خالد يوسف الحناوي - الأوبئة فى مصر القديمة..

عرف القدماء المصريين طرقا حديثة لمواجهة الأمراض المعدية والأوبئة التي أصابت بعض المدن على مدار التاريخ المصري القديم .
ومن الأمراض المعدية التى عرفها المصري القديم في علم الطب مكّنهم من تحقيق انتصارات ضد الأوبئة على مدار سبعة آلاف عام.
و من عهد الدولة القديمة حتى العصور المتأخرة كانت الرعاية الصحية بندا مهما في مسؤوليات الملوك والملكات، وحظي الأطباء وقتها بمكانة كبرى لدورهم في إعداد وصفات علاجية لأمراض القلب والجهاز الهضمي وتسوس الأسنان والأوبئة، إضافة لإجراء العمليات الجراحية
و إدراك المصري القديم لأهمية النظافة للحفاظ على الصحة العامة كان جزءا من العقيدة الفرعونية، مشيرا خلال حديثه إلى أن سبب أنتقال الأوبئة إلى مصر كان موقعها الجغرافي الذي جعلها نقطة رئيسية للتجارة، إضافة إلى مرور ستة أفرع لنهر النيل في مدنها.
انتشرت الأوبئة مثل الملاريا في مصر القديمة عبر الغزوات العسكرية حيث يرجح إصابة الملك توت عنخ آمون بهذا المرض وهو من ملوك الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة كما ماتت إحدى زوجات الملك رمسيس الثاني أحد ملوك الأسرة التاسعة عشرة الدولة الحديثة لإصابتها بوباء الملاريا.
بدأوا ممارسة ما يسمى بـ"الطب الوقائي" للحماية من الأمراض المعدية خاصة بعد إصابة ووفاة عدد كبير من سكان مدينة تل العمارنة بالمنيا صعيد مصر وقتها بمرض الملاريا.
ونجح الطبيب الكاهن سخمت في وضع علاج لأمراض الملاريا والجدري كما تشير بردية( إيبرس) الطبية التي تعد أقدم وثيقة علاجية في التاريخ يعود عمرها لأكثر من 3500 عام
ولجأ المصري القديم إلى المياه كوسيلة تحميه من الإصابة بالأمراض ما جعل نهر النيل شيئا مقدسا والحفاظ عليه جزءا من العقيدة الفرعونية.
كانت النظافة طقسا يمارسه المصري القديم باستخدام المياه في التطهير من الأمراض، وأصبح غسل الأيدي والملابس والمأكولات درعا أولى للحماية من الأوبئة؛ لذا قدس نهر النيل وأطلق عليه اسم (حعبي).
ولقد أستخدام المصري القديم للمياه لتعقيم المعبودات والملوك ونثرها أمام المنازل والبيوت كرمز للحياة بصحة جيدة دون أمراض معدية.
وتدريجيا أصبح السلام برفع اليد لأعلى فقط دون تلامس، التحية السائدة للمعبودات والملوك، بعد إدراك المصريين أن السلام بالأيدي وسيلة لنقل الأمراض.
كما برع في تصميم منازل للطبقة العامة بحمامات مخصصة للاغتسال وأخرى لقضاء الحاجة، وحرص على تشييدها في نهاية ممر بالمنزل، بينما في منازل وقصور طبقة الأغنياء شيد بركة المياه.
وعلم القدماء المصريين أن الحشرات الضارة وروث الحيوانات مصدر لنقل البكتيريا والفيروسات؛ لذا اهتموا بتعقيم منزلهم بالأعشاب والبخور، إضافة لتعقيم الصناديق الحافظة لأحشاء المتوفى بعد تحنيطه.
أكثر الشعوب نظافة بهذه العبارة وثق هيرودت شهادته عن المصريين عندما جاء لمصر الفرعونية في القرن الخامس قبل الميلاد.
اتبع المصري القديم كل طرق الوقاية من الفيروسات والبكتيريا، بتخصيص ثلاث مرات للنظافة والاستحمام للطبقة العامة، وخمس مرات للكهنة باستخدام ملح النطرون والزيوت المستخرجة من النباتات، إضافة لعادة حلق شعر الرأس والجسم للعامة مرة واحدة في الأسبوع وكل يومين للكهنة؛ ما يفسر وجود البحيرات بالمعابد".
ومن النباتات والأعشاب استخرجت مواد التعقيم مثل نترات البوتاسيوم وملح النطرون، التي استعانت به المرأة المصرية لتطهير الملابس والقصور الملكية، كما استخرج اللافندر من أوراق الأشجار لتنظيف الأسنان وعلاجها.
و نصيحة غسل الأيدي بالماء والصابون قبل وبعد تناول الطعام نصيحة فرعونية قديمة، واعتاد المصري القديم على عدم إلقاء نفايات منزله، بل كان يمنح بقايا الطعام للحيوانات والطيور التي يعتني بها، واستخدم بعضها في إشعال أفران طهو الطعام، ودفن غير الصالحة للاستخدام في الرمال.
《تحيا مصر من زمان أوى بلد علم و العلماء》


الكاتب والمؤرخ د/خالد يوسف الحناوى
متخصص وباحث فى علم المصريات ومؤلف سلسلة الأجداد عن الحضارة المصرية القديمة
《 عضو المجلس العربى الأمريكي للدراسات العليا
ورئيس الهيئة العلمية لهارفارد الأمريكية
جامعة هارفارد الامريكية الدولية 》
- Egyptology-Ph.D./ Harvard University, USA lnternationa
https://american-arab-council-for-graduate-studies.webnode.…

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
حضور الجائحات والأوبئة والأمراض في الاداب والفنون
المشاهدات
559
آخر تحديث
أعلى