د. مصطفى الضبع - البحث العلمي في ألفيته الثالثة.. الدراسات السابقة

في الحلقة الثالثة أشرنا إلى أهمية ضبط العنوان وكيف يعد نقطة انطلاق للوصول إلى ثلاثة عناصر أساسية في البحث:
1- الدراسات السابقة.
2- المصادر والمراجع.
3- المخطط.
العنوان مهما طال أو اتسعت مساحته فهو يتضمن عنصرين أساسيين يقوم عليهما البحث:
- النقطة الخاصة: منطقة عمل الباحث وفكرته الأساسية، وهي منطقة لا يشاركه فيها أحد عبر إضافتها للعنصر الثاني.
- النقطة العامة: المجال الأوسع للبحث، ذلك المجال الذي التقط الباحث منه منطقة عمله.
للتوضيح، نقرأ عناوين الرسائل التالية:
- (المدائـــح النبويـة) في (الشعر المغربي والأندلسي) في القرن السابع الهجري.
- ظاهرة (التأمل) في (شعر جماعة الرابطة القلمية) ، دراسة وصفية تحليلية..
- بلاغة (التَّناص) في (شعر نزار قبّاني)، دراسة في المفاهيم والإجراءات.
- (التشبيه) في (الشعر العربي القديم) ، دراسة نظرية وتطبيقية.
ما بين التقويس الأول في كل عنوان هو منطقة الباحث الخاصة التي يستهدفها في المجال العام لبحثه (ما بين التقويس الثاني)، فالباحث يتحرك من الخاص إلى العام ، المنطقة الخاصة منطقة عمله الذي سيتحقق أو ما سيستحدثه فيما هو متحقق من قبل (المنطقة العامة ) ، إذن العام لابد أن يكون موجودا ليعمل الباحث فيه عمله ، والعام هو ما يشارك الباحث فيه غيره ممن يعملون في مناطق خاصة أخرى ، فالشعر المغربي (البحث الأول من القائمة السابقة ) مجال عام مفتوح ومتاح لعمل عشرات الباحثين كل منهم له منطقته الخاصة ، حيث يمكن للباحثين العمل على مناطق خاصة من مثل : البلاغة في هذا الشعر - آخر الصورة - الاستعارة -الطبيعة - المكان – الذات .....إلخ ، وغيرها من الموضوعات التي يمكن دراستها في المجال ذاته .
أما منطقة العمل الخاصة فتنبع خصوصيتها من كونها:
- لم تدرس من قبل في المجال نفسه، وإلا فالباحث عليه ألا يدرسها مادامت مدروسة وتخص باحثا غيره سابقا عليه.
- لن يدرسها أحد بعده مادام هو قد سبق إليها (بالطبع لا يدخل في هذا المجال دراسة موضوع واحد وفق منهج مختلف) .
فإذا درسها أحدهم في مجال آخر أصبحت من الدراسات السابقة، بمعنى أن الباحث الذي يدرس التأمل في شعر الرابطة القلمية غير مسبوق بدراسة العنصرين مجتمعين: الخاص (التأمل) ، والعام (شعر الرابطة القلمية) ، ولكنه مسبوق وملحوق بدراسات أخرى في شعر الرابطة القلمية مما يجعلها جميعها نوعا من المراجع بالنسبة له ، ولكن لم يسبقه أحد بدراسة التأمل في شعر الرابطة القلمية ، ولكن كل الدراسات التي سبقته بدراسة التأمل في الشعر هي من قبيل الدراسات السابقة عليه لانطلاقها من النقطة نفسها وإن تغير مجالها .
وهو ما يعني مجموعة من الحقائق :
- الدراسات السابقة : كل الدراسات التي انطلقت من نقطتي الخاصة مع تغيير المجال (العام) ، فدراسة التأمل عند الديوان ، أو دراسته عند شعراء الجاهلية مثلا ، أو دراسته عند شوقي ، كلها تعني أنها دراسات انطلقت من منطقة عملي لكنها غيرت مجال عملها بحث لا تتطابق مع مجال عملي ، وكلها تدخل في نطاق الدراسات السابقة .
- تحديد الدراسات السابقة ينطلق من الخاص وليس العام خلافا للمراجع التي تتحدد انطلاقا من العام (راجع الحلقة السابقة) .
- من الوارد ألا تكون هناك دراسات سابقة للموضوع، ولكن من الصعب ألا توجد مراجع.
- كل الدراسات السابقة مراجع ولكن ليست كل المراجع دراسات سابقة .
وللحديث بقايا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى