أمبرتو إيكو - وردةٌ بأيِّ اسمٍ آخر[1].. ترجمة: فهيمة جعفر

ثمَّةَ كتابٌ لا يعبؤون بشأنِ ترجمةِ أعمالهم ، لافتقارهم إلى المقدرةِ اللغويةِ أحياناً، أو لأنَّ بعضاً منهم لا يؤمنُ بالقيمةِ الأدبيةِ لتلك الأعمال ومتلهفٌ فقط لبيعِ مُنتَجه في أكبر قدرٍ ممكنٍ من البلاد.
غالباً ما تنطوي هذه اللامبالاة على افتراضين مُسبقيَنِ، دنيئين بالقدرِ ذاته : إمَّا إن الكاتبَ يعدّ نفسَهُ عبقرياً تستحيلُ مضاهاته، وَإذ ذاكَ فما الترجمةُ إلا عمليةٌ سياسيةٌ مؤلمةٌ عليهِ مكابدتها حتى يتعلمَ العالمُ بأسره لغتَهُ هو؛ أو إنّهُ يضمرُ تعصباً عِرْقيّاً “إثنيّاً” وَيعدّ الاهتمام بما قد يشعرهُ قرّاءٌ ينتمون لثقافاتٍ أخرى مضيعةً للوقت.
يعتقدُ الناس أنْ ليسَ بوسعِ المؤلفِ تفحّصُ ترجماتهِ حتى يتعلمَ اللغةَ التي يُترجَمُ إليها العمل. من البيّنِ أن لو كان يعرفُ تلكَ اللغةَ لمضت عملية الترجمةِ بشكلٍ أسهل، غير أن الأمر يعتمدُ برمته على فطنةِ المترجم. فأنا لا أعرفُ – على سبيلِ المثال – السويديةَ أو الروسيةَ أو الهنغارية، وَرغمَ ذلك اشتغلتُ مع مترجميَّ إلى هذه اللغاتِ على نحوٍ حسن، إذ تمكنوا من شرحِ صنوف الصعوباتِ التي تواجههم وَبصّروني بالأسباب التي تجعلُ ما أكتبه مُشْكِلاً في لغاتهم، وَفي عديدٍ من الحالاتِ تمكنتُ من تقديمِ مُقتَرَحاتٍ للترجمة.
تنبعُ المشكلات عادةً من واقعِ كونِ الترجمات إمّا مستغرقةً في اللغةِ الأصلِ “source-oriented” أو اللغةِ المترجَمِ إليها “ target-oriented” ، كما تعبّرُ عن ذلكَ الكتب الحديثة في نظريةِ الترجمة. ينبغي للترجمةِ المنحازةِ للأصل “source-oriented” أن تبذلَ المتاحَ لتمكين قارئ اللغةِ (ب) من فهمِ ما قالهُ المؤلّف أو فكّرَ به باللغةِ (أ). تُمثّل الكلاسيكية اليونانية نموذجاً لذلك: إذ يجدر بالقاريء المعاصر فهمُ طبيعةِ شعراء ذلك العصر والكيفيةِ التي قد يعبرون بها عن أنفسهم ليستوعبَ نتاجهم تماماً. فإذ يلوحُ هوميروس مردداً “الفجر ذو الأناملِ الزهرية” أكثر مما يجب.. ينبغي للمترجمِ تجنُّبُ تنويع هذا النعت لمجرَّدِ أن الكراسات التي تعنى بالأسلوب في العصر الحاضر تشدد على الحذر حيالَ تكرارِ الأوصافِ ذاتِها. على القاريء معرفةُ أنْ لطالما كان للفجرِ أناملُ زهريةٌ متى ما ذُكِرَ حينذاك.
في حالاتٍ أخرى يُمكن وَينبغي للترجمةِ أن تنحازَ للغةِ المترجمِ إليها “target-oriented” . سأطرحُ لذلك مثالاً من ترجمةِ روايتي “بندول فوكو”، حيث تتحدّثُ شخصياتها الرئيسية باستمرار مستخدمةً اقتباساتٍ أدبية، وَالغرض من ذلك تصويرُ عجز هذه الشخصيات عن رؤية العالم إلا من خلال إحالاتٍ أدبية. إذن، يُتَرجمُ وصفُ رحلةٍ بالسيارةِ في الفصل السابعِ والخمسين على هذا النحو: ” أضحى الأفقُ أرحب، وَعندَ كل مُنحنىً كانت قممٌ تنمو، بعضها متوَّجُ بقُرىً صغيرة: لمحنا آفاقَ لا متناهية” . لكنَّ النصَّ الإيطالي يمضي بعدَ “آفاقَ لا متناهية” هكذا: “al di la della siepe, come osservava Diotallevi” . لو تُرجِمَت هذه الكلماتُ حرفياً إلى “من وراءِ السياجِ، كما علّقَ دوتاليفي” لأضاعَ القاريء الانجليزي شيئاً منَ المعنى، ذلك أن عبارة “al di la della siepe” إنّما تشيرُ إلى أجمل قصائدِ جيكومو ليوباردي : “اللا متناهي L’infinito ” وَالتي يحفظها كل قارئ إيطاليٍ عن ظهر قلب. اقتبستُ في هذا الموضعِ بالذات لا لأني أردُت إخبارَ القاريء أن سياجاً بالجوار، بل لأريه كيف أن دوتاليفي غير قادرٍ على استشعار تجربةِ المنظر من حوله إلا عن طريقِ ربطها بتجربته مع القصيدة. ولذا أعلمتُ مترجميَّ أن لا السياجَ ولا الإشارة إلى ليوباردي مهمان، بل المهم أن تضم الترجمةُ إحالةً أدبيةً مهما كان الثمن. ترجمةُ ويليام ويفر، في الواقع، تنقله هكذا: “علّقَ دوتاليفي: لمحنا آفاقَ لا متناهية، مثل داريين” ، هذا التلميح البسيط إلى سونتّةِ كيتس مثالٌ جيدٌ على الترجمةِ المنحازةِ للغةِ المترجمِ إليها.
في ترجمةٍ تنحاز للغةِ الأصل، قد يسألني مترجمٌ إلى لغةٍ لا أعرفها عن سبب اختياري تعبيراً معيّناً، أو – في حالِ أدركَ السبب منذ البدء – قد يشرحُ لي لمَ لا يمكنُ ترجمةُ تعبيرٍ كهذا إلى لغته. حتّى في حالاتٍ كهذه أحاولُ المشاركةَ – ولو من الخارجِ فقط – في ترجمةٍ هي مهتمةٌ بالأصلِ والهدفِ في ذات الوقت.
هذه المشكلاتُ غير يسيرة. لنأخذ بعينِ الاعتبارِ روايةَ “الحرب وَالسلم” لـ تولستوي، تبدأ الرواية المكتوبة باللغةِ الروسيّة – كما يعرف الكثيرون – بحوارٍ طويلٍ بالفرنسية. لا علمَ لي كم من القراء الروس كانَ يتقنُ الفرنسية في زمن تولستوي؛ الأرستقراطيون كانوا يتقنونها بلا ريب، فإنّما هدفَ هذا الحوار الفرنسي إلى تصويرِ عادات المجتمع الأرستقراطي الروسي. لربما كان تولستوي واثقاً من كونِ الجاهلين باللغةِ الفرنسية عاجزين حتى عن قراءةِ الروسية، أو لعلهُ أرادَ أن يُريَ القاريء غير المتحدث بالفرنسية أن أرستقراطييّ الفترةِ النابليونيّة كانوا في واقعِ الأمر جدَّ نائينَ عن الحياةِ الوطنيةِ الروسية لدرجةِ التحدثِ بطريقةٍ مُبهمة. ستدركُ لو أعدتَ قراءةَ هذه الصفحاتِ في الوقت الحاضر أنَّ فهمَ ما يجري من حديثٍ بين هذه الشخصيات ليسَ جوهرياً، فما يتناولونه مسائلُ تافهة. المهمُّ أن تعرف أنهم يتناولون هذه المسائل باللغةِ الفرنسية. لطالما فتنتني المعضلة التالية: كيف سيُترجم الفصل الأول من “الحرب وَالسلم” إلى الفرنسية” ؟ سيقرأُ القارئ كتاباً بالفرنسية تتحدثُ فيه بعض الشخصياتِ اللغةَ الفرنسية، لا غرابةَ في الأمر! لن يُجديَ نفعاً أن يضع المترجمُ ملاحظةً تشيرُ إلى كون “النصِّ الأصلي باللغةِ الفرنسية” ، فحتى معَ ذلكَ يفقدُ الحوارُ أثرهُ المرجوّ. لربما كان على الأرستقراطيين (في الترجمةِ الفرنسية) التحدثُ باللغة الانجليزية لتحقيقِ هذا الأثر. يسرّني أني لم أكتب “الحرب وَالسلم” ولستُ مضطراً لمجادلةِ مترجمي الفرنسيِّ حولَ شأنٍ كهذا.
اكتسبتُ – كمؤلفٍ – الكثيرَ من خلالِ مشاركةِ مترجميِّ عملهم، وَأعني بذلك أعمالي “الأكاديمية” وَرواياتي على حدٍّ سواء. بالنسبةِ لنتاجي الفلسفي وَاللغوي، فحينَ يعجزُ مترجمٌ عن فهمِ صفحةٍ ما (وَعن ترجمتها بالتأكيد) يعني ذلكَ أنَّ فكرتي كانت مشوّشة. يحدثُ كثيراً -بعدَ مواجهة مسائل الترجمة- أن أُراجِعَ الطبعةَ الإيطالية الثانية من كتابي، ليسَ من حيث أسلوبها فحسب.. بل وأفكارِها أيضاً. قد تكتبُ أحياناً شيئاً بلغتِكَ (أ)، فيقول لك المترجم: “لو نقلتُ هذا إلى اللغةِ (ب) لفقدَ كلَّ معنىً.” لربما كان مخطئاً فيما يقول. لكنك تدركُ بعدَ نقاشٍ طويل أنَّ النصَّ إذ يفقد معناه في اللغةِ (ب)، يستتبعُ ذلك كونهُ خالياً -منذ البدء- من أي معنىً في اللغةِ (أ) .
لا يعني ذلكَ وجودَ كينونةٍ غامضةٍ تحومُ فوق النصّ ممثّلةً “معناه الجوهريّ” ، كأن يكونَ نصاً مثالياً مكتوباً بما دعاه وولتر بنجامين “اللغةَ النقيّة Reine Sprache ” ، فكرةٌ مفرطةٌ في المثالية بحيث يستحيل وجودها. لو وُجِدَتْ لكفانا أن نستخلصَ هذه “اللغةَ النقية” وَننجزَ الترجمةَ (حتى ترجمةَ نصٍ لشكسبير) بواسطة الحاسوب.
ما الترجمةُ إلا تجربةٌ وَخطأ، عمليةٌ شبيهةٌ جداً بما يجري عندَ شرائكَ قطعةَ سجّادٍ في بازارٍ شرقيّ: يطالبُ البائع بـ100 ثمناً لبضاعته وأنتَ تعرضُ عليه 10، وبعدَ ساعةٍ من المساومةِ تتفقانِ على 50.
منَ البدهي أنك – ولتتأكدَ من نجاحِ هذه المفاوضات – بحاجةٍ لرؤىً محددةٍ تقريباً حولَ هذه الظاهرة غير المحددة في جوهرها وَالمدعوّةِ: ترجمة. نظريّاً يستحيلُ على اللغاتِ المختلفةِ أن تخضعَ لمقياسٍ واحد؛ لا يمكننا القولُ أن المفردة الإنجليزيةَ “house” هي المرادف المطابق تماماً للمفردة الفرنسية “maison” ، لكن نظرياً أيضاً ما من قالبٍ مثاليٍّ للتواصل، وَرغم ذلك تمكنا من التواصل مع بعضنا البعض منذ بدءِ الخليقة –حسناً كان ذلك أم سيئاً-. أنا واثقٌ أن تسعةً وتسعين بالمائة من قرّاء “الحرب وَالسلم” قرؤوا الكتابَ مُترجَماً، وَعلى الرغم من ذلك لو عقدتَ نقاشاً بينَ صينيٍّ وإنجليزيٍّ وإيطالي حول الرواية لن تجدهم يجمعون فقط على موتِ الأمير آندريه، بل – وَرغمَ العديدِ من فروقاتِ المعنى المختلفةِ وَالمثيرة – مستعدون للإجماعِ حول ما ضمّنهُ تولستوي من مباديء خُلُقية. لن تتطابق التأويلات المتعددة للرواية بالتأكيد، كذلك ما كانت تأويلات ثلاثة قرّاءٍ إنجليزيين لقصيدةٍ لـ وردزوورث لتتطابقَ أيضاً.
خلال عملكَ مع مترجميكَ تعيدُ قراءةَ أعمالك وَتتكشّفُ لكَ تأويلاتها المحتملَة، وَقد يخطر لك أحياناً –كما أسلفت – أن تعيدَ كتابتها. لم يحدث أن أعدتُ كتابةَ روايتَيَّ[2]، لكن ثمةَ مقطعٌ وددتُ لو أعدتُ كتابته بعدَ أن تُرْجِم، هوَ الحوارُ في “بندول فوكو” حينَ يقول دوتاليفي: “خلقَ الربُّ العالمَ بأن تكلَّم، لم يبعث ببرقيّة.” وإذ ذاكَ يردُّ بِلبو: “ليكُن ذلك. انتهى.”
لكنَّ بولبو في الأصل يقول: “Fiat lux. Stop. Segue lettera” (ليكُن ذلك. انتهى. تتبعُ رسالة). “تتبعُ رسالة” هو الوصف الشائع المُستَخدم في التلغرام (في الماضي على الأقل، قبل اختراعِ الفاكس). يعلق كزوبون عندَ تلك النقطة في النص الإيطالي: ” Ai Tessalonicesi, immagino” (مرسلةٌ إلى أهلِ تسالونيكي[3] كما أظن) . الحوارُ متواليةٌ من التعليقات الذكيّة – المتفذلكة نوعاً ما – ، وَالدعابة التي يحملها النص تقومُ على فكرةِ كزوبون بأنَّ الرب يبعثُ بإحدى رسائل القديس بولس بعدَ خلقهِ العالم بواسطةِ التلغرام. بيد أن هذا التلاعب بالكلمات يقصر مفعوله على الإيطالية فقط، حيثُ يُطلَقُ على الرسائلِ البريدية وَرسائلِ القدّيس الاسمُ ذاته: “lettera” . يلزم تغيير النصِّ في الانجليزية، فيقتصر بلبو على القولِ: “ليكنُ ذلك. انتهى.” وَيعلقُ كزوبون: “تتبعُ رسالة.” لعلَّ الدُعابة تصبحُ بذلكَ غامضةً بعضَ الشئ مما يستلزم على القارئ عصرَ دماغه قليلاً لإدراكِ ما تعنيه الشخصيات، غير أن الجولة القصيرة بين العهد القديم وَ العهد الجديد أشدُّ تأثيراً. لو أعدتُ كتابةَ الرواية لبدَّلتُ هذا الحوار.
لا يملك المؤلف أحياناً إلا توكيلَ أمره للعناية الإلهية. لن يمكنني – رغم محاولتي سابقاً – التعاون التام مع الترجمةِ اليابانية لأعمالي، يصعبُ عليَّ فهم ذهنية تلك الثقافة المترجم إليها، ولذلك طالما تساءلتُ عما تعنيه ترجمةٌ لقصيدةٍ يابانية أقرؤها، وَأحسبُ القراء اليابانيين يطرحون التساؤل ذاته عند قرائتي. لكني أدرك عند قرائتي قصيدةً يابانية أني أقبض على طرفٍ من تلك الذهنية المختلفة عن ذهنيتي. عندما أُتْبِعُ قراءةَ بعضٍٍ من حكم الزن البوذية بقراءةِ قصيدة هايكو قد يمكنني فهمُ لمَ يثيرُ فيَّ الذِكْرُ العابرُ للقمرِ عالياً فوق البحيرةِ مشاعرَ مشاكلةً –وَمختلفةً في ذات الوقت – لتلك التي يبثُّها فيَّ شاعرٌ رومانتيكي إنجليزي، قد يُكتَبُ النجاحُ للقدرِ الضئيلِ من التعاون حتى في حالاتٍ كهذه. لم أعد أذكرُ اللغةَ السلافية التي كان مُترجِِمٌ ينقلُ إليها روايتي “اسم الوردة”، لكنّا تساءلنا عمّا سيستخلصه القارئ من القطع اللاتينية العديدة. حتى القارئ الانجليزي الذي لم يدرس اللاتينية يعرف أنها اللغة الكَنَسية للقرون الوسطى وَيستشعرُ إذن نفحةً من ذلك العصر. فضلاً عن ذلك، حينَ يقرأُ De Pentagono Salomonis يمكنه تمييز المفردتين “pentagon مُخَمَّس” وَ “Solomon سليمان” . لكن حين تُتَرجمُ هذه الأسماء وَالعبارات اللاتينية إلى الأبجديّة السيرليّة لن تعنيَ شيئاً للقاريء السلافي.
لو أنَّ قارئاً أمريكياً صادفَ العبارة التالية “Eh bien, mon prince… ” في مُستهلِّ رواية “الحرب وَالسلم” فبوسعه التخمين بأنَّ المُخاطَبَ أمير. أمَّا لو ظهر ذات الحوار في مستهل ترجمةٍ صينية (بأبجديةٍ لاتينيةٍ غير مفهومةٍ للقارئ الصيني، أو – وهو الأسوأ- بكتابةٍ صينية) ما الذي سيخلصُ إليه القارئ من بكين؟ لذا قررنا – المترجم السلافيّ وأنا- استبدالَ اللاتينيةِ باللغةِ السلافية الكنسية القديمة-لغةِ الكنيسة الأورثودوكسية في العصورِ الوسطى. بهذه الطريقةِ سيستشعرُ القاريء ذاتَ البُعْدِ الزمني وَالجوِّ الديني، وَإن غمض عليهِ فهمُ ما يُقال.
حمداً لله أني لستُ بشاعر، إذ تزدادُ المشكلةُ تعقيداً عندَ ترجمةِ الشعر. فهو فنٌّ تتحدد فيه الفكرة بالكلمة، وَحين تُغيرُ اللغةَ يتغيرُ الفِكر. لكن ثمةَ أمثلةٌ جيدة على الشعرِ المترجمِ نتيجةَ تعاونٍ بين المؤلف وَالمُترجم. نصُّ جويس ” Finnegans Wake” هو أحدُ النصوص القريبة من الشعر لترفهِ اللغوي، تمّت ترجمةُ فصلِ:Anna Livia Plurabelle – حين كان العملُ نسخةً أوليّة- إلى الإيطاليةِ بمعونةِ جويس نفسه. الترجمةُ مختلفةٌ بشكلٍ بيّنٍ عن الأصلِ الانجليزي، وَهي لا تُعَدُّ ترجمة، بل كما لو أنَّ جويس أعادَ كتابةَ نصهِ باللغةِ الإيطالية. وَيعلّقُ ناقدٌ فرنسيٌّ قائلاً أن من المستحسن قراءةَ النسخةِ الإيطالية أولاً لاستيعابِ ذلك الفصلِ المكتوب بالانجليزية.
قد لا يكونُ للغةِ النقيةِ وجود، بيد أن معارضةَ لغتين مغامرةٌ بديعة. وَليس المترجمُ خائناً بالضرورةِ كما يقولُ المثلُ الإيطالي، حين نأخذُ بعينِ الاعتبار كونَ المؤلف شريكاً في هذه الخيانةِ الرائعة.
الهوامش
[1] نُشِر هذا المقال بترجمة ويليام ويفر الانجليزية بتاريخ 14 يناير 1994، في الغارديان الأسبوعية.
[2] يعني بذلك روايتيه “اسم الوردة-1980″ و”بندول فوكو-1988″
[3] يعني رسائلَ الرسول بولس الواردة في الإنجيل والموجهة إلى أهل تسالونيكي.



أعلى