أكمل فليكر دراسته الجامعية في أوكسفورد وكامبردج حيث درس اللغة العربية وغيرها من اللغات الشرقية ونشر أول مجموعاته الشعرية "جسر النار" قبل تخرجه ، ثم قضى عددا من السنوات في القسطنطينية "استنبول" وفي لبنان حيث عمل قنصلا مساعدا غير أن صحته ما لبثت حتى تدهورت ليقضي نحبه متأثرا بمرض السل وهو في ريعان شبابه. كان فليكر شاعراً وكاتبا مسرحيا ومن أشهر مسرحياته "حسن" و"الرحلة الذهبية الى سمرقند" اللتان نالتا ثناء النقاد وتضمنتا بعضا من أحسن قصائده الغنائية. إن وصفه للعادات والتقاليد الشرقية مؤثر ويدل على معرفة جيدة بالشرق.
الى شاعرٍ ، بعدَ ألفِ عام
ج. إ. فليكر
ترجمة وتقديم :ماجد الحيدر
أنا : الميتُ قبلَ ألفِ عامٍ
كتبتُ إليك هذه الأغنيةَ القديمةَ العذبةَ
وأطلقتُ الكلماتِ
رُسُلا في الطريقِ الذي لن أمرَّ عليهِ.
ليسَ يعنيني أنكَ ستمدُّ الجسورَ بين البحارِ
أو ستطيرُ آمنا في السماءِ القاسية
أو تُعلي شوامخَ القصورِ
من الحجرِ أو من المعدن.
ولكن أخبِرني : أما زالَ عندكم خمرٌ وموسيقى
وتماثيلُ ، و حبيباتٌ نجلاواتُ عيونٍ
وخواطرُ ساذجاتٌ عن الخيرِ والشرِ
وصلاةٌ تؤدّونَها للجالسينَ في العُلى ؟
وكيف سننالُ الظفرَ ؟ تهبُّ أوهامُنا
مثلَ ريحٍ في المساء،
قد قالها ميونيديس الأعمى العجوز
قبلَ ثلاثة آلافٍ من الأعوام.
إيهٍ يا صديقي الذي لمّا يولدْ، لمّا يُرى أو يُعرَف
يا دارسَ لسانِنا الإنكليزيِّ العذبِ
إقرأ في الليل وحيدا كلماتي حتى النهاية
لقد كنتُ شاعرا ، كنتُ فتِيّا.
ولأني لن أرى مُحَيّاكَ البتّةَ
ولن تصافحَ يدي يديكَ
أرسلُ إليك روحي عبرَ الفضاءاتِ والأحقاب
كي تقرأَ عليك السلامَ .. وستفهمُ أنتَ كلَّ شيء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* Maeonides : هو الاسم الثاني للشاعر العظيم هوميروس مؤلف الأوديسة والإلياذة.