حين تقرأ ديوان الشاعر الفلسطيني موسي حوامدة " سأمضي إلى العدم " _ الذي صدر في عام2017 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب_ سيزداد يقينك بأن ثمة بصمة شعرية لشعراء استثنائيين لا يمكن أن تمر قصائدهم في حياة القارئ الشغوف، بقراءة الشعر مرورا عابرا لأنها تهزه في العمق وتحرك جرح يعتقد بانه قد شفي منه ربما هو جرح الفقد الذي نحاول ترتيقه بالكتابة او لعله جرح وجودنا الإنساني في اساسه ومعناه.
هذا النوع من الكتابة تحييك وتميتك ، لأنها كتابة شرسة قاتلة متوحشة ممتلئة بالعنفوان متمردة على النمطي والمتاح والمتناسل بغزارة يومية
هي قصائد مكتوبة بحبر الدمع والدم والفرح الشحيح المتمثل في العشق المتوحش العشق المجنون، كتابة تأخذك إلي أعمق ضروب النفس البشرية في كل تحولاتها من ألم وفقد الأحبة وفقد الوطن وغربة الروح واغترابها .
هي كتابة عن الوطن المغدور والوطن المسلوب والوطن البديل وعن الحب والعشق الصوفي والا يروتيكي بكل تضادهما وعنفوانهما وتجلياتهما.
كتابة تأخذك إلى الأقاصي في كل شيء، في المشاعر وفي اللغة وفي المجاز وفي الخيال والصور الشعرية المبتكرة ليصبح المتناثر والمتناسل يوميا لمئات الشعراء هو مجرد تقليد وصنعة وأشباه قصائد.
نصوص الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة في ديوانه العاشر "سأمضى إلى العدم " نصوص ترميك إلى حافة العدم ، العدم الذى يجلل كل شىء حولنا، النهايات بكل تراجيديتها ، نهاية الطفولة ، نهاية الحب، نهاية الحياة ، والضياع والهزائم في اعلى تجسداتها، على تجسداته، ضياع الوطن ، ضياع البرا ، والضياع فى حافة العدم ، العدم الذى يجلل كل شىء حولنا، النهايات بكل تراجيداتيتها ، نهايةضياع الأوطان والهزيمة بكل تجلياتها هزيمة الاوطان ، هزيمة الاحلام الكبيرة ، هزيمة الثورات هزائمنا الشخصية ، كلها يكتبها الشاعر في قصيدة القلب والروح في أعمق تجلياتها:
كل هزيمة فيها منتصر ومهزوم
إلا هزيمتي فليس فيها سواي
أجمل الهزائم تأتيك ممن تحب
في الحب تخسر القصيدة نصف تمردها
أنا شريك الأنبياء في الخسارة وضحيتهم بين الأتباع
الذات الشعرية بالديوان ذات متمردة، تصل الى الأقاصى في تمردها، فهي تخاطب الاله بندية، تناقشه، تساءله، تحاكمه كما في قصيدة " مثل صديقين نبيلين
آه يا إله الآلهة
آه يا زيوس العظيم
لا أظنك مقيتاً الى درجة المسخرة
لا أستسيغ وصفك بما لا تحب
دعني أراك بدون حرس
أكتب أسماءك بلا قتلة
أصغي إليك بلا كلمات
وتصغي لي بلا شروط
أحملك ناراً بلا صلبان أوشمعدانات
أغرسك سكيناً في جسدي
تمنحني باباً من أبوابك
سطراً من كتابك
نوراً من عتمتك
وصولجاناً من أساطيرك.
لنكن واضِحَيْن بما يليق بصديقين نبيلين
كن نفسك يا حاكم البرق والرعد
كن أبا الآلهة والبشر وسوط النار
ودعني أكون ريحاً تزعزع أغصان الشجر
زوبعةً تخلع البشاعة من الأرض
ولا يكتفى الشاعر بمخاطبة الاله ،بل يخاطب النبي عيسى و يلقى عليه الأسئلة التى لا أجوبة لها، أو كما يقول سقراط الأسئلة مبصرة والأجوبة عمياء، فأسئلة الشاعر في هذه القصيدة هي كعنوان ديوانه تمضى إلى العدم إلى حيث لا إجابات تهدئ روح الشاعر القلقة المتمردة الغارقة في أتون ومحرقة الأسئلة الكبرى التى من العصى العثور على أجابة لها :
آه يا زيوس لم تركتني تحت رحمة الرومان واليهود
لم قذفتَ بي إلى مهد المسيح
ما ديانة الترجي والهوان هذه؟
وأنت يا حامل الصليب
توقف يا ابن أمك
لا تدخلني من ثقب المسلة
لا تقل لي أدر خدك الأيسر
أو قدم خدمات النسيان
لا تقل لي
أطع أولياء الأمر فليست لي شفاه مطواعة
ولا تقل لي غبار كثيف يحجب الحق فاتبعوني
إلى طريق الآلام
الروح الشعرية المتمردة في القصيدة ، تبحث عن الطمأنينة واليقين بعيدا عن الله ووصايا الأنبياء ، الذين يطلبون من البشر تحمل الألم والهوان والصبر فالذات الشعرية المتمردة للشاعر هى ذات لا تقبل بانصاف الحلول او الطبطبة على مكمن الداء والألم ، وأنما تبحث عن خلاصها الفردى بعقلها وفكرها بعيدا عن الموروثات والخرافات.
تبدو القصيدة المعنونة ب"ذاهل عنى" كالألماس في عقد اللؤلؤ المنظوم بقصائد الديوان ، عنوان القصيدة يوضح مدى حالة الوجد التى يعيشها الشاعر ، في قصيدته التى تنضح بعمق وقوة أحساسها ورهافة صورها الشعرية ، وقوة ابياتها الشعرية التى يعاتب فيها الشاعر حبيبته ويشرح لها حالة الذهول التى تعتريه لدرجة أنها جعلته يذهل عن نفسه ولا يتفهم مايحدث لها نتيجة عدم تفهم حبيبته لما يعتريه من هموم وشجون ، ويطلب منها تفهم حالته ، ومداوة جروحه بمزيد من الصبر والفهم ، وسكب ماء حنانها على وحشته
ذاهلٌ عني
عن مطلع الشمس وميعاد الذنوب
ذاهلٌ عن صفاء الخيبة
ورصانة المسافة
وحرير الذكريات
إن لم تعضدي روحي بجروحها
وتسكبي ماءك المستريب على وحشتي.
أما القصيدة المعنونة ب" قربى ذراعك من وجعي " فهي تحمل في صورتها الشعرية جمالية المفارقة الشعرية بمجازها الجميل، فهل لنا أن نتخيل الذراع وهى عضو جسدى ملموس وهى تقترب من شعورمعنوى غير ملموس كالوجع ، طبعا لا يمكن لمثل هذه الصورة أن ترتسم الا في خيال شاعر مبدع يكتب مشاعره وعواطفه بمداد الروح والقلب فتأتى القصيدة حارة متدفقة بحمم مشاعرها اللاهبة ،
قربى ذراعك من وجعى
بعت رأسي للفراغ
ولم تعد لدي سوى الأسئلة
نهران يشقان صدري
ويجريان في وريد الكلمات
نهر عذب يحلو بك
ونهر مالح يمجُّ الظلال
ويطفو على زبد الأماني.
الشاعر موسى حوامدة يؤنسن الاشياء، ويحاول عبر الشعر أن يفهم الوجود فيحضنه، ويحاكمه ويهجره احيانا، فالروح الشعرية في القصائد محلقة في الأعالى ترى دورة الحياة والفصول والزمن والذكريات برؤية شعرية نافذة الى أعماقها، عين الشاعر الثاقبة ترى ماوراء الظواهر والسطح وتتعمق في الفقد، الحب، الموت ، كما في قصيدته التي يرثى فيها والده "لا وداع"
لو تركتَ لي مساحة واحدة
لأحفر لكَ رخامةً على قبرك البعيد
مساحةً أمارس فيها طقوس الحزن الأبيض
أمتطي مهر البكاء
وأجرجر جثة الطفولة صوب النسيان.
لو أنك لوحتَ بيدك مرة
ينبش حوامدة أعماق المشاعر، يضعها على طاولة الشعر ويمسك بجوهر الشعر في معناه العميق حين يكتب ذاته وحزنه، والخيبات والخذلان
وما كان لي أن أنشر شراعي في شواطئ النكران
وأتمطّى مثل قيصر صغير في مياه ليست لي
وأعدِّدَ حسناتِ العاصفة
وهي تقتلع فؤادي اليتيم
وتسحق عافيتي المشبوهة بحمى الخذلان.
وهكذا تمضى قصائد الديوان في نغمة تعبق بالأسى على ضياع الجمال من العالم وشيوع القبح، في مرثاة شاعرية رقيقة مثقلة بالعواطف الخصبة كما في قصيدته "لست حزينا" :
لست حزيناً لكن قلبي طري
صيَّرتني أمي شاعراً وما بيديّ
أنقى من النقاء جئتُ
ومن البياض كنتُ
ومن الندى رسمتْ وجهي ويدي
وحملتني ما لا أطيق من نقاء السريرة
ومن رائحة العشب في قريتي
ومن رضا الوالدين
والصلاة على النبي
ومن حب فلسطين
أورثتني الهشاشة والدموع
فالسمة الغالبة لمعظم قصائد الديوان، هي امتلاكها لوعى وجودي جارح ورؤية شعرية ثاقبة في معنى الوجود والعدم، تعلو فيها نغمة الأسى على ضياع الأحلام بل موتها مقتولة، والأحساس الخصب بالفقد المريع لوجوه الراحلين من الأهل والأحبة، كل ذلك ممتزج مع روح شعرية قلقة، متمردة ضاجه بفكر وعقل ممتلئ بالأسئلة الكبرى ،عن الموت والفقد والوجود والعدم بلغة شعرية جميلة ،تتقافز فيها الصور الشعرية من قصيدة لأخرى و يحلق فيها المجاز الشعرى للأقاصى كما روح قصائد الديوان التي تمضى نحو ذروة الادهاش في كل حالاتها الشعرية وفى مقاربة مواضيع الحب والفراق والفقد والموت والخيبات والخذلان والهزائم الشخصية وهزائم الأحلام والأوطان هي اللغة الخاصة بالشاعر موسى حوامدة وبصمته المميزة لقصائده التي ستخلد في تاريخ الشعر العربي ولن تذهب إلى العدم.
هذا النوع من الكتابة تحييك وتميتك ، لأنها كتابة شرسة قاتلة متوحشة ممتلئة بالعنفوان متمردة على النمطي والمتاح والمتناسل بغزارة يومية
هي قصائد مكتوبة بحبر الدمع والدم والفرح الشحيح المتمثل في العشق المتوحش العشق المجنون، كتابة تأخذك إلي أعمق ضروب النفس البشرية في كل تحولاتها من ألم وفقد الأحبة وفقد الوطن وغربة الروح واغترابها .
هي كتابة عن الوطن المغدور والوطن المسلوب والوطن البديل وعن الحب والعشق الصوفي والا يروتيكي بكل تضادهما وعنفوانهما وتجلياتهما.
كتابة تأخذك إلى الأقاصي في كل شيء، في المشاعر وفي اللغة وفي المجاز وفي الخيال والصور الشعرية المبتكرة ليصبح المتناثر والمتناسل يوميا لمئات الشعراء هو مجرد تقليد وصنعة وأشباه قصائد.
نصوص الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة في ديوانه العاشر "سأمضى إلى العدم " نصوص ترميك إلى حافة العدم ، العدم الذى يجلل كل شىء حولنا، النهايات بكل تراجيديتها ، نهاية الطفولة ، نهاية الحب، نهاية الحياة ، والضياع والهزائم في اعلى تجسداتها، على تجسداته، ضياع الوطن ، ضياع البرا ، والضياع فى حافة العدم ، العدم الذى يجلل كل شىء حولنا، النهايات بكل تراجيداتيتها ، نهايةضياع الأوطان والهزيمة بكل تجلياتها هزيمة الاوطان ، هزيمة الاحلام الكبيرة ، هزيمة الثورات هزائمنا الشخصية ، كلها يكتبها الشاعر في قصيدة القلب والروح في أعمق تجلياتها:
كل هزيمة فيها منتصر ومهزوم
إلا هزيمتي فليس فيها سواي
أجمل الهزائم تأتيك ممن تحب
في الحب تخسر القصيدة نصف تمردها
أنا شريك الأنبياء في الخسارة وضحيتهم بين الأتباع
الذات الشعرية بالديوان ذات متمردة، تصل الى الأقاصى في تمردها، فهي تخاطب الاله بندية، تناقشه، تساءله، تحاكمه كما في قصيدة " مثل صديقين نبيلين
آه يا إله الآلهة
آه يا زيوس العظيم
لا أظنك مقيتاً الى درجة المسخرة
لا أستسيغ وصفك بما لا تحب
دعني أراك بدون حرس
أكتب أسماءك بلا قتلة
أصغي إليك بلا كلمات
وتصغي لي بلا شروط
أحملك ناراً بلا صلبان أوشمعدانات
أغرسك سكيناً في جسدي
تمنحني باباً من أبوابك
سطراً من كتابك
نوراً من عتمتك
وصولجاناً من أساطيرك.
لنكن واضِحَيْن بما يليق بصديقين نبيلين
كن نفسك يا حاكم البرق والرعد
كن أبا الآلهة والبشر وسوط النار
ودعني أكون ريحاً تزعزع أغصان الشجر
زوبعةً تخلع البشاعة من الأرض
ولا يكتفى الشاعر بمخاطبة الاله ،بل يخاطب النبي عيسى و يلقى عليه الأسئلة التى لا أجوبة لها، أو كما يقول سقراط الأسئلة مبصرة والأجوبة عمياء، فأسئلة الشاعر في هذه القصيدة هي كعنوان ديوانه تمضى إلى العدم إلى حيث لا إجابات تهدئ روح الشاعر القلقة المتمردة الغارقة في أتون ومحرقة الأسئلة الكبرى التى من العصى العثور على أجابة لها :
آه يا زيوس لم تركتني تحت رحمة الرومان واليهود
لم قذفتَ بي إلى مهد المسيح
ما ديانة الترجي والهوان هذه؟
وأنت يا حامل الصليب
توقف يا ابن أمك
لا تدخلني من ثقب المسلة
لا تقل لي أدر خدك الأيسر
أو قدم خدمات النسيان
لا تقل لي
أطع أولياء الأمر فليست لي شفاه مطواعة
ولا تقل لي غبار كثيف يحجب الحق فاتبعوني
إلى طريق الآلام
الروح الشعرية المتمردة في القصيدة ، تبحث عن الطمأنينة واليقين بعيدا عن الله ووصايا الأنبياء ، الذين يطلبون من البشر تحمل الألم والهوان والصبر فالذات الشعرية المتمردة للشاعر هى ذات لا تقبل بانصاف الحلول او الطبطبة على مكمن الداء والألم ، وأنما تبحث عن خلاصها الفردى بعقلها وفكرها بعيدا عن الموروثات والخرافات.
تبدو القصيدة المعنونة ب"ذاهل عنى" كالألماس في عقد اللؤلؤ المنظوم بقصائد الديوان ، عنوان القصيدة يوضح مدى حالة الوجد التى يعيشها الشاعر ، في قصيدته التى تنضح بعمق وقوة أحساسها ورهافة صورها الشعرية ، وقوة ابياتها الشعرية التى يعاتب فيها الشاعر حبيبته ويشرح لها حالة الذهول التى تعتريه لدرجة أنها جعلته يذهل عن نفسه ولا يتفهم مايحدث لها نتيجة عدم تفهم حبيبته لما يعتريه من هموم وشجون ، ويطلب منها تفهم حالته ، ومداوة جروحه بمزيد من الصبر والفهم ، وسكب ماء حنانها على وحشته
ذاهلٌ عني
عن مطلع الشمس وميعاد الذنوب
ذاهلٌ عن صفاء الخيبة
ورصانة المسافة
وحرير الذكريات
إن لم تعضدي روحي بجروحها
وتسكبي ماءك المستريب على وحشتي.
أما القصيدة المعنونة ب" قربى ذراعك من وجعي " فهي تحمل في صورتها الشعرية جمالية المفارقة الشعرية بمجازها الجميل، فهل لنا أن نتخيل الذراع وهى عضو جسدى ملموس وهى تقترب من شعورمعنوى غير ملموس كالوجع ، طبعا لا يمكن لمثل هذه الصورة أن ترتسم الا في خيال شاعر مبدع يكتب مشاعره وعواطفه بمداد الروح والقلب فتأتى القصيدة حارة متدفقة بحمم مشاعرها اللاهبة ،
قربى ذراعك من وجعى
بعت رأسي للفراغ
ولم تعد لدي سوى الأسئلة
نهران يشقان صدري
ويجريان في وريد الكلمات
نهر عذب يحلو بك
ونهر مالح يمجُّ الظلال
ويطفو على زبد الأماني.
الشاعر موسى حوامدة يؤنسن الاشياء، ويحاول عبر الشعر أن يفهم الوجود فيحضنه، ويحاكمه ويهجره احيانا، فالروح الشعرية في القصائد محلقة في الأعالى ترى دورة الحياة والفصول والزمن والذكريات برؤية شعرية نافذة الى أعماقها، عين الشاعر الثاقبة ترى ماوراء الظواهر والسطح وتتعمق في الفقد، الحب، الموت ، كما في قصيدته التي يرثى فيها والده "لا وداع"
لو تركتَ لي مساحة واحدة
لأحفر لكَ رخامةً على قبرك البعيد
مساحةً أمارس فيها طقوس الحزن الأبيض
أمتطي مهر البكاء
وأجرجر جثة الطفولة صوب النسيان.
لو أنك لوحتَ بيدك مرة
ينبش حوامدة أعماق المشاعر، يضعها على طاولة الشعر ويمسك بجوهر الشعر في معناه العميق حين يكتب ذاته وحزنه، والخيبات والخذلان
وما كان لي أن أنشر شراعي في شواطئ النكران
وأتمطّى مثل قيصر صغير في مياه ليست لي
وأعدِّدَ حسناتِ العاصفة
وهي تقتلع فؤادي اليتيم
وتسحق عافيتي المشبوهة بحمى الخذلان.
وهكذا تمضى قصائد الديوان في نغمة تعبق بالأسى على ضياع الجمال من العالم وشيوع القبح، في مرثاة شاعرية رقيقة مثقلة بالعواطف الخصبة كما في قصيدته "لست حزينا" :
لست حزيناً لكن قلبي طري
صيَّرتني أمي شاعراً وما بيديّ
أنقى من النقاء جئتُ
ومن البياض كنتُ
ومن الندى رسمتْ وجهي ويدي
وحملتني ما لا أطيق من نقاء السريرة
ومن رائحة العشب في قريتي
ومن رضا الوالدين
والصلاة على النبي
ومن حب فلسطين
أورثتني الهشاشة والدموع
فالسمة الغالبة لمعظم قصائد الديوان، هي امتلاكها لوعى وجودي جارح ورؤية شعرية ثاقبة في معنى الوجود والعدم، تعلو فيها نغمة الأسى على ضياع الأحلام بل موتها مقتولة، والأحساس الخصب بالفقد المريع لوجوه الراحلين من الأهل والأحبة، كل ذلك ممتزج مع روح شعرية قلقة، متمردة ضاجه بفكر وعقل ممتلئ بالأسئلة الكبرى ،عن الموت والفقد والوجود والعدم بلغة شعرية جميلة ،تتقافز فيها الصور الشعرية من قصيدة لأخرى و يحلق فيها المجاز الشعرى للأقاصى كما روح قصائد الديوان التي تمضى نحو ذروة الادهاش في كل حالاتها الشعرية وفى مقاربة مواضيع الحب والفراق والفقد والموت والخيبات والخذلان والهزائم الشخصية وهزائم الأحلام والأوطان هي اللغة الخاصة بالشاعر موسى حوامدة وبصمته المميزة لقصائده التي ستخلد في تاريخ الشعر العربي ولن تذهب إلى العدم.