أرتدي الرُّعب، أحملُ قيدًا، أفتحُ أرواحًا، أُغلِق فضاءات، أصفعُ الدّهشةَ، أرسمُ مصائر، أختمُ نهايات، أنفّذُ، لا أتأمّلُ. -"خذهُ يا جلف". هذا ما أمرني بهِ المسؤول.
xwxwxw
نص جميل في بنائه وصياغته التي ارتكزت على استعمال الفعل المضارع من أول بدايته، مما يدفعنا إلى القول على كون النص هو بنية مستقلة بذاتها سن فيها السارد نظاما داخليا خاصا به، وهذا لا يعني أن ما يقوله النص هو مرتبط بحياة المؤلف، فالكاتب ينظر إلى الواقع ويتعامل معه لا ليفسره وإنما ينظر إلى ما فوق الواقع عن طريق استحداث لغة لها أثر على القارئ، فالشكل الأدبي الذي كتب به نص "وسام" يتكون من تراكيب وبنى صرفية وأصوات متعددة تأخذ نوعا من التنميط والتخصيص على المستوى النفسي والاجتماعي والفلسفي... أي لا يمكن أن نتعامل مع النص كظاهرة لغوية دون ربطها بأبطال يتفردون بلغة لا ترتبط بالواقع الذين يعيشون فيه.
إن الكاتب واع بما يكتب، فقد مارس على اللغة نوعا من التطويع الذي لا يصل لحد هدم اللغة العادية والوقوف ضدها، بل حاول أن يستحدث نوعا من السرد المبني على ضمير المتكلم المستتر، أرتدي، أحملُ، أفتحُ، أُغلِق، أصفعُ، أرسمُ، أختمُ، أنفّذُ، لا أتأمّلُ...
فبداية النص غلفها الكاتب بمعان تحت غطاء جمل فعلية من أجل تسريع وتيرة السلوك المتلاحق المترابط في الزمن مع تغير الحالة النفسية والسلوكية للبطل وهو يقوم بأجرأة الحدث في مكان معين.
فالكثافة التعبيرية بفعل المضارع هي نوع من المراوغة التي تبدو للقارئ أنها سريعة مع أن البطل يراوغ في عدم الكشف عن القضية أو الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى القارئ.
فالسارد يريد أن يمارس اللعب الحر في تشخيص سلوك بطل يعيش رجرجة في النفس واضطراب في السلوك كأنه يجد شهوة لا مقياس لها في فن التعذيب مع ابتكار آلآم لم تخطر على البال.
xwxwxw
(أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفئ روحك!")
xwxwxw
فالقارئ يترقب ما سيأتي في النهاية وما يحدث من خلال تلك اللغة التعبيرية القوية والصادمة في نفس الوقت التي تعمل على تشخيص لوحات مشهدية درامية كأنها مقتطعة من فيلم سينمائي.
فرغم تنوع العذاب المتعدد يتبين أن الضحية ما زال صامدا مما جعل البطل يدخل في دوامة التعجب والاستغراب عن طريق التساؤل إنكاري (ألم تنطفئ روحك!") أغرق السارد هذه الفقرة بأفعال مضارعة التي تدل على حدث وقع في زمن يقبل التحول والاستقبال،
xwxwxw
(أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ،)
xwxwxw
جمل فعلية ساهمت في تحريك الحدث وتسريعه لإيصال المشاهد للقارئ عبر أقصر الطرق التي لا تخرج بالفن الإبداعي عن طبيعته الجمالية رغم صعوبة هضم قبح الفعل والسلوك. -"خذهُ يا جلف". هذا ما أمرني به المسؤول.
وضعية هذا البطل تتأرجح بين الضعف المتخفي تحت القوة، والمسلوب الإرادة تحت الخوف المبعثر وأنانية جوفاء وسلطة مقنعة تحت سلطة أخرى مريضة آمرة وأخرى منفذة.
بطل مجرد من كل تصرف إرادي، خال من كل إنسانية وضمير حي. فهو ينفذ بدون مناقشة، لذلك فهو يتصرف حسب هواه ومزاجه، يتفنن في توليد وخلق حالات تتعلق بما هو غير إنساني من تعذيب مادي ونفسي. إنه استمتاع شهواني لا حد له، وسادية في أعلى درجاتها.
النص يحمل رسالة تشير إلى قضية ما تثير الفضول والتساؤل من قبيل: لماذا؟ وما هو سبب كل هذا التعذيب؟ ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟ ...
فالسارد استطاع أن يشكلها في صورة تعبيرية مشحونة بأفعال مضارعة التي تدل على المشابهة بين ما يكتب ويسجل، وبين ما يوجد على أرضية الواقع، ولتأكيد علاقة المشابهة بين فكرة الكاتب التي سوف يعالجها مستقبلا كنوع من التأجيل للمعنى الذي قد يفصح عنه في آخر النص وقد لا يفصح عنه بل يتركه للقارئ أن يتخيل ويؤول ويستنتج استنتاجات تتماشى مع مواقفه.
فالسارد يقول بفكره وإحساسه وعاطفته بل وإنسانيته. فخلق لتلك الحالات لغة خاصة وتركيب فني جديد مبني على توظيف الفعل المضارع من بداية النص حتى نهايته.
فرغم قساوة موضوع النص فإن الكاتب عمل جاهدا على اختيار قاموس لغوي مواز للحالات والوضعيات دون روابط، حيث وجه عنايته إلى الإبداع اللغوي أكثر من ابتكار الأفكار.
فكل كلمة في النص تقص قصة كاملة عن حجم المعاناة والألم فكأن هذا العنف كتب على الضحايا من الولادة إلى الممات.
كاتب يملك موهبة في توليد مفردات اللغة مع حسن الطرح. فكل كلمة تدل على أبعاد مختلفة ومتعددة تنم على عدم الاستقرار الفردي والجماعي قد تفرز كراسي حكام مغلفة بالاستبداد والدكتاتورية.
xwxwxw
(اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.)
xwxwxw
من خلال هذا المقطع القصير يتبين أن البطل لم يصل إلى مبتغاه، فأحس بالتعب والعياء مما ساعده على سماع الهمهمة التي كانت محفزة على الإنصات المشوب بالحذر، إنه تحول على مستوى الوضعية، إنه الهروب من النيران التي فاجأته، مشهد يفضي إلى مشهد، من ركض ولهاث وملاحقة ونيران مشتعلة
xwxwxw
(أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".)
xwxwxw
حالة تتعلق بالبطل الذي تغيرت وضعيته من مهاجم " بكسر الجيم" إلى مهاجم "بفتح الجيم" فقرة تصور حالة البطل وهو في ذروة ضعفه وخوفه بعد ما كان في ذروة قوته وجبروته خاصة بعد تحطم الطائرة التي ربما كانت سوف تنقذه.
xwxwxw
(ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة. أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام، "للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ...")
xwxwxw
فالكاتب يصور لنا في نهاية النص مفارقة غريبة تنطوي على صراع غير واضح المعالم، فالغلبة للأقوى. والشريعة السائدة هو التعذيب والتفنن فيه، أبطال نجهل هويتهم لا يحملون بين أيديهم قضية وطنية أو إنسانية يدافعون عنها بالحجة والإقناع.
فالأحداث تتداخل. والحقائق تختلط، وتبقي الفوضى والتشرذم والانقسام والاختلاف في المواقف وشهوة التعذيب والانتقام هي سمات معممة على كل الأطراف المتناحرة. فالكل يحارب ويقاتل من غير هدف محدد ولا قضية واضحة.
فالسمات الممكنة استجلاء البعض منها: الكر والفر، القوة والضعف، الفوز والهزيمة، التناوب على القتل والتعذيب.
كل هذه السمات أصبحت متداولة بين وسائل الإعلام، فرغم عدم ذكر شعوب بعينيها فإنها أصبحت معروفة في العالم رغم جهل حقيقة ما يقع وماذا سيقع غدا.
الكل يعيش في فوضى، فوضى ليست خلاقة من أجل تصحيح الوضع وتكون في خدمة الوطن والمجتمع والإنسان، إنها فوضى من أجل فوضى مدمرة ومهلكة للفرد والمجتمع بل للبشر والحجر.
نهاية النص تكشف عن تناقض كبير بين أفراد المجتمع الواحد في تقييم الوضعية، البعض يحن للسلم والسلام. (أحن للسلام، للعلم، للوطن) والبعض يحن للفوضى حتى تختلط الأوراق لينتهز الفرصة أن يتألق على حساب قتل وتشريد الآخر.
يصفعني هتاف: "لا تركع إلا... "هتاف قد يكون داخليا فيه نوع من الصدق، وقد يكون خارجيا فيه نوع من المراوغة والتدليس. لا تركع إلا إذا تحقق السلام، أو إذا انتصرت لتربح المعركة، أعتقد أن في ظل هذه الوضعية المبنية عل الفوضى المفتعلة البعيدة عن رغبة الشعب لن يتحقق الأمن والسلام. وأن الأوسمة سوف توزع دون استحقاق.
نص أدبي جميل اعتمد على فانتازيا السرد المتخيلة التي أظهرت الواقع وهو يترنح تحت الفوضى والانقسام والقتل والتعذيب، فقضية السارد واضحة، ورسالته هي أن يدفع بالقارئ أن يتصور حجم معاناة الشعوب. شعوب يأكلون التعذيب ويتنفسون الموت في كل مكان. يموتون مرات عديدة خلال كل حياة.
أمّا قضية البطل فهي ملفوفة بالغموض والمراوغة وإتلاف الحقيقة وضياعها بين سلوكات متناقضة رغم توق البطل إلى السلم والسلام وحب الوطن.
نص أدبي يمكن أن نخضعه للتجريب وقياس مدى تجاوب القراء معه. نص تجمل بفسيفساء من الجمل الفعلية الخالية تقريبا من أدوات الربط والوصل التي توازن بين الجمل أو الفقرات كأدوات التفسير وتعليل السبب، أدوات الربط، أدوات الاستدراك، أدوات الاقتران وغيرها...
وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية.
نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا... محبتي وتقديري
xwxwxw
نص جميل في بنائه وصياغته التي ارتكزت على استعمال الفعل المضارع من أول بدايته، مما يدفعنا إلى القول على كون النص هو بنية مستقلة بذاتها سن فيها السارد نظاما داخليا خاصا به، وهذا لا يعني أن ما يقوله النص هو مرتبط بحياة المؤلف، فالكاتب ينظر إلى الواقع ويتعامل معه لا ليفسره وإنما ينظر إلى ما فوق الواقع عن طريق استحداث لغة لها أثر على القارئ، فالشكل الأدبي الذي كتب به نص "وسام" يتكون من تراكيب وبنى صرفية وأصوات متعددة تأخذ نوعا من التنميط والتخصيص على المستوى النفسي والاجتماعي والفلسفي... أي لا يمكن أن نتعامل مع النص كظاهرة لغوية دون ربطها بأبطال يتفردون بلغة لا ترتبط بالواقع الذين يعيشون فيه.
إن الكاتب واع بما يكتب، فقد مارس على اللغة نوعا من التطويع الذي لا يصل لحد هدم اللغة العادية والوقوف ضدها، بل حاول أن يستحدث نوعا من السرد المبني على ضمير المتكلم المستتر، أرتدي، أحملُ، أفتحُ، أُغلِق، أصفعُ، أرسمُ، أختمُ، أنفّذُ، لا أتأمّلُ...
فبداية النص غلفها الكاتب بمعان تحت غطاء جمل فعلية من أجل تسريع وتيرة السلوك المتلاحق المترابط في الزمن مع تغير الحالة النفسية والسلوكية للبطل وهو يقوم بأجرأة الحدث في مكان معين.
فالكثافة التعبيرية بفعل المضارع هي نوع من المراوغة التي تبدو للقارئ أنها سريعة مع أن البطل يراوغ في عدم الكشف عن القضية أو الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى القارئ.
فالسارد يريد أن يمارس اللعب الحر في تشخيص سلوك بطل يعيش رجرجة في النفس واضطراب في السلوك كأنه يجد شهوة لا مقياس لها في فن التعذيب مع ابتكار آلآم لم تخطر على البال.
xwxwxw
(أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفئ روحك!")
xwxwxw
فالقارئ يترقب ما سيأتي في النهاية وما يحدث من خلال تلك اللغة التعبيرية القوية والصادمة في نفس الوقت التي تعمل على تشخيص لوحات مشهدية درامية كأنها مقتطعة من فيلم سينمائي.
فرغم تنوع العذاب المتعدد يتبين أن الضحية ما زال صامدا مما جعل البطل يدخل في دوامة التعجب والاستغراب عن طريق التساؤل إنكاري (ألم تنطفئ روحك!") أغرق السارد هذه الفقرة بأفعال مضارعة التي تدل على حدث وقع في زمن يقبل التحول والاستقبال،
xwxwxw
(أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ،)
xwxwxw
جمل فعلية ساهمت في تحريك الحدث وتسريعه لإيصال المشاهد للقارئ عبر أقصر الطرق التي لا تخرج بالفن الإبداعي عن طبيعته الجمالية رغم صعوبة هضم قبح الفعل والسلوك. -"خذهُ يا جلف". هذا ما أمرني به المسؤول.
وضعية هذا البطل تتأرجح بين الضعف المتخفي تحت القوة، والمسلوب الإرادة تحت الخوف المبعثر وأنانية جوفاء وسلطة مقنعة تحت سلطة أخرى مريضة آمرة وأخرى منفذة.
بطل مجرد من كل تصرف إرادي، خال من كل إنسانية وضمير حي. فهو ينفذ بدون مناقشة، لذلك فهو يتصرف حسب هواه ومزاجه، يتفنن في توليد وخلق حالات تتعلق بما هو غير إنساني من تعذيب مادي ونفسي. إنه استمتاع شهواني لا حد له، وسادية في أعلى درجاتها.
النص يحمل رسالة تشير إلى قضية ما تثير الفضول والتساؤل من قبيل: لماذا؟ وما هو سبب كل هذا التعذيب؟ ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟ ...
فالسارد استطاع أن يشكلها في صورة تعبيرية مشحونة بأفعال مضارعة التي تدل على المشابهة بين ما يكتب ويسجل، وبين ما يوجد على أرضية الواقع، ولتأكيد علاقة المشابهة بين فكرة الكاتب التي سوف يعالجها مستقبلا كنوع من التأجيل للمعنى الذي قد يفصح عنه في آخر النص وقد لا يفصح عنه بل يتركه للقارئ أن يتخيل ويؤول ويستنتج استنتاجات تتماشى مع مواقفه.
فالسارد يقول بفكره وإحساسه وعاطفته بل وإنسانيته. فخلق لتلك الحالات لغة خاصة وتركيب فني جديد مبني على توظيف الفعل المضارع من بداية النص حتى نهايته.
فرغم قساوة موضوع النص فإن الكاتب عمل جاهدا على اختيار قاموس لغوي مواز للحالات والوضعيات دون روابط، حيث وجه عنايته إلى الإبداع اللغوي أكثر من ابتكار الأفكار.
فكل كلمة في النص تقص قصة كاملة عن حجم المعاناة والألم فكأن هذا العنف كتب على الضحايا من الولادة إلى الممات.
كاتب يملك موهبة في توليد مفردات اللغة مع حسن الطرح. فكل كلمة تدل على أبعاد مختلفة ومتعددة تنم على عدم الاستقرار الفردي والجماعي قد تفرز كراسي حكام مغلفة بالاستبداد والدكتاتورية.
xwxwxw
(اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.)
xwxwxw
من خلال هذا المقطع القصير يتبين أن البطل لم يصل إلى مبتغاه، فأحس بالتعب والعياء مما ساعده على سماع الهمهمة التي كانت محفزة على الإنصات المشوب بالحذر، إنه تحول على مستوى الوضعية، إنه الهروب من النيران التي فاجأته، مشهد يفضي إلى مشهد، من ركض ولهاث وملاحقة ونيران مشتعلة
xwxwxw
(أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".)
xwxwxw
حالة تتعلق بالبطل الذي تغيرت وضعيته من مهاجم " بكسر الجيم" إلى مهاجم "بفتح الجيم" فقرة تصور حالة البطل وهو في ذروة ضعفه وخوفه بعد ما كان في ذروة قوته وجبروته خاصة بعد تحطم الطائرة التي ربما كانت سوف تنقذه.
xwxwxw
(ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة. أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام، "للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ...")
xwxwxw
فالكاتب يصور لنا في نهاية النص مفارقة غريبة تنطوي على صراع غير واضح المعالم، فالغلبة للأقوى. والشريعة السائدة هو التعذيب والتفنن فيه، أبطال نجهل هويتهم لا يحملون بين أيديهم قضية وطنية أو إنسانية يدافعون عنها بالحجة والإقناع.
فالأحداث تتداخل. والحقائق تختلط، وتبقي الفوضى والتشرذم والانقسام والاختلاف في المواقف وشهوة التعذيب والانتقام هي سمات معممة على كل الأطراف المتناحرة. فالكل يحارب ويقاتل من غير هدف محدد ولا قضية واضحة.
فالسمات الممكنة استجلاء البعض منها: الكر والفر، القوة والضعف، الفوز والهزيمة، التناوب على القتل والتعذيب.
كل هذه السمات أصبحت متداولة بين وسائل الإعلام، فرغم عدم ذكر شعوب بعينيها فإنها أصبحت معروفة في العالم رغم جهل حقيقة ما يقع وماذا سيقع غدا.
الكل يعيش في فوضى، فوضى ليست خلاقة من أجل تصحيح الوضع وتكون في خدمة الوطن والمجتمع والإنسان، إنها فوضى من أجل فوضى مدمرة ومهلكة للفرد والمجتمع بل للبشر والحجر.
نهاية النص تكشف عن تناقض كبير بين أفراد المجتمع الواحد في تقييم الوضعية، البعض يحن للسلم والسلام. (أحن للسلام، للعلم، للوطن) والبعض يحن للفوضى حتى تختلط الأوراق لينتهز الفرصة أن يتألق على حساب قتل وتشريد الآخر.
يصفعني هتاف: "لا تركع إلا... "هتاف قد يكون داخليا فيه نوع من الصدق، وقد يكون خارجيا فيه نوع من المراوغة والتدليس. لا تركع إلا إذا تحقق السلام، أو إذا انتصرت لتربح المعركة، أعتقد أن في ظل هذه الوضعية المبنية عل الفوضى المفتعلة البعيدة عن رغبة الشعب لن يتحقق الأمن والسلام. وأن الأوسمة سوف توزع دون استحقاق.
نص أدبي جميل اعتمد على فانتازيا السرد المتخيلة التي أظهرت الواقع وهو يترنح تحت الفوضى والانقسام والقتل والتعذيب، فقضية السارد واضحة، ورسالته هي أن يدفع بالقارئ أن يتصور حجم معاناة الشعوب. شعوب يأكلون التعذيب ويتنفسون الموت في كل مكان. يموتون مرات عديدة خلال كل حياة.
أمّا قضية البطل فهي ملفوفة بالغموض والمراوغة وإتلاف الحقيقة وضياعها بين سلوكات متناقضة رغم توق البطل إلى السلم والسلام وحب الوطن.
نص أدبي يمكن أن نخضعه للتجريب وقياس مدى تجاوب القراء معه. نص تجمل بفسيفساء من الجمل الفعلية الخالية تقريبا من أدوات الربط والوصل التي توازن بين الجمل أو الفقرات كأدوات التفسير وتعليل السبب، أدوات الربط، أدوات الاستدراك، أدوات الاقتران وغيرها...
وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية.
نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا... محبتي وتقديري