حينما نتكلم عن التوظيف الواعي المعرفي الجمالي فنيا نقول : تظهر امكانية المبدع بوساطة استدعاء كل ما من شأنه أن يغني نصه, وهذا – قطعا – ثيمة تشير إلى نسبية المستوى الإبداعي.
من هنا حاولت أن أقف في هذه القراءة على ملمح بارز في هذه المجموعة, ومن ثم نقيَم, هل أن القاص كـــان موفقا فـــي نصوصه التي وظفت هـذه الظـــاهرة (الموت )؟ .
لا جدال إن الموت أخذ مساحة لافتة في الأدب منذ بدايته فهذه (ملحمة كلكامش) تستقطب هذه الفكرة :
إذا ما مت أفلا يكون مصير يمثل انكيدو
لقد حل الحزن والأسى في روحي
خفت من الموت وها أنا أهيم في البراري
إذاَ مفارقة الدنيا كانت وما زالت هاجسا لدى الأدباء مذ أزلهم, وقد يكون الموت أداة فنية تصويرية لخلجاتهم يسقطون ما يدور بخلدهم رمزا أو ايحاء, من هذا المنطلق سنسلط الضوء على تمثلات الموت في هذه المجموعة ( رقصة الموتى ), بوصفها ظاهرة متكررة في النصوص, فضلا علــى أنها البنية التي اتكأ عليها القاص :
التشكل الاول : ( موت المحنة- المعيشة بتشكلها المادي )
وفيه جملة من التمثلات منها :
· موت ( التحدي)
لو تأملنا بعض عينات المجموعة, نجد أن القاص أفرز لنا أحد أنواع الموت وهو موت الواقع المتمثل بالتحديات تجاه الحياة التي عاشها الكاتب, فمثلا قصة (شموخ ) يرسم لنا تشكل صوري لشخصية تقتضي الشجاعة وتؤمن بالتحدي, المقاتل هنا لديه فكرة الموت عبارة عن ايمان بالرقي والارتقاء لدرجة أنه تبسم وهو أشد حلاته, كذلك رسم القاص صورة مجازية بترابط الموت مع شموخه الذي لامس المساء يقول الراوي :
(( اشتد أزيز الرصاص, تسابقوا مطأطئين الرؤوس, انعكس ظله باسما, يناطح السماء مقتبعا خوذة مثقوبة. )) .
وهذا النوع من رقصة الموت نجدها في العديد من قصص المجموعة .
· موت ( الإرهاصات الفكرية )
وهنا نأخذ عينة قصة ( تاريخ ), ففي هذا النص استطاع الكاتب أن يسقط ويوثق لمعاناة المحنة التاريخية ذات المنشأ الفكري المرتبطة بواقع معيش وارهاصات ماض مشوه بالموت, موت من نوع لا يعرف الرحمة, محاولا بذلك أن يغني النص بتوليفة رامزة باستدعاء شخصية -الحسين بن علي عليهما السلام– وعده ايقونة المظلومية بوساطة الجز من القفى بوصفها شخصية دينية جسدت مظلومية المصلح, محاولا بذلك شد المتلقي نحو نصه تعاطفا لملح هذا الشخص, ومن ثم رسم صورة لواقع مرعب يقول السارد :
(( أفزعني مقطع فيديو لعملية جز الرقاب, أعدت المقطع مرة أخرى تسارع المانشيت كثيرا, رأيتهم يذبحون الحسين من القفا. )) , وهنا نجد أن القاص استدعى لفظة ( تسارع المناشيت ) وهي دلالة سيميائة لإعادة الزمن نفسه المعتمد لغة القتل المسيس, فالكاتب يرى أن الزمن رجع ب الحسين (ع) بشكل سريع, متمثلا بالمظلومية و طغيان الانحراف الفكري.
· موت ( افراز القهر السياسي )
لم يغفل القاص عباس عجاج المفصل الأهم في تجربة البلد الحديثة, المتمثلة بنسق السلطة, لذا حاول أن يوظف الموت برقصة من رقصاته, رقصة (موت الافراز السلطوي ) , يقول في قصة ( ارتجال ) :
(( ارتقيت المنصة, ألقيت قصديتي في حضرة الرئيس, مطلعها : الله اكبر ... الله اكبر , نظرت بوجه معاليه, أكملت الشهادتين. )) , فالقاص في هذا النص كان موفقا بشكل كبير, فقد أطر المسرود بسيميائية حدث موحي, يفيد اشاريا لسلبية الحاكم المتجبر, فبرغم الاختزال رسم صورة في ذهن المتلقي لفكرته المتوخاة .
أما في نص ( استجواب ) فقد عمد الكاتب إلى الإيحاء لفكرة (قتل الحرية ) انتقادا للواقع السياسي يقول:
(( كان مصرا على إنها اللغة الوحيدة التي أفهمها, قالها مرارا, حين اقتربت من الفهم, كانت قد نفدت السياط. )), من الملاحظ أن الراوي وهو الشخصية الممسرحة سعى جاهدا إلى نقل صورة الاضطهاد الذاتي التي قيدت الحرية, إذ تقابل من قبل نسق السلطة بلغة القهر المرمز لها بالسياط , وكان المتسلط لا يجيد أبجديات أي لغة إلا لغة الوجع والدم , وبهذا يتمظهر قتل الإرادة ومن ثم قتل الذات .
ثانيا : موت ( التماهي )
ارتبطت رقصة الموت هذه عند الكاتب بالعامل السويوكولوجي (نفسي) , إذ كان يتحسس المعاناة المتجسدة ببنية الاستلاب , فالموت عنده غمامة احتوشت كل ما حوله, لا تكاد جزئية من جزئيات الحياة تفرقها, وهنا يميل بنا أحد نصوص المجموعة إلى الجانب الأكثر هدوءا في الحياة, والطبيعة التي هي الملاذ ( القرية ), حلول عباس عجاج أن يرسل لنا ( رؤيوية ) إن الموت تواشج مع كل الأمكنة, وإن القرية أمست ملاذا للحزن والوجع بسبب رقصات الموتى, وحين نشأ فراغ شبح الموت جعل من ذاته ثيمة نفسية لتجسيد متتالية رقصته للموت, فما كان منه إلا أن يكون قربانا لإلهة الحزن والوجع, وهنا يرغب القاص بأن يوصل فكرة أن الموت متلازمة حتمية لثقافة أهل القرية, والتي هي اشارة سيميائة للوطن وهذا ما نلمسه في نص ( مراسيم زفاف) يقول:
(( منذ اندلاع الحرب, يصطف رجال القرية حول جنازة شهيد وصل رفاته للتو, اليوم لم يصل للقرية أي رفات, إلا أن القرويين اصطفوا لصلاة الجنازة أتقدمهم مسجى في صندوق خشبي. )) .
ثالثا : موت ( المعاني غير المحسوسة )
لم تقتصر رقصات الموت عند الأديب عباس عجاج عند المحسوس, فمثّل جسد الموت غير المادي كالفضائل والأحلام ....الخ .
لقد تعددت صور موت اللا محسوس عند الكاتب ولكثرتها سنكتفي بعدد من العينات ( موت الفرح ), تمثلات هذا النوع الذي ورد اشاريا ايحائيا, الموت الذي تمظهر نتيجة الفقر والعوز إذ تجز السعادة على أعتاب الحرمان, وهذا ما صورته قصة ( سنة جديدة ) إذ يقول الراوي :
(( بابا نويل مر هنا, قدم هداياه إلى أولاد الأغنياء.
رحل مبتعدا, بينما دمعتي تلاحق ظله. )) .
ومن أنواع الموت في المجوعة ( موت أمل السلام ) فهنا استدعاء القاص شخصية وردت في التراث الاسلامي كرمز للقتل, وهي شخصية القاتل الأول في الكون ( قابيل ) كإشارة لرقصة موت السلام المستقبلي, ففي نص ( وتد ) يسرد :
(( آثار النصل المغروس على رفات يشبهني, أثبتت أن ثمة دورة ألفية للحياة, مذيعة الأخبار قالت : من المرتقب ولادة قابيل الليلة. )) .
( موت الفضيلة ) ومن مفاصل الموت التي وردت في المجموعة كثيمة تشخيص سلوك الانحراف الخلقي في الحياة المعيشية المتفشي نص ( حلال وحرام ) يقول الراوي غير المشارك:
(( يحاول دس المال لإنجاز معاملته, صرخت به : اغرب عن وجهي ...وملوحا إليه : هات المبلغ بعد الافطار! )) , من خلال استقراء النص نجد أن ( رقصة الموتى ) هنا جاءت متمظهرة وفق ( ثنائية متضادة ), وهي (السلوك الديني ) والمفروض أن تكون له مصادق عملية و ( نزعة أكل الحرام), وهنا يعد (تمثلات موت اللامادي ) من أجمل ما وظف في المجموعة, ولكثر العينات اكتفينا بقسم منها .
وعليه لابد من الإشارة إلى إن القاص كان شموليا في بوحه للغة القتل, والموت بأنواعه المتعددة, وهذا أمر طبيعي لأن الأديب الحق هو ابن البيئة التي يعيشها, وهو بذلك مثَل لنا نظرية ( الفن من أجل المجتمع ), فالكاتب تغافل بقصد عن مشاكله الذاتية, و جسد لنا البنية الموضوعية المتعلقة بالحياة, فشخص تارة وعالج أخرى .
من هنا حاولت أن أقف في هذه القراءة على ملمح بارز في هذه المجموعة, ومن ثم نقيَم, هل أن القاص كـــان موفقا فـــي نصوصه التي وظفت هـذه الظـــاهرة (الموت )؟ .
لا جدال إن الموت أخذ مساحة لافتة في الأدب منذ بدايته فهذه (ملحمة كلكامش) تستقطب هذه الفكرة :
إذا ما مت أفلا يكون مصير يمثل انكيدو
لقد حل الحزن والأسى في روحي
خفت من الموت وها أنا أهيم في البراري
إذاَ مفارقة الدنيا كانت وما زالت هاجسا لدى الأدباء مذ أزلهم, وقد يكون الموت أداة فنية تصويرية لخلجاتهم يسقطون ما يدور بخلدهم رمزا أو ايحاء, من هذا المنطلق سنسلط الضوء على تمثلات الموت في هذه المجموعة ( رقصة الموتى ), بوصفها ظاهرة متكررة في النصوص, فضلا علــى أنها البنية التي اتكأ عليها القاص :
التشكل الاول : ( موت المحنة- المعيشة بتشكلها المادي )
وفيه جملة من التمثلات منها :
· موت ( التحدي)
لو تأملنا بعض عينات المجموعة, نجد أن القاص أفرز لنا أحد أنواع الموت وهو موت الواقع المتمثل بالتحديات تجاه الحياة التي عاشها الكاتب, فمثلا قصة (شموخ ) يرسم لنا تشكل صوري لشخصية تقتضي الشجاعة وتؤمن بالتحدي, المقاتل هنا لديه فكرة الموت عبارة عن ايمان بالرقي والارتقاء لدرجة أنه تبسم وهو أشد حلاته, كذلك رسم القاص صورة مجازية بترابط الموت مع شموخه الذي لامس المساء يقول الراوي :
(( اشتد أزيز الرصاص, تسابقوا مطأطئين الرؤوس, انعكس ظله باسما, يناطح السماء مقتبعا خوذة مثقوبة. )) .
وهذا النوع من رقصة الموت نجدها في العديد من قصص المجموعة .
· موت ( الإرهاصات الفكرية )
وهنا نأخذ عينة قصة ( تاريخ ), ففي هذا النص استطاع الكاتب أن يسقط ويوثق لمعاناة المحنة التاريخية ذات المنشأ الفكري المرتبطة بواقع معيش وارهاصات ماض مشوه بالموت, موت من نوع لا يعرف الرحمة, محاولا بذلك أن يغني النص بتوليفة رامزة باستدعاء شخصية -الحسين بن علي عليهما السلام– وعده ايقونة المظلومية بوساطة الجز من القفى بوصفها شخصية دينية جسدت مظلومية المصلح, محاولا بذلك شد المتلقي نحو نصه تعاطفا لملح هذا الشخص, ومن ثم رسم صورة لواقع مرعب يقول السارد :
(( أفزعني مقطع فيديو لعملية جز الرقاب, أعدت المقطع مرة أخرى تسارع المانشيت كثيرا, رأيتهم يذبحون الحسين من القفا. )) , وهنا نجد أن القاص استدعى لفظة ( تسارع المناشيت ) وهي دلالة سيميائة لإعادة الزمن نفسه المعتمد لغة القتل المسيس, فالكاتب يرى أن الزمن رجع ب الحسين (ع) بشكل سريع, متمثلا بالمظلومية و طغيان الانحراف الفكري.
· موت ( افراز القهر السياسي )
لم يغفل القاص عباس عجاج المفصل الأهم في تجربة البلد الحديثة, المتمثلة بنسق السلطة, لذا حاول أن يوظف الموت برقصة من رقصاته, رقصة (موت الافراز السلطوي ) , يقول في قصة ( ارتجال ) :
(( ارتقيت المنصة, ألقيت قصديتي في حضرة الرئيس, مطلعها : الله اكبر ... الله اكبر , نظرت بوجه معاليه, أكملت الشهادتين. )) , فالقاص في هذا النص كان موفقا بشكل كبير, فقد أطر المسرود بسيميائية حدث موحي, يفيد اشاريا لسلبية الحاكم المتجبر, فبرغم الاختزال رسم صورة في ذهن المتلقي لفكرته المتوخاة .
أما في نص ( استجواب ) فقد عمد الكاتب إلى الإيحاء لفكرة (قتل الحرية ) انتقادا للواقع السياسي يقول:
(( كان مصرا على إنها اللغة الوحيدة التي أفهمها, قالها مرارا, حين اقتربت من الفهم, كانت قد نفدت السياط. )), من الملاحظ أن الراوي وهو الشخصية الممسرحة سعى جاهدا إلى نقل صورة الاضطهاد الذاتي التي قيدت الحرية, إذ تقابل من قبل نسق السلطة بلغة القهر المرمز لها بالسياط , وكان المتسلط لا يجيد أبجديات أي لغة إلا لغة الوجع والدم , وبهذا يتمظهر قتل الإرادة ومن ثم قتل الذات .
ثانيا : موت ( التماهي )
ارتبطت رقصة الموت هذه عند الكاتب بالعامل السويوكولوجي (نفسي) , إذ كان يتحسس المعاناة المتجسدة ببنية الاستلاب , فالموت عنده غمامة احتوشت كل ما حوله, لا تكاد جزئية من جزئيات الحياة تفرقها, وهنا يميل بنا أحد نصوص المجموعة إلى الجانب الأكثر هدوءا في الحياة, والطبيعة التي هي الملاذ ( القرية ), حلول عباس عجاج أن يرسل لنا ( رؤيوية ) إن الموت تواشج مع كل الأمكنة, وإن القرية أمست ملاذا للحزن والوجع بسبب رقصات الموتى, وحين نشأ فراغ شبح الموت جعل من ذاته ثيمة نفسية لتجسيد متتالية رقصته للموت, فما كان منه إلا أن يكون قربانا لإلهة الحزن والوجع, وهنا يرغب القاص بأن يوصل فكرة أن الموت متلازمة حتمية لثقافة أهل القرية, والتي هي اشارة سيميائة للوطن وهذا ما نلمسه في نص ( مراسيم زفاف) يقول:
(( منذ اندلاع الحرب, يصطف رجال القرية حول جنازة شهيد وصل رفاته للتو, اليوم لم يصل للقرية أي رفات, إلا أن القرويين اصطفوا لصلاة الجنازة أتقدمهم مسجى في صندوق خشبي. )) .
ثالثا : موت ( المعاني غير المحسوسة )
لم تقتصر رقصات الموت عند الأديب عباس عجاج عند المحسوس, فمثّل جسد الموت غير المادي كالفضائل والأحلام ....الخ .
لقد تعددت صور موت اللا محسوس عند الكاتب ولكثرتها سنكتفي بعدد من العينات ( موت الفرح ), تمثلات هذا النوع الذي ورد اشاريا ايحائيا, الموت الذي تمظهر نتيجة الفقر والعوز إذ تجز السعادة على أعتاب الحرمان, وهذا ما صورته قصة ( سنة جديدة ) إذ يقول الراوي :
(( بابا نويل مر هنا, قدم هداياه إلى أولاد الأغنياء.
رحل مبتعدا, بينما دمعتي تلاحق ظله. )) .
ومن أنواع الموت في المجوعة ( موت أمل السلام ) فهنا استدعاء القاص شخصية وردت في التراث الاسلامي كرمز للقتل, وهي شخصية القاتل الأول في الكون ( قابيل ) كإشارة لرقصة موت السلام المستقبلي, ففي نص ( وتد ) يسرد :
(( آثار النصل المغروس على رفات يشبهني, أثبتت أن ثمة دورة ألفية للحياة, مذيعة الأخبار قالت : من المرتقب ولادة قابيل الليلة. )) .
( موت الفضيلة ) ومن مفاصل الموت التي وردت في المجموعة كثيمة تشخيص سلوك الانحراف الخلقي في الحياة المعيشية المتفشي نص ( حلال وحرام ) يقول الراوي غير المشارك:
(( يحاول دس المال لإنجاز معاملته, صرخت به : اغرب عن وجهي ...وملوحا إليه : هات المبلغ بعد الافطار! )) , من خلال استقراء النص نجد أن ( رقصة الموتى ) هنا جاءت متمظهرة وفق ( ثنائية متضادة ), وهي (السلوك الديني ) والمفروض أن تكون له مصادق عملية و ( نزعة أكل الحرام), وهنا يعد (تمثلات موت اللامادي ) من أجمل ما وظف في المجموعة, ولكثر العينات اكتفينا بقسم منها .
وعليه لابد من الإشارة إلى إن القاص كان شموليا في بوحه للغة القتل, والموت بأنواعه المتعددة, وهذا أمر طبيعي لأن الأديب الحق هو ابن البيئة التي يعيشها, وهو بذلك مثَل لنا نظرية ( الفن من أجل المجتمع ), فالكاتب تغافل بقصد عن مشاكله الذاتية, و جسد لنا البنية الموضوعية المتعلقة بالحياة, فشخص تارة وعالج أخرى .