في معرضه الشخصي بصالة الرواق للفنون التشكيلية بالعاصمة المنامة يقدم التشكيلي العراقي كريم رسن كشوفات أخرى ضمن مشروع كشوفاته المهمة. يقدم هذه المرة فكرة اللوح النذري ويتعرض الى التأثيرات المحيطة به منذ مئات أو آلاف السنين من تعرية وتراكم. ويصف رسن معرضه الجديد ومعارضه السابقة بأنها بمثابة الشرح الصوري لفكرة تعتمل في ذهنه يتكون لديه على أساسها نص كتابي وآخر صوري. ولكن رسن في هذا النص الكتابي والنص الصوري قادر على الابتعاد عن الاستعارة الساذجة، فهو لا يطرح نصوصه كما هي وانما يضفي عليها أبعادا يخالط فيها بين المكتوب والمرئي. وهو في هذا اللقاء الذي تجريه معه "الوسط" يتحدث عن إرهاصاته الأولى في عالم التشكيل وعن التراث الرافدي الذي يتكئ عليه وعن المربعات والأشكال التي لاتزال تستهويه كما يتحدث عن حكاية ارتباطه بالدفاتر التي عبرت عن كثير من أفكاره الثقافية والسياسية. نفرد هنا اللقاء.
أشكال ودوائر
* علاقتك بالتراث الرافدي علاقة واضحة، وسؤالنا هنا عن الأشكال والمربعات التي تبدو جلية في أعمالك وهل أنها مظهر من مظاهر تلك العلاقة؟
- هي لاشك مستقاة من تلك العلاقة. فكثيرا ما تجد هناك رموزا وكتابات تجد لها تفسيرات مهمة لدى الحضارات، فالمثلث مثلا مستخدم عند كثير من الحضارات، لذلك نجده في حضارة أميركا اللاتينية كما نجده في العراق. وله دلالاته في أميركا الشمالية في الحضارات القديمة الساحقة، كما أن له دلالاته لدينا نحن في جنوب العراق، اذ نجد أن العراقيين هناك يصنعون شبابيكهم على هيئته. هذا الى جانب التفسيرات الفلسفية له أيضا. أما من جهتي فأنا كفنان أحاول أن أستفيد من هذه الفلسفة وأن أعطيها دلالات، فعندما استخدم المثلث مثلا لا أسقط عليه الثقافات المعرفية المحلية أو العالمية وانما أجرده من دلالاته السابقة وأعطيه دلالات كريم رسن ليشكل عنصرا من عناصر تكوين اللوحة.
أبجديات سومرية
* اذا ما هي الأهمية التي تعلقها على استخدامك لأبجديات تميل الى استعارة الكتابة الصورية للسومريين؟
- في تجربتي الأولى كان بناء اللوحة يتكون من عناصر مهمة وهي العنصر الشكلي الخليطي ومن العنصر الكتابي. وكنت أعتمد الأسطورة. فكانت لدي أشكال رئيسية في اللوحة كجلجامش وما تتكون منه الأسطورة. فكنت أعمل كتابات على شكل جداول تشير الى الكتابة ليكون لي ذلك بمثابة الشرح الصوري، فيتكون لدي نص كتابي ونص صوري. فالنص الكتابي - حسب ما أعتقد - هو نص له دلالات أو مفاتيح قادرة على شرح الأسطورة. ولكنك عندما تقوم بقراءة تلك الكتابات تجدها تأخذ شكل الكتابة السومرية ولكنها كتابة غير مقروءة. وهنا ابتعدت عن الاستعارة الساذجة عندما لم أطرح النص كما هو وذلك نتيجة وعيي لهذه القضية، فمن المهم أن تكون هناك دلالة تخدم اللوحة، ذلك أني أعمل على روحية الكتابة وروحية الخط ببناء معاصر وبتوظيف جديد.
حكاية الدفاتر
وما هي حكاية اهتمامك بالدفاتر؟
- ملخص حديثي عن الدفاتر أني حاولت أن أقدم مؤلفات بصرية كنتاج يختلف عن اللوحة ولم أقم بالتعاون مع شاعر أو كاتب في ذلك، وانما كنت أتسلم الفكرة وأعمل مقدمة لها أبين فيها رؤيتي الفنية للموضوع الذي أود العمل عليه فهو مؤلف له اسم ومقدمة ولكن متنه بصري وليس كتابة. وهو نوع من الفن الحديث غير مشتهر في الوطن العربي ولكنه في الحقيقة موجود في أوروبا وقد لجأت اليه لأن اللوحة الوحيدة لا تستطيع أن تعطيني مجالا رحبا للحديث عن الموضوع على عكس الدفتر الذي وجدت فيه مجالا رحبا للحديث عن موضوع يشغلني. وحكاية شغفي بالدفاتر بدأت منذ منتصف التسعينات وكان الدفتر الأول الذي عن الحلاج اذ أثارني هذا الرجل ودفعتني رغبتي في التعرف عليه الى صنع هذا الدفتر. ثم كانت الحوادث التي مر بها العراق فتكونت لدي فكرة عمل دفتر عنها وكان أول دفتر مهم عندي وأسميته "درب الآلام رؤية لسنين الحصار"اذ كان يتكون من 45 صفحة وكان سطح الورقة باللون الأبيض والاشارات والرموز باللون الأسود. وقد قدمت له برؤية شرحت فيها طريقة العمل على اللون الأبيض والأسود، وذكرت أن هذا الدفتر يقرأ كرؤية بصرية لما فيه من اشارات ورموز تعينني على فهم الحصار كما أنه يمكن قراءته بالعكس أي تكون الصفحة سوداء والكتابة باللون الأبيض. كما قدمت شهادتي كفنان ومثقف داخل العراق وهي شهادة انسان عاش سني الحصار فكان كتابا مهما. وبعد نجاحه بدأت بتكريس موضوع الدفتر وبدأت بتطوير الفكرة الى مجموعة من مؤلفات رسام وهو أنا. مؤلفات الكتاب تعتمد على النص بينما حاولت أنا الذي امتلك رؤية بصرية وأدوات خاصة أن أعمل على مؤلفات خاصة تعتمد على النص البصري. فقمت بعمل دفاتر لها علاقة بالوضع السياسي فكان هناك دفتر بعنوان "حضارة اليورانيوم" تحدثت فيه عن الأسلحة غير المرخصة وغير الانسانية وتأثيرها على العراق من أمراض سرطانية وغيرها. وعندما بدأت الحرب كان هذا الموضوع قد تكرس عندي فقدمت أيضا دفترا بعنوان "حرائق بغداد" ابان سقوط بغداد إذ قدمت اثنتي عشرة صفحة تحكي كل صفحة عن جانب ما تتعرض له بغداد مثل حرق المكتبات، نهب المصاحف، تدمير القصور التراثية، وقدمت له بمقدمة أيضا شرحت فيها كيف أني أقدم بغداد وهي تحترق. ثم قدمت دفترا آخر بعنوان "شعارات الجدران بعد الاحتلال" ويحكي شهادتي كمثقف على موضوع مهم لأول مرة يحدث في العراق وهو انتشار هذه الشعارات على الجدران. وكان هناك دفتر آخر أيضا أسميته "الخارطة" اذ شاهدت يوما على شاشة الكمبيوتر خريطة لبغداد من فوق كان يستخدمها الأميركيون في ضرب بغداد. فتكونت لدي فكرة دفتر عن هذه الخريطة. أيضا كان هناك دفتر بعنوان "الحواسم" اذ كان عن سرقة المتحف وكان عبارة عن أقدام سود تذهب وتجي يبدو الفرق فيها بيانا بين القدم الثقيلة ذات البصمة الثقيلة والقدم الخفيفة. تلك كانت الدفاتر التي عملتها بوحي الاتجاه السياسي ولكن عندي أيضا دفاتر من وحي اهتمامات ثقافية اذ عملت على فكرة الرق "الطرز" الذي كان يكتب عليه العرب كما أن لدي دفاتر عن الفلك وعن النجوم.
اهتمام وجداني
* قرأت لأحد النقاد - أنك ترسم دفاترك باهتمام وجداني. فكيف ذلك؟
- ان العامل الوجداني في أعمالي نابع من ايماني بالقضية فأنا على سبيل المثال عشت الحدث في بغداد ولمست المدينة التي ربيت فيها وهي تحترق وكان ذلك موضوعا مدمرا بالنسبة لي ولكل انسان مثقف أو بسيط فوطأة هذا الحدث وجسامته أثرت بي، فأنت عندما تتصفح تلك الدفاتر تلمس فيها وجدانا عاليا مؤثرا.
________________________________________
كريم رسن... بدأ بالموروث وانتهى إلى التنقيب
كتب – جعفر الديري
تخرج العام 1988 في كلية الفنون الجميلة بالعراق، حيث درس الرسم والحفر "الجرافيك". وشارك منذ سنوات دراسته في الكثير من المعارض وحصل على ثلاث جوائز من ضمنها جائزة عالمية. كان الموروث القديم هو الموضوع الذي استأثر باهتمامه وهو الموضوع الأقرب الى نفسيته وتركيبه، اذ استرعى اهتمامه منذ صغره. وهو الأمر الذي ساعده كثيرا الى جانب انخراطه في كلية الفنون على صقل موهبته بالتصحيح البصري والدراسة الأكاديمية.
تنقسم تجربته الفنية الى قسمين. يبدأ الأول منذ العام 1984 اذ عمل على الميثولوجيا العراقية القديمة وحاول الاستفادة من الموروث واستحضاره بشكل معاصر. فكانت موضوعاته في تلك الفترة مستقاة من الأساطير، وغلب على أعماله في تلك الفترة طابع التشخيص المبسط فكانت أعماله أحادية اللون تكاد تكون قريبة من التشخيصات العراقية القديمة في المسلات. وينتهي هذا القسم في العام 1992 حين ختمه بمعرض شخصي مهم. بعد هذه الفترة كان هناك تحول كبير في تجربته الفنية حين قدم معرضا تشكيليا ثانيا. وهنا اتخذت تجربته تحولا كبيرا اذ باتت تجربته وشيكة لطرح أطروحات جديدة مع بقائها على اتصال بما بدأت به اذ كانت تختزل عناصر شكلية انسانية الى عناصر اشارية وتعبيرية ذات تجريد أكبر. أما معارضه الحالية فيصفها بأنها أصبحت أشبه بعمل المنقب الآثاري اذ عملت على الاستفادة من الموروث القديم ولكن من خلال استحضاره واعادة انتاجه وتقديمه بشكل معاصر. والمعارض التي تلت معرضه الثاني يمكن اعتبارها تنقيبات متواصلة في هذا الموضوع كالمعرض الذي كرسه للتعرية والتراكم على الأثر ومعرض آخر كان بعنوان "تنقيب المعبد". ويمكن لمشاهد أعماله أن يتصورها لقى آثرية ذات ألوان محيطية موجودة في البيئة. اذ استفاد رسن حتى من المواد الكيماوية الموجودة في التربة فكان يحاكيها وكان يحضر بعض المواد الكيماوية.
أشكال ودوائر
* علاقتك بالتراث الرافدي علاقة واضحة، وسؤالنا هنا عن الأشكال والمربعات التي تبدو جلية في أعمالك وهل أنها مظهر من مظاهر تلك العلاقة؟
- هي لاشك مستقاة من تلك العلاقة. فكثيرا ما تجد هناك رموزا وكتابات تجد لها تفسيرات مهمة لدى الحضارات، فالمثلث مثلا مستخدم عند كثير من الحضارات، لذلك نجده في حضارة أميركا اللاتينية كما نجده في العراق. وله دلالاته في أميركا الشمالية في الحضارات القديمة الساحقة، كما أن له دلالاته لدينا نحن في جنوب العراق، اذ نجد أن العراقيين هناك يصنعون شبابيكهم على هيئته. هذا الى جانب التفسيرات الفلسفية له أيضا. أما من جهتي فأنا كفنان أحاول أن أستفيد من هذه الفلسفة وأن أعطيها دلالات، فعندما استخدم المثلث مثلا لا أسقط عليه الثقافات المعرفية المحلية أو العالمية وانما أجرده من دلالاته السابقة وأعطيه دلالات كريم رسن ليشكل عنصرا من عناصر تكوين اللوحة.
أبجديات سومرية
* اذا ما هي الأهمية التي تعلقها على استخدامك لأبجديات تميل الى استعارة الكتابة الصورية للسومريين؟
- في تجربتي الأولى كان بناء اللوحة يتكون من عناصر مهمة وهي العنصر الشكلي الخليطي ومن العنصر الكتابي. وكنت أعتمد الأسطورة. فكانت لدي أشكال رئيسية في اللوحة كجلجامش وما تتكون منه الأسطورة. فكنت أعمل كتابات على شكل جداول تشير الى الكتابة ليكون لي ذلك بمثابة الشرح الصوري، فيتكون لدي نص كتابي ونص صوري. فالنص الكتابي - حسب ما أعتقد - هو نص له دلالات أو مفاتيح قادرة على شرح الأسطورة. ولكنك عندما تقوم بقراءة تلك الكتابات تجدها تأخذ شكل الكتابة السومرية ولكنها كتابة غير مقروءة. وهنا ابتعدت عن الاستعارة الساذجة عندما لم أطرح النص كما هو وذلك نتيجة وعيي لهذه القضية، فمن المهم أن تكون هناك دلالة تخدم اللوحة، ذلك أني أعمل على روحية الكتابة وروحية الخط ببناء معاصر وبتوظيف جديد.
حكاية الدفاتر
وما هي حكاية اهتمامك بالدفاتر؟
- ملخص حديثي عن الدفاتر أني حاولت أن أقدم مؤلفات بصرية كنتاج يختلف عن اللوحة ولم أقم بالتعاون مع شاعر أو كاتب في ذلك، وانما كنت أتسلم الفكرة وأعمل مقدمة لها أبين فيها رؤيتي الفنية للموضوع الذي أود العمل عليه فهو مؤلف له اسم ومقدمة ولكن متنه بصري وليس كتابة. وهو نوع من الفن الحديث غير مشتهر في الوطن العربي ولكنه في الحقيقة موجود في أوروبا وقد لجأت اليه لأن اللوحة الوحيدة لا تستطيع أن تعطيني مجالا رحبا للحديث عن الموضوع على عكس الدفتر الذي وجدت فيه مجالا رحبا للحديث عن موضوع يشغلني. وحكاية شغفي بالدفاتر بدأت منذ منتصف التسعينات وكان الدفتر الأول الذي عن الحلاج اذ أثارني هذا الرجل ودفعتني رغبتي في التعرف عليه الى صنع هذا الدفتر. ثم كانت الحوادث التي مر بها العراق فتكونت لدي فكرة عمل دفتر عنها وكان أول دفتر مهم عندي وأسميته "درب الآلام رؤية لسنين الحصار"اذ كان يتكون من 45 صفحة وكان سطح الورقة باللون الأبيض والاشارات والرموز باللون الأسود. وقد قدمت له برؤية شرحت فيها طريقة العمل على اللون الأبيض والأسود، وذكرت أن هذا الدفتر يقرأ كرؤية بصرية لما فيه من اشارات ورموز تعينني على فهم الحصار كما أنه يمكن قراءته بالعكس أي تكون الصفحة سوداء والكتابة باللون الأبيض. كما قدمت شهادتي كفنان ومثقف داخل العراق وهي شهادة انسان عاش سني الحصار فكان كتابا مهما. وبعد نجاحه بدأت بتكريس موضوع الدفتر وبدأت بتطوير الفكرة الى مجموعة من مؤلفات رسام وهو أنا. مؤلفات الكتاب تعتمد على النص بينما حاولت أنا الذي امتلك رؤية بصرية وأدوات خاصة أن أعمل على مؤلفات خاصة تعتمد على النص البصري. فقمت بعمل دفاتر لها علاقة بالوضع السياسي فكان هناك دفتر بعنوان "حضارة اليورانيوم" تحدثت فيه عن الأسلحة غير المرخصة وغير الانسانية وتأثيرها على العراق من أمراض سرطانية وغيرها. وعندما بدأت الحرب كان هذا الموضوع قد تكرس عندي فقدمت أيضا دفترا بعنوان "حرائق بغداد" ابان سقوط بغداد إذ قدمت اثنتي عشرة صفحة تحكي كل صفحة عن جانب ما تتعرض له بغداد مثل حرق المكتبات، نهب المصاحف، تدمير القصور التراثية، وقدمت له بمقدمة أيضا شرحت فيها كيف أني أقدم بغداد وهي تحترق. ثم قدمت دفترا آخر بعنوان "شعارات الجدران بعد الاحتلال" ويحكي شهادتي كمثقف على موضوع مهم لأول مرة يحدث في العراق وهو انتشار هذه الشعارات على الجدران. وكان هناك دفتر آخر أيضا أسميته "الخارطة" اذ شاهدت يوما على شاشة الكمبيوتر خريطة لبغداد من فوق كان يستخدمها الأميركيون في ضرب بغداد. فتكونت لدي فكرة دفتر عن هذه الخريطة. أيضا كان هناك دفتر بعنوان "الحواسم" اذ كان عن سرقة المتحف وكان عبارة عن أقدام سود تذهب وتجي يبدو الفرق فيها بيانا بين القدم الثقيلة ذات البصمة الثقيلة والقدم الخفيفة. تلك كانت الدفاتر التي عملتها بوحي الاتجاه السياسي ولكن عندي أيضا دفاتر من وحي اهتمامات ثقافية اذ عملت على فكرة الرق "الطرز" الذي كان يكتب عليه العرب كما أن لدي دفاتر عن الفلك وعن النجوم.
اهتمام وجداني
* قرأت لأحد النقاد - أنك ترسم دفاترك باهتمام وجداني. فكيف ذلك؟
- ان العامل الوجداني في أعمالي نابع من ايماني بالقضية فأنا على سبيل المثال عشت الحدث في بغداد ولمست المدينة التي ربيت فيها وهي تحترق وكان ذلك موضوعا مدمرا بالنسبة لي ولكل انسان مثقف أو بسيط فوطأة هذا الحدث وجسامته أثرت بي، فأنت عندما تتصفح تلك الدفاتر تلمس فيها وجدانا عاليا مؤثرا.
________________________________________
كريم رسن... بدأ بالموروث وانتهى إلى التنقيب
كتب – جعفر الديري
تخرج العام 1988 في كلية الفنون الجميلة بالعراق، حيث درس الرسم والحفر "الجرافيك". وشارك منذ سنوات دراسته في الكثير من المعارض وحصل على ثلاث جوائز من ضمنها جائزة عالمية. كان الموروث القديم هو الموضوع الذي استأثر باهتمامه وهو الموضوع الأقرب الى نفسيته وتركيبه، اذ استرعى اهتمامه منذ صغره. وهو الأمر الذي ساعده كثيرا الى جانب انخراطه في كلية الفنون على صقل موهبته بالتصحيح البصري والدراسة الأكاديمية.
تنقسم تجربته الفنية الى قسمين. يبدأ الأول منذ العام 1984 اذ عمل على الميثولوجيا العراقية القديمة وحاول الاستفادة من الموروث واستحضاره بشكل معاصر. فكانت موضوعاته في تلك الفترة مستقاة من الأساطير، وغلب على أعماله في تلك الفترة طابع التشخيص المبسط فكانت أعماله أحادية اللون تكاد تكون قريبة من التشخيصات العراقية القديمة في المسلات. وينتهي هذا القسم في العام 1992 حين ختمه بمعرض شخصي مهم. بعد هذه الفترة كان هناك تحول كبير في تجربته الفنية حين قدم معرضا تشكيليا ثانيا. وهنا اتخذت تجربته تحولا كبيرا اذ باتت تجربته وشيكة لطرح أطروحات جديدة مع بقائها على اتصال بما بدأت به اذ كانت تختزل عناصر شكلية انسانية الى عناصر اشارية وتعبيرية ذات تجريد أكبر. أما معارضه الحالية فيصفها بأنها أصبحت أشبه بعمل المنقب الآثاري اذ عملت على الاستفادة من الموروث القديم ولكن من خلال استحضاره واعادة انتاجه وتقديمه بشكل معاصر. والمعارض التي تلت معرضه الثاني يمكن اعتبارها تنقيبات متواصلة في هذا الموضوع كالمعرض الذي كرسه للتعرية والتراكم على الأثر ومعرض آخر كان بعنوان "تنقيب المعبد". ويمكن لمشاهد أعماله أن يتصورها لقى آثرية ذات ألوان محيطية موجودة في البيئة. اذ استفاد رسن حتى من المواد الكيماوية الموجودة في التربة فكان يحاكيها وكان يحضر بعض المواد الكيماوية.