هناك أشخاص حين تشاهد فلما أو تقرأ كتابا عنهم تتلبسك حالة أشبه بالوجد الصوفي؛ سكينة، توقير، تأثر، هذا أدنى ما شعرت به وأنا أتابع بشغف سبع حلقات من سيرة المفكر والسياسي " علي عزت بيغوفيتش"، الذي بثته الجزيرة مؤخرا، يقول " أسعد طه"معد البرنامج: " إن فترة إعداده استمرت (10) سنوات تخللته فترات انقطاع، وإن التفاصيل التي حُذفت لمحدودية زمن البث أكثر بكثير من التي نشرت، لهذا لا يمكن تناول سيرة هذا الرجل الاستثنائي في عجالة، فالأمر جد عسير، لكن من الضروري الوقوف عند الحلقة الأخيرة ـ الرحيل ـ فقد اغرورقت الدمعة بعيني وأنا أتابع تفاصيلها المؤثرة..!.
" علي" من يوم أن كان يافعا إلى آخر لحظة في حياته كان مهموما بالتحديات الوجودية التي يواجهها شعبه، من أجل ذلك ألّف الكُتب، وسُجِن لمدتين طويلتين، وتصدى بحرب ضروس يشيب لها الولدان لاستئصالية القوميين الصرب، ، تقول ابنته: " كان يستشعر دائما أنه يقوم بمهمة تاريخية"، لكن بعد أن وهن عظمه وبلغ الخامسة والسبعين قرر الفارس أن يترجل عن صهوة السياسة، يقول: " تعبت من الحياة، عشت من الأحداث ما يقارب ثلاث حَيَوَات أظن أن هذا كافٍ"..!.
في ليلة من ليالي العام الذي غربت فيه شمسه، قام من سريره فلم يرَ السّلم فسقط وكسرت أضلاعه، بعدها بدأت صحته بالتدهور، لكنه في مرضه كما في صحته: "كان في غاية الهدوء والراحة النفسية"، إلا أن هدوءه لا يحجب عن الناظر أنه كان يبدو " كرجل أنجز عملا ضخما ولم ينته منه". أثناء مرضه كان حريصا أن يرى الرئيس التركي " طيب رجب أردوغان"، هذا الحرص تبين لاحقا أنه كان بسبب توسمه أن " طيب" سيكمل الذي لم يكتمل. يقول ابنه بكر: " فجأة انخلع من غيبوبته فقد كان مشرفا على الموت بسبب توقف كليتيه وسأل هل حان موعد وصول " طيب"؟!، فحين علم بقرب الوصول طلب أن يمشطوا له شعره، فقد كان لا يستطيع تحريك يديه، فلما حضر نجح في استعادة نصف ساعة من التركيز التام، وَذكَّر " طيب" بمسؤولية العلاقة التركية البوسنية، قائلا: أنتم إخواننا ورثة العثمانيين أول من فتح هذه البلاد ومكث فيها مئات السنين، يقول " طيب": " عندها امتلأت عيناي بالدموع وشعرت بمسؤوليتي تتثاقل على كتفيّ وترهقهما"...!.
المذهل في الأمر أن "علي ـ رحمه الله ـ لم يفقد رباطة جأشه حتى وهو في مواجهة الموت، فلم يُنْسِه المهمة التي كرَّس حياته من أجلها، يريد أن يطمئن على استقرار شعبه المسلم في القارة الأوروبية حتى بعد موته، لقد كان لهذا الأمر أبلغ الأثر في نفسي من كل أحداث الفلم على عظمتها..!.
بعد أن أزاح الحمل الثقيل وألقاه على كاهل " طيب" استقبل موته بسلام، لكن َقبْل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة طلب أن يأخذوه لغسل وجهه وتنظيف أسنانه ودهنه ببعض الكريمات، فبدا جميلا كأن لم يمسسه سوء، وفي اللحظة الأخيرة أدار وجهه إلى النافذة ونظر إلى البعيد، فبانت على وجهه الجميل ابتسامة خفيفة، ثم نظر إلى من حوله نظرة شعروا أنها اخترقتهم، ثم أغلق عينيه الإغلاقة الأبدية، لتبدأ عينا أسطورته بالتفتح كأعظم قائد بوسني وأعظم مفكر وسياسي في القرن العشرين..!.
" علي" من يوم أن كان يافعا إلى آخر لحظة في حياته كان مهموما بالتحديات الوجودية التي يواجهها شعبه، من أجل ذلك ألّف الكُتب، وسُجِن لمدتين طويلتين، وتصدى بحرب ضروس يشيب لها الولدان لاستئصالية القوميين الصرب، ، تقول ابنته: " كان يستشعر دائما أنه يقوم بمهمة تاريخية"، لكن بعد أن وهن عظمه وبلغ الخامسة والسبعين قرر الفارس أن يترجل عن صهوة السياسة، يقول: " تعبت من الحياة، عشت من الأحداث ما يقارب ثلاث حَيَوَات أظن أن هذا كافٍ"..!.
في ليلة من ليالي العام الذي غربت فيه شمسه، قام من سريره فلم يرَ السّلم فسقط وكسرت أضلاعه، بعدها بدأت صحته بالتدهور، لكنه في مرضه كما في صحته: "كان في غاية الهدوء والراحة النفسية"، إلا أن هدوءه لا يحجب عن الناظر أنه كان يبدو " كرجل أنجز عملا ضخما ولم ينته منه". أثناء مرضه كان حريصا أن يرى الرئيس التركي " طيب رجب أردوغان"، هذا الحرص تبين لاحقا أنه كان بسبب توسمه أن " طيب" سيكمل الذي لم يكتمل. يقول ابنه بكر: " فجأة انخلع من غيبوبته فقد كان مشرفا على الموت بسبب توقف كليتيه وسأل هل حان موعد وصول " طيب"؟!، فحين علم بقرب الوصول طلب أن يمشطوا له شعره، فقد كان لا يستطيع تحريك يديه، فلما حضر نجح في استعادة نصف ساعة من التركيز التام، وَذكَّر " طيب" بمسؤولية العلاقة التركية البوسنية، قائلا: أنتم إخواننا ورثة العثمانيين أول من فتح هذه البلاد ومكث فيها مئات السنين، يقول " طيب": " عندها امتلأت عيناي بالدموع وشعرت بمسؤوليتي تتثاقل على كتفيّ وترهقهما"...!.
المذهل في الأمر أن "علي ـ رحمه الله ـ لم يفقد رباطة جأشه حتى وهو في مواجهة الموت، فلم يُنْسِه المهمة التي كرَّس حياته من أجلها، يريد أن يطمئن على استقرار شعبه المسلم في القارة الأوروبية حتى بعد موته، لقد كان لهذا الأمر أبلغ الأثر في نفسي من كل أحداث الفلم على عظمتها..!.
بعد أن أزاح الحمل الثقيل وألقاه على كاهل " طيب" استقبل موته بسلام، لكن َقبْل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة طلب أن يأخذوه لغسل وجهه وتنظيف أسنانه ودهنه ببعض الكريمات، فبدا جميلا كأن لم يمسسه سوء، وفي اللحظة الأخيرة أدار وجهه إلى النافذة ونظر إلى البعيد، فبانت على وجهه الجميل ابتسامة خفيفة، ثم نظر إلى من حوله نظرة شعروا أنها اخترقتهم، ثم أغلق عينيه الإغلاقة الأبدية، لتبدأ عينا أسطورته بالتفتح كأعظم قائد بوسني وأعظم مفكر وسياسي في القرن العشرين..!.