علجية عيش - قراءة في قصيدة "جَنَّدْتُ يَاسَمِينَ الشَّامِ" للشاعرة السورية ميَّادة مهنَّا سليمان

هي قصيدة للشاعرة السورية ميَّادة مهنَّا سليمان، و هي من نوع الشعر "الثوري"، رسمت فيها كفاح الشعب الجزائري ضد الإستعمار الفرنسي و ما جنته فرنسا على بلاد الأمازيغ، و هي تتحدث عن بطولات رجال و نساء صنعوا الحدث التاريخي في الجزائر فكانوا صوت لمن لا صوت له، و الشاعرة في هذه القصيدة كانت متميزة و صادقة فيما جادت به قريحتها، فقد عبرت عاطفتها عن صدق تأثرها بالثورة الجزائرية، و نحن عندما نقرأ هذه القصيدة فإننا في نفس الوقت نقرأ سوريا و كأننا نسمع أغنية في الجرح و المقاومة

أرادت الشاعرة في هذه القصيدة أن توجه رسالة للأمة العربية بأن الجزائر كانت و ما تزال بلد الصمود و التحدي و التصدي، و قد أرسلت تحية لها تقول فيها: " تَحِيَّةً لِلأورَاسِ وَجُرجُرَةَ مِنْ جَبَلِ الشَّيخِ وَقَاسَيونَ الشَّامِخَ الصَّابِرْ"، وتقول:"سَلامٌ مِنْ أروَاحِ ثُوَّارِنَا صَالِحَ العَلِيِّ وَهَنَانو وَسُلطَانَ الأَطرَشَ..لِأروَاحِ مُجَاهِديكُمُ بُومَرزوقَ وَالمَقْرَانِي والمُجَاهِدَ عَبدَالقَادِرْ "، و الحقيقة أن الشاعرة أرادت أن ترسم العلاقات بين الجزائر و سوريا الضاربة في التاريخ منذ أيام الأمير عبد القادر أو قبل، و إن كانت الجزائر بهذا الوصف الجليل ، كذلك هي سوريا لن تنحي أبدأ لأيّ كان، فقد تخسر معارك لكنها ستربح حربا عاجلا أم آجلا.
و قد حملت القصيدة أسلوب الوصف، وصفت الآلة الإستعمارية و هي تحرق كل ما هو أخضر، حتى البشر، أسقطتهم كما يسقط الطائر الجريح، و في هذه القصيدة خاطبت الشاعرة الضمائر الفرنسية بأن الجزائر للجزائريين و هي تردد اسم الجنرال ديغول و بيجو، كما تذكر بطولات الأمير عبد القادر، و في الحقيقة هي أرادت أن ترفع عن الأمير عبد القادر تهمة الماسونية التي التصقت به، إذ تقول له: " أَلَا سَلامٌ لِروحِكَ يَاأيُّهَا الأبِيُّ الثَّائِرْ..هَاهُوَ ذَا ضَرِيحُكَ يَغفُو هَانِئَاً فِي دِمَشقَ.. تُقَبِّلُهُ نَسَائِمُ بَرَدَى.. فَارقُدْ بِسَكينَةٍ يَانَقِيَّ القَلبِ والسَّرَائِرْ " ، و لا شك أن هذه الكلمات تضم بين طياتها سؤالا واحدا و هو: كيف لنقي القلب ان يعرف الخيانة؟ أو أن يختلط دمه بدم الماسونيين؟، ( لا رَبِحَ من قال ذلك) ، و تسترسل الشاعرة بكلماتها في بعث رسالة من الشعب السوري إلى ثوار الجزائر، و قد عطرت رسالتها بياسمين الشام، الذي اختارته عنوانا لقصيدتها،
هي طبعا كلمات تتسلل إلى القلب بسهولة، تترك في النفس أثرا جميلا ، كلمات لا يشعر بنغمها و موسيقاها و لا يتحسَّسُها إلا " ثائر"، يبحث عن شيئ يسمعه، يغذي به روحه ويتجاوب مع أفكاره، فيرفعها إلى مصف النشيد الوطني، و لا شك أن الشعر الثوري حمل معاني كثيرة عن الثورات و المعارك و الحروب و نقش في الذاكرة الجماعية مسيرات الشعوب المتعطشة للسّلام، فمن شروط الشاعر الثوري أن يكون "ملتزما" صاحب مواقف، و الإلتزام في الشعر ليس تأييد للكلمات أو الفكرة فقط، وإنّما هو سعي لتحقيقها و تجسيدها لتغيير الواقع ، و على الشاعر ان يبكون ملما بقضايا الأمة، يدعو إلى الحرية و وحدة ألأمة العربية، يقول النقاد أن القصيدة التي تمجد بطولات شعب ومآثره الوطنية، هي جديرة بالقراءة و التحليل.

قراءة علجية عيش

( القصيدة كاملة)

جَنَّدْتُ يَاسَمِينَ الشَّامِ

جنَّدْتُ يَاسَمِينَ الشَّامِ قَوَافِلَ حُبٍّ لِلجَزَائِرْ
لَكِ التَّحِيَّةُ يَابِلادَ العُروبَةِ والصُّمودِ
يَامُسَطِّرَةً سُطورَ العِزِّ فِي غُرِّ الدَّفَاتِرْ
تَحِيَّةً لِرُبوعِكِ الخُضْرِ مِنْ غُوطَةِ دِمَشقَ
تَحِيَّةً لِلأورَاسِ وَجُرجُرَةَ مِنْ جَبَلِ الشَّيخِ وَقَاسَيونَ الشَّامِخَ الصَّابِرْ
أَلَا قُبِّحَتْ "مَروَحَةٌ" كَانَتْ سَبَبَ البَلَا
أَشعَلَتْ نَارَاً فِي البِلادِ
أَحرَقَتِ الأطفَالَ..الفِتيَةَ..الشُّيوخَ..والحَرَائِرْ
يَاوَيحَ دِيغولَ وَبِيجُو! يَاوَيحَ قُسَاةِ القُلوبِ!
كَمْ دمَّروا.. كَمْ شَرَّدوا!
يَاوَيحَ مَوتَى الضَّمَائِرْ!
سَلَامٌ إلَيكِ يَاعَروسَ العُروبَةِ
أَلَا تِيهِي وَارفُلِي بِالعِزِّ تَزَيَّنِي بِالغَارِ..بِالرَّيحَانِ..بِالوَردِ والأَزَاهِرْ
سَلَامٌ لِأروَاحِ فَاطِمَةَ نَسُومَرَ وَجَمِيلَةَ بُوحَيرِدْ
سَلامٌ لِألمَاظَةَ خَليلَ وَحَميدَةَ بِنتَ الطَّاهِرْ
سَلامٌ مِنْ أروَاحِ ثُوَّارِنَا صَالِحَ العَلِيِّ وَهَنَانو وَسُلطَانَ الأَطرَشَ
لِأروَاحِ مُجَاهِديكُمُ بُومَرزوقَ وَالمَقْرَانِي والمُجَاهِدَ عَبدَالقَادِرْ
يَامَن دَحرَتَ العَدوَّ تَشهَدُ"زَمَالَةٌ" أَنشَأتَهَا
تَشهَدُ النَّسَائِمُ فِي وَهرَانَ وَقُسَنطِينَةَ
أَلَا سَلامٌ لِروحِكَ يَاأيُّهَاالأبِيُّ الثَّائِرْ
هَاهُوَ ذَا ضَرِيحُكَ يَغفُو هَانِئَاً فِي دِمَشقَ
تُقَبِّلُهُ نَسَائِمُ بَرَدَى
فَارقُدْ بِسَكينَةٍ يَانَقِيَّ القَلبِ والسَّرَائِرْ
مُبَارَكَة ثَورَتُكِ يَابَلَدَ الشُّهَدَا
لَكِ تَحِيَّةٌ مِنْ سُورِيةَ العُروبَةِ والصُّمُودِ
عَلَى خُطَا المَجدِ نَسيرُ..
نَمحُو العَتمَةَ نَبذُرُ الأروَاحَ
لِنَزُفَّ إلَيكِ البَشَائِرْ
جَبَّارونَ نَحنُ فِي عِشقِنا لِأرضِنَا والحَقُّ ..
نَنتَزِعْهُ مِنْ بَينِ عَينَيْ كُلِّ غَاصِبٍ مُعتَدٍ مُكَابِرْ
بُورِكْتِ يَاحَبيبَةُ فِي عُيدِكِ وَبُورِكَ شَعبُكِ الأَبِيُّ
تَحِيَّةً مِنْ نَبضِي وَروحِي إلَيكِ
تَحِيَّةً شَامِيَّةً يَاسَميْنِيَّةً لِحَبيبَةِ قَلبِيَ الجَزَائِرْ

ميَّادة مهنَّا سليمان / سورية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى