ابن فكهة - تعجبُ جارتي لما رأتني

تَعَجَّبُ جارَتي لَمّا رَأَتني
كَذاتِ النوطِ مَخدِرَتي جِراحي
كَأَنَّكِ لَم تَرَي قَبلي أَسيراً
يُقادُ بِهِ عَلى جَمَلٍ رَداحِ
عَلى آثارِ أَحمِرَةٍ وَفِرقٍ
تُقَسَّمُ بَينَ أَغوِلَةٍ شِحاحِ
فَلَمّا أَنزَلوني كُنتُ حُرّاً
أُجالِدُهُم لَدى كَفَلِ الجَناحِ
تَعاوَرَهُ الرِجالُ فَأَنزَلوني
عَنِ الفَرَسِ المُطَهَّمَةِ الوَقاحِ
فَلَمّا أَن كُثِرتُ وَغابَ قَومي
أُسِرتُ إِسارَ مُحتَبَلِ البَراحِ
رَأَوني مُفرَداً فَتَناذَروني
وَما صَدَعَت كُماتُهُم جِماحي
وَقَد رَوَّعتُهُم قِدماً بِخَيلٍ
جَوانِفَ في الأَعِنَّةِ كَالسَراحِ
إِذا بَلَّت أَعِنَّتَها بَناني
خَرَجنَ بِنا نَواشِطَ كَالقِراحِ
وَلَو أَنّي جَمَعتُ لَهُم شَواري
عَلى نَهدٍ مَراكِلُهُ شَناحِ
لِأَنكَرَني الَّذينَ تَبادَروني
عَلَيَّ مَفاضَتي وَمَعي سِلاحي
كَأَنَّ عَدِيَّهُم حَولي عُبابٌ
تَغَطمَّطَ في قَموسِ البَحرِ ضاحي
وَغابَ حَلائِبي وَبَقيتُ فَرداً
أُماصِعُهُم وَنَهضُكَ بِالجَناحِ
فَما أَدري وَظَنّي كُلُّ ظَنٍّ
أَيُسلِمُني بَنو البَرءِ اللِقاحِ
فَتَقتُلَني بَنو خَمرٍ بِذُهلٍ
وَكِدتُ أَكونَ مِن قَتلى الرِياحِ
وَظَنّي أَن سَتَشغَلُكَ النَدامَى
غُدُوُّهُم إِلَيكَ مَعَ الرَواحِ
تُغَنّيكَ الحَمامَةُ كُلَّ فَجرٍ
عَلى التُكَآتِ في النُجُبِ الصِباحِ
إِذا فارَقتَ نَدماناً بِلَيلٍ
تُواعِدُهُ لِقاءَكَ ذا صَباحِ
وَإِنَّ أَخاكَ إِن غُيِّبتَ عَنهُ
يَغَصُّ بِنُغبَةِ الماءِ القَراحِ
فَلَو كُنتَ الأَسيرَ وَلا تَكُنهُ
لَزُرتُهُم بِمُرتَجَفِ النَواحِ
فَإِن لَم يُطلِقوا مِنكُم أَسيراً
فَقودوا الخَيلَ أَسفَلَ مِن رَباحِ
وَلا يَردَعكُمُ شَفَقٌ عَلَينا
فَبَعضُ القَودِ أَدنى لِلنَجاحِ
وَإِنَّ القَودَ بَعدَ القَودِ يَشفي
ذَوي الأَضغانِ مِن لَهَبِ الأُجاحِ
أعلى