إنه لحَزَن بربوة بحثُ أصول الكلمات الحسانية وردُّها الى منابتها الأصلية ، عربية كانت أم عجمية ، و ليس من صميم مراد هذه الورقة و ضميماتها من الورقات الآتية إعادة طرح السؤال عن طينة اللسان الحساني التي تخلَّق منها ثم استوى لهجة معترفا بها في السنغال منذ عقود خلت بمقتضى مقرر أو مرسوم خلافا لواقع الحال في غيره من البلدان التي تعدها الى اليوم عامية من العاميات التي قد تشوش على اللسان الفصيح أو تعبيرا من التعبيرات expression ، وفق ما انتهت إليه صناعة النص الدستوري المغربي المعدل . وسواء أركبنا متن سفينة من عدُّوا الحسانية لهجة من اللهجات العربية أو أبعدنا النجعة قليلا ، واعتبرنا ما أخذته عن العربية -ولو عظُم – ضربا من الاقتراض اللغوي الذي لا يسقط عنها الفرادة و الخصائص المائزة لها عن العربية كما بسطنا في بحث سابق ، فان المعول عليه ، وجود أنساب بينها وبين العربية من حيث المفردات و التراكيب والمعاني .
و سنستأنس- والايناس قبل الابساس- فيما يأتي بذكر بعض الكلمات الحسانية ذات الأصول العربية و شواهدها في الشعر والمثل :
*فلح : " الفاء واللام و الحاء أصلان صحيحان ،أحدهما يدل على شق ، و الآخر على فوز وبفاء ....فالأول فلحت الأرض شققتها ، و الأصل الثاني : البقاء والفوز ، و قول الرجل لامرأته " استفلحي بأمرك معناه فوزي بأمرك. – مقاييس اللغة ابن فارس – مادة فلح.
أما في اللسان الحساني : فلح تحمل المعنى الأول أي شق . و منه قول الشاعر :
هذا الدار اللي لا خْلاَتْ ****عادوا فيها لْفْلُوحَ
بها لقْدام ولا تْبَاتْ**** لَيْلَه ما هي مفتوحَ
لقد شبه الشاعر بيت الرجل الكريم الذي لا تبرحه الأضياف ، و يمسي ويصبح مفتوحا في وجههم بالأرض التي تنفلح و تتشقق كما يتشقق القدم من كثرة المشي.
أما المعنى الثاني للفلاح الذائع في المجال التداولي الحساني ، فهو الجمال ، و منه قول الشاعر :
افَّيلح طرْبك وتْمَغْنيكْ ......... وافَّيْلَح ذَ لْحْسّْ الْ عنْْدك
وافيْلَح تكَْلابَكْ لَيْديكْ ......... وافيْلحْ مَعْناك وْ رَدَّكْ
وافيلح جمالك ذَ لْفيكْ ....... وافيلَحْ ش كامل عندَك.
وهذا المعنى غير وارد في الأصول التي ذكرها اللغويون القدامى كابن فارس ، غير أن ربطهم معنى الفلاح بالفوز والبقاء ، واستشهادهم بقول العرب قديما : إذا قال الرجل لامرأته : استفلحي بأمرك : معناه فوزي ، يشي بنوع من التقدير للمرأة لا يستقيم إلا مع افتراض جمالها و استبدادها بالرأي كما قال ابن ربيعة :
واستبدت مرة واحدة ***إنما العاجز من لا يستبد.
* نتَََرَ : " النون و التاء والراء كلمة تدل على جذب شيء ، و النتر : جذب فيه جفوة . نتر الثوب : شقه بالأضراس أو الأصابع أو غيرها. نتر في الأمر : ضعف ، وهن ، و النتر : الفساد والضياع ، و نتر في مشيه : مشى كأنه يجذب شيئا.
نْتَرْ في اللسان الحساني تحيل على المعاني المتقدمة ذاتها ، نتر تعني في الأصل : جْبْدْ/جذب، لكنها تستعمل في سياقات أخرى تبعية لا تختلف عما تقدم ، فيقال مثلا : فلان نْتَر عن قومُ أو جماعتو : وهن /توهّن عنهم ، الأمر الذي يسبب فسادا في الرأي . ويقال : فْلاَن يْنْتْرْ فْ مَشْيتُو أي أنه يسير كأنما يجذبه شيء الى الخلف . وقد قال الشاعر في هذا المعنى :
ذ اللّ مْنْهَ فلْشي***شْفْتْ يَامْسْ ظْهَرْهَا
ألاَّ شي يْنْتْرْ شي***ولآَّ شي يْنْترهَا.
* شنة : الشين و النون أصل واحد يدل على إخلاق و يبس ، من ذلك الشن ، وهو الجلد اليابس الخلق البالي.
هذا المعنى شائع أيضا في فنون القول الحسانية شعرا و أمثالا ، و المعروف أن الشنة وعاء من أوعية الماء عند أهل الصحراء ، تشهد لذلك الأمثال الحسانية الآتية :
- أبرد من ميْهَة الشنّة فالليالي.
- تحكاك الشنة على الخشبة .
- الشنة أخير من رقبتها.
· شكوة : جاء في لسان العرب : الشكوة : "وعاء من أدم يبرد فيه الماء ويحبس فيه اللبن ، والجمع شكوات وشكاء ... والشكية : تصغير الشكوة ، ومنه قول الشاعر :
طلع النجم غديه ابتغى الراعي شكيه
وذلك أن الثريا إذا طلعت هذا الوقت هبت البوارح ورمضت الأرض وعطشت الرعيان ، فاحتاجوا إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم ، ويحقنون اللبينة في بعضها ليشربوها قارصة . يقال : شكى الراعي ، وتشكى إذا اتخذ الشكوة" .
تعمدت نقل هذا التعليق الرائق الذي يظهر جانبا من ثقافة العرب المرتبطة بالنجوم كالثريا وسهيل الذي سيأتي ذكره لاحقا ، قصد التأكيد على وجود أمشاج صلات بين ثقافتنا الحسانية و أمها العربية إن صح الانتساب .و الشاهد أن الشكوة بمعناها المتعارف عند أهل الصحراء هي ذاتها المأثورة في تراث العرب كما تدل على ذلك أشعارهم ، بل إن الطريف أن العرب تعمد الى تصغير الشكوة على شكية ، و لا يضيف أهل الصجراء إلا واوا ، يذكر بامكانية دراسة مكامن الاعلال والابدال في هذا اللسان الذي درج أهله على جعل الشكوة وغيرها من الأوعية و الأدوات مادة لبناء الحكم و الأمثال والشعر، من قبيل :
- أيدُو فْ الشكوة ، إلَ ما جابت الزبدة تجيب الرغوة * أو اللبن*.
بقي أن نذكر أن بعض أهل الصحراء استوحوا من معنى الشكوة حسّاً الانتفاخَ ، فأطلقوه مجازا على كل انتفاخ أو ورم غير خبيث : فلان عينو مْشكْوْيَ.
هذه بعض الكلمات الحسانية الآتية من أصل عربي لا يتطرق إليه الشك مادام واردا في المعاجم و كتب اللغة فضلا عن حفظه في مستندات ديوان العرب / الشعر.
بوزيد الغلى
و سنستأنس- والايناس قبل الابساس- فيما يأتي بذكر بعض الكلمات الحسانية ذات الأصول العربية و شواهدها في الشعر والمثل :
*فلح : " الفاء واللام و الحاء أصلان صحيحان ،أحدهما يدل على شق ، و الآخر على فوز وبفاء ....فالأول فلحت الأرض شققتها ، و الأصل الثاني : البقاء والفوز ، و قول الرجل لامرأته " استفلحي بأمرك معناه فوزي بأمرك. – مقاييس اللغة ابن فارس – مادة فلح.
أما في اللسان الحساني : فلح تحمل المعنى الأول أي شق . و منه قول الشاعر :
هذا الدار اللي لا خْلاَتْ ****عادوا فيها لْفْلُوحَ
بها لقْدام ولا تْبَاتْ**** لَيْلَه ما هي مفتوحَ
لقد شبه الشاعر بيت الرجل الكريم الذي لا تبرحه الأضياف ، و يمسي ويصبح مفتوحا في وجههم بالأرض التي تنفلح و تتشقق كما يتشقق القدم من كثرة المشي.
أما المعنى الثاني للفلاح الذائع في المجال التداولي الحساني ، فهو الجمال ، و منه قول الشاعر :
افَّيلح طرْبك وتْمَغْنيكْ ......... وافَّيْلَح ذَ لْحْسّْ الْ عنْْدك
وافيْلَح تكَْلابَكْ لَيْديكْ ......... وافيْلحْ مَعْناك وْ رَدَّكْ
وافيلح جمالك ذَ لْفيكْ ....... وافيلَحْ ش كامل عندَك.
وهذا المعنى غير وارد في الأصول التي ذكرها اللغويون القدامى كابن فارس ، غير أن ربطهم معنى الفلاح بالفوز والبقاء ، واستشهادهم بقول العرب قديما : إذا قال الرجل لامرأته : استفلحي بأمرك : معناه فوزي ، يشي بنوع من التقدير للمرأة لا يستقيم إلا مع افتراض جمالها و استبدادها بالرأي كما قال ابن ربيعة :
واستبدت مرة واحدة ***إنما العاجز من لا يستبد.
* نتَََرَ : " النون و التاء والراء كلمة تدل على جذب شيء ، و النتر : جذب فيه جفوة . نتر الثوب : شقه بالأضراس أو الأصابع أو غيرها. نتر في الأمر : ضعف ، وهن ، و النتر : الفساد والضياع ، و نتر في مشيه : مشى كأنه يجذب شيئا.
نْتَرْ في اللسان الحساني تحيل على المعاني المتقدمة ذاتها ، نتر تعني في الأصل : جْبْدْ/جذب، لكنها تستعمل في سياقات أخرى تبعية لا تختلف عما تقدم ، فيقال مثلا : فلان نْتَر عن قومُ أو جماعتو : وهن /توهّن عنهم ، الأمر الذي يسبب فسادا في الرأي . ويقال : فْلاَن يْنْتْرْ فْ مَشْيتُو أي أنه يسير كأنما يجذبه شيء الى الخلف . وقد قال الشاعر في هذا المعنى :
ذ اللّ مْنْهَ فلْشي***شْفْتْ يَامْسْ ظْهَرْهَا
ألاَّ شي يْنْتْرْ شي***ولآَّ شي يْنْترهَا.
* شنة : الشين و النون أصل واحد يدل على إخلاق و يبس ، من ذلك الشن ، وهو الجلد اليابس الخلق البالي.
هذا المعنى شائع أيضا في فنون القول الحسانية شعرا و أمثالا ، و المعروف أن الشنة وعاء من أوعية الماء عند أهل الصحراء ، تشهد لذلك الأمثال الحسانية الآتية :
- أبرد من ميْهَة الشنّة فالليالي.
- تحكاك الشنة على الخشبة .
- الشنة أخير من رقبتها.
· شكوة : جاء في لسان العرب : الشكوة : "وعاء من أدم يبرد فيه الماء ويحبس فيه اللبن ، والجمع شكوات وشكاء ... والشكية : تصغير الشكوة ، ومنه قول الشاعر :
طلع النجم غديه ابتغى الراعي شكيه
وذلك أن الثريا إذا طلعت هذا الوقت هبت البوارح ورمضت الأرض وعطشت الرعيان ، فاحتاجوا إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم ، ويحقنون اللبينة في بعضها ليشربوها قارصة . يقال : شكى الراعي ، وتشكى إذا اتخذ الشكوة" .
تعمدت نقل هذا التعليق الرائق الذي يظهر جانبا من ثقافة العرب المرتبطة بالنجوم كالثريا وسهيل الذي سيأتي ذكره لاحقا ، قصد التأكيد على وجود أمشاج صلات بين ثقافتنا الحسانية و أمها العربية إن صح الانتساب .و الشاهد أن الشكوة بمعناها المتعارف عند أهل الصحراء هي ذاتها المأثورة في تراث العرب كما تدل على ذلك أشعارهم ، بل إن الطريف أن العرب تعمد الى تصغير الشكوة على شكية ، و لا يضيف أهل الصجراء إلا واوا ، يذكر بامكانية دراسة مكامن الاعلال والابدال في هذا اللسان الذي درج أهله على جعل الشكوة وغيرها من الأوعية و الأدوات مادة لبناء الحكم و الأمثال والشعر، من قبيل :
- أيدُو فْ الشكوة ، إلَ ما جابت الزبدة تجيب الرغوة * أو اللبن*.
بقي أن نذكر أن بعض أهل الصحراء استوحوا من معنى الشكوة حسّاً الانتفاخَ ، فأطلقوه مجازا على كل انتفاخ أو ورم غير خبيث : فلان عينو مْشكْوْيَ.
هذه بعض الكلمات الحسانية الآتية من أصل عربي لا يتطرق إليه الشك مادام واردا في المعاجم و كتب اللغة فضلا عن حفظه في مستندات ديوان العرب / الشعر.
بوزيد الغلى
بوزيد مولود الغلى - كلمات حسانية ذوات اصول عربية
بوزيد مولود الغلى - كلمات حسانية ذوات اصول عربية
www.ahewar.org