الأخطل الصغير بشارة الخوري - سلمى الكورانية.. شعر

تعجب الليل منها عندما برزت = تسلسل النور في عينيه عيناها
فظنها وهي عند الماء قائمة = منارة ضمها الشاطي وفداها
وتمتمت نجمة في أذن جارتها = لما رأتها وجنت عند مرآها
أنظرن يا إخوتا هذي شقيقتنا = فمن تراه على الغبراء ألقاها
أتلك من حدثت عنها عجائزها = وقلن إن ميلك الجن يهواها
فأطلق المارد الجبار عاصفة = تغزو النجوم فكانت من سباياها
قصت نجيمتنا الحسناء بدعتها = عن نجمة الشط والآذان ترعاها
وكان بالقرب منها كوكب غزل = يصغي فلما رآها سبح الله
وراح يقسم أن لا بات ليلته = إلا على شفتيها لائماً فاها
يا ملعب الشط من أنفا أتعلم من = داست على صدرك البازي رجلاها
ويا نواتىء من موج ومن زبد = أثنى عليك وحسب الفخر نهداها
وأنت يا هضبة فازت بعزلتها = فدتك من هضبات الشعر أسماها
وخيم الصمت فى الشاطى سوى لجج = بعيدة تترامى فيه أصداها
ونائح من عتابا فوق متكأ = من الصخور تغناه شقيقاها
والشط في الصيف جنات مفوقة = كم فاخر الجبل العالي وكم باهى
إذا أرتك الجبال الغيد كاسية = فالشط أذوق منها حين عراها
أما سليمى فلا أدري أدمعتها = تلك التي لمعت لي أم ثناياها
وذلك الأبيض المنشور في يدها = منديلها أم سطور الحب تقراها
كأنما البدر قدماً كان خادمها = فمد أرادته نادته فلباها
تقرا هواها على أنوار غرته = وقد تسر إليه بعض نجواها
وما أصاب الهوى نفساً وأشقاها = إلا وألقت بأذن البدر شكواها
كأنه حكم العشاق كم وسعت = بيضاء جبته شتى قضاياها
أو كاهن الأزل الحالي بشيبه = قبال توبتها ماحي خطاياها
أما سليمى فما زاغت ولا عثرت = فالحب والطهر يمناها ويسراها
تعلقته طريراً كالهلال على = غصن من البان ماضي العزم تياها
نمته للشرف الأسمى عمومتها = ونشأته على ما كان جداها
من كانت الكورة الخضراء منبته = فليس ينبت إلا المجد والجاها
أحبها وأحبته وعاهدها = أن لا يظلله في الحب إلاها
وأنه سوف يسعى سعي مجتهد = حتى يوطئ للإكليل مسراها
فيبنيا في ظلال الأرز وكرهما = ويجرعا من كؤوس الحب أشهاها
وراح يقرع باب الرزق مشتملاً = بعزمة سنها علم وأمضاها
حتى انثنى وعلى أجفانه بلل = ود الإباء لها لو كان أعماها
لبنان ما لفراخ النسر جائعة = والارض أرضك أعلاها وأدناها
أللغريب اختيال في مسارحها = وللقريب انزواء في زواياها
لا لم أجد لك في البلدان من شبه = ولا لناسك بين الناس أشباها
لو مس غيرك هذا الذل من أسد = لعض جبهته سيف وحناها
قالوا الصداقة قلنا أين شاهدها = أعندما تلفظ الأجداث موتاها
أكلما طورد الشذاذ فى بلد = أوما العميد ولبنان تبناها
ونحن لو نولوا الأزراء بغيتها = وأمروها لكنا من رعاياعا
بكى فؤاد لسلمى والبلاد معاً = وأنفس رضيت في الذل مثواها
فحمل الموج من أشجانه حمماً = وشد يضرب أولاها بأخراها
وقال واليأس يمشي في جوارحه = ديار سلمى على رغم هجرناها
كأن ما غرس الآباء من ثمر = لغير أبنائهم قد طاب مجناها
وما بنوه على الأحقاب من أطم = لغير أبنائهم قد حل سكناها
من ظن أن الرياحين التي سقيت = دموعنا الحمر قد ضنت برياها
خمس من السنوات السود لا رجعت = صبت على رأس لبنان بلاياها
وحب سلمى وريق مثل أوله = سقته من ذكريات الأمس أنداها
تمضي لواجبها حتى إذا انصرفت =فليس يشغلها إلا فؤاداها
سلمى أرى الشمس في خديك ضاحكة = وكنت كالغيمة المقطوب جفناها
أنفحة من فؤاد كدت أقرؤها = ففي عيونك مبناها ومعناها
أم سورة من عتاب أي فاجئة = في لحظة صبغ الخدين لوناها
قولي فليس سوى الخلجان تسمعنا = ورقرقيها سلافاً فوق حصباها
أو فأمري الطرس يغدو للهوى قبلاً = حمراً ترصع أجياداً وأفواها
وأشرف البدر يهوي نحو مغربه = حتى أتى الضفة الأخرى وحاذاها
وقد تحدب فوق البحر يفحصه = كغادة وهى تلهو ضاع قرطاها
فاستوقفته وقالت وهى كاسفة = رسالة لفؤاد أو مؤداها
قل للحبيب إذا طاب البعاد له = ونقل النفس من سلمى لليلاها
واستأسرته وإخواناً له سبقوا = مظاهر من رخاء ما عرفناها
إنا إذا ضيع الأوطان فتيتها = واستوثقوا بسواها ما أضعناها
حسب البنوة إن ضاق الرجال بها = أن التي أرضعتها المجد أنثاها
أعلى