دامبز ماريشرا
شاعر من زيمبابوي، ولد في روديسيا يون 4 يونيو 1952 وتوفي في هراري يوم 18 غشت 1987 عن سن لا تتجاوز 35 سنة، في مناخ يتسم بالعنصرية والظلم والفقر والعنف .
دامبز ماريشرا
———
كان دائماً «يلملم» أغراضه ويغادر من مكان الي أخر في "هراري" بالرغم أنه لا يملك الكثير من متاع الدنيا...كان كاتبا مشهوراً بين ابناء جيله من سلسلة الادباء الافارقة، ولكن لم يكن لديه مقتنيات مادية تظهر تلك الشهرة، فقد كان مشرداً يتجول في الشوارع، ينام على مقاعد الحدائق العامة، ولم يكن يملك سوى آلة كاتبة وقليلاً من الكتب....في عام 1987 ترك أغراضه وغادر بلا عودة.
الكاتب والشاعر الزيمبابوي “دامبز ماريشرا” أو dambudzo marechera من أكثر الأدباء المتميزين في أفريقيا، وصفت طريقته بالكتابة بأنها “صدمة أدبية لاسلطوية” جعلته يطرد من جميع الاماكن النخبوية أو الاكاديمية مثلما طرد من كلية نيو كولدج باكسفورد بعد كتابته قصيدة "المجتمع الأبيض النموذجي" .
"لماذا أفكر أو أكتب وفقا لما ينتظره الرجل الأبيض؟ لماذا أتصرف مع صديقتى الإنجليزية وفقا لما أظنه نموذجيا فى عقلها؟ لماذا أدخل فى مراتبيتكم الأخلاقية فأحترم السلطة الأبوية بالضرورة ؟؟ بالقطع إننى أقوم بتمثيل دور ما فى مجتمعكم ،أتوق للنموذج المتفق عليه عندكم.. مع مرور الوقت قد أتلاشى تماما ولا يبقى منى سوى ما تريدون أنتم، بل وأكثر من هذا فسوف أنتظر منكم بدورى ما أتوقعه منكم."
بعد ان طرد من “ نيو كولدج” كتب إلى رفاقه في زيمبابوي:
"طردني هؤلاء المنافقون من جامعتهم البيضاء لمجرد اني عبرت عن ارائي بحرية وأعطوني خيارين إمّا الانقطاع للعلاج أو الطرد، فاخترت الخيار الأخير، قرار صدمهم في دهائهم المشوه"
من اروع الاعمال التي قراتها ل "ماريشرا" رواية “منزل الجوع”، “أشعة الشمس الداكنة”، “الدخيل الأسود”، “انفجار العقل”، “مقبرة العقل”.
المتابع لحركة الادب الافريقي يعلم جيدا ان افتتاحية "حصلت على أشيائي وغادرت” التي كتبها "ماريشرا"" في رواية “منزل الجوع” التي حازت علي جائزة افضل كتاب لعام 1979 في الجارديان، تعتبر من أروع الافتتاحيات في الأدب الأفريقي من وجهة نظري، وتعتبر ايضا ملخص لحياة كاتب. دائما يأخذ أشياءه ويرحل، لم يكن يأبه للجوائز أو المناصب القيمية النخبوية أو الأكاديمية، كان في سنواته الأخيرة بلا مأواً ينام على مقاعد الحدائق في هاراري بزمبابوي، كل ما كان لديه هو الة كاتبة وكتب ل “باكونين” و”كروبوتكين”.
منذ فترة كنا نتناقش انا وبعض الأصدقاء عن تعقيد أفكاره وريديكالية أسلوبه في الكتابة....مثلا في موضوع الإله والخلق، ذكر "ماريشرا":
"هناك فنان تخصص في رسم البورتريه، هل تعلم ما كان يفعل ليرسم ذبائنه؟ كان يدرس أحذيتهم، لو أنه الآن هنا لدرس حذاءك حتى يعرف كل شيئ عنك، كما يدرس الآخرون شجر النخيل، وآخرون يدرسون شكل جمجمتك. كلهم مشعوذون. آخرون يقرأون أوراق الشاي في قعر فنجانك، وهنالك آخرون أيضًا يدرسون أحلامك واتساق عملية الإخراج، والمخاط الذي يجري من أنفك، وخريطة البثور على وجهك ومؤخرتك. الحياة. كما لو أننا جميعًا مختبئون من الإله، وعليه أن يدرسنا بهذا الشكل ليكتشف طبيعة الأوغاد الذين خلقهم. إذا خلقت حياةً من نفسك، فهل يعد هذا سفاح القربى؟ هذا ما فعله، داعب الإله قضيبه ليقذفنا الى العالم."
"أنا ضد كل شيئ"، كان "slogan" لاسلطوي أعلنه "ماريشرا" في إحدى أشهر قصائده "دودة كرسي البار الصالحة للأكل"
"أنا ضد كل شئ
ضد الحرب وضد أولئك الذين هم ضد الحرب
ضد أي شئ يعارض الاندفاع الأعمى للثورة أو الحرب"
رواية "أدب الأطفال المعذب" كانت محاولة من "ماريشرا" لتصوير حياة "الاطفال" تصويراً واقعياً دون إغراق في المثاليات، أو جنوح صوب الخيال.
“جيمس” كان يُساق بالركلات والصياح الى المدرسة، إلى الكنيسة، إلى طاولة الطعام، إلى تحية العلم، إلى السرير بلا عشاء. “جيمس” هو كيف يعذب الإنسان الكبير إنسانًا آخر صغيراً، إذا كنت إنسانًا صغيرًا يجب أن تخبر عنهم منظمة الأمم المتحدة التي تملك قبضة أكبر من قبضة أبيك.
التلفزيون يعذب الأناس الصغار، إنه يجعلهم يفكرون بدراجة “بي إم اكس” والمقتنيات، إنه يجعلهم تصاميم مصغرة من “جيمس” البالغ الذي سيصبحون مثله مع الوقت، إنه يجعلهم يستمتعون بمشاهدة تدمير الأشياء (على التلفاز) وبذلك يصبحون متعبين من تدمير المجتمع الذي هو في الحقيقة مصحة عقلية. المجنون هو من يعرف بأن هنالك شيئ خاطئ في مكان ما لكنه لا يعلم ماهيته. المصحة هي المكان الذي سيضعونني فيه عندما يمسكون بك تقرأ ما أكتب"
في قصيدة "مقبرة العقل" انتقد بجرأة صورة المسيح والكنيسة.
“أغلقت الأبواب الضخمة خلفي ومشيت برفق باتجاه المذبح، كنت في أفيون الناس، الصليب الضخم تدلى من سلسلة علـقت بالسقف، وقفت أنظر الى المسيح المصلوب، بدا لي أنه بحاجة الى شراب قوي، بدا وكأنه ضاجع امرأة من الخلف لتوه، بدا وكأنه لم يدخل دورة المياه لألفي عام، بدا كما شعرت. تلك كانت الصلة”.
في كتاب "الدخيل الاسود" تحدث حول العلاقة بين الأسود والكتابة.
"بالنسبة لكاتب أسود فان اللغة عنصرية جدًا؛ عليك أن تخوض معها حربًا مروعة بشَعرٍ مُنتصب قبل أن تطوعها لتفعل كل ما تريدهُ منها، وهذا ينطبق على الكتاب النسوييات السود في امريكا، فهم يصارعون اللغة الإنجليزية الذكورية، ولذلك تتبع النسوييات ذات التكتيكات، وهذا يشملُ، التخلصَ من القواعد، رمي تركيب الجُمل بعيدًا، تدمير الصور من الداخل، قرع طبول وصنجات الإيقاع ، تطوير غرفة تعذيب قوامها السخرية والتهكم، أفران الغاز من صدىً أسود"
“دامبز ماريشرا” كان مجادلاً ومتخذًا موقفًا حازمًا بأن الأدب لا يمكن أن يصنّف على أساس العرق أو اللغة أو القومية....هذه الملاحظة الذي ابداه في رواية "منزل الجوع".
"إن كنتَ كاتبًا لعرق معين أو أمة معينة، إذًا تبًا لك."
العذاب النفسي الذي كابده “دامبز ماريشرا” والمحتبس في ذاته منذ طفولته بفعل التسلط والصراع الطبقي في مجتمعه لم يترك به رغبة سوي العطاء الإبداعي "الاسلطوي" حتي اخر لحظات في حياته القصيرة عام 1987.
لينك PDF لأشهر اعمال “دامبز ماريشرا” رواية "منزل الجوع" : https://t.co/1AUJzHziN5
منقول عن:
شاعر من زيمبابوي، ولد في روديسيا يون 4 يونيو 1952 وتوفي في هراري يوم 18 غشت 1987 عن سن لا تتجاوز 35 سنة، في مناخ يتسم بالعنصرية والظلم والفقر والعنف .
دامبز ماريشرا
———
كان دائماً «يلملم» أغراضه ويغادر من مكان الي أخر في "هراري" بالرغم أنه لا يملك الكثير من متاع الدنيا...كان كاتبا مشهوراً بين ابناء جيله من سلسلة الادباء الافارقة، ولكن لم يكن لديه مقتنيات مادية تظهر تلك الشهرة، فقد كان مشرداً يتجول في الشوارع، ينام على مقاعد الحدائق العامة، ولم يكن يملك سوى آلة كاتبة وقليلاً من الكتب....في عام 1987 ترك أغراضه وغادر بلا عودة.
الكاتب والشاعر الزيمبابوي “دامبز ماريشرا” أو dambudzo marechera من أكثر الأدباء المتميزين في أفريقيا، وصفت طريقته بالكتابة بأنها “صدمة أدبية لاسلطوية” جعلته يطرد من جميع الاماكن النخبوية أو الاكاديمية مثلما طرد من كلية نيو كولدج باكسفورد بعد كتابته قصيدة "المجتمع الأبيض النموذجي" .
"لماذا أفكر أو أكتب وفقا لما ينتظره الرجل الأبيض؟ لماذا أتصرف مع صديقتى الإنجليزية وفقا لما أظنه نموذجيا فى عقلها؟ لماذا أدخل فى مراتبيتكم الأخلاقية فأحترم السلطة الأبوية بالضرورة ؟؟ بالقطع إننى أقوم بتمثيل دور ما فى مجتمعكم ،أتوق للنموذج المتفق عليه عندكم.. مع مرور الوقت قد أتلاشى تماما ولا يبقى منى سوى ما تريدون أنتم، بل وأكثر من هذا فسوف أنتظر منكم بدورى ما أتوقعه منكم."
بعد ان طرد من “ نيو كولدج” كتب إلى رفاقه في زيمبابوي:
"طردني هؤلاء المنافقون من جامعتهم البيضاء لمجرد اني عبرت عن ارائي بحرية وأعطوني خيارين إمّا الانقطاع للعلاج أو الطرد، فاخترت الخيار الأخير، قرار صدمهم في دهائهم المشوه"
من اروع الاعمال التي قراتها ل "ماريشرا" رواية “منزل الجوع”، “أشعة الشمس الداكنة”، “الدخيل الأسود”، “انفجار العقل”، “مقبرة العقل”.
المتابع لحركة الادب الافريقي يعلم جيدا ان افتتاحية "حصلت على أشيائي وغادرت” التي كتبها "ماريشرا"" في رواية “منزل الجوع” التي حازت علي جائزة افضل كتاب لعام 1979 في الجارديان، تعتبر من أروع الافتتاحيات في الأدب الأفريقي من وجهة نظري، وتعتبر ايضا ملخص لحياة كاتب. دائما يأخذ أشياءه ويرحل، لم يكن يأبه للجوائز أو المناصب القيمية النخبوية أو الأكاديمية، كان في سنواته الأخيرة بلا مأواً ينام على مقاعد الحدائق في هاراري بزمبابوي، كل ما كان لديه هو الة كاتبة وكتب ل “باكونين” و”كروبوتكين”.
منذ فترة كنا نتناقش انا وبعض الأصدقاء عن تعقيد أفكاره وريديكالية أسلوبه في الكتابة....مثلا في موضوع الإله والخلق، ذكر "ماريشرا":
"هناك فنان تخصص في رسم البورتريه، هل تعلم ما كان يفعل ليرسم ذبائنه؟ كان يدرس أحذيتهم، لو أنه الآن هنا لدرس حذاءك حتى يعرف كل شيئ عنك، كما يدرس الآخرون شجر النخيل، وآخرون يدرسون شكل جمجمتك. كلهم مشعوذون. آخرون يقرأون أوراق الشاي في قعر فنجانك، وهنالك آخرون أيضًا يدرسون أحلامك واتساق عملية الإخراج، والمخاط الذي يجري من أنفك، وخريطة البثور على وجهك ومؤخرتك. الحياة. كما لو أننا جميعًا مختبئون من الإله، وعليه أن يدرسنا بهذا الشكل ليكتشف طبيعة الأوغاد الذين خلقهم. إذا خلقت حياةً من نفسك، فهل يعد هذا سفاح القربى؟ هذا ما فعله، داعب الإله قضيبه ليقذفنا الى العالم."
"أنا ضد كل شيئ"، كان "slogan" لاسلطوي أعلنه "ماريشرا" في إحدى أشهر قصائده "دودة كرسي البار الصالحة للأكل"
"أنا ضد كل شئ
ضد الحرب وضد أولئك الذين هم ضد الحرب
ضد أي شئ يعارض الاندفاع الأعمى للثورة أو الحرب"
رواية "أدب الأطفال المعذب" كانت محاولة من "ماريشرا" لتصوير حياة "الاطفال" تصويراً واقعياً دون إغراق في المثاليات، أو جنوح صوب الخيال.
“جيمس” كان يُساق بالركلات والصياح الى المدرسة، إلى الكنيسة، إلى طاولة الطعام، إلى تحية العلم، إلى السرير بلا عشاء. “جيمس” هو كيف يعذب الإنسان الكبير إنسانًا آخر صغيراً، إذا كنت إنسانًا صغيرًا يجب أن تخبر عنهم منظمة الأمم المتحدة التي تملك قبضة أكبر من قبضة أبيك.
التلفزيون يعذب الأناس الصغار، إنه يجعلهم يفكرون بدراجة “بي إم اكس” والمقتنيات، إنه يجعلهم تصاميم مصغرة من “جيمس” البالغ الذي سيصبحون مثله مع الوقت، إنه يجعلهم يستمتعون بمشاهدة تدمير الأشياء (على التلفاز) وبذلك يصبحون متعبين من تدمير المجتمع الذي هو في الحقيقة مصحة عقلية. المجنون هو من يعرف بأن هنالك شيئ خاطئ في مكان ما لكنه لا يعلم ماهيته. المصحة هي المكان الذي سيضعونني فيه عندما يمسكون بك تقرأ ما أكتب"
في قصيدة "مقبرة العقل" انتقد بجرأة صورة المسيح والكنيسة.
“أغلقت الأبواب الضخمة خلفي ومشيت برفق باتجاه المذبح، كنت في أفيون الناس، الصليب الضخم تدلى من سلسلة علـقت بالسقف، وقفت أنظر الى المسيح المصلوب، بدا لي أنه بحاجة الى شراب قوي، بدا وكأنه ضاجع امرأة من الخلف لتوه، بدا وكأنه لم يدخل دورة المياه لألفي عام، بدا كما شعرت. تلك كانت الصلة”.
في كتاب "الدخيل الاسود" تحدث حول العلاقة بين الأسود والكتابة.
"بالنسبة لكاتب أسود فان اللغة عنصرية جدًا؛ عليك أن تخوض معها حربًا مروعة بشَعرٍ مُنتصب قبل أن تطوعها لتفعل كل ما تريدهُ منها، وهذا ينطبق على الكتاب النسوييات السود في امريكا، فهم يصارعون اللغة الإنجليزية الذكورية، ولذلك تتبع النسوييات ذات التكتيكات، وهذا يشملُ، التخلصَ من القواعد، رمي تركيب الجُمل بعيدًا، تدمير الصور من الداخل، قرع طبول وصنجات الإيقاع ، تطوير غرفة تعذيب قوامها السخرية والتهكم، أفران الغاز من صدىً أسود"
“دامبز ماريشرا” كان مجادلاً ومتخذًا موقفًا حازمًا بأن الأدب لا يمكن أن يصنّف على أساس العرق أو اللغة أو القومية....هذه الملاحظة الذي ابداه في رواية "منزل الجوع".
"إن كنتَ كاتبًا لعرق معين أو أمة معينة، إذًا تبًا لك."
العذاب النفسي الذي كابده “دامبز ماريشرا” والمحتبس في ذاته منذ طفولته بفعل التسلط والصراع الطبقي في مجتمعه لم يترك به رغبة سوي العطاء الإبداعي "الاسلطوي" حتي اخر لحظات في حياته القصيرة عام 1987.
لينك PDF لأشهر اعمال “دامبز ماريشرا” رواية "منزل الجوع" : https://t.co/1AUJzHziN5
منقول عن: