفضل بحكم استخدامه ضمير الغائب الممثل للراوي الذي عليه أن يروي فقط، ولو وقف عند التشبيه لكان أفضل (رجل ككلب يود البول في دمها).
ثم يبدأ بعرض أثاث حلم الرجل - وكما يبدو معقدا ويعكس الخبث الذي فيه - وبشكل متداخل مع خطوط رسم شخصيته:
(يود البول في دمها)، (عانى آلام الحصر طويلاً، ذاق النوم غراراً، وعاش الحلم مداداً، حفظ شعر الغزل من ديوان العرب، وتعلم الرسم بالكلمات، عطل دخان الخمس سنين رئته اليسرى.)، (لطالما أملى عليه تفكيره: أن الشفاه الجمرية تساوي عمراً، وأن الفحم بعد مئة سنة تحت الأرض يتحول إلى ألماس!)، ("كثر الدق يفك اللحام" ستتحقق، ولقب الساهد سيفارق شفاه الزمرة المأفونين، وسيحل محله نعت المكافح،)، (وهذا السهوم الذي يملأ العينين سيعاد خلقه إلى بريق،)، (ثقب الأوزون يمنح الناس التشاؤم، ويمنحني الأمل، سيتسع هذا الثقب، وسيكثر مرض السرطان في جلود الإناث الجميلات، وسيمتن)، (الجبل يلبس رداء من العشب الأخضر وبداخله نفس بركان، قد أكون جبلاً بداخله بركان خامل، ليت لي ذاكرة وردة، وليت القلب كالمعدة، يستطيع لفظ الجمال الذي يحرقه إذا شاء)
ونلاحظ هنا تداخل الأصوات إذا نجد أنفسنا مع صوت المتكلم وهو يعرج بنا إلى سرديات سريعة وإضاءات فلاشية على شخصيات أخرى ارتبطت بشخصية الرجل:
(في الجنوب فرعت نخلة وسط صخرة نارية، لا وشل يغذيها ولا طير أو دابة تسمدها، ونهيان عاشق الجرابيع شق رأس الجربوع، وشرب دم رأسه، ورماه وأنا أضيء له الليل بالكشاف...)، (والأهبل مضحي مدمن النارجيلة يقول وقرقرة ماء النارجيلة تقلق تفكيري: لا تعشق فتاة بوصاء، فإن نلتها ومللتها ستبحث عن فتاة رسحاء، إن طال حب التغيير قلبك فسدت حياتك...)
وثم يعود بنا للشخصية الأساسية:
(آه كم أنفقت من الوقت في هذا التفكير الأخرق، علي بالعمل، لقد حفظت مئة بيت لمطارحتها شعرياً عبر الهاتف، أبيات شعرية جلها قيلت في الغزل)، (حتما ستجرفها سيول الأوزان والقوافي، بعض الشعراء ضحكوا على الخلفاء، فوزنوا لهم قصائدهم بالذهب، صعب أن تبيت والشهوة في دمك، وتجرها معك إلى الأسواق، وتجلس بها في المجالس خمس سنين!)، (كم الساعة الآن؟ مضحي، أنجدني، ما هذه البقع التي ظهرت بساعدي؟ ستراها على جلدي حين أتعرى لها، ستنفر مني، محال أن أموت وآلام حصر الشهوة تؤلمني!)
وهكذا نجده ينتهي من تقديم شخصية الرجل وحلمه وليعود بنا من حيث بدأت القصة والفتاة وبهذا تأخذ الشكل الدائري المغلق:
(قالت الأم المفاخرة بالعفاف لابنتها: لا يوجد في الحياة كلب طاهر، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب نجس أو تمثال)
وإن فسر هذا سر نعت الراوي للرجل في البداية بالكلب لكن تظل المشكلة في الضمير المستخدم الذي لا يفضل عبره إطلاق وجهات النظر
(وظلت الفتاة تعاني آلام الأيام السبعة، تنظر للسماء، وتنتظر أنجمها تشكل اسمين متلاحمين، وتعقد بينهما عقداً، مدته أربعون يوماً في الأعلى، ثم ينزل، ويكتب ثانية بالحبر على الأرض.)
هكذا يختم لنا الجاسم النص بحلم الفتاة الممتد وكأنه اختار للحلم الأجمل أن يستمر.