صدرت هذه الأيام رواية (سكاكين عمياء).. تلك الرواية (الحدث) اذ اعتنى بها الكتَّاب والنقاد على حد السواء ولفتت انتباه الرأي العام التونسي
وهي للكاتب والباحث الدكتورعبد القادر العليمي..
صاحب مقولة ياسمين أكثر .. خيبات أقلَّ..
قارئ هذه الرواية لا بدَّ ان يتذكر حوارا هاما مع المجلة الفرنسية : / مجلّة باريس ريفيو/ للناقد والفيلسوف والروائي والمنظّر الإيطالي أمبرتو إيكو الذي يقول : "الرواية بالنسبة لي ليست مجرّد نسخة خياليّة من أحداث حقيقيّة بقدر ما أنّها تساعدنا على فهم أفضل للتّاريخ والسياسة الواقعيّين.
والمتتبع لكتابات الاستاذ عبد القادر العليمي الدكتور والباحث يلاحظ ان الرواية عنده دائما تربط المفهوم الروائي التاريخيّ بعناصر الرواية التكوينيّة bildungsroman."
وأنه مهما تكن سيميائية المكان، وسيميائية الزمن، وسيميائية الشخصيات وسيميائية اللغة السردية، ومهما اعتمد النقاد مقاربات ومناهج مختلفة منهجا وإجرائيات، فانها تعتني بالبحث في الشخصيات رأسا وتمفصلات السياسة والتاريخ وشاعرية الأنساق السردية..
ذلك ان البنى السردية وتمفصلاتها الدلالية تكشف نواميس الولوج للنص السردي..
فكما كانت جميع روايات امبرتو ايكو تحتفي بالشخصية النامية تلك الشخصيّة الشابّة التي تنمو بسيرتها الذاتية وتتعلّم من تاريخها وتعاني عبر سلسلة من التّجارب من اضطهاد السياسة ومهاوي التاريخ ..
فكذا رواية (سكاكين عمياء) سيرة شخصية شابة تفتح الرؤية عن ملف الفساد السياسي والتاريخي..
====================
اولا في أركيولوجية الراوي والمؤلف
===================
حري بنا أن نذهب مع الكاتب جورج ارويل الى اعتبار اللغة السياسية مصمِّمَة على أن تجعل من الأكاذيب حقائق صادقة ومن جرائم القتل أمرا محترما، ومن الهواء النقي مادة دقيقة الصلابة.. ومن الخيال حقيقة. لكننا في الآن نفسه لن نقدر أن نوهم أنفسنا بأننا لن نقتنع بمقولة "هرقليدس" من أنه لا يتشكل الطبع الجيد في أسبوع أو شهر. وأنه تتكون الشخصية الروائية شيئا فشيئا، وحدث بعد حدث. وأنه لابد من جهد قرائي مديد وصبر مطلوب لقراءة متأنية للأثر صلبة ...
وتلك غاية الأدب ومرمى حجررواية (سكاكين عمياء).. اذ تنمو بها شخصية(الفكرون) متعلما من التاريخي ومتعاليا عن الكرسي والزعامة بفن السياسة..
فكما ينقب الاركيولوجي عن الآثار بباطن الأرض وتحت التراب ويزيل الطبقات تلو الطبقات فان الأديب ودارس الأدب وقارئ (سكاكين عمياء) ما هو الا أركيولوجي للغة بقدر مقدور ينقب عن المعنى في الفضاء المبذول ومزود بمشارط النقد معتمدا عن المبنى والمعمار روائيا وسرديا اختلافا ومثاقفة..حتى تبدت تلك الكتابة الروائية ذلك الشكل التعبيري الدقيق الذي يوهم بواقعيته ويكاد..
================
في التجنيس والمثاقفة السياسية
================
قبل الفصل الاول يقحمنا الكاتب في وهم أنّ النص مروي من وثيقة (عثرتُ انا حورية الدالي ) بعد شهر من غياب صابر الأسود (الشخصية الرئيسية ) " انا حورية الدالي على حقيبة...في قاع الحقيبة الجلدية تحسست (قليِّم) flash..يستعمل لتخزين المعلومات..[...] وصلت الـ(قليِّم) بجهاز اللابتوب وقرأت".. كما لو كان اعترافا بوضعه بجنس السيرغيرية.. لكن الرواية نفسها هي سيرة الكاتب الذاتيّة.. كما قال امبرتو ايكو لكن ما يميزها جرأة ما تطرحه رواية (سكاكين عمياء) من خلال مساءلتها الواقع لم يثن كاتبها على ان تزخر بشعرية فائقة ومشاعر جياشة بالحب نابذة للكراهية والأحقاد فقد قدمت نماذج من الشخصيات تحتفي وتحتفل بذلك الجانب السياسي الذي يؤرخ للغربة الوجودية تلك نزاعات الابدية بين الشعوب التي تتنوع أسبابه ومظاهره بأقدار متفاوتة . فبعض الصراعات نزاع على أحقية الذات بالوجود ، وبعضها بسبب تفاوت بالتوزيع فمن الثروة المفرطة إلى الفقر المدقع.. في حين نرى التاريخي فيها كامنا في السياسي الذي يؤدلج للنزاع المذهبى – الدينى ، وان كان بعضه أيديولوجيا ، وبعضه عرفاني ، ولكنه كان وفيا للواقعية الروائية اذ لم يتخلَّ عن اتهام كل الجهات بالتبعية للجهات الأخرى واستغلال وحدة القرار الذاتي..
من الوهلة الاولى يوهمنا الكاتب أن كلّ رواية سيرة ذاتيّة بامتياز. يدخل السارد شخصيته صابر الأسود المكنى ب(الفكرون..) أتون التخييل ويكسبها بعض ذكرياته الشخصيّة. ويعطيها جزءا من ذاته وما بقي من أجزاء يوزعها لشخصيّات ثانوية أخرى. وهو في هذا كلِّه لا يكتب أيّ نوع من السيرة الذاتيّة، وانما الرواية نفسها هي سيرته الذاتيّة.
وهي للكاتب والباحث الدكتورعبد القادر العليمي..
صاحب مقولة ياسمين أكثر .. خيبات أقلَّ..
قارئ هذه الرواية لا بدَّ ان يتذكر حوارا هاما مع المجلة الفرنسية : / مجلّة باريس ريفيو/ للناقد والفيلسوف والروائي والمنظّر الإيطالي أمبرتو إيكو الذي يقول : "الرواية بالنسبة لي ليست مجرّد نسخة خياليّة من أحداث حقيقيّة بقدر ما أنّها تساعدنا على فهم أفضل للتّاريخ والسياسة الواقعيّين.
والمتتبع لكتابات الاستاذ عبد القادر العليمي الدكتور والباحث يلاحظ ان الرواية عنده دائما تربط المفهوم الروائي التاريخيّ بعناصر الرواية التكوينيّة bildungsroman."
وأنه مهما تكن سيميائية المكان، وسيميائية الزمن، وسيميائية الشخصيات وسيميائية اللغة السردية، ومهما اعتمد النقاد مقاربات ومناهج مختلفة منهجا وإجرائيات، فانها تعتني بالبحث في الشخصيات رأسا وتمفصلات السياسة والتاريخ وشاعرية الأنساق السردية..
ذلك ان البنى السردية وتمفصلاتها الدلالية تكشف نواميس الولوج للنص السردي..
فكما كانت جميع روايات امبرتو ايكو تحتفي بالشخصية النامية تلك الشخصيّة الشابّة التي تنمو بسيرتها الذاتية وتتعلّم من تاريخها وتعاني عبر سلسلة من التّجارب من اضطهاد السياسة ومهاوي التاريخ ..
فكذا رواية (سكاكين عمياء) سيرة شخصية شابة تفتح الرؤية عن ملف الفساد السياسي والتاريخي..
====================
اولا في أركيولوجية الراوي والمؤلف
===================
حري بنا أن نذهب مع الكاتب جورج ارويل الى اعتبار اللغة السياسية مصمِّمَة على أن تجعل من الأكاذيب حقائق صادقة ومن جرائم القتل أمرا محترما، ومن الهواء النقي مادة دقيقة الصلابة.. ومن الخيال حقيقة. لكننا في الآن نفسه لن نقدر أن نوهم أنفسنا بأننا لن نقتنع بمقولة "هرقليدس" من أنه لا يتشكل الطبع الجيد في أسبوع أو شهر. وأنه تتكون الشخصية الروائية شيئا فشيئا، وحدث بعد حدث. وأنه لابد من جهد قرائي مديد وصبر مطلوب لقراءة متأنية للأثر صلبة ...
وتلك غاية الأدب ومرمى حجررواية (سكاكين عمياء).. اذ تنمو بها شخصية(الفكرون) متعلما من التاريخي ومتعاليا عن الكرسي والزعامة بفن السياسة..
فكما ينقب الاركيولوجي عن الآثار بباطن الأرض وتحت التراب ويزيل الطبقات تلو الطبقات فان الأديب ودارس الأدب وقارئ (سكاكين عمياء) ما هو الا أركيولوجي للغة بقدر مقدور ينقب عن المعنى في الفضاء المبذول ومزود بمشارط النقد معتمدا عن المبنى والمعمار روائيا وسرديا اختلافا ومثاقفة..حتى تبدت تلك الكتابة الروائية ذلك الشكل التعبيري الدقيق الذي يوهم بواقعيته ويكاد..
================
في التجنيس والمثاقفة السياسية
================
قبل الفصل الاول يقحمنا الكاتب في وهم أنّ النص مروي من وثيقة (عثرتُ انا حورية الدالي ) بعد شهر من غياب صابر الأسود (الشخصية الرئيسية ) " انا حورية الدالي على حقيبة...في قاع الحقيبة الجلدية تحسست (قليِّم) flash..يستعمل لتخزين المعلومات..[...] وصلت الـ(قليِّم) بجهاز اللابتوب وقرأت".. كما لو كان اعترافا بوضعه بجنس السيرغيرية.. لكن الرواية نفسها هي سيرة الكاتب الذاتيّة.. كما قال امبرتو ايكو لكن ما يميزها جرأة ما تطرحه رواية (سكاكين عمياء) من خلال مساءلتها الواقع لم يثن كاتبها على ان تزخر بشعرية فائقة ومشاعر جياشة بالحب نابذة للكراهية والأحقاد فقد قدمت نماذج من الشخصيات تحتفي وتحتفل بذلك الجانب السياسي الذي يؤرخ للغربة الوجودية تلك نزاعات الابدية بين الشعوب التي تتنوع أسبابه ومظاهره بأقدار متفاوتة . فبعض الصراعات نزاع على أحقية الذات بالوجود ، وبعضها بسبب تفاوت بالتوزيع فمن الثروة المفرطة إلى الفقر المدقع.. في حين نرى التاريخي فيها كامنا في السياسي الذي يؤدلج للنزاع المذهبى – الدينى ، وان كان بعضه أيديولوجيا ، وبعضه عرفاني ، ولكنه كان وفيا للواقعية الروائية اذ لم يتخلَّ عن اتهام كل الجهات بالتبعية للجهات الأخرى واستغلال وحدة القرار الذاتي..
من الوهلة الاولى يوهمنا الكاتب أن كلّ رواية سيرة ذاتيّة بامتياز. يدخل السارد شخصيته صابر الأسود المكنى ب(الفكرون..) أتون التخييل ويكسبها بعض ذكرياته الشخصيّة. ويعطيها جزءا من ذاته وما بقي من أجزاء يوزعها لشخصيّات ثانوية أخرى. وهو في هذا كلِّه لا يكتب أيّ نوع من السيرة الذاتيّة، وانما الرواية نفسها هي سيرته الذاتيّة.