( الفصل الحادي عشر من رواية قصة الخلق )
" يا إلهي يا إلهي ! هل يعقل أن توجد حياة مثل هذه في هذا الزمن ؟! " هتف محمود أبو الجدايل ملتاعا ، حين فرغت لمى من قراءة رسالة أم بشيرالتي تنضح بفظاعة الألم والمعاناة .
- وربما تكون حياتها رغم مأساويتها أفضل من غيرها ، فهي تعيش في كوخ يأويها وأولادها ولا تدفع أجرة مسكن . عقبت لمى .
- ماذا يمكن أن نفعل لها ؟
- لا بد من الرحيل عن الكوخ حتى لا تظل تتعرض لمضايقات من كانت تتعامل معهم . هل نبحث لها عن منزل؟
- ممكن . ويمكن بيع الكوخ والأرض المقام عليها بمبلغ مقبول يفيد في شراء شقة أو دفع أجرة لمسكن .
- ما رأيك أن تتصلي بها لنطمئن عليها .
- سأرى! وسارعت إلى الاتصال:
- مرحبا أم بشير.
- أهلا يا سيدتي.
- كيف حالكم أنت والأطفال.
- نحن بخير منذ أن نعمنا بفضلكم يا سيدتي . استطعت أن أبدي قدرا من الشجاعة، وأن أكف أيدي الأشرارعنّا ولو مؤقتاً، وامتنعت عن استقبال أحد ، وهددت الشيخ والقواد وغيرهما بإبلاغ الشرطة إذا ما تمادوا في الإصرار على زيارتي. لكن لا بد من تدبر الأمر قبل أن يكيدوا لي ، وخاصة بعد أن عرفوا بالنعمة التي أغدقتموها علي . وضعت النقود في البنك وشرعت في البحث عن شقة بعيدا عن وادي الحدادين . للأسف لم أعثر حتى اليوم يا سيدتي . وآمل أن يكون في مقدوركم أنت والسيد مساعدتي في هذا الأمر.
- سنعمل كل جهدنا أم بشير، اصمدي ليومين أو ثلاثة أيام على الأكثر. سنباشر منذ الآن البحث عن شقة لكم . حاولي أن تحضري الأشياء غير الضرورية للرحيل . وانتظري مني هاتفا في أي وقت .
- ألف ألف شكر سيدتي . إلهي يحفظك . أقبل يديك . سلمي لي على السيد . أقبل يديه .
- الله يسلمك أم بشير . لكن دون تقبيل أيدي.
- أرجوك سيدتي دعيني أعبر عن شعوري تجاهكم بالحد الأدنى الذي يرضيني .
- طيب أم بشير كما تشائين. إلى اللقاء .
- في حفظ الله سيدتي. إلى اللقاء.
******
" عظيم أنها تمكنت من ردع شلة الأوغاد " عقب محمود وقد استمع إلى الحوار.
- سأتصل بسليم لعل إحدى شققنا المؤجرة قد فرغت .
- أنت هائلة لمى !
شرعت في الاتصال بأخيها.
- مرحبا سليم
- هلا لمى.
- كيفك يا أحلى وأجمل أخ !
- مشتاق لك وللأستاذ !
- تشتاق لك العافية . حبيبي بدي منك خدمة .
- اؤمري . بس ما تكونوا مقطوعين في هضاب البحر الميت ؟!
- لا حبيبي .. مسألة مختلفة .
- شو هيّه؟
- بلاقي عندك شقة فارغة من شققنا المؤجرة ؟
- آه فيه شقة فرغت من أسبوع ولم تؤجر بعد !
- يا حبيبي ما أروعك ! فيه أسرة فقيرة صديقة لنا تبحث عن بيت !
- ليشرفوا .. الشقة جاهزة لأسلمهم إياها .
- حبيبي انته ! ليس عندهم أحد . هم سيدة وثلاثة أطفال . سأعطيك العنوان . أرسل لهم شاحنة وعاملين لتحميل عفشهم .. وسيارة لتقلهم .. لا تعمل عقد إيجار مع السيدة أنا مسؤولة عن كل شيء.
- ألف تكرمي . أنا كم أخت عندي ؟!
- يخلي لي إياك يا أعظم أخ !
- متى يمكن أن تبدأ في الأمر؟
- فورا يا أختي . دعيهم يجهزون أنفسهم للرحيل خلال ساعة على الأكثر .
- حبيبي . ربي يسعدك ويحقق لك كل أمانيك !
عانق محمود لمى وراح يشكرها لكرمها ولهذه السرعة التي حلت بها المشكلة .
خابرت لمى أم بشير وطلبت إليها أن تجهز هي والأولاد للرحيل .
******
لم تصدق أم بشير نفسها .. ربما تعيش في حلم منذ أن زارها محمود أبو الجدايل وهذه السيدة التي لا تعرف نوع علاقتها به . فبعد قرابة ساعتين من محادثة السيدة معها ، وجدت نفسها تسكن مع أولادها في شقة في الطابق الأول في بناء من أربعة طوابق في أحد أحياء جبل عمان !! السيد أبو الجدايل ليس عندها لتسجد على قدميه وتقبلهما ، والسيدة كذلك ، ليس هناك إلا الله في سمائه ، هو لا شك من أرسلهما لها ، إذن لتسجد له وتقبل أرض الشقة تقرّباً إليه. وهكذا فعلت وطلبت إلى الأطفال أن يفعلوا .. سجدوا وقبلوا الارض وشكروا الله ، وتضرعوا إليه أن يحفظ السيد والسيدة . ضمت الأطفال وراحت تحتضنهم وتقبلهم وعيناها تختلجان لأول مرة في حياتها بدموع الفرح، وليس دموع الألم والحزن .
******
محمود أبو الجدايل . التقى ضابط الأمن الجنائي وأخبره بأن أم بشير ستدلي بكل ما تعرفه عن الرجال الذين كان زوجها يلتقي بهم ، ورجاه أن لا يقوموا باستدعائها إلى قسم الأمن ، ليذهب عنصر أمن إلى بيتها ويأخذ أقوالها هناك ، فهي سيدة ضعيفة وقد لا تحتمل أعصابها استدعاء. وهذا ما تم ، حتى أن أبو الجدايل ولمى استبقا دورية الأمن إلى بيت أم بشير وأخبراها أن ضابط أمن سيزورها خلال وجودهما عندها ليأخذ أقوالها . وحين جاءت الدورية . اختلى ضابط بأم بشير وأخذ ما لديها من معلومات وأسماء بعض الأشخاص . وعلى أثر هذه المعلومات تم اعتقال الشيخ والقواد وخمسة آخرين ، ليخضعوا للتحقيق.
*****
" يا إلهي يا إلهي ! هل يعقل أن توجد حياة مثل هذه في هذا الزمن ؟! " هتف محمود أبو الجدايل ملتاعا ، حين فرغت لمى من قراءة رسالة أم بشيرالتي تنضح بفظاعة الألم والمعاناة .
- وربما تكون حياتها رغم مأساويتها أفضل من غيرها ، فهي تعيش في كوخ يأويها وأولادها ولا تدفع أجرة مسكن . عقبت لمى .
- ماذا يمكن أن نفعل لها ؟
- لا بد من الرحيل عن الكوخ حتى لا تظل تتعرض لمضايقات من كانت تتعامل معهم . هل نبحث لها عن منزل؟
- ممكن . ويمكن بيع الكوخ والأرض المقام عليها بمبلغ مقبول يفيد في شراء شقة أو دفع أجرة لمسكن .
- ما رأيك أن تتصلي بها لنطمئن عليها .
- سأرى! وسارعت إلى الاتصال:
- مرحبا أم بشير.
- أهلا يا سيدتي.
- كيف حالكم أنت والأطفال.
- نحن بخير منذ أن نعمنا بفضلكم يا سيدتي . استطعت أن أبدي قدرا من الشجاعة، وأن أكف أيدي الأشرارعنّا ولو مؤقتاً، وامتنعت عن استقبال أحد ، وهددت الشيخ والقواد وغيرهما بإبلاغ الشرطة إذا ما تمادوا في الإصرار على زيارتي. لكن لا بد من تدبر الأمر قبل أن يكيدوا لي ، وخاصة بعد أن عرفوا بالنعمة التي أغدقتموها علي . وضعت النقود في البنك وشرعت في البحث عن شقة بعيدا عن وادي الحدادين . للأسف لم أعثر حتى اليوم يا سيدتي . وآمل أن يكون في مقدوركم أنت والسيد مساعدتي في هذا الأمر.
- سنعمل كل جهدنا أم بشير، اصمدي ليومين أو ثلاثة أيام على الأكثر. سنباشر منذ الآن البحث عن شقة لكم . حاولي أن تحضري الأشياء غير الضرورية للرحيل . وانتظري مني هاتفا في أي وقت .
- ألف ألف شكر سيدتي . إلهي يحفظك . أقبل يديك . سلمي لي على السيد . أقبل يديه .
- الله يسلمك أم بشير . لكن دون تقبيل أيدي.
- أرجوك سيدتي دعيني أعبر عن شعوري تجاهكم بالحد الأدنى الذي يرضيني .
- طيب أم بشير كما تشائين. إلى اللقاء .
- في حفظ الله سيدتي. إلى اللقاء.
******
" عظيم أنها تمكنت من ردع شلة الأوغاد " عقب محمود وقد استمع إلى الحوار.
- سأتصل بسليم لعل إحدى شققنا المؤجرة قد فرغت .
- أنت هائلة لمى !
شرعت في الاتصال بأخيها.
- مرحبا سليم
- هلا لمى.
- كيفك يا أحلى وأجمل أخ !
- مشتاق لك وللأستاذ !
- تشتاق لك العافية . حبيبي بدي منك خدمة .
- اؤمري . بس ما تكونوا مقطوعين في هضاب البحر الميت ؟!
- لا حبيبي .. مسألة مختلفة .
- شو هيّه؟
- بلاقي عندك شقة فارغة من شققنا المؤجرة ؟
- آه فيه شقة فرغت من أسبوع ولم تؤجر بعد !
- يا حبيبي ما أروعك ! فيه أسرة فقيرة صديقة لنا تبحث عن بيت !
- ليشرفوا .. الشقة جاهزة لأسلمهم إياها .
- حبيبي انته ! ليس عندهم أحد . هم سيدة وثلاثة أطفال . سأعطيك العنوان . أرسل لهم شاحنة وعاملين لتحميل عفشهم .. وسيارة لتقلهم .. لا تعمل عقد إيجار مع السيدة أنا مسؤولة عن كل شيء.
- ألف تكرمي . أنا كم أخت عندي ؟!
- يخلي لي إياك يا أعظم أخ !
- متى يمكن أن تبدأ في الأمر؟
- فورا يا أختي . دعيهم يجهزون أنفسهم للرحيل خلال ساعة على الأكثر .
- حبيبي . ربي يسعدك ويحقق لك كل أمانيك !
عانق محمود لمى وراح يشكرها لكرمها ولهذه السرعة التي حلت بها المشكلة .
خابرت لمى أم بشير وطلبت إليها أن تجهز هي والأولاد للرحيل .
******
لم تصدق أم بشير نفسها .. ربما تعيش في حلم منذ أن زارها محمود أبو الجدايل وهذه السيدة التي لا تعرف نوع علاقتها به . فبعد قرابة ساعتين من محادثة السيدة معها ، وجدت نفسها تسكن مع أولادها في شقة في الطابق الأول في بناء من أربعة طوابق في أحد أحياء جبل عمان !! السيد أبو الجدايل ليس عندها لتسجد على قدميه وتقبلهما ، والسيدة كذلك ، ليس هناك إلا الله في سمائه ، هو لا شك من أرسلهما لها ، إذن لتسجد له وتقبل أرض الشقة تقرّباً إليه. وهكذا فعلت وطلبت إلى الأطفال أن يفعلوا .. سجدوا وقبلوا الارض وشكروا الله ، وتضرعوا إليه أن يحفظ السيد والسيدة . ضمت الأطفال وراحت تحتضنهم وتقبلهم وعيناها تختلجان لأول مرة في حياتها بدموع الفرح، وليس دموع الألم والحزن .
******
محمود أبو الجدايل . التقى ضابط الأمن الجنائي وأخبره بأن أم بشير ستدلي بكل ما تعرفه عن الرجال الذين كان زوجها يلتقي بهم ، ورجاه أن لا يقوموا باستدعائها إلى قسم الأمن ، ليذهب عنصر أمن إلى بيتها ويأخذ أقوالها هناك ، فهي سيدة ضعيفة وقد لا تحتمل أعصابها استدعاء. وهذا ما تم ، حتى أن أبو الجدايل ولمى استبقا دورية الأمن إلى بيت أم بشير وأخبراها أن ضابط أمن سيزورها خلال وجودهما عندها ليأخذ أقوالها . وحين جاءت الدورية . اختلى ضابط بأم بشير وأخذ ما لديها من معلومات وأسماء بعض الأشخاص . وعلى أثر هذه المعلومات تم اعتقال الشيخ والقواد وخمسة آخرين ، ليخضعوا للتحقيق.
*****