لا شك أن للسينما دور كبير في حياة الإنسان المعاصر، لها من خلال ما تقدمه من قصص سينمائية وأفلام تلك الرسالة الثقافية الفلسفية والفنية الجمالية التي وفي الأفلام الناجحة تاتي بأبعاد ودلالات واضحة ومرموزة، وهنا على المتلقي أن لا يكون سلبيا لما يعرض عليه فيحاول وهو بشاهد الفيلم ان يخرج بملاحظاته وخلاصته الخاصة.والتي ليس بالضرورة أن تلتقي مع الآخرين.
مناسبة هذا الكلام هو انه وبعد مشاهدتي لفيلم " عدوى" وما يتضمنه من مشاهد ومواقف صعبة و مأساوية ، أثارت انتباهي قصة حب " جوري" و" أندرو" كقصة فرعية او هامشية في الفيلم ، لكن رأيت ان رسالتها بالغة الحكمة والجمال، فقررت ان أكتب عنها ، وما شجعني أكثر في أن أمضي في الكتابة عن علاقة الحب هاته هو أنني وأنا أقيم المادة المرجعية التي بين يدي والمتعلقة بفيلم " عدوى" لم أجد ضمن التقارير والمعطيات الخاصة بالفيلم مايشير إلى هذه العلاقة بنوع من التفصيل .
فلمذا إذا وقعت بذائقتي وخيالي أسيرا لجمالية تلك العلاقة ورسائلها التي تكاد تعصف بها أحداث الفيلم؟ ألا يمكن القول أن تلك العلاقة العاطفية الجياشة وسط الجائحة بين شاب وشابة كانت مطية المخرج لتمرير درس المعاناة الذي تكون خاتمته انتصار الحب؟، فنحن إذا نظرنا مستثنين استعادة المخرج لليوم الأول عبر تقنية الفلاشباك ، فإن نهاية الفيلم الطبيعية تكون هي احتفال الفيلم بانتصار الحب.. اننصارالإنسان والإنسانية على الجائحة .
حين أعود لتلك القصة بين "أندرو" "وجوري" تنتصب امامي صورة والد " جوري " السيد " ميتش" الذي كان ومن منطلق خوفه الشديد من الفيروس المعدي حريصا كل الحرص على ان لا تلتقي ابنته مع " أندرو".
ياتي العاشق إلى منزل " جوري" يسمع صوت رنين جرس الباب، وابانه نسمع صوت " جوري" - أنا سأفتح. (الباب). في اللحظة والحين ياتي صوت "ميتش" يصيح رافضا بقوة: لا..لا..
- إنه أندرو..تقول جوري.
ودون أن يرد عليها قال " ميتش" موجها كلامه لأندرو خلف زجاج النافذة:
- أعتذر أندرو لا يمكنك الدخول..فيرد عليه أندرو مستغربا: انا فقط جئت لأقدم واجب العزاء ( في وفاة بيت اهمانوف وكلارك بسبب الفيروس).
-شكرا ، لكن لا يمكنك الدخول إلى المنزل.
- إذن ، سأترك لكم باقة الورد هنا (عند عتبة الباب)
- لا ..لا..شكرا، من الأفضل أن تأخذ باقة الورد معك.
في هذه اللحظة كانت جوري تنصت بدهشة واستغراب لكلام أبيها مع أندرو، وما ان انصرف حنى انبرم يوضح لها الموقف وهي مشدوهة تنظر إليه :
- جوري لايمكن أن نخاطر!!
تنضبط جوري لأبيها و تبدو كأنها تتفهم خوفه وحرصه عليها.
إنه الوقت الصعب الذي يلغي التواصل الأجتماعي في أبعاده الجسدية من حيث استعمال الحواس وترجمة الأحاسيس بالنظر القريب واللمس. بترك الورد المؤتلق ببهاء المشاعر الجياشة تذبل عند عتبة الباب فيما العشق يحترق!
وفي المشهد الموالي من قصة هذه العلاقة في فيلم " عدوى" وبينما يعود" ميتش " الى المنزل حاملا بندقية ..يكتشف عدم وجود جوري في البيت ..يصيبه الذعر وهو يكتشف من خلف النافذة الزجاجية أثر قدميها على الثلج ففهم أين تكون!؟
تفاجئنا جورى ومعها اندرو بلباس شتوي مستلقيان على ظهريهما في ساحة حديقة المدينة القريبة من المنزل المكسوة بالثلوج يعبثان بقدميهما ويديهما محركان إياهما ذهابا وإيابا! وفي خضم ذلك تقول" جوري" "لأندرو" :
- لا أحس بكلتا يدي..
فيما اندرو نهض وأصبح متقابلا معها وجها لوجه، انحرفت بوجهها إلى جهة أخرى:
- (هكذا ..ستفقدني ملاكي!)
- انا سليم وصحتي جيدة ولا أحد يمكن ان يصيبنا بالعدوى، فيبدو وكانه أقنعها بكلامه ، فأزاحت الكمامة جهة ذقنها ، فعل هو نفس الأمر، هام بتقبيلها من شفتيها.لكن قبيل أن يفعل جاءته يد ميتش باطشة تزيحه بقوة عن جوري .
- ابتعد عن ابنتي..ابتعد ! بقول ذلك وهو يصرفه بعيدا..
- ماذا تفعل يا أبي ، ؟ تصرخ جوري.
- انهضي ..انهضي..
تنهض وهي مندهشة متحسرة ..يأخذها ميتش من ذراعها ويعودان إلى المنزل.
هكذا كما نرى يستمر نزق العشاق في الزمن الصعب..تستمر معاناتهما ويستمر في نفس الوقت حرص السلطة الإجتماعية الحرص الإيجابي الذي يمثله الأب الذي يخاف من ان تصاب ابنته بالعدوى ، هذه المعاناة ستستمر حتى يأخذ أندرو لقاحه، حيث وفي الوقت المناسب هذه المرة جاء اندرو إلى المنزل مرتديا بذلة سوداء وقميص أبيض ينتهي عند العنق بربطة فراشة سوداء فيما كانت جوري وكأنها تنتظره في صالة البيت الموشى والمزين بالشرائط والأضواء ترتدي فستانا زاهيا يليق بسهرة احتفالية التخرج، كان ابوها قد اشتراها لها هدية.
يرن جرس الباب..تفتح جوري..يدخل أندرو .. يبدوان كعريسين أنيقين يتبادلان نظرات ولهى على ايقاع موسيقى تجمع ما بين الرومانسية وأحاسيس الإنطلاق بعيدا في التحدي ..من أجل الحب.
إن الحب في الجائحة يظل رهينة في البيت ، وأقصى ما يمكن فعله من أجل التواصل هو تبادل رسائل نصية وصور من خلال وسائل التواصل الإجتماعي كما كان يفعلا اندرو وجوري في حبهما الذي انتصر اخيرا على الجائحة ، أنها الظروف الاستثنائية..الالم ..والوحشة ..التي وقد انزاحت في الفيلم بانزياح شبح العدوى . ، وآن الأوان لأندرو في رقصة التخرج أن يطوق خصر حبيبته فيما الحبيبة آن لها أن تطوق عنق حبيبها بالورد..يتهامسان وكأن بأندرو يهمس لها بما قاله" جبران خلبل جبران" ذات يوم في تاملاته حول الحب.. "الحب كالزمن لا ينقسم ولا يقاس؛ لا تخافي يارفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة"
-------------------------------------------------------------
* خالد الدامون.
مناسبة هذا الكلام هو انه وبعد مشاهدتي لفيلم " عدوى" وما يتضمنه من مشاهد ومواقف صعبة و مأساوية ، أثارت انتباهي قصة حب " جوري" و" أندرو" كقصة فرعية او هامشية في الفيلم ، لكن رأيت ان رسالتها بالغة الحكمة والجمال، فقررت ان أكتب عنها ، وما شجعني أكثر في أن أمضي في الكتابة عن علاقة الحب هاته هو أنني وأنا أقيم المادة المرجعية التي بين يدي والمتعلقة بفيلم " عدوى" لم أجد ضمن التقارير والمعطيات الخاصة بالفيلم مايشير إلى هذه العلاقة بنوع من التفصيل .
فلمذا إذا وقعت بذائقتي وخيالي أسيرا لجمالية تلك العلاقة ورسائلها التي تكاد تعصف بها أحداث الفيلم؟ ألا يمكن القول أن تلك العلاقة العاطفية الجياشة وسط الجائحة بين شاب وشابة كانت مطية المخرج لتمرير درس المعاناة الذي تكون خاتمته انتصار الحب؟، فنحن إذا نظرنا مستثنين استعادة المخرج لليوم الأول عبر تقنية الفلاشباك ، فإن نهاية الفيلم الطبيعية تكون هي احتفال الفيلم بانتصار الحب.. اننصارالإنسان والإنسانية على الجائحة .
حين أعود لتلك القصة بين "أندرو" "وجوري" تنتصب امامي صورة والد " جوري " السيد " ميتش" الذي كان ومن منطلق خوفه الشديد من الفيروس المعدي حريصا كل الحرص على ان لا تلتقي ابنته مع " أندرو".
ياتي العاشق إلى منزل " جوري" يسمع صوت رنين جرس الباب، وابانه نسمع صوت " جوري" - أنا سأفتح. (الباب). في اللحظة والحين ياتي صوت "ميتش" يصيح رافضا بقوة: لا..لا..
- إنه أندرو..تقول جوري.
ودون أن يرد عليها قال " ميتش" موجها كلامه لأندرو خلف زجاج النافذة:
- أعتذر أندرو لا يمكنك الدخول..فيرد عليه أندرو مستغربا: انا فقط جئت لأقدم واجب العزاء ( في وفاة بيت اهمانوف وكلارك بسبب الفيروس).
-شكرا ، لكن لا يمكنك الدخول إلى المنزل.
- إذن ، سأترك لكم باقة الورد هنا (عند عتبة الباب)
- لا ..لا..شكرا، من الأفضل أن تأخذ باقة الورد معك.
في هذه اللحظة كانت جوري تنصت بدهشة واستغراب لكلام أبيها مع أندرو، وما ان انصرف حنى انبرم يوضح لها الموقف وهي مشدوهة تنظر إليه :
- جوري لايمكن أن نخاطر!!
تنضبط جوري لأبيها و تبدو كأنها تتفهم خوفه وحرصه عليها.
إنه الوقت الصعب الذي يلغي التواصل الأجتماعي في أبعاده الجسدية من حيث استعمال الحواس وترجمة الأحاسيس بالنظر القريب واللمس. بترك الورد المؤتلق ببهاء المشاعر الجياشة تذبل عند عتبة الباب فيما العشق يحترق!
وفي المشهد الموالي من قصة هذه العلاقة في فيلم " عدوى" وبينما يعود" ميتش " الى المنزل حاملا بندقية ..يكتشف عدم وجود جوري في البيت ..يصيبه الذعر وهو يكتشف من خلف النافذة الزجاجية أثر قدميها على الثلج ففهم أين تكون!؟
تفاجئنا جورى ومعها اندرو بلباس شتوي مستلقيان على ظهريهما في ساحة حديقة المدينة القريبة من المنزل المكسوة بالثلوج يعبثان بقدميهما ويديهما محركان إياهما ذهابا وإيابا! وفي خضم ذلك تقول" جوري" "لأندرو" :
- لا أحس بكلتا يدي..
فيما اندرو نهض وأصبح متقابلا معها وجها لوجه، انحرفت بوجهها إلى جهة أخرى:
- (هكذا ..ستفقدني ملاكي!)
- انا سليم وصحتي جيدة ولا أحد يمكن ان يصيبنا بالعدوى، فيبدو وكانه أقنعها بكلامه ، فأزاحت الكمامة جهة ذقنها ، فعل هو نفس الأمر، هام بتقبيلها من شفتيها.لكن قبيل أن يفعل جاءته يد ميتش باطشة تزيحه بقوة عن جوري .
- ابتعد عن ابنتي..ابتعد ! بقول ذلك وهو يصرفه بعيدا..
- ماذا تفعل يا أبي ، ؟ تصرخ جوري.
- انهضي ..انهضي..
تنهض وهي مندهشة متحسرة ..يأخذها ميتش من ذراعها ويعودان إلى المنزل.
هكذا كما نرى يستمر نزق العشاق في الزمن الصعب..تستمر معاناتهما ويستمر في نفس الوقت حرص السلطة الإجتماعية الحرص الإيجابي الذي يمثله الأب الذي يخاف من ان تصاب ابنته بالعدوى ، هذه المعاناة ستستمر حتى يأخذ أندرو لقاحه، حيث وفي الوقت المناسب هذه المرة جاء اندرو إلى المنزل مرتديا بذلة سوداء وقميص أبيض ينتهي عند العنق بربطة فراشة سوداء فيما كانت جوري وكأنها تنتظره في صالة البيت الموشى والمزين بالشرائط والأضواء ترتدي فستانا زاهيا يليق بسهرة احتفالية التخرج، كان ابوها قد اشتراها لها هدية.
يرن جرس الباب..تفتح جوري..يدخل أندرو .. يبدوان كعريسين أنيقين يتبادلان نظرات ولهى على ايقاع موسيقى تجمع ما بين الرومانسية وأحاسيس الإنطلاق بعيدا في التحدي ..من أجل الحب.
إن الحب في الجائحة يظل رهينة في البيت ، وأقصى ما يمكن فعله من أجل التواصل هو تبادل رسائل نصية وصور من خلال وسائل التواصل الإجتماعي كما كان يفعلا اندرو وجوري في حبهما الذي انتصر اخيرا على الجائحة ، أنها الظروف الاستثنائية..الالم ..والوحشة ..التي وقد انزاحت في الفيلم بانزياح شبح العدوى . ، وآن الأوان لأندرو في رقصة التخرج أن يطوق خصر حبيبته فيما الحبيبة آن لها أن تطوق عنق حبيبها بالورد..يتهامسان وكأن بأندرو يهمس لها بما قاله" جبران خلبل جبران" ذات يوم في تاملاته حول الحب.. "الحب كالزمن لا ينقسم ولا يقاس؛ لا تخافي يارفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة"
-------------------------------------------------------------
* خالد الدامون.