عبد الجبار الجبوري - ثلاثونَ نَصْلاً لَها في قَلْبي!!.. شعر

يَسبقُني ظِلِّي إليّها، كُلمّا دقَّ بابُ قَلبي، تدخلُ بهَو قصيَدتي بضِحكتِها المُجلّجلةِ، فيصافحُ كفُّ شِعْريْ غصنُ طفولتِها، فتسقط من بين أصابعِها القُبَلُ، وتطيرُ الفراشاتُ على صهوةِ الفَرح، تَمشيْ على وقْعِ خُطاي، بقامتِها الفارعةُ، وعباءتِها السوداء، التي تُشبهُ أيّامي، وعينّاها المضيئتانِ كشمسْ، واُلواسعتانِ كبَحرْ، تُمسِكُ بيدها رائحةَ الليلِ وتفرك بها جفون الغيم، وترشُّ من عطر مواجعِها على وجهِ الرِّيح، فأرى قمراً يخرجُ من بين نهديها، ويحطُّ على كَتِفِ الصباحْ، فيسيلُ على وجهِ الماءِ كحلٌ، وتضحك الرياحْ ، سهواً ألعب بخصلة شعرها، أجلسُ قُربَ دمعتِها، أتدفأُ بالوَجعِ البَريِّ، هذا الشغفُ القتّالُ، الرابضُ تحت جُفونِ الليّلْ، الماسكُ وهَجُ الجمَرات، الخارجُ من قلبِ النجَّمةِ، والنائمِ فوق سرير الشُبهاتْ، ثلاثونَ نَصْلاً، ونَصْلاً، يرتَقيْ نَصلُها قَلبي، هكذا ينهضُ من صبوتِها صوتُها، ويقرأ بيتاً من الشعر ، مكتوباً على سبورة عمري، هذا حبُّها، يغِرزُ بظهرِ الليلِ نصلاً ولا يضيء ، صار يَمْشيْ على وجهِ المَاء ولا يجيءْ، أيهُّا الشبقُ المزروعُ على شِفةِ الأُنثى ، إخرجْ من ماءِ الكلامِ، الى ماءِ الظّلامْ، وأقطُفْ زيتونتينِ إنزرعتا هناك، على شفةِ النهّار تضيئانِ الكونَ كُلّهُّ، تَعالَيْ أيتهُّا الفراشاتُ، وآنثريْ أنجمَكِ على حُلْمتَي نِهديّها، يسّاقطُ رطباً جنّياً، هذا ترابُ فتنتِها، يرسمُ على وجهِ الرِّيح، خريطةَ البُراق ، فتخضرُّ بساتينُ الجَمالِ، وتملأُ السلالَ، من ثمارِ القُبَلِ، هذا كرزُ شفتيّها، وهذا كُحْلُ مُقلتيّها، يمضيانِ فوق هَودجِ الضحُّى، الى جنوبِ الَمطر، ها أنا أباهلُ شمساً لا أراها، وحبيبةً لا ألقّاها، ودمعةً لا أنسّاها، وليلةَ حُبٍّ أحلمُ أنْ أحيّاها، ونجمةً أقتَفي إثرها ما أبهّاها، ثلاثونَ نَصلاً لها بقلبي، وقلبيْ غارق في هواها، وحين يَدلّهمُ ليلُها، وليلُ وَجْدْي، يكون الشوقُ غولاً يداهمني، وأكونُ في المدى وَحْدي، يا ( زمان الوصل) وَصْليْ، إنَّ وَصْلي موجعٌ ، وَوَصلُ من أهوى بعيدٌ ، فكيفَ لا يصْحُو على وقْع خُطاها القصيدُ، نأتِ السّما ، وبات طيفُها أبعدُ من سَما، وأقربُ لي من وريدي ، دنتِ السماءُ فأيقظتْنيْ، ومشَتِ الجبالُ فسبَقتْنِي، وفاضَ نهرُ أخطائي ، فأغرق الخُطا، ودجا ليلُ أمسيْ، وما عادَتْ نجمةُ السَّهر، تفّرقَ القوّمُ في ليلِ الأسى، وَلّيّلَ الليِلُ، وغابَ من جِلسةِ العُمْر السَّمر، ثلاثون نصلاً، أرتقي بها ُجلجلةَ الرّدى ، هذا مسيحُ الجلجلة، قداسه قلبي، تسيلُ من أردانهِ الدِّما، صليّبهُ مُعلّقٌ براحتي ، ووجههُ يعانق السَّما، ماضرّ ياسيدتي، لو تأجّلَ السَّفر، كنت إنتظرتِ لحظةً ، كي يَطلعَ القَمر، فبعدُكِ كل النجوم إنطفأتْ ، والطيورُ هاجرتْ، والجبال سُيرّتْ، وسُجّرتْ كلُّ البُحور، وأنتِ تصعَدين جبلَ التوّبادِ الى قلبي، وقَلبيْ مزّقْتهُ الُنصُولُ …..

الموصل
25-آذار- 2020


أعلى