عيد النسور - عتابُ الدّحنون " 1994م"

أتيتُكِ بعدَ أنْ ماجَ الـسَّـحـابُ
وزغْردَتِ الْجَداولُ والشِّــعابُ
ودبّـجكِ الـرَّبـيـعُ بِـكـلِّ لـونٍ
مِنَ الأزهارِ والأحلى هِضابُ
وجئتكِ حينَ أسْهدها عُيوني
من الدَّحنونةِ الجذلى عِتــــابُ
تُذكِّرني بــِوادي السَّـلطِ حيناً
وحيناً كيف دَغْدغَهُ الضَّـبابُ
وحيناً عنْ وفاءٍ كادَ يُـنْـسـى
لكوكبةٍ منَ الفرسانِ غــــابوا
رجالٌ قـبَّـلـوا خَـدَّ الـثُّـريّــا
بليلٍ تنْحني فيهِ الـرّقــــــابُ
ثـقـاةٌ أَسـرجوا صِدقَ النَّوايا
ولمّا غُيِّبوا ضَحِكَ الـــغُرابُ
فمنهمْ منْ تـنحَّى في هدوءٍ
ومنهمْ منْ يوسِّدهُ الـــــتُّرابُ
ومنهمْ منْ غدا كالذِّئبِ يَعْوي
تُـطاردُهُ وتـنْهَــشُــــهُ الكـلابُ
أثَـبْـتِ مُـنـافـقـاً فَغَدا مُهاباً
وكان اذا تَمرَّغَ لا يُـثـــــــابُ
وجُرْتِ على عزيزٍ عاشَ حُرّاً
مناهلهُ الينابيعُ الــــــــعِـذابُ
وجئتُكِ بعدَ أنْ حُطِبَتْ حُلومي
وبَعثرَ دمعتي الأغلى اغْتِرابُ
وأضْنى خافِقي سَـفَـرٌ طويلٌ
لآفاقٍ يَتيهُ بِها الـعُقــــــــابُ
فلولاالرزقُ ما اسْتأْنسْتُ بُعْداً
ولولا العِشقُ ما كانَ الايــابُ
هنا سَـأبـوحُ يا داري ِبـسِـرٍّ
أخافُ اذا تَعـتَّـقَ يُسْتَطــــابُ
أخـافُ اذا تـمـرَّدَ فـي فــؤادي
يُجرِّحُ هامتي ظِـفْـرٌ ونــــابُ
فـخـوفـي مِنْ غَدٍ ما نحنُ فيهِ
سوى غَنَمٍ تُمزِّعُها الذِّئــــابُ
سوى زَبَدٍ تَلاهَثَ فوق رملٍ
نُداسُ فَلا نَئِنُّ ولا نُهــــابُ

عيد النسور
أعلى