صورتك دي أحلى
جميعنا نلتقط العديد من لقطات الصور للبحث عن الصورة الأجمل..وهي الصورة التي نختار الإبقاء عليها وحذف الأخريات.
وقبل عقود أخبرتني امرأة انها لا تحب التصوير عبر الفيديو لأن الفيديو يجعلها قبيحة.
والواقع ان هذا مدهش جداً بالنسبة لي: فرغم أن الشخص هو الشخص نفسه، لكن كل لقطة تعطنا إحساساً بالاختلاف. اللقطة من زاوية جانبية أو اللقطة من الأمام مباشرة، من أعلى، من اسفل، ...لكل لقطة شكل مختلف. رغم أننا وعلى أرض الواقع لا نرى الشخص -بأعيننا المجردة- سوى شخص بشكل واحد. فعدسة العين لا تجزئ المشهد بل تأخذه ببعده الثلاثي، وهكذا تكون أكثر عدالة، وهي عدالة في ذات الوقت مزيفة.
مالذي يجعلنا مختلفين في كل لقطة؟ وهل يمكننا أن نُخضع المعايير الجمالية لشخص لأسس الرؤية الكلية المجردة كالعين أم الرؤية الإجتزائية كعدسات الكاميرا؟
قبل قرابة عشر سنوات أو أكثر قليلاً التقيت بفتاة جميلة جداً، كانت في الواقع حسناء، وجلسنا سويا في مقهى عام. وحين نظرت إليها من الجانب الأيمن لوجهها اكتشفت أنها امرأة مُسنة. وأنفها معقوف، وهناك عدم توازن خلقي في تقاسيم الوجه. عندما تلتفت إلىّ كانت تعود فتاة حسناء من جديد. كان ذلك أقرب لأفلام الرعب.
فكرة التكامل في النسق الجمالي تبدو صعبة، ومن هنا يعاني المصورون المحترفون حينما يختاروا زوايا تصويرهم للمَشَاهد. فهناك تقارب ظاهر بين كل لقطة وأخرى، ولكن هناك أيضا إختلاف خفي بين اللقطات.
لقد لاحظ الشعراء القدامى هذا الأمر ولكن من بعده النفسي في أشهر بيت شعر؛ فعين الرضى عن كل عيب كليلة، وعين السخط تبدي المساويا (المساوئ).
ذلك التركيز على الجانب الأجمل أو الأقبح، ليس أكذوبة، بل هو الآن علم ذو أصول. فالإعلام السياسي حين يرغب في شيطنة رئيس أو مسؤول، يستخدم زاوية تصوير قبيحة، والإعلام المضاد يختار لقطة من زاوية أخرى تبرز جمالاً أو وسامة.
قد تكون اللقطتان قد أخذتا في جلسة واحدة، ولكن زوايا التصوير تعطي انطباعاً مختلفاً بين كل لقطة وأخرى.
يمكنني مثلا العودة لمثال الفتاة التي قابلتها، فأخذ لقطة مواجهة ومباشرة لها، أو لقطة جانبية سأحدد عبرها موقف المُشاهد الجمالي منها.
تعاني الفتيات أكثر من الرجال في هذا الخصوص، وخاصة عند محاولة بناء علاقات عاطفية عن بعد، تحاول الفتاة تجنب اللقطات غير الجميلة، فتلتقط قرابة عشرين لقطة قبل أن تستقر على واحدة.
وبما أننا في عصر الأمركة والرأسمالية فقد استغلت الشركات هذه العقدة، وصنعت برامج الفلترة العالية. فالفتاة لا تحتاج للذهاب إلى كوافير أو مركز تجميل وإنفاق مال وجهد، بل تستخدم الفلاتر المجانية في برامج التصوير. ثم تطورت الفلاتر واستخدمت تكنولوجيا عالية، إذ تستطيع ليس فقط تنعيم البشرة بل فوق هذا القيام بعملية تجميل كاملة من أحمر شفاه، توسعة للأعين وضع رموش تركيب شعر وأسنان، تبييض البشرة أو تغميقها بحسب الرغبة تصغير السن..ولم تعد الزوايا مهمة، فمن أي زاوية ستتم عمليات تحسين وسد الثغرات بشكل فوري.
تحولت الفلاتر من اداة لمعالجات جمالية إلى علاج نفسي، وانتشرت انتشاراً يشي بمأساة إنسان العصر الحديث، الذي لا يتحمل العيش تحت ضغط مشاعر الإضطهاد الذاتي، رغم أنه يعلم تماماً بأن كل اللقطات التي أعجبته زائفة ولا تمثله..ولكنه يقبل بذلك كحل مؤقت وسريع. وفي أحيان أخرى يتعلق الإنسان بصورته المزيفة تعلقاً مزمناً بشكل هَوَسي...كنيرسيس الذي أدمن رؤية صورته المنعكسة على نبع الماء.
جميعنا نلتقط العديد من لقطات الصور للبحث عن الصورة الأجمل..وهي الصورة التي نختار الإبقاء عليها وحذف الأخريات.
وقبل عقود أخبرتني امرأة انها لا تحب التصوير عبر الفيديو لأن الفيديو يجعلها قبيحة.
والواقع ان هذا مدهش جداً بالنسبة لي: فرغم أن الشخص هو الشخص نفسه، لكن كل لقطة تعطنا إحساساً بالاختلاف. اللقطة من زاوية جانبية أو اللقطة من الأمام مباشرة، من أعلى، من اسفل، ...لكل لقطة شكل مختلف. رغم أننا وعلى أرض الواقع لا نرى الشخص -بأعيننا المجردة- سوى شخص بشكل واحد. فعدسة العين لا تجزئ المشهد بل تأخذه ببعده الثلاثي، وهكذا تكون أكثر عدالة، وهي عدالة في ذات الوقت مزيفة.
مالذي يجعلنا مختلفين في كل لقطة؟ وهل يمكننا أن نُخضع المعايير الجمالية لشخص لأسس الرؤية الكلية المجردة كالعين أم الرؤية الإجتزائية كعدسات الكاميرا؟
قبل قرابة عشر سنوات أو أكثر قليلاً التقيت بفتاة جميلة جداً، كانت في الواقع حسناء، وجلسنا سويا في مقهى عام. وحين نظرت إليها من الجانب الأيمن لوجهها اكتشفت أنها امرأة مُسنة. وأنفها معقوف، وهناك عدم توازن خلقي في تقاسيم الوجه. عندما تلتفت إلىّ كانت تعود فتاة حسناء من جديد. كان ذلك أقرب لأفلام الرعب.
فكرة التكامل في النسق الجمالي تبدو صعبة، ومن هنا يعاني المصورون المحترفون حينما يختاروا زوايا تصويرهم للمَشَاهد. فهناك تقارب ظاهر بين كل لقطة وأخرى، ولكن هناك أيضا إختلاف خفي بين اللقطات.
لقد لاحظ الشعراء القدامى هذا الأمر ولكن من بعده النفسي في أشهر بيت شعر؛ فعين الرضى عن كل عيب كليلة، وعين السخط تبدي المساويا (المساوئ).
ذلك التركيز على الجانب الأجمل أو الأقبح، ليس أكذوبة، بل هو الآن علم ذو أصول. فالإعلام السياسي حين يرغب في شيطنة رئيس أو مسؤول، يستخدم زاوية تصوير قبيحة، والإعلام المضاد يختار لقطة من زاوية أخرى تبرز جمالاً أو وسامة.
قد تكون اللقطتان قد أخذتا في جلسة واحدة، ولكن زوايا التصوير تعطي انطباعاً مختلفاً بين كل لقطة وأخرى.
يمكنني مثلا العودة لمثال الفتاة التي قابلتها، فأخذ لقطة مواجهة ومباشرة لها، أو لقطة جانبية سأحدد عبرها موقف المُشاهد الجمالي منها.
تعاني الفتيات أكثر من الرجال في هذا الخصوص، وخاصة عند محاولة بناء علاقات عاطفية عن بعد، تحاول الفتاة تجنب اللقطات غير الجميلة، فتلتقط قرابة عشرين لقطة قبل أن تستقر على واحدة.
وبما أننا في عصر الأمركة والرأسمالية فقد استغلت الشركات هذه العقدة، وصنعت برامج الفلترة العالية. فالفتاة لا تحتاج للذهاب إلى كوافير أو مركز تجميل وإنفاق مال وجهد، بل تستخدم الفلاتر المجانية في برامج التصوير. ثم تطورت الفلاتر واستخدمت تكنولوجيا عالية، إذ تستطيع ليس فقط تنعيم البشرة بل فوق هذا القيام بعملية تجميل كاملة من أحمر شفاه، توسعة للأعين وضع رموش تركيب شعر وأسنان، تبييض البشرة أو تغميقها بحسب الرغبة تصغير السن..ولم تعد الزوايا مهمة، فمن أي زاوية ستتم عمليات تحسين وسد الثغرات بشكل فوري.
تحولت الفلاتر من اداة لمعالجات جمالية إلى علاج نفسي، وانتشرت انتشاراً يشي بمأساة إنسان العصر الحديث، الذي لا يتحمل العيش تحت ضغط مشاعر الإضطهاد الذاتي، رغم أنه يعلم تماماً بأن كل اللقطات التي أعجبته زائفة ولا تمثله..ولكنه يقبل بذلك كحل مؤقت وسريع. وفي أحيان أخرى يتعلق الإنسان بصورته المزيفة تعلقاً مزمناً بشكل هَوَسي...كنيرسيس الذي أدمن رؤية صورته المنعكسة على نبع الماء.