تامر أفندي - حكاية "أحمد عبيدة" من "العمار" إلى "الانتحار"

كان آخر ما علق عنه فى الأذهان، هو أنه جمع كتبه فى شكل أسطوانة وأشعل فيها النار وظل بداخلها يردد أشعاره حتى تلاشت روحه، لا أحد يعرف لماذا اختار أحمد هذه النهاية، فقد اعتاد لسنوات طويلة، أن يذبح مرتبه كل أول شهر، حيث يشترى لحومًا ويدعو أطفال القرية يأكلون ويتسامرون ويحفظون أشعاره، شاهدوه هذا اليوم صامتا يخطو مثقلا إلى داره، يغلق الباب يقفون أمامه حتى يأتيهم لهب النار، ما تبقى من أشعار الشاعر أحمد عبيدة، تناثر على أسطحة الدور، احتفظ بعض الأهالى بتلك الأقصوصات، ومرت أجيال وأجيال، مئات القصص، حتى أتى من يجمع تلك الأقصوصات ويستدعى روح الشاعر أحمد عبيدة من جديد فى ديوان عنونه بـ«ربما يستيقظ النهار»، ٢١ قصيدة فى حوالى ٩٠ صفحة من القطع المتوسط يفوح منها عبق زقزقة العصافير وتدفق مياه النهر وصياح الديكة، تبشر بصبح جديد.. وإن كانت النهاية موجعة.
الجدير بالذكر أن الشاعر أحمد محمد أحمد عبيدة، ولد فى قرية العمار الكبرى. مركز طوخ. محافظة القليوبية، وتوفى منتحرًا وهو فى ذروة شبابه، تلقى تعليمه الأولى فى مدارس قريته، التحق بعدها بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتخرج فيها ١٩٦٤، ثم درس اللغة الروسية والفرنسية.
عمل مترجمًا فوريًا فى وزارة الاقتصاد حتى وفاته، كان له نشاط سياسى ملحوظ إبان دراسته الجامعية، كما كافح فى قريته ضد الإقطاع العائلى فى ملكية الأرض، انتسب إلى جمعية كتاب الغد ١٩٧٢، وبسبب أفكاره تعرض للاعتقال والتعذيب والإيداع فى مستشفى الأمراض العقلية.
صدرت له مختارات من أشعار أحمد عبيدة - جمعية كتاب الغد - القاهرة ١٩٧٤، وله عدد من الأعمال المخطوطة: الطمي، والنيل والصيد والقمر، وفدائي، وله عدد من المسرحيات الشعرية القصيرة.

أعلى