(1)
الآنسة جي
تعالوا أقصّ عليكم حكايةً صغيرة
عن آنسةٍ اسمها إيدث جي
عاشت في المبنى رقم 83
في صفٍّ من بيوت
يدعونه "كليفدن تيريس"
في عينها اليسرى حولٌ طفيف
شفتاها صغيرتانِ نحيلتان
كتفاها هزيلتانِ مهدولتان
وثدياها لا يبينان.
عندها قبّعة مخرّمةٌ من مُخمل
و"كوستم" من صوفٍ رمادي
وتعيش في "كليفدن تيريس"
في غرفةٍ صغيرة للنوم والجلوس.
عندها معطف من مشمّع أرجواني
تلبسه في ماطر الأيام
وشمسيةٌ خضراءَ ودراجة
بسَلّة للتسوّق وكابح خلفي
خشنٍ ذي صرير.
كنيسةُ "القديس ألويشس"
لم تكن بالبعيدة
ولها، لسوقها الخيري
كانت تحوك وتحوك.
ذات ليلة تأمّلت السماء
الآنسة جي نظرت للنجوم
وتساءلت: هل يبالي أحدٌ
بأنني أعيش في "كليفدن تيريس"
على مئة جنيه في العام؟
وحلمت ذات مساء
بأنها مليكةُ فرنسا
وأن كاهنَ "القديس ألويشس"
طلب جلالتها للرقص.
لكن عاصفةً سوّتِ القصرَ بالتراب
ورأت نفسها تقود دراجتها
في حقلٍ للذرة
يلاحقها ثورٌ بوجه الكاهن
وقرناه متأهبان.
وأحسّت بأنفاسه الساخنة
وهو من خلفها، يوشك أن يدركها
والدراجة تبطئ وتبطئ
من أثر الكابح الخلفي ذاك.
وكان الصيف يُحيل الأشجارَ الى لوحة
ويحيلها الشتاءُ حطاما،
وتقود دراجتها لقدّاس المساء
وثيابها مزررة الى العنق.
ومرّت بأزواج المحبّين
وأشاحت وجهها
مرت بأزواج المحبين
ولم يسألوها البقاء.
وتجلس "مس جي" في المقاعد الجانبية
تجلس في الكنيسة وتسمع عزف الأورغ
والجوقَ ذا الغناء العذب
في أواخر النهار.
وتجثو "مس جي" في المقاعد الجانبية
تجثو على ركبتيها، تصلّي:
"إلهي لا تقدني للغواية
بل اجعلني، أرجوك، من صالح البنات"
ومرت بها الأيام والليالي
كأمواج تحيط حطاماً كورنشيا (2)
وقادت درّاجتها للطبيب
بثيابها المزررة للعنق.
قادتها حتى الطبيب
قرعت جرس العيادة:
"آهِ يا طبيب، ثمةَ ألمٌ بأحشائي
أُحسُّ بالمرض"
ويفحصها "دكتور توماس"
ويعيد فحصَها،
يمضي لمغسلته ويقول:
- "لِمَ لمْ تراجعيني مبكرا؟"
ويطيل دكتور توماس جلوسَه للعشاء
وامرأتُه تنتظر كي تقرعَ الجرس
يلفّ خبزه في كرات ويقول:
- "مضحكٌ هذا السرطان!
لا أحد يعرف سببه
رغم ادعاءات البعض.
إنه مثل مغتالٍ متخفٍّ
يتحيّن الفرصة للانقضاض،
يصيب نساءً غيرَ مُنجِبات
ورجالا متقاعدين
كأنه منفَذٌ ما
لنارِهِم الخلّاقة المحبَطة"
وتقرع الزوجة جرسَ الخدمة
تقول: لا تكن كئيبا يا عزيزي
ويجيبها: قد رأيت اليوم "مس جي"
وأظنها ميتة عما قريب.
أخذوا "مس جي" الى المشفى
أرقدوها حطاما
في ردهة النساء
وشرشفُها يبلغ العنق.
مددوها فوق منضدةٍ،
شرع الطلابُ بالضحك
وشطر "مستر روز" الجرّاح
جسمها شطرين.
التفت "مستر روز" لتلاميذه
قال: أيها السادة، أرجوكم الانتباه،
نادرا ما نرى ورما
متقدماً كهذا.
ويرفعونها من المنضدة
يدفعونها في عربة
نحو قسمٍ آخرَ
حيث يدرسون التشريح
يعلقونها من السقف
نعم يعلقون "مس جي"
واثنان من مريدي أوكسفورد (3)
يشرّحان ركبتَها باهتمام
(2)
المواطن المجهول (4)
(هذا التذكار الرخامي أقامته الدولة من أجل JS/07 M 378)
ضدّهُ – أكد مكتب الإحصاء-
لم تسجَّل يوما
أية شكوى رسمية (5)
وكل التقارير عن سلوكه
تصفه بالقدّيس، بالمعنى الحديث للكلمة القديمة.
في كل فعاله خدم مجتمعه الكبير:
وعمل حتى تقاعده، عدا سنوات الحرب،
في معمل لم يُفصَل منه،
وأرضى أرباب عمله (شركة فودج موتورز) (6)
لكنه لم يشذَّ في آرائه ولم يكسر اضرابا (7)
فتقارير نقابته تؤكد: "يدفع اشتراكاته بانتظام"
وتقريرنا عن نقابته
يؤكد أنها متعقلة.
باحثونا الاجتماعيون النفسيون
وجدوه محبوبا بين رفاقه
ويحتسي كأسا بين حين وحين.
الصحافة مقتنعة بشرائه
جريدة كل يوم،
وبأن تفاعله مع الإعلانات
طبيعي بكل مقياس.
قسائم التأمين التي باسمه
تثبت أنه مؤمّن تماما.
وبطاقته الصحية تظهر أنه
دخل المشفى ذات يوم وخرج منه معافى.
مكتب أبحاث المنتجين ومؤسسة الحياة الراقية
كلاهما يعلنان انه على وعي تام بمنافع الشراء بالتقسيط
وبأنه يملك ضروريات الرجل المعاصر:
فونوغراف، راديو، سيارة وثلاجة.
دارسونا للرأي العام مقتنعون بأنه
صاحب آراء تناسب أوقات السنة:
أيام السلم مع السلم، أوقات الحرب.. يذهب اليها.
متزوجا كان، وأضاف خمسة أطفال الى تعداد السكان
وهذا ما يعدّه خبراء تحسين النسل (8)
العدد المناسب لأب من جيله
وتقارير المعلمين تقول إنه لم يتدخل في طرائق تعليمهم
...
هل كان حرا؟ هل كان سعيدا؟ هذا سؤال سخيف. (9)
لو كان ثمة خطأ
لسمعنا به بالتأكيد.
______________
هوامش:
(1) Wystan Hugh Auden ولد في إنكلترا عام 1907 وأكمل دراسته الجامعية في أكسفورد. تأثر في صباه بأشعار روبرت فروست وإميلي دكنسون وتوماس هاردي ووليم بليك. نشر أولى مجاميعه الشعرية عام 1928وسرعان ما أصبح بعد صدور مجموعته الثانية عام 1930 أبرز الأصوات الشعرية الشابة في إنكلترا. تميز بعبقريته في تناول مختلف جوانب الحياة العقلية والاجتماعية وهضمه العديد من الثقافات القديمة والمعاصرة والنظريات السياسية والفنية وقدرته العظيمة على الكتابة في جميع الأشكال الشعرية المعروفة. زار ألمانيا وأيسلندا والصين وتطوع في الحرب الأهلية الأسبانية ثم انتقل عام 1939 الى الولايات المتحدة الأمريكية واكتسب جنسيتها وحاز فيها على جائزة البولتزر في الشعر عام 1948. تميز بغزارة إنتاجه الذي شمل الى جانب الشعر كلا من الكتابة المسرحية والأوبرالية والصحفية. قضى النصف الثاني من حياته متنقلاً بين أمريكا والنمسا وتوفي عام 1973. اختير منذ عام 1954 مستشارا للأكاديمية الأمريكية للشعراء. يعده النقاد أعظم الشعراء الإنكليز في القرن العشرين. توفي في فينا عام 1973.
(2) نسبة الى ساحل كورن وول الوعر في أقصى جنوب غربي انكلترا الذي شهد غرق الآلاف من السفن على مر العصور
(3) نسبة الى جماعة أوكسفورد وهي حركة دينية-خيرية أنشأها الأمريكي فرانك بوخمان وانتشرت في أوساط الطلبة والشباب في بريطانيا خلال ثلاثينات القرن العشرين
(4) في هذه القصيدة التي كتبها عام 1939، يحاكي أودن، في سخرية مريرة ما يكتب على ضريح الجندي المجهول، لكنه يبدله بالمواطن المجهول، المواطن العادي الذي ترضى عنه الدولة ولا يخلق لها المشاكل وهو ينقلنا الى أجواء شبيهة بأجواء رواية 1984 لجورج أورويل ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يعيش فيها
(5) يرد في القصيدة عدد من أسماء المكاتب والإدارات الحكومية التي تتدخل في أدق تفاصيل حياة الانسان، بعضها من نسج خيال الشاعر وبعضها تحريف بسيط لمؤسسات كانت موجودة فعلا (مكتب الإحصاء، مكتب أبحاث المنتجين، مؤسسة الحياة الراقية، إدارة دراسات الرأي العام)
(6) تحريف لشركة فورد موتورز الأمريكية التي كانت تهيمن على صناعة السيارات.
(7) كاسر الإضراب scab هو عامل توظفه الشركات بدلا عن العمال المضربين لكسر إضرابهم وهو عمل يسم صاحبه بصفة الخيانة. بطلنا هنا، ورغم إرضائه لمرؤوسيه في الشركة، يعمل أيضا على إرضاء زملائه وعدم الخروج على قراراتهم.
(8) تحسين النسل Eugenics حركة "علمية" لاقت رواجا كبيرا في بدايات القرن العشرين وادعت إمكانية تحسين النسل البشري عن طريق التحكم بخزين الجينات عند الشعوب، وقد اعتمد عليها النازيون في ادعاءاتهم بنقاء العنصر الجرماني.
(9) يتعمّد أودن عدَّ السؤالين سؤالا واحدا، إمعانا من المتحدث (الدولة) في الاستخفاف بهذين الأمرين: الحرية والسعادة!
الآنسة جي
تعالوا أقصّ عليكم حكايةً صغيرة
عن آنسةٍ اسمها إيدث جي
عاشت في المبنى رقم 83
في صفٍّ من بيوت
يدعونه "كليفدن تيريس"
في عينها اليسرى حولٌ طفيف
شفتاها صغيرتانِ نحيلتان
كتفاها هزيلتانِ مهدولتان
وثدياها لا يبينان.
عندها قبّعة مخرّمةٌ من مُخمل
و"كوستم" من صوفٍ رمادي
وتعيش في "كليفدن تيريس"
في غرفةٍ صغيرة للنوم والجلوس.
عندها معطف من مشمّع أرجواني
تلبسه في ماطر الأيام
وشمسيةٌ خضراءَ ودراجة
بسَلّة للتسوّق وكابح خلفي
خشنٍ ذي صرير.
كنيسةُ "القديس ألويشس"
لم تكن بالبعيدة
ولها، لسوقها الخيري
كانت تحوك وتحوك.
ذات ليلة تأمّلت السماء
الآنسة جي نظرت للنجوم
وتساءلت: هل يبالي أحدٌ
بأنني أعيش في "كليفدن تيريس"
على مئة جنيه في العام؟
وحلمت ذات مساء
بأنها مليكةُ فرنسا
وأن كاهنَ "القديس ألويشس"
طلب جلالتها للرقص.
لكن عاصفةً سوّتِ القصرَ بالتراب
ورأت نفسها تقود دراجتها
في حقلٍ للذرة
يلاحقها ثورٌ بوجه الكاهن
وقرناه متأهبان.
وأحسّت بأنفاسه الساخنة
وهو من خلفها، يوشك أن يدركها
والدراجة تبطئ وتبطئ
من أثر الكابح الخلفي ذاك.
وكان الصيف يُحيل الأشجارَ الى لوحة
ويحيلها الشتاءُ حطاما،
وتقود دراجتها لقدّاس المساء
وثيابها مزررة الى العنق.
ومرّت بأزواج المحبّين
وأشاحت وجهها
مرت بأزواج المحبين
ولم يسألوها البقاء.
وتجلس "مس جي" في المقاعد الجانبية
تجلس في الكنيسة وتسمع عزف الأورغ
والجوقَ ذا الغناء العذب
في أواخر النهار.
وتجثو "مس جي" في المقاعد الجانبية
تجثو على ركبتيها، تصلّي:
"إلهي لا تقدني للغواية
بل اجعلني، أرجوك، من صالح البنات"
ومرت بها الأيام والليالي
كأمواج تحيط حطاماً كورنشيا (2)
وقادت درّاجتها للطبيب
بثيابها المزررة للعنق.
قادتها حتى الطبيب
قرعت جرس العيادة:
"آهِ يا طبيب، ثمةَ ألمٌ بأحشائي
أُحسُّ بالمرض"
ويفحصها "دكتور توماس"
ويعيد فحصَها،
يمضي لمغسلته ويقول:
- "لِمَ لمْ تراجعيني مبكرا؟"
ويطيل دكتور توماس جلوسَه للعشاء
وامرأتُه تنتظر كي تقرعَ الجرس
يلفّ خبزه في كرات ويقول:
- "مضحكٌ هذا السرطان!
لا أحد يعرف سببه
رغم ادعاءات البعض.
إنه مثل مغتالٍ متخفٍّ
يتحيّن الفرصة للانقضاض،
يصيب نساءً غيرَ مُنجِبات
ورجالا متقاعدين
كأنه منفَذٌ ما
لنارِهِم الخلّاقة المحبَطة"
وتقرع الزوجة جرسَ الخدمة
تقول: لا تكن كئيبا يا عزيزي
ويجيبها: قد رأيت اليوم "مس جي"
وأظنها ميتة عما قريب.
أخذوا "مس جي" الى المشفى
أرقدوها حطاما
في ردهة النساء
وشرشفُها يبلغ العنق.
مددوها فوق منضدةٍ،
شرع الطلابُ بالضحك
وشطر "مستر روز" الجرّاح
جسمها شطرين.
التفت "مستر روز" لتلاميذه
قال: أيها السادة، أرجوكم الانتباه،
نادرا ما نرى ورما
متقدماً كهذا.
ويرفعونها من المنضدة
يدفعونها في عربة
نحو قسمٍ آخرَ
حيث يدرسون التشريح
يعلقونها من السقف
نعم يعلقون "مس جي"
واثنان من مريدي أوكسفورد (3)
يشرّحان ركبتَها باهتمام
(2)
المواطن المجهول (4)
(هذا التذكار الرخامي أقامته الدولة من أجل JS/07 M 378)
ضدّهُ – أكد مكتب الإحصاء-
لم تسجَّل يوما
أية شكوى رسمية (5)
وكل التقارير عن سلوكه
تصفه بالقدّيس، بالمعنى الحديث للكلمة القديمة.
في كل فعاله خدم مجتمعه الكبير:
وعمل حتى تقاعده، عدا سنوات الحرب،
في معمل لم يُفصَل منه،
وأرضى أرباب عمله (شركة فودج موتورز) (6)
لكنه لم يشذَّ في آرائه ولم يكسر اضرابا (7)
فتقارير نقابته تؤكد: "يدفع اشتراكاته بانتظام"
وتقريرنا عن نقابته
يؤكد أنها متعقلة.
باحثونا الاجتماعيون النفسيون
وجدوه محبوبا بين رفاقه
ويحتسي كأسا بين حين وحين.
الصحافة مقتنعة بشرائه
جريدة كل يوم،
وبأن تفاعله مع الإعلانات
طبيعي بكل مقياس.
قسائم التأمين التي باسمه
تثبت أنه مؤمّن تماما.
وبطاقته الصحية تظهر أنه
دخل المشفى ذات يوم وخرج منه معافى.
مكتب أبحاث المنتجين ومؤسسة الحياة الراقية
كلاهما يعلنان انه على وعي تام بمنافع الشراء بالتقسيط
وبأنه يملك ضروريات الرجل المعاصر:
فونوغراف، راديو، سيارة وثلاجة.
دارسونا للرأي العام مقتنعون بأنه
صاحب آراء تناسب أوقات السنة:
أيام السلم مع السلم، أوقات الحرب.. يذهب اليها.
متزوجا كان، وأضاف خمسة أطفال الى تعداد السكان
وهذا ما يعدّه خبراء تحسين النسل (8)
العدد المناسب لأب من جيله
وتقارير المعلمين تقول إنه لم يتدخل في طرائق تعليمهم
...
هل كان حرا؟ هل كان سعيدا؟ هذا سؤال سخيف. (9)
لو كان ثمة خطأ
لسمعنا به بالتأكيد.
______________
هوامش:
(1) Wystan Hugh Auden ولد في إنكلترا عام 1907 وأكمل دراسته الجامعية في أكسفورد. تأثر في صباه بأشعار روبرت فروست وإميلي دكنسون وتوماس هاردي ووليم بليك. نشر أولى مجاميعه الشعرية عام 1928وسرعان ما أصبح بعد صدور مجموعته الثانية عام 1930 أبرز الأصوات الشعرية الشابة في إنكلترا. تميز بعبقريته في تناول مختلف جوانب الحياة العقلية والاجتماعية وهضمه العديد من الثقافات القديمة والمعاصرة والنظريات السياسية والفنية وقدرته العظيمة على الكتابة في جميع الأشكال الشعرية المعروفة. زار ألمانيا وأيسلندا والصين وتطوع في الحرب الأهلية الأسبانية ثم انتقل عام 1939 الى الولايات المتحدة الأمريكية واكتسب جنسيتها وحاز فيها على جائزة البولتزر في الشعر عام 1948. تميز بغزارة إنتاجه الذي شمل الى جانب الشعر كلا من الكتابة المسرحية والأوبرالية والصحفية. قضى النصف الثاني من حياته متنقلاً بين أمريكا والنمسا وتوفي عام 1973. اختير منذ عام 1954 مستشارا للأكاديمية الأمريكية للشعراء. يعده النقاد أعظم الشعراء الإنكليز في القرن العشرين. توفي في فينا عام 1973.
(2) نسبة الى ساحل كورن وول الوعر في أقصى جنوب غربي انكلترا الذي شهد غرق الآلاف من السفن على مر العصور
(3) نسبة الى جماعة أوكسفورد وهي حركة دينية-خيرية أنشأها الأمريكي فرانك بوخمان وانتشرت في أوساط الطلبة والشباب في بريطانيا خلال ثلاثينات القرن العشرين
(4) في هذه القصيدة التي كتبها عام 1939، يحاكي أودن، في سخرية مريرة ما يكتب على ضريح الجندي المجهول، لكنه يبدله بالمواطن المجهول، المواطن العادي الذي ترضى عنه الدولة ولا يخلق لها المشاكل وهو ينقلنا الى أجواء شبيهة بأجواء رواية 1984 لجورج أورويل ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يعيش فيها
(5) يرد في القصيدة عدد من أسماء المكاتب والإدارات الحكومية التي تتدخل في أدق تفاصيل حياة الانسان، بعضها من نسج خيال الشاعر وبعضها تحريف بسيط لمؤسسات كانت موجودة فعلا (مكتب الإحصاء، مكتب أبحاث المنتجين، مؤسسة الحياة الراقية، إدارة دراسات الرأي العام)
(6) تحريف لشركة فورد موتورز الأمريكية التي كانت تهيمن على صناعة السيارات.
(7) كاسر الإضراب scab هو عامل توظفه الشركات بدلا عن العمال المضربين لكسر إضرابهم وهو عمل يسم صاحبه بصفة الخيانة. بطلنا هنا، ورغم إرضائه لمرؤوسيه في الشركة، يعمل أيضا على إرضاء زملائه وعدم الخروج على قراراتهم.
(8) تحسين النسل Eugenics حركة "علمية" لاقت رواجا كبيرا في بدايات القرن العشرين وادعت إمكانية تحسين النسل البشري عن طريق التحكم بخزين الجينات عند الشعوب، وقد اعتمد عليها النازيون في ادعاءاتهم بنقاء العنصر الجرماني.
(9) يتعمّد أودن عدَّ السؤالين سؤالا واحدا، إمعانا من المتحدث (الدولة) في الاستخفاف بهذين الأمرين: الحرية والسعادة!