فتحي مهذب - مأساة قردأ..

لكسب المزيد من الأصوات في حملته الانتخابيّة ذهب الذئب الطاعن في المكر والدهاء إلى المقبرة مؤمنا إيمانا عميقا أنّ الأموات سيدلون بأصواتهم لصالحه ثمّ يرجعون بسرعة ما فوق الضوء إلى أجداثهم
سعداء بفوز المومياء التي تكره الموتى والأحياء. وطفق يزعق في أوساع المقبرة : أصواتكم أصواتكم ولا حاجة لي برميم عظامكم لسحق المنافسين الأعداء لكن لم يجبه غير صرير الأشجار الهرمة وموسيقى الريح المتهدّجة.
شتم الموت والأموات وتوعّد باستئصال شأفة القبور وحرق بعض المعارضين الموتى وعند خروجه من المقبرة تناهى إلى سمعه زمهرير من السخرية والقهقهات .
أيتها المومياء عودي إلى عشّك الفرعونيّ حذو( توت عنخ أمون)
وتأبّطي تراجيديا سوفوكليس أو كوميديا أريستوفان.
لم ييأس هذا الضفدع العجوز فاتّجه إلى الحانات والكباريات مهيبا بالسكارى إلى التصويت له في حملته القادمة.
قفز أحد المخمورين وألقى على رأسه الشبيه برأس فقمة قارورة جعة فارغة .إشتعل السكارى ضحكا وسخرية ولاذت المومياء بالفرار متوعّدة إيّاهم عند فوزها بغلق جميع الحانات والكباريات وتصديرهم جميعا إلى جهنّم المعتقلات.
لم يحبط هذا الضفدع البراقماتيكي إطلاقا ولم يتسلّل اليأس إلى نياط قلبه ومن ثمّ أمّ سمته إلى المواخير التى تعجّ بها البلاد شرقا وغربا لاستدراج أصوات المومسات على اختلاف أشكالهنّ وألوانهنّ مطمئنّا الجميع في الترفيع في سعر المضاجعة والتأمين على أعضائهن بدفتر علاج مجّانيّ وتوفير الحراسة المشدّدة على مؤخّرتهنّ من شفرة حلاقة (الشلّاط).
لم تصدّق المومسات وعوده الكاذبة ونظرته الذئبية الماكرة لذلك أشبعنه ركلا بأثدائهنّ .
فرّ بجلده متوعّدا كلّ قحاب العالم بإعدام الزناة وتركهنّ دون عمل جنسيّ. ورغم ذلك لم ييأس . مسخ نفسه قردا مهرّجا مختلفا إلى أحياء الصفيح لكسب المزيد من أصوات المجانين وذوي العاهات والمهمّشين وشبه الأحياء أو شبه الأموات واعدا إيّاهم بجنّة عرضها السماوات والأرض.
أخيرا أوقع بهذه الكائنات الهشّة التي تغتذي من القاذورات والمزابل مغرّرا بهم وحين إنتصر في حملته الانتخابية قلب لهم ظهر المجنّ.
ذات يوم شديدة القيظ عثر أحد متساكني الأحياء الفقيرة على
قرد مشرّد نكّلوا به شرّ تنكيل معتقدين أنه ذاك القرد المهرّج الذي كسب المعركة في الإنتخابات السالفة بفضل أصواتهم المقهورة.
انهالت العصيّ والهراوات على رأس القرد البريء ومات شهيدا بسبب القرد الحقيقي الذي إنتصر في معركته الانتخابية.
الموت للمومياء الموت للمومياء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى