صوفي عبد الله - إعداد وتقديم: سيد الوكيل

في طفولتنا وقائع وشخصيات لا يمكننا نسيانها مهما كبرنا. هي في الواقع علامات أسهمت في تشكيل هويتنا. أو بمعنى أدق كانت بمثابة ورقات اختبار كاشفة لطبيعتنا التي ولدنا بها ولم نكن مؤهلين لفهمها بعد. من أكثر الشخصيات التي لعبت هذا الدور في تشكيل هويتي: السيدة صوفي عبد الله.

ولست أدري إذا ما كانت الأمور تمضي بالصدفة، أم أن ثمة مخطط حيوي لنكون ما نحن عليه؟ فعلاقتي بصوفي عبد الله هي مزيج بين الأمرين. فبالصدفة ولدت لأب (ترزي) يحترف حياكة ملابس النساء. وبالصدفة هو عمل في اتيليه ( رشة تصميم وخياطة ) لسيدة فرنسية بوسط البلد. ومن طبيعة مهنته أن يحرص على اقتناء مجلات الموضة العالمية ولا سيما الفرنسية والإيطالية. فضلا عن مجلة حواء.

أبي لم يفهم سر تعلقي بهذه المجلات، ولكنه اطمأن إلى صيانتي لها، ورحب بأسئلتي المزعجة عن درجات الاختلاف بين موديل وآخر. وأسرار الجمال في تفاصيلاها ودرجات ألوانها. ولم يتردد في أن يسرب لي أن لا جمال للفستان بدون جمال الجسد. ففتحة الصدر للمرأة ذات الرقبة الطويلة تختلف عنها للرقبة القصيرة. والحزام على الخصر النحيل يبرز جمال النهدين والهانش، والمرأة الممتلئة يناسبها الإنسابل، والطويلة يناسبها الكلوش والضحكة الواسعة، والديكولتيه يحتاج إكسسوارات بسيطة وابتسامة رصينة.

هذه العلاقة الجمالية بيني وبين فساتين النساء كان من الممكن أن تصيبني بفتشية جنسية، لولا مداومتى على اقتناء مجلة حواء. ومن خلالها عرفت صوفي عبد الله فمع كل عدد قصة جديدة من تأليفها أو ترجمتها. في الواقع لم أكن قارئا جيدا، مازلت شغوفا بالتشكيل البصري وللرسوم المصاحبة لقصصها والتي على ما أذكر كانت من تصميم الفنان ( جمال قطب).

لجمال قطب حكاية أخرى معي، لنتوقف عند صوفي عبد الله، التي ارتقت بذائقتي من الجمال المادي المرئي والملموس. إلى الجمال المتخيل بعد رحلة طويلة مع قصصها، وروايتها العالمية التي عكفت على ترجمتها ملخصة.



أعلى