إزرا باوند - أنشودة الصاحب الطيّب..

(سمعان الغَيور يتحدّث بعد
زمن قصير من الصلب)

هل فقدنا الصاحب الأطيب من الجميع
على أيدي الكهنة وشجرة الشنق؟
بلى، كان حبيب الرجال الأشدّاء،
والسفن والبحر العباب.

وحين جاؤوا جماعات لاقتياد الرجل سيّدنا
كانت ابتسامته عذبة للناظرين،
هتف صاحبنا الطيّب: "فلتطلقوا، أوّلاً، سراح هؤلاء !"
وأردف: "وإلا حلّتْ عليكم اللعنة".

وحين أطلَقَنا عبر الحراب العالية المتصالبة
وانسرحت السخرية في ضحكته،
"لِمَ لم تحتجزوني حين كنت أتجوّل
وحيداً في البلدة؟" هتف بهم.

وحين شربنا النبيذ الأحمر الفاخر في صحّته
ساعة اجتمعنا للمرّة الأخيرة،
لم يكن كاهناً سميناً صاحبنا الطيّب
بل رجلاً من صلب الرجال كان.

لقد رأيته يسوق مئة رجل
بحزمة حبال منفلتة متأرجحة،
لأنهم حوّلوا البيت العالي المقدّس
إلى مقام للميسر والدانق.

لن يفلحوا في استدراجه إلى الكتاب،
رغم خبث ما يسطّرون؛
فالصاحب الطيّب لم يكن فأر لفائف
ولكنه، بلى، أحبّ البحر العباب.

وإنْ ساورهم ظنّ أنهم اصطادوا صاحبنا الطيّب،
فالحمقى، كلّ الحمق، يكونون.
"سوف أذهب إلى الوليمة"، قال صاحبنا الطيّب،
"رغم أنني سأذهب إلى شجرة الشنق".

"رأيتموني أشفي الكسيح والكفيف،
وأحْيي الموتى"، قال لنا،
"ولسوف ترون أمراً واحداً يفوق هذا كلّه:
كيف يموت الرجل الشجاع على شجرة".

إبناً لله كان الصاحب الطيب
الذي أرادنا أن نكون أشقاءه.
رأيته يلقي الرعب في ألف رجل.
ورأيته معلّقاً إلى شجرة.

لم يصرخ صرخة واحدة وهم يدقّون المسامير
فينبجس الدم حارّاً طليقاً،
وحتى حين صارت لكلاب السماء القرمزية ألسنة،
ما سمعناه يصرخ صرخة واحدة.

مثل البحر الذي لا يطيق السفر
والريح عاتية طليقة،
مثل البحر الذي روّضه في "جَنّيسارَت"
بعشرين كلمة قيلت على عجل.

سيّد البشر كان الصاحب الطيّب،
ورفيق الريح والبحر،
فإذا اعتقدوا أنهم ذبحوا صاحبنا الطيّب
فإنهم الحمقى أبد الدهر.

رأيته يأكل شهد العسل
بعد أن سمّروه إلى شجرة. (4)
أعلى