كانت الموسيقى الهندية أول ما داعب أسماعي واستقر في القلب ... كنت بالناضور أختلف إلى سينما الرويو , رحمها الله, وكانت تعرض أفلاما هندية طيلة السنة... كنت تدخل على الساعة الثالثة ولا تغادر قاعة العرض إلا في منتصف الليل... وربما كانت هذه حالة استثنائية ... المهم الأفلام كلها ذات طابع رومانسي ... حافلة بالموسيقى... والنتيجة أنك تستمع إلى الأغنية نفسها ثلاث أو أربع مرات لأنك تشاهد الفيلم نفسه ثلاث أو أربع مرات... وكان ثمة عباقرة يضعون موسيقى تلك الأفلام... وعلى رأسهم كالياندجي أناندجي ولاكسميكانت بياريلال... والأغاني باستمرار بصوتي الكبيرين محمد رفيع وأشا بهوسلي.... تلك الموسيقى وتلك الأصوات كانت تزلزل كياناتنا المراهقة... وكان يصل الأمر ببعضنا ... أن نحفظ الأغنية عن ظهر قلب ونغنيها كأصحابها بالشارع .... ولأننا كنا على كثير من كلف بتلك الأغاني فإننا كنا - فضلا عن حفظها- نسعى إلى فهمها ... وكانت حينئذ ترجمة شركة أنيس عبيد تتيح لنا ذلك...وهذا أمر كان يسمح لنا بالتحليق أكثر عبر معاني الأغاني ... وكنا نستعمل عبارات مما نحفظ عن ظهر قلب في رسائلنا العشقية...
كان لكل هذا أثر -لا شك بعيد- في ممارستي الشعرية ... وهو أثر لم أقصد إليه... لقد كان عفويا وتلقاء خاطر لا تمحل فيه ولا تصنع...
أما المرحلة الحاسمة في تأثري بالموسيقى فكانت يوم استمعت إلى أغنية مرسول الحب للأستاذ عبدالوهاب الدكالي وكلمات المرحوم حسن المفتي ... بالفعل وقع لي انخطاف غريب استمر معي إلى اليوم... الشيء الذي يمكن إرجاعه إلى كون موضوع القصيدة قريبا إلى روح مراهق لا يعرف وصلا ولا لقاء في معزل عن الرسائل الغرامية....
في الفترة نفسها اكتشفت فريد الأطرش ولم أحبه كثيرا ...ربما لأنه كان كثير الشكوى ... وكنا ننفر من هذا لأنه ربما يضيف حزنا -في لا وعينا- إلى الحزن الساكن فينا أصلا....
ومع ذلك أحببت كثيرا عبدالحليم حافظ وفايزة أحمد وعبدالهادي بلخياط
وأما الزلزال الذي سيغمرني ويستأصل كل جذوري الحزينة - عندئذ - فكان صوت فيروز... التي بسببها صرت- بعد وعي نسبي - أشتغل وفق إيقاع أظنني استوحيته من أغنيتها التي تقول فيها يا طير الوروار... والتي سميتها في كثير من شعري الانهيار الجميل... والقصد ذلك السقوط البديع بعد تشرب موسيقي طافح ... وهو يشبه سقوطا في حالة عشق...
الموسيقى بالنسبة إلي يقتضيها عملي الشعري ويستلزمها... ولا أتصور نفسي وأنا أهيء قصيدة في معدى عن الموسيقى ...
وأفهم جيدا لماذا يفضل أكثر المنظرين للجمال الموسيقى على غيرها من الفنون..
وأفهم أيضا لماذا يتحدث الكل عن الإيقاع في التشكيل والعمارة والشعر...
قد تكون الموسيقى بهذا المعنى أب الفنون... لا المسرح..
عبدالناصر لقاح
كان لكل هذا أثر -لا شك بعيد- في ممارستي الشعرية ... وهو أثر لم أقصد إليه... لقد كان عفويا وتلقاء خاطر لا تمحل فيه ولا تصنع...
أما المرحلة الحاسمة في تأثري بالموسيقى فكانت يوم استمعت إلى أغنية مرسول الحب للأستاذ عبدالوهاب الدكالي وكلمات المرحوم حسن المفتي ... بالفعل وقع لي انخطاف غريب استمر معي إلى اليوم... الشيء الذي يمكن إرجاعه إلى كون موضوع القصيدة قريبا إلى روح مراهق لا يعرف وصلا ولا لقاء في معزل عن الرسائل الغرامية....
في الفترة نفسها اكتشفت فريد الأطرش ولم أحبه كثيرا ...ربما لأنه كان كثير الشكوى ... وكنا ننفر من هذا لأنه ربما يضيف حزنا -في لا وعينا- إلى الحزن الساكن فينا أصلا....
ومع ذلك أحببت كثيرا عبدالحليم حافظ وفايزة أحمد وعبدالهادي بلخياط
وأما الزلزال الذي سيغمرني ويستأصل كل جذوري الحزينة - عندئذ - فكان صوت فيروز... التي بسببها صرت- بعد وعي نسبي - أشتغل وفق إيقاع أظنني استوحيته من أغنيتها التي تقول فيها يا طير الوروار... والتي سميتها في كثير من شعري الانهيار الجميل... والقصد ذلك السقوط البديع بعد تشرب موسيقي طافح ... وهو يشبه سقوطا في حالة عشق...
الموسيقى بالنسبة إلي يقتضيها عملي الشعري ويستلزمها... ولا أتصور نفسي وأنا أهيء قصيدة في معدى عن الموسيقى ...
وأفهم جيدا لماذا يفضل أكثر المنظرين للجمال الموسيقى على غيرها من الفنون..
وأفهم أيضا لماذا يتحدث الكل عن الإيقاع في التشكيل والعمارة والشعر...
قد تكون الموسيقى بهذا المعنى أب الفنون... لا المسرح..
عبدالناصر لقاح