علي بن ابراهيم الأندلسي - الحمدُ لله على النعماءِ

الحمدُ لله على النعماءِ
والشكرُ في الصَّباح والمَساء
سبحانه منَّ على البريّه
في كل صَيْفٍ نعمةً طريّه
كبيرةً تأتي على الألوانِ
من مِنّةِ اللهِ على الإِنسانِ
فواكهٌ مختلفاتُ الشكل
فيلونِها وطعمِها والأكل
تبدو لنا من أولِ المصيفِ
إلى تمَام آخِر الخَريفِ
نلْتَدُّ في آلائه الجميله
من بعد ما أهدى لنا سبيله
لكونِنا من أمة النبيِّ
الهاشميِّ المصطفى الأمِّيِّ
من جاء بالسُّنةِ والكتابِ
أفضلُ من مشى على التراب
عليه ملءُ الأرض من صلاةِ
ما عَبَقت روائح الجنات
وآله وصحبه الأخيارِ
عدَدََ قطر السحب والبحار
والنصرُ للخليفة المختار
من آله الأفاضل الأبرار
من عَزَّه إلَهُنا المجيدُ
الملك المعظّمالوليد
أَدِمْه منصورًا على الأعَادي
واجْعله رحمةً على العباد
ما دامت الأيام والزمان
ولا يكن سِواءه سلطان
وبعدُ فالعادة عندَ الناسِ
الهجْمُ في الأكل بلا قياس
لاسيما في سائر الفوَاكهِ
نَضَجَ أو قَصَّرَ عن إدراكهِ
حتى يَرى مِزاجَه في السهول
في كل يوم باكروا بالبول
في طَلعةِ الفجر على الطبيبِ
يشكو بطول الليل في التعذيب
من بَعْدِ أَنْ يَقَعَ في الأمراضِ
وشدَّةِ الأوجاعِوالأعْراض
فكان واجبا على العِباد
جميعهم من حاضِر وباد
أن يعتنوا بهذه المقَاله
لأنها تنجى منَ الجَهاله
بهذه الفواكه الصيفيه
الخضرة المقبِلة الطريه
أولُ ما يبدو لنا المشماشُ
عن كل ضُرٍّ حارِصٍ فتَّاشُ
ذو صَولةٍ تسطو على الأجْسَاد
بسُرعةٍ لجِهةِ الفساد
وجاء من أسمائه البرقوق
والناسُ في تعريفه فُروق
وطبعُه للبردِ والتَّلْيِين
في الرُّتْبَةِ الوُسْطى على اليقين
لكنَّه يميلُ للصَّفرَاء
والبرُد فيهِما على السواء
مُوَلِّد للبَلْغمِ الزُّجَاجي
وكلِّ فاسدٍ من المزاج
أو حُميَات صعبَةٍ طويله
عفِنة رديَّة ثقيله
وشرُّه المُرُّ كثيرُ الماء
إذ ماؤُه مولِّدٌ لِلداء
لا تاكل المشماش بالعشيَّه
فإنهُ ُيورِّتُ البَلِيَّه
ولا الذي يَبِيت في الجِنانِ
من بعْدِ قَطفِه مِنَ الأَغْصَانِ
لا بأس بالإِفطار بالطَّريِّ
المُجتَنَى بِبَرده النَّديِّ
إصلاحُه بِبِزْر الأَنِيسُون
أو بِزْر نَافِعٍ مَعَ الكَمون
وربما يقمع للصفراء
وَحِدَّة الدَّم على الخلاء
مبرّد العطش إن لم يستَحِل
لمَرة الصفراءاو خلط شمل
قلِّلْ نوالَه في الابتداء
ولا تقرّبه فِي الانتهاء
فإِنَّهُ يَخْزِن فِي الأَبْدان
غَائلةً تؤدِي على الزمان
وكلّ ما يُقال في الباكور
فإنه تِينٌ على المشهور
لكنَّه أبْكَرَه الرحمان
وأولُ المصيفِ له إبَّان
وإِنَّ من أفعالِه التسخينَا
والحرَّ كان طبعُه واللينا
ويُشعِل الحرارة اليسيره
لكل محرور بلا ضروره
والنفخ والتمليس من صفاتِهِ
في معْدة بطبعهِ وذاته
قدِّمْه قبل الأَخْذِ في الغَذاءِ
فأنه أولى للاستمراءِ
وكُلْه في أوائِل النهَار
بقُرْب عهْدِه من الأشجار
أنهاكَ عن تناولِ البَكُور
في آخر النهار والحَرُور
والبائتِ المجْنِي منَ الأشجار
لَشَرُّ ما يُوكَل في الثمار
ولا الذي قَصَّر عن إدراكهِ
وما تعفَّن من الفواكهِ
والتَفِجُّ في غِذائه عَسيرُ
ومثْلُه ما نضْجُه قصير
أصلحْه بالتوابل الذكية
وصَعتر وحاشّة بريّه
وليس في الحلو من التفاح
للجسد المحرور من صَلاح
لأنه يميل للصفراء
وفِجُّه مولِّدٌ للداء
ورُبما يَميلُ للفسادِ
في كل محرور مِنَ الأجساد
ودمُه ليس منَ المذموم
عند الحكيم الماهر العليمِ
يولِّد السرُور والافراحا
ان صار في كيْلوسه صلاحا
وشمُّه مُنْعشٌ للقلب
وللدماغ مُفْرِجٌ للكَرب
مزاجُه معتدلُ الطبيعَه
لأَنه فاكهةٌ رفيعَه
لكنه يميلُ للتسخين
في الدُّرَجِالأولَى معًا واللينِ
وكل حامضٍ من التفاحِ
مبرِّدٌ مُوَلِّدُ الرياح
وقد يُعين المعْدةَ الضعِيفه
في هضم كل أكلة كثيفه
مبردُ العطشِ والحراره
مسكِّنُ الصفراء من مراره
ويُحدث الأوجاع فِي الأعصابِ
وعضلاتِ الظهر والاجنابِ
اصلاحه بالمَرَق الدسيمِ
بِتابلٍ مُفَوَّهٍ عميم
وأَكْلُه يوّرِثُ النِسيانا
لمُدْمنٍ لأكْلِهِ إدمانا
كل الإجاصِّ طبعه البروده
ونُدوة كَثيرة محمودَه
وجاء في أنواعه أصنافُ
ليس رَدِيًّا كلُّها خلافُ
ما كان منه جُرمُه صغيرُ
فهضمُه مُيَسَّرٌ كثيرُ
وحمرةُ اللون له علامه
وصفرة القشر على السلامه
والأخضرُ اللون مع البياض
بكثرة البرد عليه قاض
لا سيما إن كان ذا حُموضه
أو ذا عُفوصة وذا قُبوضه
وشرُّه الفِجّ العويصُ الهضمِ
والحُلوُ منه جيِّدٌ للجسم
من شأْنِه الاسهال للصفراء
وهْوَ لَها من أفضل الدواء
يُغْذِي كثيرا ويُرخِّي المعدَه
ويُختشى في كبدٍ من سده
مُبرِّدُ العطشِ في التهابِ
حرارة الكبد و الاجْناب
وأكلُه قبل الغَذاء يُحمَد
وبعده مُلَزَّزٌ ومُفْسِدٌ
إصلاحُه لبارِدِ المِزاج
بتابل في مَرَقِ الدجاج
ومن يكن مزاجُه مَحرورا
فلْيَكُ عن اصلاحه مَقْصورا
قَراسيا حبُّ الملوك تعرفُ
أكثرها في أرض بَرْد تُقْطفُ
وهي على ثلاثة أنواع
جميعُها مسهلٌ للطباع
ومنه أبيضُ ومنه أسودُ
ومنه أحمر عجيب يحمد
كل الذي في طَعْمِه الحَلاوه
يميل للحر مع النداوه
ومنه حامضٌ لذيذُ الطعم
مبرّدٌ مرطبٌ للجسم
جميعُه يَقمَع للصفراء
وشرطُه الأكل على الخلاء
والصبرُ بعدَه عن الغذاء
سويعَةً كذاك تركُ الماء
اصلاحُه الجَوارش الذكيّة
من فُلفل وقَرفة سَنيّه
الكُمثرَى مزاجُه البروده
تتبعها اليُبوسة الشديده
احسِبْه في الفاكهة الرفيعه
وإن يكن يُمسك للطبيعَه
غذاؤه ودمه محمود
قريبُ خير شره بعيد
إن شئتَ عده من السَّفَرْجَل
لكنه أصلح للمعْتدِل
وفِجّه بطيء الانهضام
وخيرُه الأكل على الطعام
أنهاك أن تَقْربه صباحا
فإنه يولّد الرياحا
ولا لمن تعتاده الاوجاع
ليس له في أكله انتقاع
تَخاف من قُولنْجِه البطونُ
وفِجُّه أضرُّ ما يكون
يوكَلُ في الليل وفي العشيه
وبعدما يُقضى منَ الأغذِيه
الخوخُ في غذائه مَذموم
وطالما ضرَرُه يدوم
يَميلُ للْبَلْغم والصفراء
كلاهما عفونةُ الدماء
وطبعُه البردُ مع الرطوبه
في الدرج الأولى له محسوبه
أنواعُه ثلاثةُ تَفْتَرِق
وهي بَنُوج زَهرِيٌ مِفلق
احذرْ من أكله على الغذاء
وفي امتلاءِ البطْن والمسَاء
وشمُّه إذًا يقوي المعده
وللمريض قلبَه وكبِدَه
وكلُّه يُهْجَرُ بل يُطلّق
فإن يكنْ لاَبُدَّ فالمِفْلق
أصلحه للمحرور في المزاج
بكل حامضٍ وبالسكباج
أفضلُ ما يُوكل منه العنب
والدمُ من غذائه مُنْتَخَب
يكونُ في أوله دواء
وكل ما أحلى يَكُنْ غذاء
هو الذي فضَّله الرحمان
عن كل ما تثمره الأغصان
وهو الذي فَصَّلْتُه أصنافُ
كثيرةٌ وكلُّها تُضاف
للحرِّ والرطوبة اليسيره
لَزِجَةٍ ليس لها ضروره
هذا الذي قد بَلَغ النِّهايه
إلى انتهاء نضجه والغايه
ومنه حَصرم ومنه المُزُّ
كلاهما في الطبع فيه مَيْز
طبيعةُ الحَصرمِ للبروده
واليُبس في أجزائه شَدِيده
أفْضَلُ ما يُشْربُ من دواء
للمَرَّة الصفرا على الخلاء
وشربُه أيضا يقوّي المعدَا
ويُبْرِدُ العطش ثم الكبدا
وينفع الاسهالَ من مَرار
والقيءَ والحمي التِّي كالنار
والمُزُّ بين ذاوذا معتدِل
على الدواء والغذا مُشتمِل
والعِنبُ الحلْو له تركيب
أربعة يَفْصِلها الطبيبُ
مِن أجْلها يذم أو قد يُحمَدُ
ومنه أبيض ومنه أسود
اللحم والعَجْم مع الرطوبه
والقَشْر في تركيبِها أُعْجُوبَه
والقَشر طبعه غليظٌ فِجُّ
ومثله العَجْم وقد يُحْتَجُّ
بِكَونه مخلل الغذاء
مَا لَمْ يَصِرْ بالسحق كالهباء
ولَحْمُه وماؤه عَجِيبٌ
كلاهما كَيلُوسهُ قَرِيبُ
من ميله لجيّد الغذاء
ودمُه من أفضل الدماء
وقَشره مُوَلِّد للريح
فِي الهَضمِ لا يَضُرُّ بِالصَّحِيحِ
وَرُبما يُسهّل أو يُليِّن
مُخَضِّب مُنعِّم مسمِّن
يميلُ في غذائه للبلغَم
وبعْد ميْله يصير للدَّم
وخيْره ما قَشره رقيقٌ
وعجْمه محدَّد دقيق
وطعمه حلو قليل العجْم
الأبيض الصافي الكبيرُ الجسمُ
وأَكلُه مصا من القُشور
او من طريِّ مائه المعصور
فإنه صِرفٌ من الأثْفالِ
وخير ما له من الأعمال
ويوكلُ العنَبُ في الغذاء
وغرَّة الصباح والمساء
وقبل ما يشرع في الغذاء
وبعده بشرط ترك الماء
فإنه يوافِقُ الطبيعه
وهي به شافيةٌ سريعهْ
لكنه في آخر الخَريفِ
يَضُرُّ بالبرد مع التكثيف
ويُهجَرُ العنبُ في الأدبار
وكلَّ ما يُجْنَى من الأشجار
أصْلحْه في أول الابتداء
بنوعي الكمّون قُلْ والماء
وحلوه المائِل للتسخين
بالمُصْطَكَى أو السَّكَنْجَبِينِ
قد بارك اللهُ لنا في التين
يُعمُّ للغَني والمسكين
فاكهةٌ يسيل منها العسلُ
إن الْتَوَتْ في غصنها وتكمل
ليس لها في فضلها نظيرُ
يقصُرُ عن أوصافها التعبير
تبدو لنا كثيرة الألْوان
عَرائِس الجنان والبستان
ومنه أبيضُ ومنه أسودُ
ومنه أخْضَرُ ومنه اكمدُ
لذيذةٌ في طبْعِها تَسْخِين
لكنه أكثرُ منه اللّين
وابيضُ التين يفوقُ اسودا
مزاجُه أفضلُ مهْما وُجدا
سريع الهضم نفْخُه خفيفٌ
بِسرعة يُزيله التَّلْطِيفُ
غذاؤه يزيد في الأبْدان
لَحما ولونا مشرقًا نُوراني
وهو مُدِرّ مُطلِقُ الطبيعه
بفَضلة عَفِنَة شَنِيعَه
مُلَيِّن الصدرَ مُثير القُمَّل
في جِلد مدمن له بالاكَلِ
ويُوكلُ التين على الخلاء
وقبل أن يُشْرعَ في الغذاء
ببُردهِ ونُدوة الأغصان
بقُرب عهْدِه من الجِنان
يوكل في الصَّبَاح والمساء
وكلُّ بائتٍ كثيرُ الداء
أو طال في آنية النحَاس
فإنه يضُرُّ كل الناس
وربما يُوَلِّدُ السُّلاقا
وحُميات صَعْبةٍ دِقاقَا
لا سيما أول الابتداء
فإنه مولّدُ للداء
أعقِب له مستعجِلا للماء
مضمضةً في آخر الغذاء
وحقُّه إزَالة القُشور
فإنه من أَوْجَبِ الأُمُور
اصلاحُه مستعملاً في الحين
بزَنْجَبِيلٍ أو سكنجبين
واكله بالجوز قد يُسْتحسَن
فإِنَّهُ مِنَ السمومِ المَأْمَنُِ
قد جاء في إبانه الرمَّانُ
وقد أَتى بفضله القرآن
أنواعه ست بلا خلاف
وتحتها أيضا من الاصناف
الحلو والمزّ ومنه القابض
وتَفِه وعافص وحامض
ثلاثةٌ تَصْلُحُ للدواء
كحُميَّاتِ الدم والصفراء
وهنَّ ذو عُفوصة والحامض
والمُزُّ تارة وكل قابض
عصارةُ الحامضِ للصفراءِ
يُسَكِّن والمَزُّ للدواء
مبرِّدٌ للحميَّاتِ المحرِقَه
وَعَطَشٍ وشَطْرِغِبٍّ مقلقه
ومعدةٌ ضَعِيفةٌ بقابِضِ
تقْوى وكل عافصٍ وَحَامِضٍ
والحلوُ والمزّ مع التَّفيّه
أَغْذِيَّةٌ جَيِّدَةُ الشَّبِيَّةُ
ببدَنِ الانسانِ والمِزَاج
الصالح المغْني عن العلاج
وطبعُه حرارةٌ ولينٌ
سَرِيعُ هَضْمِ مُخْدِرٌ مُعِينُ
على الذي يَعْصِبُ فِي التَّهَضُّمِ
وَيَنْفَعُ السعالَ قُلْ مِنْ بَلْغَمِ
كثيرُ نَفْعِ وَاضِحِ الإِعَانَه
فِي عِلّةِ البَوْلِ مِنَ المَثَانَهْ
والثَّفْلُ منه يُمْسِك الطبيعَه
فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ سَرِيعَه
وَكُلُّ مَا يُوكَلُ مِنْ رُمَّانِ
فَإِنَّهُ يُمْضَغُ بالأَسْنَانِ
ويُرتَمَى الثُّفْلُ بُعَيْدَ المَصِّ
فَهْوَ كَذَا مُسَطَّرٌ فِي النَصِّ
وَيُوكَلُ الرُّمَّانُ قَبْلَ الأَكْلِ
وَبَعْدَهُ أَيْضًا بِبَعْضِ الثَّفْلِ
طَرِيُّهُ يُحْمَدُ وَالمُدَّخَرُ
لَيْسَ بِهِ ذَمٌّ وَلاَ تَخَيُّرُ
وَإِنْ أَرَدْتَ القَوْلَ فِي السَّفَرْجَلِ
غِذَاؤُهُ يُحْمَدُ لِلْمُسْتَعْمِلِ
لَكِنَّهُ صَعْبٌ عَلَى المَهْضُومِ
وَمَاؤُهُ يُشْفِي مِنَ السُّمُومِ
وقِيلَ فِي السَّفَرْجَلِ الرُّطُوبَه
لكنََّّهَا فِي جَرمِهِ مَحْجُوبه
وَطَبْعُهُ البَرْدُ مَعَ اليُبُوسَه
في الرتبَةِ الأُوْلَى لَهُ محسوسَه
ويُمْسِكُ البَطْن عَلَى الخَلاَءِ
يُسْهِلُْهُ أَكْلاً عَلَى الغِذَاء
وأَكْلُهُ تَقْوِيَةٌ لِلْمَعِدِ
قَبْلَ الغِذَا وَبَعْدَهإن تُرِدِ
وَأَكْلُهُ لِخَفَقَانٍ يُذْهِبُ
وَالغَشْيَانُ فيهما مُجَرَّبٌ
وَيَمْنَعُ القَيء في الالتِهَابِ
الدَّاعِي لِلْعَطَشِ وَالشَّرَابِ
مَسَرَّةُ النَّفْسِ مَعَ السَّفَرْجَلِ
مُفَرِّجُ الأَحْزَانِ لِلْمُسْتَعْمِلِ
وَجَاءَ عَنْ إِمَامِنَا الغَزَالِي
فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْحِبَالِ
إن أكلَت امرأةٌ سَفَرْجَلاً
فِي رَابِعِ الأَشْهُرُ كَانَ أَجْمَلاَ
يَأتِي الذِي تَلِدْهُ مِثْلَ القَمَرْ
صُورَتُهُ تَكُونُ أَحْسَنَ الصور
وَنَيُّهُ صَعْبٌ عَلَى الأَضْرَاسِ
وَمَعْدَةٍ ضَعِيفَة فِي النَّاسِ
يَخَافُ مِنْ إِدَامِهِ قُولَنْجَا
وَوَجْعَ الأَعْصَابِ نَيًّا فِجًّا
وَرُبَّمَا يُوكَلُ فِي الغَذَاءِ
طَبْخًا وَمَشْوِيًّا عَلَى الحِذَاءِ
وَإِنَّمَا يُسْلَقُ فِي المِيَاهِ
أو فِي فُوَارِ القِدْرِ بالتَّنَاهِي
وَقَدْ يَكُونُ طَبْخُهُ بِالعَسَلِ
وَتَابِلٍ مِنْ قَرْفَةٍ وَفُلْفُلِ
عَلَى الطَّعَامِ أَكْلُهُ مَلِيحٌ
قَبْلَ الغِذَاءِ أَكْلُهُ قَبِيحُ
لاَ تَأْكُلِ الفِجَّ مِنَ السَّفَرْجَلِ
وَكُلْ مِنَ الحُلْوِ النَّضِيجِ الأَكْمَلِ
اللوز في كَيْلوسِه محمود
لا سيما اخْضَرُه الجدِيدُ
ودمُه مروْنَق صَفِيُّ
وخَلْطُهُ مِزاجُه قَوِيُّ
بَطيءُ هَضْمٍ وَهْو ذو إِعَانه
فِي غَسل كِليَة مع المَثَانَه
وكُلُّ ما يوكلُ من لوزٍ طَرِي
أصلِحْه إن أكلته بالسّكَّر
أو عَسَلٍ وَحُلْوةٍ وَتَمْرِ
جميعُها عجيبةٌ لِلْأَمر
يُغْزِرُ المَنِيّ في الرجال
ويُبريءُ الرَّبْوَ مَعَ السُّعال
اُحْكُمْ على الثلاثة الأَصناف
من تَمْرةِ التُّوتِ بلا خِلافِ
مَا كَان منْه حامِضًا بالبَرْدِ
وَمُطْرِدَ الصفراء أيَّ طَرْد
والفِجُّ مِنه أَكْلُه ثَقِيلُ
ومُسَدِّد ٌمُبرِّدٌ قَلِيلُ
والحلو منه يسْتحِيل مُسْرِعًا
مُلَزِّجًا مُسْتَجْلِيًا تَهَوُّعَا
ورُبّهغَرْغَرةٌ للحلق
مُنْتَخب والرُّبّ من عُلَّيْق
اصلحه بالجَوَارِشِ القَوِيَّه
من فُلْفُلٍ وقَرْفَةٍ ذَكِيَّة
وكلُّ ما يوكَلُ من عُنّاب
فإِنَّهُ يَصْلُحُ بالجُلاَّبِ
وطبْعُه بُرودةٌ ولينٌ
عَسِيرْ هَضْمٍ بُطْئُه ثَخِينُ
غِذَاؤُهُ مُوَلِّدٌ لِلْبَلْغَم
مُسَكِّنُ اللدْغ وحِدَّةِ الدم
طَبِيخُهُ يَنْفَعُ للسُّعَال
وَحُرقَةِ البُولِ مِنَ الأطْفال
وأكلُه قد ذَمَّه الحكِيمُ
لِأنَّه بِفعلِه عَليم
يُقَلِّلُ المَنِيَّ والنِّكاحا
مُنَفِّخًا مُوَلِّدًا الرِيَاحا
وَعَدُّهُ مِنْ جُمْلَةِ الغِذَاء
أبْعدُ مَا عِنْدِي مِنَ الأَشْيَاءِ
المشْتَهَى يَفِيضُ بِالخُنَاقِ
لِشِدَّة القبض لدى المذاق
وغضُّه غِذاؤُه بَعِيدُ
وفعلُه في قَبْضِه شديد
يَضُرُّ لِلْمَعْدَة بالبُرُودَه
وَعَصَبٍ مُضَرَّةٍ شديدَه
وَيَحْبِسُ البطْنَ عَنِ الخَلاَء
بِقُوةٍ فِي جُملةِ الأَجْزَاء
القولُ في فَواكه البحائِر
وكلُّها ليسَ من الذَّخَائِر
وكلُّ ما يَنْبُتُ في البحَائِر
منْ مستطل شَكْلُه ودائِر
مُجْمَلَةٌ تَأْتِي على التفْصِيل
فِي حَالَةِ التَّقْصِيرِ والتَّطْوِيل
واتفقت في الطبع بالرطوبه
مع البرودة بذا محسوبه
أول ما يبدُو لنا القِثَّاء
مِنْ كُلِّ ما يجري عليه الماء
وطبعُه البَرْدُ مع الرُّطُوبَه
فِى الرتبة الأولى له محسُوبه
بَطِيءُ هَضْمٍ دَمُه غَلِيظٌ
وَخِلْطه بغِلظٍ مَلْحُوظ
يَلِيقُ بِالمَحْرُوقِ مِنْ مِزَاجِ
وَمَيْلُه لِلبَلْغَم الزُّجَاجِ
وِبَزْرُهُ يُزِيلُ حُرْقَ البَوْلِ
لِبَائِتٍ من أَجْله فِي هَوْل
أَصلِحْه بالمِلْحِ وكُلْهُ بالرُّطَبْ
أو عَسَل النَّحْلِ الصفيِّ المُنْتَخَبْ
وَكُل ما يُوكَلُ مِنْ خِيار
اخْتَر صِغَارَه عَلَى الكِبَار
وَكُلُّ مَا طَالَ مِنَ المُدَحْرَج
فإِنَّه أَسْلَمُ مِنْ تَفَجُّج
مِزَاجُه البُرُودَةُ الشديده
واللينُ فِي الدّرجَة البَعِيده
وَدَمُهُ دَمٌ غَلِيظُ الجَوْهَر
أَصلِحْه بالعَسَلِ أو بالسُّكَّر
وَماؤُهُ يُسَكِّنُ الحرَارَه
وَالغَشَيَانُ شَمُّه إطَارَه
وِبَزْرُه مُفَتِّتُ الحَصَاةِ
بِسُكَّر أوِ الْجَوَارِشَاتِ
أَصْلِحْهُ بِالمِلْحِ مِنَ الأَمورِ
وَكُلْه بَعْدَ النَّزْع للقُشُور
وكُلُّ ما يُوكَل من دُلاَّعِ
فَبَارِدٌ رَطْبٌ بِلا نِزاع
وَرُبَّمَا نَعْرِفُه بالسِّنْدِ
وَرُبَّمَا يُقَالُ فِيه الهِنْدِ
مُلَطِّفٌ مُبَرِّدُ الْحَرَاره
فِي حُمْياتٍ أصلُها المَرَارَه
مُبَرِّدُ العَطَشِ فِي الْتِهَابِ
حَرَارَةِ الحُمَّى بِلاَ ارْتِيَاب
أَفْضَلُهُ أَعْظَمُهُ ضَخَامَهْ
وَحُمْرَةُ اللوْنِ لَهُ عَلاَمه
حُلْوٌ إِذًا مُخَلْخِلُ القِوَام
وَمَاؤُهُ نَزْرٌ مَعَ العِظَامِ
إِصْلاَحُه بِخَالِصٍ مِنْ سُكرِ
فِي حَالَةِ الأَكْلِ ولاَ تُكَثِّر
فَإِنَّهُ يَجِيءُ ذَا إِعَانهْ
لِحُرْقَةِ البَوْلِ مَعَ المَثَانَهْ
يُوكَلُ قَبْلَ الأَخْذِ فِي الغِذَاء
وَبَعْدَه مَكَانَ شُرْبِ المَاءِ
أَعْطِه للمَحْرُوقِ من مِزَاج
فَإِنَّه أَشْبَه بِالعِلاَجِ
وَمَنْ يكُن مزاجُه ذَا بَرْدِ
فَلْيَقْتَصِرْ عَنْ أَكْلِهِ بالقَصْد
يَضُرُّ كُلَّ بَارِدٍ فِي الحَلْقِ
وَالشيخ والمَرْأَةِ بعد الطَّلْقِ
اُحْكمْ عَلَى البَطيخِ قَبْلَ الأكْلِ
طويلِه والمستدير الشكل
بالمَيْل لِلبَرْدِ مَع التّلْيِين
ثَانِيةً فِي دُرَجِ التَّمْرِينِ
أنواعُه ثلاثةٌ في الجِنْس
عُدَّتْ لَهَا مَنَافِعٌ لِلإِنْسِ
مِنْ مستدير زانه تطريزُ
أثْقَنَهُ مُدَبِّرٌ عَزِيزُ
هَذَا مِزَاجُه غَلِيظُ الجَوْهَرِ
مُلَزِّجٌ يَلَذُّ مِثْلَ السُّكَّرِ
والثاني فِي تَدْويره طويلُ
وَلَحْمُهُ مُرَمَّلٌ قَلِيلُ
وهْو لِطِيفٌ مُسْرِعُ الإِحاله
لِأنّه ذو نُدوة سيّاله
وَمِنْ طَوِيلٍ أَصْلُهُ القِثَّاءُ
مَلْسُ القِوامِ يَجْرِي مِنْهُ المَاءُ
مِزَاجُهُ يَجْرِي فِي التَّوَسُّطِ
بَيْنَ المُديرِ والطويل المُفْرِط
وَكُلُّهُ يَمِيلُ للفَسَادِ
وجَالِبِ الحمَّى إِلى الأجْسَاد
إِنْ صَادَفَ المَعْدَةَ فِيها مرَّه
أو بلغمًا مال لَهُ بِمَرَّه
وَقَدْ رَأَيْتُ قَوْلَ جَالينُوس
فِي حَالَةِ البَطِّيخ والمجوس
فأنّه يُوَرِّثُ السُّموما
إن صَارَ فِي فَسَادِه مَذْمومَا
وَهْوَ مَتَى يَصير للصَّلاَحِ
مِنْ أَفْضَلِ الأَغْذِيَةِ المِلاَح
مُلَطِّفٌ مُبردُ الغِذَاءِ
وَمُشْرِقُ اللَّوْنِ عَلَى الأَعْضَاءِ
وَبِزْرُهُ مِنْ أَفْضَلِ النَّبَاتِ
مُدِرُّ بَوْلٍ مُخْرِجُ الحَصَاة
وَشَحْمُه مُنّعِشٌ لِلْقَلْبِ
وَمُجْلِي مَا دَاخِلَهُ مِنْ كَرْبِ
وَلَحْمُهُ والقِشْرُ مُجْلِيَان
لِوِسَخ مِنْ بِشْرَةِ الإِنْسانِ
وَرِطْبِ اليَدَيْنِ لِلجَوَارِي
بِشَحْمِهِ ذَاكَ مع القِشَار
إِصْلاحُه مُسْتَعْجِلاً يَكُونُ
لِكُلِّ مَحْرُور سَكَنْجَبِينُ
وَبَارِدُ المِزَاجِ فَلْيَسْتَعْمِلِ
جَوَارِشَ الفُلْفُلِ أو قُرُنْفُل
وجنِّبِ انْ أَكَلْتَهُ القُشورَا
وَرَاعِ إِنْ أَرَدْتَهُ أُمُورَا
أوَّلها الأكْلُ عَلَى الخَلاَءِ
وَالصَّبْرُ عَنْ تَنَاوُلِ الغِذَاءِ
فإِنَّهُ سَرِيعُ الانْحِدَارِ
بِسُرْعَةٍ تَجرِي عَلَى المَجَارِ
وكل ما تثمرُه النَّخِيل
مِنْ بَلَح فباردٌ ثقيل
ومثلُه البُسُْرُ مع البُرُوده
وشأْنُه تَقْوِيَةٌ لِلْمَعده
مُخْتَلِفٌ في الشكْل وَالمَذاقِ
والطبْع عند جُمْلة الحُذَّاقِ
ما كان منه صَادِق الحَلاَوة
يميلُ للحرِّ مع النَّداوه
وكل عافص شديد القَبْضِ
وَخِلْطُهُ مُنْتَسِبٌ لِلأَرْضِ
غذاؤه في هَضْمِه عسيرٌ
وللسعال ضرُّه كثيرُ
لكنَّه يَنْفَعُ للَّثَّاتِ
وللمعى من المقوِّياتِ
أخيره الأكلُ على الغِذَاءِ
ومصُّه من أفْضلِ الأَشْياءِ
وَيُرْتمَى بثُفْلِه فِي الحِينِ
إصلاحُه بالمرَقِ السّمين
وإن أردتَ القولَ في طَبعِ الرُّطبْ
فطَبْعه الحَرُّ فِي أُولى الرتب
وتُفْضَل الجَزِيّة الرَّطُوبَه
فِي وَسَط الأُوْلَى لَهُ مَحْسُوسَه
مُلَزَّجٌ غِذَاؤُه كَثير
وهضمُه مُلزِّزٌ عَسِيرُ
ويُسْهِل الطَّبعَ مِن الإنْسان
يَضُرُّ بِاللِّثَاتِ وَالأَسْنَانِ
ويُحْدث الشِّدَّةَ فِي الطِّحال
وَكَبِدٍ يَنْفَعُ للسُّعَالِ
يَضُرُّ بِالمحرُورِ مِنْ أُنَاسِ
مُنَفِّخٌ مُصَدِّعٌ لِلرَّاسِ
غِذَاؤُه ذُو فُضْلَةٍ مُسْتَكْثَرَهْ
بِها تَرَى تَغْيِيرُه لِلحُنْجُرَه
يَكْفِيكَ فِي الرَّطَبِ مِنْ إِفَادَه
فَإِنَّهُ يُسَهِّلُ الْوِلاَدَهْ
وَمَأْمَنٍ مِنْ مَرَضِ القُولَنْجِ
وَأَكْلُهُ مِنَ الحَصَاةِ يُنْجِي
وَتَمَّ مَا قَصَدْتُه لِلَّه
مُنَبِّهًا لِغَافِلٍ وَسَاه
مِن سِنة الجهْل بالاغْتداء
مُوَبِّدًا فِي الصُّبْحِ وَالمَسَاء
لِكَيْ يَرَى عَجَائِبَ الجَبَّارِ
فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأَسْرَار
سبحانه عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ
لَيْسَ لَنَا مِنْ رَاحِمٍ سِوَاهُ
ونسألُ الله ونَسْتهْدِيهِ
فِي نَظَرٍ فِي القَوْلِ وَالبَدِيه
هَوَاطِلَ التَّسْلِيمِ والصَّلاةِ
لِلْمُصْطَفَى وَآلِهِ الهُدَاةِ




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علي بن ابراهيم الأندلسي

علي بن إبراهيم الأندلسي المراكشي، أبو الحسن.
شاعر، عمل في قيادة جند الأندلس (كان أبوه طبيباً درس على يديه الطبيب عبد القادر بن شقرون صاحب الأرجوزة الشقرونية).
له: (أرجوزة الفواكه الصيفية)، (أرجوزة طب العيون)، (أرجوزة في الأعشاب).

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

أعلى