آلاء عثمان - عبدالفتاح الجمل.. صانع الحياة بالأدب

قضى عمره فى خدمة الآخرين، اهتم بهم أكثر من اهتمامه بكتاباته ومشروعه الشخصى، فكان أحد أهم الشخصيات التى ساهمت فى تقديم المواهب الأدبية من جيل الستينات، أمثال أمل دنقل، ويحيى الطاهر عبدالله، وإبراهيم أصلان، وجمال الغيطانى، ويوسف القعيد وغيرهم، فكل هؤلاء لم يجدوا نافذة يطلون منها إلا من خلال عبد الفتاح الجمل، المشرف حينذاك على القسم الأدبى بجريدة «المساء» فكان هو السبيل لتعريف الجمهور بهم.
عبدالفتاح الجمل ذلك المبدع الذى ساهم فى تقديم مواهب أصبحوا اليوم أدباء كبارا، يكاد الآن لا يعرفه جيل بأكمله من الكتّاب الشباب، وإن عرفه البعض يخلطون بينه وبين الأديب عبدالفتاح عبد الرحمن الجمل.
على الرغم من قلة أعماله الأدبية، إلا أن ما كتبه يتمتع بقدر كبير من الأهمية، فكتاباته متفردة فى لغتها، فهى لا تقرأ فقط، وإنما تسمع أيضا مثل «وقائع عام الفيل» فكان ينهى كل فصل منها بموسيقى كصوت الطواحين أو الطيور.
يمارس حواسه الخمس فى أدبه، مجتمعة دائمًا، تتبادل القوى والدلالة بأسلوب ساحر لا ينفد جماله أو ثراؤه، إنه يريد أساسًا أن يمسك بالحياة، وأن يصنع بالأدب حياة موازية لها، وهذا هو هدفه الأول.
رواية «محب» إحدى أهم ما كُتب عن القرية، تمسك بالحياة وبالطبيعة تمسكًا يجعل الحياة طبيعة، فتأتى حاملة تلك الحياة الحسية والقائمة على حب البشر، فتعيشها لتبقى فيها وكأنها تجربة مباشرة، وتتضمن الرواية أربعة فصول كل فصل يشمل مظهرا من مظاهر الكون، وعلاقات الإنسان الاجتماعية، ومن خلال أحداثها تظهر شخصية «فشار محب» وهو نموذج نراه فى كل قرية.
وقد أحدثت هذه الرواية ضجة فى الأوساط الثقافية عند طباعتها أول مرة وهى سيرة قرية بدمياط اسمها «محب» ولد وعاش بها مؤلفها.
كذلك له عمل فريد اسمه «حكايات شعبية من مصر» وفى هذا العمل طلب من بعض شباب الريف أن يستمعوا ويكتبوا ما يسمعونه فخرجت عملا فريدا من هذه التجربة.
أعلى