توبة الخفاجي - نأتك بليلى دارها لا تزورها

نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها
وشطّت نواها واستمَّر مريرُها
وخفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ
كما خفّ من نيلِ المرامي جفيرُها
وقال رجال لا يَضيرُكَ نأيُها
بلى كلَّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها
أليس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا
ويمنعَ منها نومُها وسُرورُها
أرى اليومَ يأتي دونَ ليلى كأنما
أتى دونَ ليلى حِجةٌ وشهورُها
لكلَّ لقاءٍ نلتقيهِ بشاشةٌ
وإنْ كانَ حولا كلُّ يومٍ أزورُها
خليليَّ روحا راشدينَ فقد أتتْ
ضَرّيةُ من دون الحبيبِ فِنيرُها
خليليَّ ما منْ ساعةٍ تَقفانِها
منِ الليلِ إلاّ مثلُ أخرى نَسيرُها
وقد تذهبُ الحاجاتُ يطلُبها الفتى
شَعاعا وتخشى النفسُ مالا يَضيرُها
وكنت إذا ما زُرتُ ليلى تبرقعتْ
فقد رابني منها الغَداةَ سُفورها
خليليَّ قد عمَّ الأسى وتقاسمتْ
فنون البِلى عُشّاق ليلى ودورها
وَقَدْ رابني منها صُدودٌ رأيتُهُ
وأعراضُها عن حاجتي وبُسورُها
ولو أنَّ ليلى في ذُرى مُتَمنّع
بنجرانَ لالتفتْ عليَّ قصورُها
يَقَرَّ بعيني أنْ أرى العِيسَ تعتلي
بنا نَحو ليلى وهيَ تجري ضفورُها
وما لحِقتْ حتى تقلقلَ غُرْضُها
وسامحَ من بعدِ المَراح عَسيرُها
وأُشرفُ بالأرضِ اليفاعِ لعلَّني
أرى نارَ ليلى أو يراني بَصيرُها
فناديتُ ليلى والحُمولُ كأنّها
مواقيرُ نخلٍ زعزعتها دَبورُها
فقالتْ أرى أنْ لا تُفيدكَ صُحبتي
لهيبةِ أعداءٍ تَلظّى صدورُها
فمدتْ ليَ الأسبابَ حتى بلغتُها
برِفقي وقد كادَ ارتقائي يَصورُها
فلما دخلتُ الخَدرَ أطَتْ نسوعُهُ
وأطرافُ عِيدانِ شديدٍ أسُورُها
فأرختْ لنضّاخ القَفا ذي مِنصةٍ
وذي سيرةٍ قد كان قِدماً يسيرُها
وإني ليُشفيني من الشَّوقِ أن أرى
على الشَرَفِ النائي المخوفِ أزورُها
وأنْ أتركَ العَنْسَ الحسيرَ بأرضِها
يطيفُ بها عُقبانُها ونُسورُها
إلاّ إنّ ليلى قد أجدَّ بكورها
وزُمتْ غداةَ السَّبت للبين عِيرُها
فما أمُّ سَوداءِ المحاجرِ مُطفِلٌ
بأحسنَ منها مقلتينِ تُديرُها
أرتنا حياضَ الموتِ ليلى وراقنا
عُيونٌ نقّياتُ الحواشي تُديرُها
ألا يا صفيَّ النَّفسِ كيفَ تنولها
لو أنَّ طريداً خائفاً يستجيرُها
تُجيرُ وإن شَطتْ بها غُربةُ النَّوى
ستُنعِم يوماً أو يُفادى أسيرُها
وقالتْ أراكَ اليومَ أسودَ شاحباً
وأيُّ بياضِ الوجهِ حرّتْ حُرورها
وإن كانَ يومٌ ذو سَمومٍ أسيرهُُ
وتقصرُ من دونِ السَمومِ سُتورُها
وغيّرني إنْ كنتِ لّما تغّيري
هواجرُ تكتنينّها وأسيرُها
حمامةَ بطنِ الواديينِ إلا انعمي
سَقاكَ من الغُر الغَوادي مَطيرهُا
أبيني لنا لا زالَ ريشُك ناعماً
ولا زلتِ في خضراءَ غَضٍّ نضيرُها
فإن سَجعتْ هاجتْ لعينيكَ عبرةً
وإنْ زفرتْ هاجَ الهوى قر قريرها
وقد زعمت ليلى بأنيَّ فاجرٌ
لنفسي تُقاها أو عليها فجورُها
فقل لعُقيلٍ ماحديثُ عِصابةٍ
تكنّفها الأعداءُ أني تَضيرها
فالاً تناَهوا تُركبُ الخيل بيننا
وركضٌ برَجْلٍ أو جناحٌ يُطيرها
لعلّك يا تيساً نزا في مريرةٍ
مُعاقبُ ليلى أنْ تراني أزورُها
عليَّ دْماءُ الُبدن إن كانَ زوجُها
يرى لَي ذَنباً غيرَ أنّي أزورُها
وإني إذا ما زرتها قلتُ يا اسلمي
فهل كانَ في قولي اسلمي ما يضيرُها
من النّاعباتِ المشيّ نَعباً كأنّما
يُناطُ بِجذعٍ من أوالٍ جريرِها
من العَرَكانياتِ حرفٌ كأنّها
مريرةُ ليفٍ شُدَّ شَزْراً مريرُها
قطعتُ بها أجوازَ كلَّ تَنوفةٍ
مَخوفٍ رداها حينَ يَستنَ مُورُها
ترى ضُعفاءَ القومِ فيها كأنّهم
دعاميصُ ماءٍ نشَّ عنها غديرُها
وقسورةَ الليلِ الذي بينَ نصفهِ
وبين العِشاء قد دأبتُ أسيرُها
أبتْ كثرةُ الأعداء أنْ يتجنّبوا
كلابيَ حتى يُستثارَ عَقورُها
وما يُشتكى جهلي ولكنَّ غِرّتي
تراها بأعدائي بطِيئاً طُروُها
أمتخرمي ريبَ المنونِ ولم أزرْ
عَذارايِ من هَمْدانَ بيضاً نُحورُها
ينؤنَ بأعجازٍ ثِقالٍ وأسوقٍ
خَدالٍ وأقدامٍ لطافٍ خُصورُها
أعلى