في البدءِ أقولُ: أحبُّكِ، وأنا أكرهُ روحي المُخْتَبِئَةَ في الظِّلِ كطفلةٍ مُذْنِبَةٍ، روحي التي ورَّطَتني في الحُبِّ، في قَبضَةِ الحَريرِ والشَّوكِ. روحي الباكيةِ بلا خجلٍ أمَامَ عَاطفةٍ قَاسيةٍ تُلوِّحُ بالعَصَا.
أحبُّكِ، وأنا أتابعُ المسرحَ الكونيّ بشغفٍ، لا أتعاطفُ مع الأشرارِ كما تَفْعَلين بعدَ كلِّ فيلمٍ عربيٍّ. الأشرارُ الذينَ يكرهونَ البطلَ والبطلةَ، ويدبِّرونَ المكائدَ في مُنْتصفِ القِصَّةِ.
مَاذا أفعلُ الآنَ بكلِّ هذا الشَّرِ حولنَا؟ يَلزمُني أنْ أكرهَ جيّداً، لأُجَسِّدَ مَضْمُونَ العُقدةِ الدراميةِ، لنْ يكونَ مُلائِماً لأمْثَالي أنْ يَتَحدَّثوا عن التسامحِ، وهمْ مُحاصَرُون بالخِذْلانِ.
يعُوزُني أنْ أكرهَ بعمقٍ
أصحابَ الأدوارِ الثانويةِ والرئيسيةِ
وأنتبهُ حينَ تتحركَ الكاميرا(Pan Left)
لأنَّ المُخْرِجَ عادةً ما يُوصِي
بإظْهارِ جِهةِ القلبِ
ليعرفَ المُشَاهِدُ كمْ تَبَقّى من الوقتِ
حتى أسْقُطَ خَاسِراً
لحظتَها سأموتُ
في لقطةِ(Close up)
سيكونُ وَجْهي ملءَ الشاشةِ
أنظرُ في عُمقِ الكادرِ
وأُتمتمُ بكلمةٍ واحدةٍ
وسيخمِّنُ النَّاسُ آخرَ ما أقولُه
ويَلْعَنونَ النهاياتِ المَفْتُوحةَ
عبثٌ ألا تَعْرفِيأنَّكِ آخرَ ما أقولُهُ
عبثٌ أنْ تكونِي بعيدةً
حينَ يُصفِّقُ المُخْرِجُ للمَشْهَدِ الأخيرِ
لكنَّني سأحبُّكِ بعد نهايةِ الفيلمِ
سَأحبُّكِ مُتحرِّراًمن ضَروراتِ السيناريو
هناكَ في الموتِ، بَعيداً عن الكَواليسَ
والأدوارِ التي نُتْقِنُهالأجلِ لا شيءَ
أحبُّكِ
وأنا أتَنقلُ في عربةِ جَسَدي من طابقٍ لآخرَ، من غرفةٍ وصالةٍ، إلى استديو بمطبخٍ أمريكيّ، لا أستخدمُهُ إلا نَادراً.
أحبُّكِ
هنا أمامَ بردِ البابِ، خلفَ شياطينَ النافذةِ، بجوارِ ثلاجةِ الخيبةِ وجُثثِ الأصدقاءِ الأنْذالِ، في أنانيةِ الشوارعِ التي تُخبِّئُ صَوتَك كهدايا لا تُردُّ. هُنا أمَامَ الكيبورد المُخْتَنِقِ برَمَادٍ رخيصٍ، رمادٌ أجْمَعهُ في رِئتيّ بِشَغَفٍ لا نِهائيّ، على المَقْعَدِ الذي يَحْتملُني مُجْبَراً وهو يُصْغِي إلى أُغْنيةٍ أكَرِّرُها عِشرينَ مرةً في اليومِ، في اليَأسِ الذي يَجُرُّني من قميصِي، والسُفنِ الغَارقةِ بين أصابِعِي.
أُحِبُّكِ
لحظةَ يصمتُ صديقي عنْ الشَكْوى، في الثوَانِي الفَاصلةِ بين تعليقٍ وآخرَ، في شُرودِ البَارِ الذي يُثيرُ فضولَ الحَزِيناتِ، في النَّظْرةِ المُلْقاةِ على الطاولاتِ بَحْثَــاً عـن شيءٍ لايدلُّ عليكِ، في القُبْلةِ السينمائيةِ الخاطفةِ والعَمِيقَةِ، في دَلالِ البَطَلَةِ حينَ تَخرجُ عن النصِّ، فيُثْني المُخْرجُ على طَبيعتِها المُشَاكِسةِ، في تَذَكُّرِ حَنَانكِ العَميقِ، غَضبِكِ الطُفُوليّ أمامَ نساءٍ عَبَرنَ القصائدَ دونَ وجعٍ شهيٍّ.
أُحِبُّكِ
في الرواياتِ الخَاسِرةِ، وأَوجُهِ الشَبهِ بَينكِ وبين عَاشقاتِ الشًعراءِ المَوتَى، في خُطواتِي الهَاربةِ إلى أيِّ جِهةٍ، تحتَ سَقفِ المُصَادَفاتِ، في الشَتاتِ المَكْتُوبِ على جَبْهَتي، عِندَ خَلْطِ القَهوةِ بالمَاءِ، في الرَشْفَةِ الأولى والأخيرةِ.
أُحِبُّكِ
حينَ تَبْكِي أُمّي على الهَاتفِ وهي تسألُني الرُجوعَ، وأكادُ أبْكي أمامَ اللهِ وأنا أسألُهَ الثَبَاتَ على الحُبِّ.
أُحِبُّكِ
في ضَغْطِ زِرِّ المِصْعدِ، وأرقامِ الهاتفِ، والريموت كونترول، عندَ طلبِ فاتورةِ الحسابِ، واشتهاءِ الوجباتِ الجاهزةِ أمامَ محطاتِ البترولِ، في سذاجةِانتظارِ المُعجزاتِ، في عِتابِ السائقِ حينَ يختارُ طريقاً جديداً ومكلِّفاً، في لمْسِ الزُجاجِ والخَشَبِ، إعلانِ العصيانِ على مايكروسوفت، ونقر الماوس على أيقونة (فايرفوكس)، في تَحْميلِ فيلمٍإيطاليٍّ قديمٍ، أحْذِفُهُ بعد يومين، في رفْعِ ملفاتِ المُدَوَّنَةِ، وتغييرِ الباسوورد.
أُحِبُّكِ
قبلَ النُعَاسِ، وبعدَ اليَقَظَةِ، في تمارينَ الحُلمِ بكِ سَاعةَ أُرَتِّبُ سَرَيري، وأُلْقِى التَحيّةَ على رقمِ الغُرفةِ، في صباحِ الكسلِ ثلاثَ مراتٍ في الأُسبوعِ، مُبْتَهِجَاً بما رَأيتك عليهِ في النَّومِ، في مُقَارنَةِ الأحوالِ بالأحوالِ، مُجَاملةِ الحارسِ الفقيرِ بكلمتينِ عن تاريخِ بلادهِ العَريقِ، طَمْأنةِ الخادمةِ الهِنديّةِ بالدَّفعِ مُقدَّمَاً، في الهروبِ منكِ إلى جبلٍ يُؤويني، والهروبِ إليكِ من طُوفانِ الحنينِ على كتفيّ، في صَوتِ المُطربةِ السوداءِ على إيقاعِ الجَازِ، وتخمينِ علاقتِها العَميقةِ بالعازفِ العجوزِ، في بريقِ الكؤوسِ، لونِ الشرابِ النقيِّ، ذوبانِ الثلجِ، ترقُّبِالشفاهِ لسُمٍّ جديدٍ.
أُحُبُّكِ
في مُتابَعَةِ ألاعيبِ الساسةِ، كراهيةِ مهرجانِ قصيدةِ النثرِ، مَزاجيةِ المدربِ الوطنيِ، مِحنةِ الأهلِ والبلدِ، قَلقِ العارفِينَ بالشِّدَةِ التي لا تَزولُ، أمامَ نشرةِ الأخبارِ العَاجلةِ، والتقاريرِ الميدانيِّةِ، ليلةَ يموتُ الرئيسُ، ويتحدثُ"الإخوانُ" بدهاءٍ عن السلامِ الداخليِّ.
أُحِبُّكِ دونَ خوفٍ
أمامَ قبرِ أبي الذي بكيناهُ سِرَّاً
في شهوةٍ تُمَجِّدُ الحَياةَ
……..
مقاطع من قصيدة (عتاب الجيم)
من ديوان (عاطفة قاسية تلوّح بالعصا) دار الأدهم 2014
…
أحبُّكِ، وأنا أتابعُ المسرحَ الكونيّ بشغفٍ، لا أتعاطفُ مع الأشرارِ كما تَفْعَلين بعدَ كلِّ فيلمٍ عربيٍّ. الأشرارُ الذينَ يكرهونَ البطلَ والبطلةَ، ويدبِّرونَ المكائدَ في مُنْتصفِ القِصَّةِ.
مَاذا أفعلُ الآنَ بكلِّ هذا الشَّرِ حولنَا؟ يَلزمُني أنْ أكرهَ جيّداً، لأُجَسِّدَ مَضْمُونَ العُقدةِ الدراميةِ، لنْ يكونَ مُلائِماً لأمْثَالي أنْ يَتَحدَّثوا عن التسامحِ، وهمْ مُحاصَرُون بالخِذْلانِ.
يعُوزُني أنْ أكرهَ بعمقٍ
أصحابَ الأدوارِ الثانويةِ والرئيسيةِ
وأنتبهُ حينَ تتحركَ الكاميرا(Pan Left)
لأنَّ المُخْرِجَ عادةً ما يُوصِي
بإظْهارِ جِهةِ القلبِ
ليعرفَ المُشَاهِدُ كمْ تَبَقّى من الوقتِ
حتى أسْقُطَ خَاسِراً
لحظتَها سأموتُ
في لقطةِ(Close up)
سيكونُ وَجْهي ملءَ الشاشةِ
أنظرُ في عُمقِ الكادرِ
وأُتمتمُ بكلمةٍ واحدةٍ
وسيخمِّنُ النَّاسُ آخرَ ما أقولُه
ويَلْعَنونَ النهاياتِ المَفْتُوحةَ
عبثٌ ألا تَعْرفِيأنَّكِ آخرَ ما أقولُهُ
عبثٌ أنْ تكونِي بعيدةً
حينَ يُصفِّقُ المُخْرِجُ للمَشْهَدِ الأخيرِ
لكنَّني سأحبُّكِ بعد نهايةِ الفيلمِ
سَأحبُّكِ مُتحرِّراًمن ضَروراتِ السيناريو
هناكَ في الموتِ، بَعيداً عن الكَواليسَ
والأدوارِ التي نُتْقِنُهالأجلِ لا شيءَ
أحبُّكِ
وأنا أتَنقلُ في عربةِ جَسَدي من طابقٍ لآخرَ، من غرفةٍ وصالةٍ، إلى استديو بمطبخٍ أمريكيّ، لا أستخدمُهُ إلا نَادراً.
أحبُّكِ
هنا أمامَ بردِ البابِ، خلفَ شياطينَ النافذةِ، بجوارِ ثلاجةِ الخيبةِ وجُثثِ الأصدقاءِ الأنْذالِ، في أنانيةِ الشوارعِ التي تُخبِّئُ صَوتَك كهدايا لا تُردُّ. هُنا أمَامَ الكيبورد المُخْتَنِقِ برَمَادٍ رخيصٍ، رمادٌ أجْمَعهُ في رِئتيّ بِشَغَفٍ لا نِهائيّ، على المَقْعَدِ الذي يَحْتملُني مُجْبَراً وهو يُصْغِي إلى أُغْنيةٍ أكَرِّرُها عِشرينَ مرةً في اليومِ، في اليَأسِ الذي يَجُرُّني من قميصِي، والسُفنِ الغَارقةِ بين أصابِعِي.
أُحِبُّكِ
لحظةَ يصمتُ صديقي عنْ الشَكْوى، في الثوَانِي الفَاصلةِ بين تعليقٍ وآخرَ، في شُرودِ البَارِ الذي يُثيرُ فضولَ الحَزِيناتِ، في النَّظْرةِ المُلْقاةِ على الطاولاتِ بَحْثَــاً عـن شيءٍ لايدلُّ عليكِ، في القُبْلةِ السينمائيةِ الخاطفةِ والعَمِيقَةِ، في دَلالِ البَطَلَةِ حينَ تَخرجُ عن النصِّ، فيُثْني المُخْرجُ على طَبيعتِها المُشَاكِسةِ، في تَذَكُّرِ حَنَانكِ العَميقِ، غَضبِكِ الطُفُوليّ أمامَ نساءٍ عَبَرنَ القصائدَ دونَ وجعٍ شهيٍّ.
أُحِبُّكِ
في الرواياتِ الخَاسِرةِ، وأَوجُهِ الشَبهِ بَينكِ وبين عَاشقاتِ الشًعراءِ المَوتَى، في خُطواتِي الهَاربةِ إلى أيِّ جِهةٍ، تحتَ سَقفِ المُصَادَفاتِ، في الشَتاتِ المَكْتُوبِ على جَبْهَتي، عِندَ خَلْطِ القَهوةِ بالمَاءِ، في الرَشْفَةِ الأولى والأخيرةِ.
أُحِبُّكِ
حينَ تَبْكِي أُمّي على الهَاتفِ وهي تسألُني الرُجوعَ، وأكادُ أبْكي أمامَ اللهِ وأنا أسألُهَ الثَبَاتَ على الحُبِّ.
أُحِبُّكِ
في ضَغْطِ زِرِّ المِصْعدِ، وأرقامِ الهاتفِ، والريموت كونترول، عندَ طلبِ فاتورةِ الحسابِ، واشتهاءِ الوجباتِ الجاهزةِ أمامَ محطاتِ البترولِ، في سذاجةِانتظارِ المُعجزاتِ، في عِتابِ السائقِ حينَ يختارُ طريقاً جديداً ومكلِّفاً، في لمْسِ الزُجاجِ والخَشَبِ، إعلانِ العصيانِ على مايكروسوفت، ونقر الماوس على أيقونة (فايرفوكس)، في تَحْميلِ فيلمٍإيطاليٍّ قديمٍ، أحْذِفُهُ بعد يومين، في رفْعِ ملفاتِ المُدَوَّنَةِ، وتغييرِ الباسوورد.
أُحِبُّكِ
قبلَ النُعَاسِ، وبعدَ اليَقَظَةِ، في تمارينَ الحُلمِ بكِ سَاعةَ أُرَتِّبُ سَرَيري، وأُلْقِى التَحيّةَ على رقمِ الغُرفةِ، في صباحِ الكسلِ ثلاثَ مراتٍ في الأُسبوعِ، مُبْتَهِجَاً بما رَأيتك عليهِ في النَّومِ، في مُقَارنَةِ الأحوالِ بالأحوالِ، مُجَاملةِ الحارسِ الفقيرِ بكلمتينِ عن تاريخِ بلادهِ العَريقِ، طَمْأنةِ الخادمةِ الهِنديّةِ بالدَّفعِ مُقدَّمَاً، في الهروبِ منكِ إلى جبلٍ يُؤويني، والهروبِ إليكِ من طُوفانِ الحنينِ على كتفيّ، في صَوتِ المُطربةِ السوداءِ على إيقاعِ الجَازِ، وتخمينِ علاقتِها العَميقةِ بالعازفِ العجوزِ، في بريقِ الكؤوسِ، لونِ الشرابِ النقيِّ، ذوبانِ الثلجِ، ترقُّبِالشفاهِ لسُمٍّ جديدٍ.
أُحُبُّكِ
في مُتابَعَةِ ألاعيبِ الساسةِ، كراهيةِ مهرجانِ قصيدةِ النثرِ، مَزاجيةِ المدربِ الوطنيِ، مِحنةِ الأهلِ والبلدِ، قَلقِ العارفِينَ بالشِّدَةِ التي لا تَزولُ، أمامَ نشرةِ الأخبارِ العَاجلةِ، والتقاريرِ الميدانيِّةِ، ليلةَ يموتُ الرئيسُ، ويتحدثُ"الإخوانُ" بدهاءٍ عن السلامِ الداخليِّ.
أُحِبُّكِ دونَ خوفٍ
أمامَ قبرِ أبي الذي بكيناهُ سِرَّاً
في شهوةٍ تُمَجِّدُ الحَياةَ
……..
مقاطع من قصيدة (عتاب الجيم)
من ديوان (عاطفة قاسية تلوّح بالعصا) دار الأدهم 2014
…