جعفر الديري - مبدِعون: قِصر تجربة الكتاب المترجم بالبحرين سببها محدودية الاطلاع على الآخر

كتب - جعفر الديري

هل يختلف حال الكتاب المترجم في مملكة البحرين والعالم العربي، عن نظيره في البلدان الأخرى، من حيث عدد الكتب التي تترجم سنويا، ومن حيث الاقبال والاهتمام، ومن حيث نوعية الكتاب؟
يجيب الروائي فريد رمضان: واقع الكتاب المترجم في البحرين لا يختلف عن واقع هذا الكتاب في الوطن العربي، ضعيف ولم يلق حتى اليوم الاهتمام الرسمي أو المؤسساتي الذي يليق به، فاليابان مثلا تنشر في شهر واحد ما ينشره في الوطن العربي طوال عام كامل، وهذا يعني أن هناك مراكز متقدمة لديها في الوقت الذي نفتقر فيه نحن لذلك. فما لدينا لا يتجاوز مشروع المسرح العالمي في الكويت الذي تحول الآن الى جوانب أخرى للترجمة غير المسرحيات كالرواية والكتابات الفكرية وما يساعد على ذلك أن حقوق المؤلف لدينا غير محفوظة بدليل أن هناك الكثير من الكتابات ترجم دون أخد الاذن من قبل المؤلف.
ويضيف رمضان: شخصيا وبحكم اهتمامي بالرواية أتابع الكثير مما ينشر بالغة الانجليزية وأنا على تواصل مع النتاج الروائي لأنه لا مندوحة عن ذلك فالرواية لا تترجم لدينا الا بعد مرور عام على اصدارها. وأقرأ حاليا رواية (إحدى عشرة دقيقة) وهي رواية صادرة قبل عام من الآن بينما هو توزع في هذا العام وهو 2004.
ويتابع رمضان: أما بِشأن ترجمة الابداع العربي الى اللغة الأخرى فيكاد يكون معدوما وهو قائم على اجتهادات شخصية وليس من قبل مؤسسات ثقافية، والواقع يقول أن هناك بعض الأسماء التي يترجم لها بدوافع من العلاقات بينما تظل هناك أسماء كبيرة لا تحظى بالترجمة، عدا ذلك فان هناك بعض الأسماء لا تلتفت اليها المؤسسات الثقافية في المراكز العربية وأكبر دليل على ذلك التكريم الأخير لقاسم حداد والذي تأخر كثيرا.

الاهتمام بالكتب التاريخية

من جانبه يلفت الشاعر علي عبدالله خليفة، إلى الترجمة للإنجليزية لبعض الأسماء البحرينية المعروفة في مجال الشعر مثل قصائد قاسم حداد، علوي الهاشمي وعلى عبدالله خليفة، على يد مترجمين عرب منهم البحريني مهدي عبدالله، لكن اهتمام المترجم اليوم لا يتركز على الأدب بل على الكتب التاريخية. فواقع الترجمة اليوم يحتاج الى تشجيع ودعم خصوصا مع توجه الشعراء الى ترجمة نتاجاتهم مع اتساع رقعة القراءة عبر الانترنت.

محاولات فردية

ويرى الروائي والسيناريست أمين صالح أن حال الكتاب المترجم لدينا كحال الكتاب المؤلف من حيث استقبال الكتاب على المستوى الثقافي، فيما عدا أن هناك محاولات بسيطة وهي محاولات فردية. واذا قمنا بعقد مقارنة بين حصيلة البحرين أمام حصيلة الوطن العربي فليس هناك مقارنة البتة فالكتب المترجمة ترد الينا أساسا من القاهرة ومن بيروت، والمشكلة هنا تتعلق بحقوق المؤلف فالمسألة ليست اعتباطية فللمؤلف الأصلي حقوق يجب مراعاتها، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد هناك اهتمام بالكتاب المترجم، بل هناك اهتمام وتنوع ملحوظ في مجال القصة والسينما والمسرح.
ويستدرك صالح: المؤسف بهذا الخصوص أن الصحف لا تقوم بدور في هذا المجال وفي توصيل الكتاب للقاريء كما هو حاصل مثلا في صحيفة الحياة اذ يوجد بها اهتمام بتوفير نتاجات الأدب العربي، كذلك الأمر مع الكويت أما في البحرين فلا يوجد لدينا كتاب يهتمون بالكتاب البحريني وترجمته الى اللغات الأخرى إلا جهود محدودة. لكن هناك من الشعراء والكتاب من يقوم بالترجمة لنفسه مثل عبد الحميد القائد الذي يترجم قصائده الى اللغة الانجليزية، غير أنه ليس كل كاتب يقوم بترجمة قصائده. ورغم قيام مؤسسة سلمى الخضراء الجيوسي بترجمة مجموعة من القصائد والقصص لشعراء وكتاب من البحرين، إلا أن ذلك لا يكفي، نحن بحاجة لمترجمين في حركة ترجمة كبيرة وليس أمرا قائما على جهود فردية تعتمد على مزاجية المترجم ثم لا تجد دار نشر تقوم بطباعة ترجمتها، نحتاج مؤسسات تعنى بهذا الشأن.

تفضيل اللغة الانجليزية

أما الروائي والناقد عبدالله خليفة، فيؤكد أن تجربة الكتاب المترجم تجربة قصيرة لأن ثقافة البحرين بحسب الاطلاع على الآخر محمدودة فبتالي كانت الترجمات محدودة.
ويتابع خليفة: كانت هناك طلائع مثل حسن الجشي كانوا يتلكمون اللغات الأخرى لكن لم يقوموا بالترجمة وكانت الصحف والمجلات وقتها من الرعيل الأول كالخميلة وصوت البحرين تنشر بعض ترجمات لم تكن مقصودة، فكانت هناك ترجمات لابسن وتشيكوف مأخوذة من الأدب الغربي، والآن تغير الأمر قليلا فوجدنا أن هناك عبدالقادر عقيل، أمين صالح، مهدي عبدالله وآخرين، وهي ترجمات اتجهت الى اللغة الانجليزية فلم يكن هناك اهتمام مثلا بالترجمة للفارسية. وكانت لعقيل محاولة في ترجمته للسمكة لصغيرة السوداء عن الفارسية.
ويواصل: ان الجيل الجديد تواصل مع اللغة الانجليزية بتركيز لكن باهتمام بالكتابات الأدبية والتاريخية لآن المدى السياسي محدود ولا يستطيعون تجاوزه فبدلا من أن يقوموا مثلا بالاهتمام بترجمة تاريخ الفكر السياسي في المنطقة تتركز ترجماتهم على حضارة ديلمون، وتوجد عشرات الكتب عن ديلمون وأساطيرها ولا نجد ترجمة لكتب عن تاريخ البحرين في العصر الاسلامي أو في الفترة القرمطية. فترجمة أدب كالأدب الفارسي في العصر الحديث محدود في ترجمة رباعيات الخيام مع ان هناك الكثير مما يستحق ترجمته من الأدب الفارسي والمترجمين اللاحقين لم يقوموا بذلك مع أن الأدب الفارسي أدب قريب من المنطقة وهناك بلدان عربية أخرى تقوم بترجمة عيون الأدب الفارسي القديم والحديث.
أما بشأن الحديث عن ترجمة الأدب العربي اللغات الأخرى، فيجد خليفة ذلك أمرا أصعب وهو جانب محدود مع أن هناك العديد من الناطقين بالعربية بحاجة الى ترجمة نتاجاتهم، فنجد مثلا في مصر اهتمام بالترجمة نتيجة لتوافر الدعم الحكومي لأن هناك من يريد أن يكوِّن سمعة لمصر فهي تسعى لاستقطاب الكثير من المبدعين، لكننا هنا لا نهتم بهذا الأمر، بينما يوجد في بعض البلاد العربية من يلجأ الى العلاقات لترجمة أدبهم حتى لو كانوا من المعارضين، وذلك من أجل شهرة البلد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى