كتب – جعفر الديري
نفت الروائية والناقدة اللبنانية علوية صبح أن تكون روايتها "مريم الحكايا" عبارة عن سيرة ذاتية لها، وان كانت ترى أنها استطاعت من خلال شخصية مريم أن تعزز احساسها بأهمية الذاكرة وأن تهجس بعوالم خفية كثيرة في حياة النساء.
وطرحت صبح -في محاضرتها بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بالعاصمة المنامة، "هواجس حول تجربة الكتابة والذاكرة في رواية مريم الحكايا"، تساؤلا - هو بحسب قولها- تساؤل الكاتب الذي لا يملك تفسيرا، فيحيل بطلة روايته للبحث عن تفسير له، فهي أي الكاتبة لا تستطيع ادراك جواب ما الا عن طريق أسئلة مريم التي تطرحها في الرواية، فما تدركه فقط هو صورة المفقودين في الحرب وانهيار مشروع التحديث الذي ترك أثره على المنجز الثقافي والمعرفي.
وأضافت صبح: لذلك لم أستطع أن أكتب رواية خارج الحرب، فقد احتجت لصمت طويل كي أستوعب الصدمة، وطوال فترة انقطاعي عن الكتابة شككت حتى بوجودي لأنني ببساطة لا أستطيع الحياة دون الكتابة، اذ بدا لي وقتها أن المجتمع اللبناني خرج من فضاء موحش الى بئر مميت. حيث أن تلك العلاقة بيني وبين حالة الضياع تلك جعلتني قادرة على التعرف الى معالم الشخصيات حين كنت أهجس بعوالم النساء وأحاول ما أمكنني أن أصوغ من الحياة اليومية شخصيات وعوالم روائية، فقد كان عثوري على مريم هو عثور على علوية التي اكتشفت الصراع الذي يحيط بالانسان والذي يجعل من ذاكرته ذاكرة متحركة تتصيد اللحظات حاملة لكثافة الزمن.
حياة خاصة
وتحدثت الكاتبة عن أهمية الذاكرة بقولها: لقد تركت مريم تأخذ بذاكرتها باحثة عن حياتها الخاصة، وكنت أهجس ببناء فني لا يجعلني ألبس أبطالي وعيي ولغتي، فذاكرتي هي ما أكتب وليس ما أعيش، فلا معنى لفعل الكتابة دون استكشاف، لذلك تشكلت عندي سلسلة من الانحيازات لشكل الكتابة، فقد كنت أحاول استكشاف الذاكرة فاكتشفت صيرورتها المتحركة، وما كان اسناد القول الى مريم ليتم عبر تحديدات، فالكتابة ليست اختراقا للحياة ثم اعادة تركيبها من جديد، ربما لهذا السبب برزت مريم عندي لتقوم بحركة التعرف على أصوات الأبطال والكشف والعجز عن فهم الآخر.
وتابعت قائلة: كنت أحلم برائحة الحياة ولم أكن محجوزة بذاكرة محددة، اذ كنت أذهب الى توتير الصورة بالراهن وبالتاريخ، فالابداع تعبير أساسي متعلق بسؤال الواقع وصيرورته، كنت أذهب الى الهجس بالكلمات عن عالم متغير، كنت أسعى الى اماطة اللثام عن الانسان وظروفه القاهرة وعن الانسان والجرح العربي، لقد تركت الحكايا تتناسل على ضوء مريم ولعل لعبة المرايا أسقطت الحدود بين الشفهي والمكتوب بين المتخيل والواقع وبين ذاكرتي ككاتبة، فالحقيقة أنني أنتصر بالكتابة، نعم لم أمتلك احساس الكاتب برومانسية كتابته لاحساسه أنه منصرف لكتابته، ولكن الكاتب هو الذي يحاول الدخول الى الآخر وأن لا يظهر ذاكرته دون ذاكرة أبطاله.
مجال للكشف
وأجابت الكاتبة على بعض أسئلة الحضور بقولها: ليس هناك فارق بين ما هو ذاتي وما هو انساني، كما أنني لست ضد الكتابة عن الذات، فلا توجد كتابة دون ذات، ولكني لا أريد أن تكون كتابة المرأة في موقع ردود الفعل تجاه النظرة الذكورية التي تجد كتابة المرأة ما هي الا سيرة ذاتية فقط ، فحين يكون هناك ظرف يلامس القاريء، تكون هناك مسألة أساسية حقيقية لابد أن تقال بجرأة ، والأدب هو مجال للكشف، ولا معنى له بدونه. ونحن من جيل كان يحلم بالحياة اللبنانية وبفصل الدين عن الدولة، ولكننا خرجنا من الحرب بطائفية أكبر، وتلك صدمة كبيرة للحلم، ألقت بظلالها على روايتي، فالحرب التي كانت قبل الأهلية لم تترك ذلك الأثر علينا، ولكن الحرب الأهلية ذهبت بعيدا في ذاكرتنا. وأتصور الفارق بين الروائي والباحث أن الروائي لا يصلح الأمور، فالفن كل الفن عبارة عن سؤال وتحريض على طرح الأسئلة عن الواقع، فهناك مثلا أناس كانت لهم تجربتهم مع الحرب ولديهم أجوبة، ولكنني لا أتكلم كالسياسيين فأنا أبحث دائما عن السؤال الصعب.
نفت الروائية والناقدة اللبنانية علوية صبح أن تكون روايتها "مريم الحكايا" عبارة عن سيرة ذاتية لها، وان كانت ترى أنها استطاعت من خلال شخصية مريم أن تعزز احساسها بأهمية الذاكرة وأن تهجس بعوالم خفية كثيرة في حياة النساء.
وطرحت صبح -في محاضرتها بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بالعاصمة المنامة، "هواجس حول تجربة الكتابة والذاكرة في رواية مريم الحكايا"، تساؤلا - هو بحسب قولها- تساؤل الكاتب الذي لا يملك تفسيرا، فيحيل بطلة روايته للبحث عن تفسير له، فهي أي الكاتبة لا تستطيع ادراك جواب ما الا عن طريق أسئلة مريم التي تطرحها في الرواية، فما تدركه فقط هو صورة المفقودين في الحرب وانهيار مشروع التحديث الذي ترك أثره على المنجز الثقافي والمعرفي.
وأضافت صبح: لذلك لم أستطع أن أكتب رواية خارج الحرب، فقد احتجت لصمت طويل كي أستوعب الصدمة، وطوال فترة انقطاعي عن الكتابة شككت حتى بوجودي لأنني ببساطة لا أستطيع الحياة دون الكتابة، اذ بدا لي وقتها أن المجتمع اللبناني خرج من فضاء موحش الى بئر مميت. حيث أن تلك العلاقة بيني وبين حالة الضياع تلك جعلتني قادرة على التعرف الى معالم الشخصيات حين كنت أهجس بعوالم النساء وأحاول ما أمكنني أن أصوغ من الحياة اليومية شخصيات وعوالم روائية، فقد كان عثوري على مريم هو عثور على علوية التي اكتشفت الصراع الذي يحيط بالانسان والذي يجعل من ذاكرته ذاكرة متحركة تتصيد اللحظات حاملة لكثافة الزمن.
حياة خاصة
وتحدثت الكاتبة عن أهمية الذاكرة بقولها: لقد تركت مريم تأخذ بذاكرتها باحثة عن حياتها الخاصة، وكنت أهجس ببناء فني لا يجعلني ألبس أبطالي وعيي ولغتي، فذاكرتي هي ما أكتب وليس ما أعيش، فلا معنى لفعل الكتابة دون استكشاف، لذلك تشكلت عندي سلسلة من الانحيازات لشكل الكتابة، فقد كنت أحاول استكشاف الذاكرة فاكتشفت صيرورتها المتحركة، وما كان اسناد القول الى مريم ليتم عبر تحديدات، فالكتابة ليست اختراقا للحياة ثم اعادة تركيبها من جديد، ربما لهذا السبب برزت مريم عندي لتقوم بحركة التعرف على أصوات الأبطال والكشف والعجز عن فهم الآخر.
وتابعت قائلة: كنت أحلم برائحة الحياة ولم أكن محجوزة بذاكرة محددة، اذ كنت أذهب الى توتير الصورة بالراهن وبالتاريخ، فالابداع تعبير أساسي متعلق بسؤال الواقع وصيرورته، كنت أذهب الى الهجس بالكلمات عن عالم متغير، كنت أسعى الى اماطة اللثام عن الانسان وظروفه القاهرة وعن الانسان والجرح العربي، لقد تركت الحكايا تتناسل على ضوء مريم ولعل لعبة المرايا أسقطت الحدود بين الشفهي والمكتوب بين المتخيل والواقع وبين ذاكرتي ككاتبة، فالحقيقة أنني أنتصر بالكتابة، نعم لم أمتلك احساس الكاتب برومانسية كتابته لاحساسه أنه منصرف لكتابته، ولكن الكاتب هو الذي يحاول الدخول الى الآخر وأن لا يظهر ذاكرته دون ذاكرة أبطاله.
مجال للكشف
وأجابت الكاتبة على بعض أسئلة الحضور بقولها: ليس هناك فارق بين ما هو ذاتي وما هو انساني، كما أنني لست ضد الكتابة عن الذات، فلا توجد كتابة دون ذات، ولكني لا أريد أن تكون كتابة المرأة في موقع ردود الفعل تجاه النظرة الذكورية التي تجد كتابة المرأة ما هي الا سيرة ذاتية فقط ، فحين يكون هناك ظرف يلامس القاريء، تكون هناك مسألة أساسية حقيقية لابد أن تقال بجرأة ، والأدب هو مجال للكشف، ولا معنى له بدونه. ونحن من جيل كان يحلم بالحياة اللبنانية وبفصل الدين عن الدولة، ولكننا خرجنا من الحرب بطائفية أكبر، وتلك صدمة كبيرة للحلم، ألقت بظلالها على روايتي، فالحرب التي كانت قبل الأهلية لم تترك ذلك الأثر علينا، ولكن الحرب الأهلية ذهبت بعيدا في ذاكرتنا. وأتصور الفارق بين الروائي والباحث أن الروائي لا يصلح الأمور، فالفن كل الفن عبارة عن سؤال وتحريض على طرح الأسئلة عن الواقع، فهناك مثلا أناس كانت لهم تجربتهم مع الحرب ولديهم أجوبة، ولكنني لا أتكلم كالسياسيين فأنا أبحث دائما عن السؤال الصعب.