1:
الأكاديمي الفصيح لا يروق له شيء. لسان حاله عنوان قصيدة محمود درويش:
" لا شيء يعجبني".
تصغي إليه فتسمع منه كلاما عجبا. يمنح هذا شهادة ويسحبها من ذاك ، وقد يستتفه قسما بأكمله ، ولا يرى فيه سوى أصفار ، لسان حاله لسان أمل دنقل ، ومن قبله المتنبي أو دعبل الخزاعي كما نبهني د.فاروق مواسي :
لا تسألي النيل ان يعطي وأن يلدا
لا تسألي أبدا
إني لأفتح عيني حين أفتحها ،على كثير
ولكن لا أرى أحدا
والأكاديمي الفصح ينظر/ يتحدث ساعات . ينفخ مع كل سحبة نرجيلة ، مع كل مجة ، ينفخ نفخات ونفخات ، حتى ليبدو أبا منفخة .
ماذا أنجز الأكاديمي الفصيح الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رمضان وشعبان ورجب ؟
أنجز ، خلال عشر سنوات ، بحيثين قرأهما ملايين ملايين القراء ممن لم يدخلوا المدارس ولم يتعلموا حرفا ، وهات إعجابا وإطراء لبحيثيه ، هات.مجموعة من أم العروس وخالاتها وجاراتها من الصلعات ...
كلهن مدحن الأكاديمي الفصيح ، فقد أتى بما لم يأت به الأوائل والأواخر والأقارب والاباعد وذوو السواعد ..
الأكاديمي الفصيح ... ماذا تكتب يا أنت عن الاكاديمي الفصيح؟
خربشات
***
2
***
3 :
اﻷكاديمي الفصيح لا يثق بالآخرين كثيرا .
هو يرى فيهم ما يراه في كتاب "كليلة ودمنة" . كل أكاديمي لا يختلف عن كليلة أو دمنة . إنه إما مخبر على زميله أو منفخة .
كليلة ينقل اﻷخبار لمن هو أعلى منه مرتبة ومركزا ، ودمنة متفاصح يقلل دائما من شأن الآخرين ويمدح إنجازاته حتى لكأنه علم أساتذته الذين منحوه الشهادة .
كليلة يروي عن زملائه حكايات كثيرة حتى يصل إلى ما يطمح إليه مثل تثبيت أو ترقية أومنصب ما .
دمنة أصبح غربيا ، والعيش لا يحلو إلا مع الطليان واﻷلمان والفرنساوية والروس ، بعيدا عن العربان .
كليلة يبدو متجهما حريصا على أخلاق العروبة ، يتكلم عن الرجولة واحترام الكهولة .
دمنة يبدو تارة مرحا وطورا جادا رزينا صارما يحافظ على أخلاق القبيلة التليدة واﻷصيلة .
واﻷكاديمي الفصيح يتجسس على زميله . ينقل أخباره إلى فصيله و إلى دول الجوار الملكية منها ، فالدينار والدولار والريال جزء من عروبتنا ودولتنا وأمتنا النبيلة .
اﻷكاديمي الفصيح يكرر :
" هذا الزمان مشوم
كما تراه غشوم
الحمق فيه مليح
والعقل عيب ولوم
والمال طيف ولكن
حول اللئام يحوم " .
واﻷكاديمي الفصيح ليس أعمى . إنه يتعامى ، كأنه خارج من رحم مقامات بديع الزمان .
و..
و..
و..ماذا غنت أم كلثوم هذه الليلة؟
" غلبت صالح "
خربشات
***
4 :
اﻷكاديمي الفصيح حديث عهد بالجامعة . تقول له :
- في جامعات العالم العربي لا أحد يسأل اﻷكاديمي أي سؤال ما لم يمس بالمقامات العليا .
لسان حال الإدارة هو :
" افعل ما تريد . درس جيدا أو لا تدرس ، فهذا ليس مهما .
- " وما المهم إذن ؟ "
يسأل اﻷكاديمي الفصيح ؟
- " اﻷكاديمي الفصيح لا شأن له بالمقامات العليا . هو لا يقترب منها ، وإن اقتضى اﻷمر أن يقدم لها خدمات فلا بأس . كأن ينقل أخبار زميله وما يقوله في الرئيس ونائبه ونائب النائب حتى ال (بج بوس) - أي الرأس الكبير ."
- " هل هو ناقل أخبار ؟ ومن منا لا ينقل أخبارا أو احاديث؟ "
فجأة بدا اﻷكاديمي الفصيح حزينا . لماذا ؟
اﻷكاديمي الفصيح غدا على الرصيف ولن يشغل باله شيء .
سيغدو عاطلا عن العمل لسوء أدائه .
- من قيم أداء اﻷكاديمي الفصيح ؟
زميله في المكتب بدا حزينا .
- لماذا ؟
- لأن جاره سيغدو على الهامش بلا عمل .
من يقيم أستاذا جامعيا؟ من يصفه بأن أداءه غير مرض ثم... .
خربشات .
***
5 :
الأكاديمي الفصيح يسأل زميله :
- هل الطلاب أكفاء ليقيموا اساتذتهم ؟
لقد جاءني كتاب من رئاسة الجامعة ينص على عدم تجديد عقدي السنوي لأدائي السلبي ، فمن يقيمني ؟
- ربما كان أداؤك السلبي يعود إلى عدم التزامك بالمحاضرات أو لعدم تدريسك المادة المطلوبة ، وربما تخوض في المحاضرات بموضوعات سياسية أو إنك تنتمي إلى فصيل وتدعو الطلاب للانضمام إليه ، وربما يعود أداؤك السلبي إلى أنك تنتقم من الطلاب في الامتحانات ، أو إلى أنك لا تصحح أوراق الإجابة وربما .. وربما ؟؟
هل الطلاب أكفاء لتقييم أستاذ ما ؟
صديقه قال له :
- أعرف فتاة كانت تنقل إلى أبيها - و كان رئيس قسم فعميدا - كانت تنقل إليه كل ما يقال في المحاضرات ، وكان تقييم أبيها لزملائه يعتمد على ما تقوله ابنته له .
وربما يكون لرئيس قسمك طلاب جواسيس ينقلون إليه ما تقول ، وبالتالي يعتمد رئيس قسمك على هؤلاء الجواسيس .
والطالبة التي كانت تقيم أساتذتها كانت ، ببساطة ، حمارة . كانت ضعيفة علميا وكان مستواها أقل من متوسط ، وربما كان بعض مدرسيها يجامل أباها ، ولم تكن متميزة إلا في مادة أبيها ، فقد كانت علاماتها في العلالي ، مثل أسعار الكرز العام الماضي ، لا مثل أسعاره في العام الذي سبقه . هكذا كانت علاماتها ، مثل أسعار الكرز في العامين المنصرمين . لعلها كانت معجبة بأبيها ، لعلها !
الطريف أن أباها كان لفترة طويلة جدا معلم مدرسة ، ولم يخرج من عقلية المعلم ، لا في تدريسه ، ولا في تعليمه ، ولا في أبحاثه .
ويستطرد الأكاديمي الفصيح :
- انتبه ، هناك أساتذة يوظفون الطلاب جواسيس على زملائهم ، وهناك من كان يرسل قريبته لزميل له ، لتقوم بما تقوم به ( تسيبي ليفني ) ، وأنت تعرف الخدمات التي قدمتها ( تسيبي ) لدولتها ، وماذا كانت توظف للحصول على المعلومات . هكذا كتبت الصحف ، وأنا لا دليل لدي ، إنما .. إنما .. إنما أنا متأكد من أن ثمة زميلا في جامعة ما كان يرسل قريبته لزميل آخر ، لتنقل إليه كيف يتصرف معها ، و ... و ... والبقية عندك ، وعبيء الفراغات
خربشات
***
6 :
يشكو الأكاديمي الفصيح ، لزميله ، الأحوال .
يقول كلاما يثير فيه الامتعاض . يقول :
- ثمة ما يؤلمني وأنا أرى جامعاتنا ، إدارة ومدرسين ، تسيء للغتنا العربية إساءة ما بعدها إساءة ،
ويتابع :
- أظن أن شكواي هذه شكوى قديمة جديدة ، ولقد أعييت لو ناديت حيا .
يسأل الأكاديمي الذي أصغى إلى زميله عن السبب ، ويطلب منه أن يفصح أكثر وأن يبين له سبب امتعاضه هذه المرة .
يجيب الأكاديمي الفصيح :
- هل تعتقد أن هناك ضرورة لتدريس مساقي اللغة العربية واللغة العبرية في جامعاتنا ؟ ماذا يضيف الطلبة إلى ما تعلموه في المدارس؟
- أوافقك الرأي فيم يتعلق باللغة العربية ، ولكني لا أوافقك الرأي فيم يخص اللغة العبرية ، وسأشرح لك وجهة نظري ، وأعفيك من الكلام :
- فأما تعليم اللغة العربية فهو بائس ، لا شك . خذ عدد الطلبة في القاعات . هل يعقل أن تدرس اللغة لمائة طالب في القاعة ؟ وهل من فائدة لتدريسها من خلال التركيز على قضايا شكلية جدا لا يتقنها حتى المتخصصون .
- أنا على استعداد لأن أبرهن لك على ما أذهب إليه . عشرات الأبحاث التي قيمتها لأساتذة من حملة الدكتوراه لا تخلو من أخطاء لغوية ونحوية . هل أشير إلى كتاب أستاذ متخصص في النحو مليء بالأخطاء ، وإلى كتاب أستاذ يدرس اللغة العربية يحفل بأخطاء كثيرة ، و ... و ... و .... " ويتابع :
- ما تقوله صحيح ولكن ما اعتراضك أنت على تدريس اللغة العبرية ؟ أفدني أفادك الله . "
- ألاحظ إقبال الطلبة على مساق اللغة العبرية إقبالا لافتا ، وهم لا يدرسون إلا مساقا واحدا لا يسمن ولا يغني من جوع . هل تعتقد أن 90بالمائة من الطلاب بعد انتهاء الفصل بشهر يتذكرون شيئا مما درسوا ؟وهل تعتقد أنهم يواصلون تعلم هذه اللغة التي لا أهمية لها بعد إقلاع الطائرة من مطار اللد أو بعد مغادرة الجسر ؟ "
- في ذلك قول . ربما أراد متعلموها أن ييسروا أمورهم حين يزورون فلسطين المحتلة في العام 1948. ربما ! وربما يأخذون بقول " من عرف لغة قوم أمن شرهم و ... و ..."
والأكاديمي الفصيح يبتسم :
- لو كانوا يتابعون . كم من واحد ممن درسوا هذه اللغة في جامعاتنا واصل تعلمها ، ثم ..ثم .... ثم ماذا ؟ يسأل الزميل زميله .
- ثم ، ثم يا رجل انظر إلى عدد الطلاب في القاعة . إنها تدرس ، أي اللغة ، كما تدرس اللغة العربية . ستون طالبا في القاعة ، ولم يبق إلا أن يدرسوها في مدرجات تتسع لمائتي طالب .
يضحك الزميل ويقول لزميله :
- أخبرني زميلي عادل الأسطة أنه تعلم العبرية أربعة فصول ، وأنه واظب على تعلمها من التلفاز الإسرائيلي ، وكد وجد واجتهد ومع ذلك فإنه بالكاد يقرأ الحروف .
أمس مثلا قرأت له خربشة عنوانها " موشاف عين تمر " ومرة كتب كلمة موشاف موشاب ، ومرة كتبها موشاف . ثم إنه لا يحفظ من العبرية إلا مثالا واحدا يكتبه للطلاب ليشرح لهم البنية العميقة للغات ، والمثال هو " ه يلد هوليخ لبيت سيفر كل هايوم "، وغير هذا المثال لا يعرف شيئا . ربما عرف " شوتي " أو " جار بعير "، او " لوميد باونيفرستا ". وهو يبدو مثل من علمه العبرية ، وأظنهما لا يعرفان سوى عبارات قليلة منها ، مثل معلم الصف الأول لأربعين عاما . بعد أربعين عاما لا يعرف أكثر من كتاب الصف الأول ".
خربشات
***
7 :
الأكاديمي الفصيح يشكو ، لزميله ، زميله :
- منذ كنا طلابا معا ، في الجامعة نفسها ، كان يلفلف الأمور . يلفلف في كتابة أبحاثه ، ويلفلف في حضوره وفي غيابه ، ويلفلف في علاقته بأساتذته ، وقد تشاركه زوجته في اللفلفة ، كأن تطبخ لأساتذته الطعام ، فالمثل يقول " اطعم الفم تستح العين " .
ويتابع الأكاديمي الفصيح شكواه :
- ومنذ غدا في الجامعة وهو يلفلف ، يلفلف في كتابة أبحاثه ، فيسرق نصفها ، كما فعل في رسالتي الماجستير والدكتوراه . يكتب البحث موهما أنه جديد ، ثم يكون لفلفة من كتب خاضت في الموضوع بالتفصيل ، وهو موقن أنها ستذهب إلى محكمين لا يقرأون ولا يكتبون ، مثل الأساتذة الذين اشرفوا على رسالتيه ، و .. و ..
ويتابع الأكاديمي الفصيح :
- وها هو يلفلف في الرسائل التي يشرف عليها ، ويلفلف أيضا في خطط الرسائل .
بم يجيب الأكاديمي زميله الأكاديمي الفصيح ؟
لا يدري ماذا يقول في الأمر . هل يقول :
" المهم أن تطيع أولي الأمر ولا تغضبهم ، ثم افعل ما تشاء ، فهذا هو العالم الثاني والثالث .
كان العالم الثاني يهتم بحزبية الأدب والأديب وبحزبية الدارس ، ولم يبتعد خالد خليفة ، في روايته " لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة " ، عن هذا وهو يقارب شؤون التعليم في الجامعات السورية .
والأكاديمي الفصيح يحار حقا . ماذا يقول للأكاديمي الفصيح ؟ هل يقول له إن زميلك متفاصح أيضا في طريقة اللفلفة ، كأن يستغل وقتا ما لتمرير خطة ما أو لفلفة قضية ما أو لتعيين عضو هيأة تدريس ما . هل يقول له إن اللفلفة هي القاعدة ، والأكاديمي الفصيح يضحك ، فثمة أكاديميون متفاصحون أيضا .
خربشات
***
8 :
يتذكر الأكاديمي الفصيح تلميذه الذي كان أكبر منه سنا ، أكبر من أستاذه ، والطالب لا يستسيغ أن يكون صديقه الأصغر منه سنا أستاذه .
ماذا سيفعل الطالب كبير السن ؟
ماذا سيفعل وأستاذه زميله وصديقه غدا معلمه ؟
التلميذ الكبير سنا سيلجأ إلى ما يلجأ إليه بعض الطلاب . سيتقرب من أستاذه ، وسيوافقه على كل ما يقول . سيأتيه كلما جاءه من مدينته البعيدة . سيصغي إليه ، وسيكون ناعما إلى أبعد الحدود . يحضر الشاي إلى أستاذه ، ويتلمس منه البركات .
هل كان الطالب كبير السن كبيرا حقا ؟
يلاحق الطالب أستاذه ، ويحدثه عن ذكريات السبعينيات من ق 20 ، حين كانا معا يناقشان كتابا ، وحين كان كل واحد منهما يزور الآخر ، يسترجع الماضي و .. و .. ويتقرب الطالب لأستاذه / صديقه وزميله ، بشكل لافت .
هل كان يمثل ؟
هل كان صادقا ؟
وستمر الأيام وينتهي الطالب من رسالته ، بعد .... الخ .. الخ
ثمة مقولة يكررها التربويون مفادها أن من يجلس على مقاعد الدرس يغدو ، بالفعل ، طالبا مهما كان عمره . وثمة طلاب انتهازيون ، ويحاول الأكاديمي الفصيح ، الآن ، أن يتذكر تلميذه وزميله وصديقه .هل ما زال كما عرفه طالبا؟
هل غدا أستاذا انتهازيا أيضا ؟
( خربشات إلى طالب غدا أستاذا جامعيا وهو ينظر لفصيل يساري ) .
خربشات
***
9 :
يشكو الأكاديمي الفصيح من التعيينات في الجامعات العربية . يقول كلاما خطيرا . يتحدث عن الإدارات التي تتحدث ليل نهار عن الشفافية وعن دور الأقسام في التعيين .
يضحك فالإدارات تعلن ، ليل نهار ، أنها لا تتدخل في التعيينات ، وفجأة يتم التعيين بالباراشوت .
لو أفصح المسؤولون الصغار عن الحقيقة لقالوا ساخرين :
- حقا يتم التعيين من خلال الأقسام .
" يطلب القسم الأستاذ الذي يحتاج إليه ونحن نلبي طلبه " لسان الإدارات .
يبتسم الأكاديمي الفصيح . يبتسم . وماذا يمكن ان يقول ؟
أحيانا يفضفض الأكاديمي الفصيح ويقول الحقيقة :
- " يتخذ القسم قرارا بعدم حاجته إلى أستاذ في تخصص معين ، ولا يتم التعيين ، ثم .. ثم ، بعد فترة ، يأتي الطلب بالباراشوت :
- " أوجدوا شاغرا لصاحب هذا الطلب ".
وصاحب الطلب وسط ووسط ، والواسطة " ...الخ " ، ولا يكمل الأكاديمي الفصيح .
أحيانا يفضفض الأكاديمي الفصيح ، يقول كلاما يتناقل في الصالونات ، وفي الصالونات يتم التعيين .
يتساءل الأكاديمي الفصيح :
- ربما !
ويسأل زميله الذي درس في ألمانيا :
- هل قرأت مسرحية ( هاينرش بول ) ؟.
هل هي مسرحية أم أنها رواية ؟
هل قرأت حقا " نساء نهر الراين " ؟ فمن كان يدير شؤون ( بون ) حقا ؟ الساسة أم النسوة ؟ وزميله يجيبه :
- " لا تورطني ، فأنا لست بحاجة لمزيد من المشاكل .
من يروج كلاما خطيرا مثل هذا ؟ "
وزميل الأكاديمي مشغول بأوراقه وأبحاثه ومقالاته وتصحيح رسائل الماجستير التي يشرف عليها ، وهو .. وهو ... وهو يستمع إلى كلام مثل هذا ، وقد يقول :
- إنها البطالة وقلة الشواغر التي تحولنا إلى وحوش .
والأكاديمي الفصيح يرد على زميله :
- يا لك من مهادن ، ويتهمونك بأنك حاد ، و .. وبالباراشوت سيتم التعيين ، و .. و .. يقول الأكاديمي الفصيح ، وانتظر .
خربشات
***
11 :
الأكاديمي الفصيح يذهب إلى مكتب زميله بين الفترة والأخرى ، يشكو له سوء حاله ويسأله :
- لماذا درست الدكتوراه إذن ، إن لم يكن ثمة متسع لي في هذا الوطن ؟
الأكاديمي الفصيح يعبر عن خيبته من أبناء الوطن الكبار في السن ، هؤلاء الذين كلما امتد بهم العمر غدوا مثل المنشار يأكلون طالع نازل ، ولا يتركون المجال للجيل الجديد ليأخذ فرصته وليحقق ذاته .
والأكاديمي الفصيح يسأل إن كان المرء يستطيع التركيز بعد الخامسة والستين أصلا .
- ماذا أفعل للأكاديمي الفصيح؟
يتساءل جاره . ويقول له أيضا :
- يمكن أن أتنازل عن تدريس ساعات إضافية ، ويمكن أن ...ويمكن أن ...ولكني لا حول لي ولا قوة !
هل كان الأكاديمي الفصيح محقا في شكواه؟
الأكاديمي الفصيح يفكر في كبار السن من الأكاديميين و يفكر فيما أنجزوه . يقول كلاما كثيرا عن تدريسهم هنا وهناك ، في هذه الجامعة وتلك ، مع أنهم ليسوا بحاجة ، فماذا يحتاج المرء إذا طعن في السن ؟ ألا تكفيه مكافأة نهاية الخدمة؟
والأكاديمي الفصيح ...
الأكاديمي الفصيح يبحث عن فرصة عمل في وطن يضيق بسكانه ويشح بموارده و..و..
خربشات
***
الأكاديمي الفصيح لا يروق له شيء. لسان حاله عنوان قصيدة محمود درويش:
" لا شيء يعجبني".
تصغي إليه فتسمع منه كلاما عجبا. يمنح هذا شهادة ويسحبها من ذاك ، وقد يستتفه قسما بأكمله ، ولا يرى فيه سوى أصفار ، لسان حاله لسان أمل دنقل ، ومن قبله المتنبي أو دعبل الخزاعي كما نبهني د.فاروق مواسي :
لا تسألي النيل ان يعطي وأن يلدا
لا تسألي أبدا
إني لأفتح عيني حين أفتحها ،على كثير
ولكن لا أرى أحدا
والأكاديمي الفصح ينظر/ يتحدث ساعات . ينفخ مع كل سحبة نرجيلة ، مع كل مجة ، ينفخ نفخات ونفخات ، حتى ليبدو أبا منفخة .
ماذا أنجز الأكاديمي الفصيح الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رمضان وشعبان ورجب ؟
أنجز ، خلال عشر سنوات ، بحيثين قرأهما ملايين ملايين القراء ممن لم يدخلوا المدارس ولم يتعلموا حرفا ، وهات إعجابا وإطراء لبحيثيه ، هات.مجموعة من أم العروس وخالاتها وجاراتها من الصلعات ...
كلهن مدحن الأكاديمي الفصيح ، فقد أتى بما لم يأت به الأوائل والأواخر والأقارب والاباعد وذوو السواعد ..
الأكاديمي الفصيح ... ماذا تكتب يا أنت عن الاكاديمي الفصيح؟
خربشات
***
2
***
3 :
اﻷكاديمي الفصيح لا يثق بالآخرين كثيرا .
هو يرى فيهم ما يراه في كتاب "كليلة ودمنة" . كل أكاديمي لا يختلف عن كليلة أو دمنة . إنه إما مخبر على زميله أو منفخة .
كليلة ينقل اﻷخبار لمن هو أعلى منه مرتبة ومركزا ، ودمنة متفاصح يقلل دائما من شأن الآخرين ويمدح إنجازاته حتى لكأنه علم أساتذته الذين منحوه الشهادة .
كليلة يروي عن زملائه حكايات كثيرة حتى يصل إلى ما يطمح إليه مثل تثبيت أو ترقية أومنصب ما .
دمنة أصبح غربيا ، والعيش لا يحلو إلا مع الطليان واﻷلمان والفرنساوية والروس ، بعيدا عن العربان .
كليلة يبدو متجهما حريصا على أخلاق العروبة ، يتكلم عن الرجولة واحترام الكهولة .
دمنة يبدو تارة مرحا وطورا جادا رزينا صارما يحافظ على أخلاق القبيلة التليدة واﻷصيلة .
واﻷكاديمي الفصيح يتجسس على زميله . ينقل أخباره إلى فصيله و إلى دول الجوار الملكية منها ، فالدينار والدولار والريال جزء من عروبتنا ودولتنا وأمتنا النبيلة .
اﻷكاديمي الفصيح يكرر :
" هذا الزمان مشوم
كما تراه غشوم
الحمق فيه مليح
والعقل عيب ولوم
والمال طيف ولكن
حول اللئام يحوم " .
واﻷكاديمي الفصيح ليس أعمى . إنه يتعامى ، كأنه خارج من رحم مقامات بديع الزمان .
و..
و..
و..ماذا غنت أم كلثوم هذه الليلة؟
" غلبت صالح "
خربشات
***
4 :
اﻷكاديمي الفصيح حديث عهد بالجامعة . تقول له :
- في جامعات العالم العربي لا أحد يسأل اﻷكاديمي أي سؤال ما لم يمس بالمقامات العليا .
لسان حال الإدارة هو :
" افعل ما تريد . درس جيدا أو لا تدرس ، فهذا ليس مهما .
- " وما المهم إذن ؟ "
يسأل اﻷكاديمي الفصيح ؟
- " اﻷكاديمي الفصيح لا شأن له بالمقامات العليا . هو لا يقترب منها ، وإن اقتضى اﻷمر أن يقدم لها خدمات فلا بأس . كأن ينقل أخبار زميله وما يقوله في الرئيس ونائبه ونائب النائب حتى ال (بج بوس) - أي الرأس الكبير ."
- " هل هو ناقل أخبار ؟ ومن منا لا ينقل أخبارا أو احاديث؟ "
فجأة بدا اﻷكاديمي الفصيح حزينا . لماذا ؟
اﻷكاديمي الفصيح غدا على الرصيف ولن يشغل باله شيء .
سيغدو عاطلا عن العمل لسوء أدائه .
- من قيم أداء اﻷكاديمي الفصيح ؟
زميله في المكتب بدا حزينا .
- لماذا ؟
- لأن جاره سيغدو على الهامش بلا عمل .
من يقيم أستاذا جامعيا؟ من يصفه بأن أداءه غير مرض ثم... .
خربشات .
***
5 :
الأكاديمي الفصيح يسأل زميله :
- هل الطلاب أكفاء ليقيموا اساتذتهم ؟
لقد جاءني كتاب من رئاسة الجامعة ينص على عدم تجديد عقدي السنوي لأدائي السلبي ، فمن يقيمني ؟
- ربما كان أداؤك السلبي يعود إلى عدم التزامك بالمحاضرات أو لعدم تدريسك المادة المطلوبة ، وربما تخوض في المحاضرات بموضوعات سياسية أو إنك تنتمي إلى فصيل وتدعو الطلاب للانضمام إليه ، وربما يعود أداؤك السلبي إلى أنك تنتقم من الطلاب في الامتحانات ، أو إلى أنك لا تصحح أوراق الإجابة وربما .. وربما ؟؟
هل الطلاب أكفاء لتقييم أستاذ ما ؟
صديقه قال له :
- أعرف فتاة كانت تنقل إلى أبيها - و كان رئيس قسم فعميدا - كانت تنقل إليه كل ما يقال في المحاضرات ، وكان تقييم أبيها لزملائه يعتمد على ما تقوله ابنته له .
وربما يكون لرئيس قسمك طلاب جواسيس ينقلون إليه ما تقول ، وبالتالي يعتمد رئيس قسمك على هؤلاء الجواسيس .
والطالبة التي كانت تقيم أساتذتها كانت ، ببساطة ، حمارة . كانت ضعيفة علميا وكان مستواها أقل من متوسط ، وربما كان بعض مدرسيها يجامل أباها ، ولم تكن متميزة إلا في مادة أبيها ، فقد كانت علاماتها في العلالي ، مثل أسعار الكرز العام الماضي ، لا مثل أسعاره في العام الذي سبقه . هكذا كانت علاماتها ، مثل أسعار الكرز في العامين المنصرمين . لعلها كانت معجبة بأبيها ، لعلها !
الطريف أن أباها كان لفترة طويلة جدا معلم مدرسة ، ولم يخرج من عقلية المعلم ، لا في تدريسه ، ولا في تعليمه ، ولا في أبحاثه .
ويستطرد الأكاديمي الفصيح :
- انتبه ، هناك أساتذة يوظفون الطلاب جواسيس على زملائهم ، وهناك من كان يرسل قريبته لزميل له ، لتقوم بما تقوم به ( تسيبي ليفني ) ، وأنت تعرف الخدمات التي قدمتها ( تسيبي ) لدولتها ، وماذا كانت توظف للحصول على المعلومات . هكذا كتبت الصحف ، وأنا لا دليل لدي ، إنما .. إنما .. إنما أنا متأكد من أن ثمة زميلا في جامعة ما كان يرسل قريبته لزميل آخر ، لتنقل إليه كيف يتصرف معها ، و ... و ... والبقية عندك ، وعبيء الفراغات
خربشات
***
6 :
يشكو الأكاديمي الفصيح ، لزميله ، الأحوال .
يقول كلاما يثير فيه الامتعاض . يقول :
- ثمة ما يؤلمني وأنا أرى جامعاتنا ، إدارة ومدرسين ، تسيء للغتنا العربية إساءة ما بعدها إساءة ،
ويتابع :
- أظن أن شكواي هذه شكوى قديمة جديدة ، ولقد أعييت لو ناديت حيا .
يسأل الأكاديمي الذي أصغى إلى زميله عن السبب ، ويطلب منه أن يفصح أكثر وأن يبين له سبب امتعاضه هذه المرة .
يجيب الأكاديمي الفصيح :
- هل تعتقد أن هناك ضرورة لتدريس مساقي اللغة العربية واللغة العبرية في جامعاتنا ؟ ماذا يضيف الطلبة إلى ما تعلموه في المدارس؟
- أوافقك الرأي فيم يتعلق باللغة العربية ، ولكني لا أوافقك الرأي فيم يخص اللغة العبرية ، وسأشرح لك وجهة نظري ، وأعفيك من الكلام :
- فأما تعليم اللغة العربية فهو بائس ، لا شك . خذ عدد الطلبة في القاعات . هل يعقل أن تدرس اللغة لمائة طالب في القاعة ؟ وهل من فائدة لتدريسها من خلال التركيز على قضايا شكلية جدا لا يتقنها حتى المتخصصون .
- أنا على استعداد لأن أبرهن لك على ما أذهب إليه . عشرات الأبحاث التي قيمتها لأساتذة من حملة الدكتوراه لا تخلو من أخطاء لغوية ونحوية . هل أشير إلى كتاب أستاذ متخصص في النحو مليء بالأخطاء ، وإلى كتاب أستاذ يدرس اللغة العربية يحفل بأخطاء كثيرة ، و ... و ... و .... " ويتابع :
- ما تقوله صحيح ولكن ما اعتراضك أنت على تدريس اللغة العبرية ؟ أفدني أفادك الله . "
- ألاحظ إقبال الطلبة على مساق اللغة العبرية إقبالا لافتا ، وهم لا يدرسون إلا مساقا واحدا لا يسمن ولا يغني من جوع . هل تعتقد أن 90بالمائة من الطلاب بعد انتهاء الفصل بشهر يتذكرون شيئا مما درسوا ؟وهل تعتقد أنهم يواصلون تعلم هذه اللغة التي لا أهمية لها بعد إقلاع الطائرة من مطار اللد أو بعد مغادرة الجسر ؟ "
- في ذلك قول . ربما أراد متعلموها أن ييسروا أمورهم حين يزورون فلسطين المحتلة في العام 1948. ربما ! وربما يأخذون بقول " من عرف لغة قوم أمن شرهم و ... و ..."
والأكاديمي الفصيح يبتسم :
- لو كانوا يتابعون . كم من واحد ممن درسوا هذه اللغة في جامعاتنا واصل تعلمها ، ثم ..ثم .... ثم ماذا ؟ يسأل الزميل زميله .
- ثم ، ثم يا رجل انظر إلى عدد الطلاب في القاعة . إنها تدرس ، أي اللغة ، كما تدرس اللغة العربية . ستون طالبا في القاعة ، ولم يبق إلا أن يدرسوها في مدرجات تتسع لمائتي طالب .
يضحك الزميل ويقول لزميله :
- أخبرني زميلي عادل الأسطة أنه تعلم العبرية أربعة فصول ، وأنه واظب على تعلمها من التلفاز الإسرائيلي ، وكد وجد واجتهد ومع ذلك فإنه بالكاد يقرأ الحروف .
أمس مثلا قرأت له خربشة عنوانها " موشاف عين تمر " ومرة كتب كلمة موشاف موشاب ، ومرة كتبها موشاف . ثم إنه لا يحفظ من العبرية إلا مثالا واحدا يكتبه للطلاب ليشرح لهم البنية العميقة للغات ، والمثال هو " ه يلد هوليخ لبيت سيفر كل هايوم "، وغير هذا المثال لا يعرف شيئا . ربما عرف " شوتي " أو " جار بعير "، او " لوميد باونيفرستا ". وهو يبدو مثل من علمه العبرية ، وأظنهما لا يعرفان سوى عبارات قليلة منها ، مثل معلم الصف الأول لأربعين عاما . بعد أربعين عاما لا يعرف أكثر من كتاب الصف الأول ".
خربشات
***
7 :
الأكاديمي الفصيح يشكو ، لزميله ، زميله :
- منذ كنا طلابا معا ، في الجامعة نفسها ، كان يلفلف الأمور . يلفلف في كتابة أبحاثه ، ويلفلف في حضوره وفي غيابه ، ويلفلف في علاقته بأساتذته ، وقد تشاركه زوجته في اللفلفة ، كأن تطبخ لأساتذته الطعام ، فالمثل يقول " اطعم الفم تستح العين " .
ويتابع الأكاديمي الفصيح شكواه :
- ومنذ غدا في الجامعة وهو يلفلف ، يلفلف في كتابة أبحاثه ، فيسرق نصفها ، كما فعل في رسالتي الماجستير والدكتوراه . يكتب البحث موهما أنه جديد ، ثم يكون لفلفة من كتب خاضت في الموضوع بالتفصيل ، وهو موقن أنها ستذهب إلى محكمين لا يقرأون ولا يكتبون ، مثل الأساتذة الذين اشرفوا على رسالتيه ، و .. و ..
ويتابع الأكاديمي الفصيح :
- وها هو يلفلف في الرسائل التي يشرف عليها ، ويلفلف أيضا في خطط الرسائل .
بم يجيب الأكاديمي زميله الأكاديمي الفصيح ؟
لا يدري ماذا يقول في الأمر . هل يقول :
" المهم أن تطيع أولي الأمر ولا تغضبهم ، ثم افعل ما تشاء ، فهذا هو العالم الثاني والثالث .
كان العالم الثاني يهتم بحزبية الأدب والأديب وبحزبية الدارس ، ولم يبتعد خالد خليفة ، في روايته " لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة " ، عن هذا وهو يقارب شؤون التعليم في الجامعات السورية .
والأكاديمي الفصيح يحار حقا . ماذا يقول للأكاديمي الفصيح ؟ هل يقول له إن زميلك متفاصح أيضا في طريقة اللفلفة ، كأن يستغل وقتا ما لتمرير خطة ما أو لفلفة قضية ما أو لتعيين عضو هيأة تدريس ما . هل يقول له إن اللفلفة هي القاعدة ، والأكاديمي الفصيح يضحك ، فثمة أكاديميون متفاصحون أيضا .
خربشات
***
8 :
يتذكر الأكاديمي الفصيح تلميذه الذي كان أكبر منه سنا ، أكبر من أستاذه ، والطالب لا يستسيغ أن يكون صديقه الأصغر منه سنا أستاذه .
ماذا سيفعل الطالب كبير السن ؟
ماذا سيفعل وأستاذه زميله وصديقه غدا معلمه ؟
التلميذ الكبير سنا سيلجأ إلى ما يلجأ إليه بعض الطلاب . سيتقرب من أستاذه ، وسيوافقه على كل ما يقول . سيأتيه كلما جاءه من مدينته البعيدة . سيصغي إليه ، وسيكون ناعما إلى أبعد الحدود . يحضر الشاي إلى أستاذه ، ويتلمس منه البركات .
هل كان الطالب كبير السن كبيرا حقا ؟
يلاحق الطالب أستاذه ، ويحدثه عن ذكريات السبعينيات من ق 20 ، حين كانا معا يناقشان كتابا ، وحين كان كل واحد منهما يزور الآخر ، يسترجع الماضي و .. و .. ويتقرب الطالب لأستاذه / صديقه وزميله ، بشكل لافت .
هل كان يمثل ؟
هل كان صادقا ؟
وستمر الأيام وينتهي الطالب من رسالته ، بعد .... الخ .. الخ
ثمة مقولة يكررها التربويون مفادها أن من يجلس على مقاعد الدرس يغدو ، بالفعل ، طالبا مهما كان عمره . وثمة طلاب انتهازيون ، ويحاول الأكاديمي الفصيح ، الآن ، أن يتذكر تلميذه وزميله وصديقه .هل ما زال كما عرفه طالبا؟
هل غدا أستاذا انتهازيا أيضا ؟
( خربشات إلى طالب غدا أستاذا جامعيا وهو ينظر لفصيل يساري ) .
خربشات
***
9 :
يشكو الأكاديمي الفصيح من التعيينات في الجامعات العربية . يقول كلاما خطيرا . يتحدث عن الإدارات التي تتحدث ليل نهار عن الشفافية وعن دور الأقسام في التعيين .
يضحك فالإدارات تعلن ، ليل نهار ، أنها لا تتدخل في التعيينات ، وفجأة يتم التعيين بالباراشوت .
لو أفصح المسؤولون الصغار عن الحقيقة لقالوا ساخرين :
- حقا يتم التعيين من خلال الأقسام .
" يطلب القسم الأستاذ الذي يحتاج إليه ونحن نلبي طلبه " لسان الإدارات .
يبتسم الأكاديمي الفصيح . يبتسم . وماذا يمكن ان يقول ؟
أحيانا يفضفض الأكاديمي الفصيح ويقول الحقيقة :
- " يتخذ القسم قرارا بعدم حاجته إلى أستاذ في تخصص معين ، ولا يتم التعيين ، ثم .. ثم ، بعد فترة ، يأتي الطلب بالباراشوت :
- " أوجدوا شاغرا لصاحب هذا الطلب ".
وصاحب الطلب وسط ووسط ، والواسطة " ...الخ " ، ولا يكمل الأكاديمي الفصيح .
أحيانا يفضفض الأكاديمي الفصيح ، يقول كلاما يتناقل في الصالونات ، وفي الصالونات يتم التعيين .
يتساءل الأكاديمي الفصيح :
- ربما !
ويسأل زميله الذي درس في ألمانيا :
- هل قرأت مسرحية ( هاينرش بول ) ؟.
هل هي مسرحية أم أنها رواية ؟
هل قرأت حقا " نساء نهر الراين " ؟ فمن كان يدير شؤون ( بون ) حقا ؟ الساسة أم النسوة ؟ وزميله يجيبه :
- " لا تورطني ، فأنا لست بحاجة لمزيد من المشاكل .
من يروج كلاما خطيرا مثل هذا ؟ "
وزميل الأكاديمي مشغول بأوراقه وأبحاثه ومقالاته وتصحيح رسائل الماجستير التي يشرف عليها ، وهو .. وهو ... وهو يستمع إلى كلام مثل هذا ، وقد يقول :
- إنها البطالة وقلة الشواغر التي تحولنا إلى وحوش .
والأكاديمي الفصيح يرد على زميله :
- يا لك من مهادن ، ويتهمونك بأنك حاد ، و .. وبالباراشوت سيتم التعيين ، و .. و .. يقول الأكاديمي الفصيح ، وانتظر .
خربشات
***
11 :
الأكاديمي الفصيح يذهب إلى مكتب زميله بين الفترة والأخرى ، يشكو له سوء حاله ويسأله :
- لماذا درست الدكتوراه إذن ، إن لم يكن ثمة متسع لي في هذا الوطن ؟
الأكاديمي الفصيح يعبر عن خيبته من أبناء الوطن الكبار في السن ، هؤلاء الذين كلما امتد بهم العمر غدوا مثل المنشار يأكلون طالع نازل ، ولا يتركون المجال للجيل الجديد ليأخذ فرصته وليحقق ذاته .
والأكاديمي الفصيح يسأل إن كان المرء يستطيع التركيز بعد الخامسة والستين أصلا .
- ماذا أفعل للأكاديمي الفصيح؟
يتساءل جاره . ويقول له أيضا :
- يمكن أن أتنازل عن تدريس ساعات إضافية ، ويمكن أن ...ويمكن أن ...ولكني لا حول لي ولا قوة !
هل كان الأكاديمي الفصيح محقا في شكواه؟
الأكاديمي الفصيح يفكر في كبار السن من الأكاديميين و يفكر فيما أنجزوه . يقول كلاما كثيرا عن تدريسهم هنا وهناك ، في هذه الجامعة وتلك ، مع أنهم ليسوا بحاجة ، فماذا يحتاج المرء إذا طعن في السن ؟ ألا تكفيه مكافأة نهاية الخدمة؟
والأكاديمي الفصيح ...
الأكاديمي الفصيح يبحث عن فرصة عمل في وطن يضيق بسكانه ويشح بموارده و..و..
خربشات
***