لا يمكننا بأي حال من الأحوال الحديث عن الأدب العالمي دون الإشارة إلى دور الأدب الفرنسي والفرانكفوني والإشادة باسهامات قامات خلفت بصماتها في سجل التاريخ الفرنسي أمثال الشاعر والروائي فكتور هيجو صاحب رائعتي "البؤساء" و"أحدَب نوتردام"، والروائي والكاتب المسرحي والفيلسوف الوجودي الفرنسي الجزائري ألبير كامو صاحب رواية "الغريب"، وإميل زولا الروائي المؤثر مؤسس الطبعانية ورائد الرواية التجريبية، وآخرين من عمالقة الأدب الفرنسي الذين تُرجمت أعمالهم إلى لغات متعددة، على رأسها الإنكليزية محققة انتشارا واسعا في أنحاء الدنيا. وما زال الإقبال على أعمال هؤلاء في العالم الناطق باللغة الإنكليزية متواصلا إلى يومنا هذا على عكس كُتاب آخرين في العصر الحديث الذين لم يحققوا تألقا مماثلا. فما سرّ تعثّر الأقلام الفرنسية والفرانكفونية الحديثة وتراجع الأدب الفرنسي والفرانكفوني في العالم الناطق باللغة الإنكليزية في عصرنا هذا؟
مظاهر التراجع
يتجلى تراجع الأدب الفرنسي والفرانكفوني في العالم الناطق باللغة الإنكليزية في مظاهر مختلفة كقلة إقبال هذه المجتمعات على قراءة المؤلفات الفرنسية المترجمة إلى اللغة الإنكليزية حتى وإن كانت متوفرة في المكتبات وأسواق الانترنت. تتجلى الظاهرة أيضا في بقاء الأسماء الأدبية الفرنسية والفرانكفونية الحديثة مجهولة في هذه المجتمعات رغم ما بلغته من شهرة في فرنسا والدول الناطقة باللغة الفرنسية. حتي الأسماء الفائزة بجوائز فرنسية مرموقة مثل جائزة غونكور وجائزة رينودو تظل مجهولة في بريطانيا وأمريكا والقارة الأسترالية رغم الضجة التي تثيرها والشهرة التي تحققها في فرنسا والدول الفرانكفونية. فمن الأسماء الكبيرة التي استطاعت أن تشدّ كل الأنظار في فرنسا ولم تلفت اهتمام الجماهير في العالم الناطق باللغة الإنكليزية باتريك موديانو الفائز بأكبر جائزة في العالم، جائزة نوبل، سنة 2014، وأيضا غيّوم ميسو الذي يعدّ أفضل كاتب فرنسي وكيف لا وقد تصدّر الرجل قائمة الكتب الأكثر مبيعا في فرنسا للعام السابع! الأدب الفرانكفوني، الذي يشارك فيه كتاب من المستعمرات الفرنسية السابقة، لم يسلم بدوره من هذه الظاهرة. فرغم الجهود الكبيرة التي تُبذل والأموال الضخمة التي تُصرف في الترجمة، تبقى أقلام فرانكفونية كبيرة مجهولة أمثال روني ماران وهو أول كاتب أسود يفوز بجائزة غونكور عام 1921، كذلك الكاتبة السنغالية أميناتا سو فال التي تعد أول امرأة من أفريقيا السوداء تدخل عالم الرواية الفرانكفونية والحاصلة علي الجائزة الأدبية الكبرى لأفريقيا السوداء عام 1980، وأيضا الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي كانت عضو أكاديمية اللغة الفرنسية، ورشحت لنيل جائزة نوبل للآداب عام 2009.
ولع الفرنسيين بالأدب الإنكليزي
من مظاهر هذا التراجع وأسبابه أيضا اهتمام القراء الفرنسيين المتزايد بالمؤلفات القادمة من العالم الناطق باللغة الإنكليزية على حساب المؤلفات الفرنسية. فحسب تقرير مؤسسة (البي بي سي) البريطانية فقد أظهر استطلاع للرأي أن القراء الفرنسيين يفضلون الكتب الأمريكية والبريطانية بنسبة ساحقة (4 مقابل 1)! وكل الأرقام تؤكد هذه الظاهرة، فالرواية السابعة في سلسلة هاري بوتر بعنوان "هاري بوتر والأقداس المهلكة" حطمت رقما قياسيا من حيث المبيعات في فرنسا حيث تجاوزت مائتي ألف نسخة باللغة الإنكليزية في غضون أسبوعين من إصدارها عام 2007! وقد وصلت المبيعات في وقت لاحق إلى أكثر من 315 ألف نسخة، أو ما يقارب نصف مجموع النسخ التي بيعت في بريطانيا نفسها!
سوء فهم الأدب الفرنسي
يعتقد كثيرون في فرنسا بما في ذلك في أوساط الكتاب والروائيين الفرنسيين أن سبب عدم إقبال العالم الناطق باللغة الإنكليزية على الأدب الفرنسي الحديث هو مجرد سوء فهم وسوء تقدير لقيمة الكتابات التي تجود بها الأقلام الفرنسية المعاصرة. من هؤلاء الروائي الفرنسي كريستوف أونو دي بيو الفائز بالجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، الذي يقول إنّ العالم الناطق باللغة الإنكليزية يعتقد خطأ أن الكاتب الفرنسي غير قادر على الإبداع الروائي.
الأدب المعقد لا يجذب الأنظار
لكن من الفرنسيين من لا يلقي باللوم على العالم الناطق باللغة الإنكليزية بقدر ما يلقيه على الأدب الفرنسي نفسه. فهذا الأدب تدور أحداثه في أماكن بعيدة عن العالم الناطق باللغة الإنكليزية، ويتناول مسائل لا تشغل اهتمام الجماهير في هذا العالم المختلف من حيث الثقافة والتفكير والمنشغل بقضايا مختلفة. من الذين يؤيدون هذا الطرح الكاتبة الفرنسية المولودة في مدينة الدار البيضاء بالمغرب مورييل باربيري. فمع أن روايتها بعنوان "أناقة القنفد"، الصادرة عن دار جاليمار للنشر عام 2006، كانت الكتاب الأكثر مبيعا في فرنسا بما يزيد عن مليون نسخة، فإن النسخة المترجمة إلى الإنكليزية لم تلق رواجا يذكر في بريطانيا وأمريكا وهو ما لم يفاجئ الكاتبة التي اعترفت بنقائصه رغم نجاحه الساحق في فرنسا: "إنه ليس كتابًا سهلاً، بعض الموضوعات ليست شائعة جدًا وأسلوبي معقد". كثيرون في فرنسا وخارجها يؤيدون هذا الطرح مؤكدين أن من ميزات الكتاب الفرنسي الحديث الجدية المفرطة والتعقيد غير اللازم. يتضح ذلك جليا في منتديات النقاش الكبيرة التي يشارك فيها فرنسيون. قال أحدهم في منبر ريديت ملخصا هذه المسألة: "أنا فرنسي، وسبق لي أن قرأت الرواية الفائزة بجائزة غونكور عام 2013، لبيار لوماتر، واستطعت من خلالها فهم سبب عدم رواج الكتب الفرنسية في الخارج. فالأسلوب معقد للغاية... "
ثقافة الكتابة
اللافت للانتباه أنَّ الكُتاب والمفكرين الفرنسيين الذين جذبوا أنظار العالم قبل عصرنا هذا خاطبوا الجماهير بلغة بسيطة لا يعسر على المتلقي فهمها. ولم يشذّ عن هذه القاعدة حتى الفلاسفة الكبار أمثال جون بول سارتر الذي كتب بأسلوب سهل يفهمه الجميع مركزا على المضمون بدلا من الشكل. هكذا استطاع سارتر أن يوصل أفكاره الوجودية إلى كل أنحاء الدنيا، واستطاعت مؤلفاته أن تثير اهتمام العالم الناطق باللغة الإنكليزية، وما زالت تستهوي جماهيره إلى يومنا هذا. من سمات ذلك العصر أيضا التأني في الكتابة. فكثير من الأعمال الفرنسية التي نالت شهرة في العالم الناطق باللغة الإنكليزية صدرت بعد سنوات من الجهد على منوال كتاب "البؤساء" لفكتور هيجو الذي استغرقت كتابته 17 سنة كاملة بينما يسعى كثير من الكتاب في هذا العصر لإصدار عمل أو أكثر من عمل في السنة، ما يؤدي إلى إغراق السوق بركام من الكتابات التي قد تفتقد مكونات الرواية الأساسية، وقد تتخللها معلومات خاطئة أو أفكار سطحية.
فائض العرض
يضاف إلى ظاهرة التهافت على نشر أعمال أدبية، تزايد عدد الكتاب المذهل. فقد ارتفع عدد المؤلفين في فرنسا بنسبة 60 بالمائة في الفترة الممتدة من 1991 إلى 2011 حسب التقارير الفرنسية نفسها. والعجيب في الأمر أن كثير من المؤلفات باتت تصل السوق دون أي تغطية إعلامية ودون علم الجماهير بصدورها. فقد صارت تصل إلى الأدوار النهائية من مسابقات الجوائز الكبرى كجائزة رينودو أسماء جديدة لم يسبق للإعلام الفرنسي أن تحدّث عنها ولم يسبق للجماهير أن تعرفت عليها!
يتزايد عدد المؤلفين ويتضاعف عدد المؤلفات في وقت تشهد فيه فرنسا نقص الاهتمام بالقراءة وهو ما أكدته التقارير الفرنسية نفسها التي أعلنت أنَّ 70 بالمائة من الفرنسيين قرأوا كتابا واحدا على الأقل في السنة في عام 2008، مقارنةً بـ 79 بالمائة قبل ذلك في عام 2005!
يحدث كل ذلك في وقت تشهد فيه الدول الناطقة باللغة الإنكليزية زيادة كبيرة في عدد المؤلفات بلغتها، ما يخلق فائض عرض يفوق حاجة هذه الدول ويغنيها عن مؤلفات غيرها. وخير مثال على ذلك السوق الأمريكية ففي عام 2018، بلغت مبيعات الكتب المطبوعة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها نسبة 675 مليون نسخة، وهو ما يبرر بكل تأكيد عدم حاجة الجماهير في هذه المجتمعات إلى مؤلفات أجنبية.
واليوم لكي يتمكن الأدب الفرنسي والفرانكفوني من استعادة مجده الضائع في عالم شديد التنافس، لابد له من إعادة مراجعة أوراقه واستدراك نقائصه والاستفادة من تجارب رواده الكبار أمثال جان جاك روسو واميل زولا وفولتير وسارتر الذين تأتى لهم خطف أنظار العالم والنفوذ إلى قلوب الجماهير من خلال كتابات عميقة تتناول قضايا إنسانية مشتركة جديرة بالاهتمام، بأسلوب سلس سهل الفهم مجرد من الحشو والعقيد وتكرار الذات.
مولود بن زادي أقلام مهاجرة حرة بريطانيا
مظاهر التراجع
يتجلى تراجع الأدب الفرنسي والفرانكفوني في العالم الناطق باللغة الإنكليزية في مظاهر مختلفة كقلة إقبال هذه المجتمعات على قراءة المؤلفات الفرنسية المترجمة إلى اللغة الإنكليزية حتى وإن كانت متوفرة في المكتبات وأسواق الانترنت. تتجلى الظاهرة أيضا في بقاء الأسماء الأدبية الفرنسية والفرانكفونية الحديثة مجهولة في هذه المجتمعات رغم ما بلغته من شهرة في فرنسا والدول الناطقة باللغة الفرنسية. حتي الأسماء الفائزة بجوائز فرنسية مرموقة مثل جائزة غونكور وجائزة رينودو تظل مجهولة في بريطانيا وأمريكا والقارة الأسترالية رغم الضجة التي تثيرها والشهرة التي تحققها في فرنسا والدول الفرانكفونية. فمن الأسماء الكبيرة التي استطاعت أن تشدّ كل الأنظار في فرنسا ولم تلفت اهتمام الجماهير في العالم الناطق باللغة الإنكليزية باتريك موديانو الفائز بأكبر جائزة في العالم، جائزة نوبل، سنة 2014، وأيضا غيّوم ميسو الذي يعدّ أفضل كاتب فرنسي وكيف لا وقد تصدّر الرجل قائمة الكتب الأكثر مبيعا في فرنسا للعام السابع! الأدب الفرانكفوني، الذي يشارك فيه كتاب من المستعمرات الفرنسية السابقة، لم يسلم بدوره من هذه الظاهرة. فرغم الجهود الكبيرة التي تُبذل والأموال الضخمة التي تُصرف في الترجمة، تبقى أقلام فرانكفونية كبيرة مجهولة أمثال روني ماران وهو أول كاتب أسود يفوز بجائزة غونكور عام 1921، كذلك الكاتبة السنغالية أميناتا سو فال التي تعد أول امرأة من أفريقيا السوداء تدخل عالم الرواية الفرانكفونية والحاصلة علي الجائزة الأدبية الكبرى لأفريقيا السوداء عام 1980، وأيضا الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي كانت عضو أكاديمية اللغة الفرنسية، ورشحت لنيل جائزة نوبل للآداب عام 2009.
ولع الفرنسيين بالأدب الإنكليزي
من مظاهر هذا التراجع وأسبابه أيضا اهتمام القراء الفرنسيين المتزايد بالمؤلفات القادمة من العالم الناطق باللغة الإنكليزية على حساب المؤلفات الفرنسية. فحسب تقرير مؤسسة (البي بي سي) البريطانية فقد أظهر استطلاع للرأي أن القراء الفرنسيين يفضلون الكتب الأمريكية والبريطانية بنسبة ساحقة (4 مقابل 1)! وكل الأرقام تؤكد هذه الظاهرة، فالرواية السابعة في سلسلة هاري بوتر بعنوان "هاري بوتر والأقداس المهلكة" حطمت رقما قياسيا من حيث المبيعات في فرنسا حيث تجاوزت مائتي ألف نسخة باللغة الإنكليزية في غضون أسبوعين من إصدارها عام 2007! وقد وصلت المبيعات في وقت لاحق إلى أكثر من 315 ألف نسخة، أو ما يقارب نصف مجموع النسخ التي بيعت في بريطانيا نفسها!
سوء فهم الأدب الفرنسي
يعتقد كثيرون في فرنسا بما في ذلك في أوساط الكتاب والروائيين الفرنسيين أن سبب عدم إقبال العالم الناطق باللغة الإنكليزية على الأدب الفرنسي الحديث هو مجرد سوء فهم وسوء تقدير لقيمة الكتابات التي تجود بها الأقلام الفرنسية المعاصرة. من هؤلاء الروائي الفرنسي كريستوف أونو دي بيو الفائز بالجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، الذي يقول إنّ العالم الناطق باللغة الإنكليزية يعتقد خطأ أن الكاتب الفرنسي غير قادر على الإبداع الروائي.
الأدب المعقد لا يجذب الأنظار
لكن من الفرنسيين من لا يلقي باللوم على العالم الناطق باللغة الإنكليزية بقدر ما يلقيه على الأدب الفرنسي نفسه. فهذا الأدب تدور أحداثه في أماكن بعيدة عن العالم الناطق باللغة الإنكليزية، ويتناول مسائل لا تشغل اهتمام الجماهير في هذا العالم المختلف من حيث الثقافة والتفكير والمنشغل بقضايا مختلفة. من الذين يؤيدون هذا الطرح الكاتبة الفرنسية المولودة في مدينة الدار البيضاء بالمغرب مورييل باربيري. فمع أن روايتها بعنوان "أناقة القنفد"، الصادرة عن دار جاليمار للنشر عام 2006، كانت الكتاب الأكثر مبيعا في فرنسا بما يزيد عن مليون نسخة، فإن النسخة المترجمة إلى الإنكليزية لم تلق رواجا يذكر في بريطانيا وأمريكا وهو ما لم يفاجئ الكاتبة التي اعترفت بنقائصه رغم نجاحه الساحق في فرنسا: "إنه ليس كتابًا سهلاً، بعض الموضوعات ليست شائعة جدًا وأسلوبي معقد". كثيرون في فرنسا وخارجها يؤيدون هذا الطرح مؤكدين أن من ميزات الكتاب الفرنسي الحديث الجدية المفرطة والتعقيد غير اللازم. يتضح ذلك جليا في منتديات النقاش الكبيرة التي يشارك فيها فرنسيون. قال أحدهم في منبر ريديت ملخصا هذه المسألة: "أنا فرنسي، وسبق لي أن قرأت الرواية الفائزة بجائزة غونكور عام 2013، لبيار لوماتر، واستطعت من خلالها فهم سبب عدم رواج الكتب الفرنسية في الخارج. فالأسلوب معقد للغاية... "
ثقافة الكتابة
اللافت للانتباه أنَّ الكُتاب والمفكرين الفرنسيين الذين جذبوا أنظار العالم قبل عصرنا هذا خاطبوا الجماهير بلغة بسيطة لا يعسر على المتلقي فهمها. ولم يشذّ عن هذه القاعدة حتى الفلاسفة الكبار أمثال جون بول سارتر الذي كتب بأسلوب سهل يفهمه الجميع مركزا على المضمون بدلا من الشكل. هكذا استطاع سارتر أن يوصل أفكاره الوجودية إلى كل أنحاء الدنيا، واستطاعت مؤلفاته أن تثير اهتمام العالم الناطق باللغة الإنكليزية، وما زالت تستهوي جماهيره إلى يومنا هذا. من سمات ذلك العصر أيضا التأني في الكتابة. فكثير من الأعمال الفرنسية التي نالت شهرة في العالم الناطق باللغة الإنكليزية صدرت بعد سنوات من الجهد على منوال كتاب "البؤساء" لفكتور هيجو الذي استغرقت كتابته 17 سنة كاملة بينما يسعى كثير من الكتاب في هذا العصر لإصدار عمل أو أكثر من عمل في السنة، ما يؤدي إلى إغراق السوق بركام من الكتابات التي قد تفتقد مكونات الرواية الأساسية، وقد تتخللها معلومات خاطئة أو أفكار سطحية.
فائض العرض
يضاف إلى ظاهرة التهافت على نشر أعمال أدبية، تزايد عدد الكتاب المذهل. فقد ارتفع عدد المؤلفين في فرنسا بنسبة 60 بالمائة في الفترة الممتدة من 1991 إلى 2011 حسب التقارير الفرنسية نفسها. والعجيب في الأمر أن كثير من المؤلفات باتت تصل السوق دون أي تغطية إعلامية ودون علم الجماهير بصدورها. فقد صارت تصل إلى الأدوار النهائية من مسابقات الجوائز الكبرى كجائزة رينودو أسماء جديدة لم يسبق للإعلام الفرنسي أن تحدّث عنها ولم يسبق للجماهير أن تعرفت عليها!
يتزايد عدد المؤلفين ويتضاعف عدد المؤلفات في وقت تشهد فيه فرنسا نقص الاهتمام بالقراءة وهو ما أكدته التقارير الفرنسية نفسها التي أعلنت أنَّ 70 بالمائة من الفرنسيين قرأوا كتابا واحدا على الأقل في السنة في عام 2008، مقارنةً بـ 79 بالمائة قبل ذلك في عام 2005!
يحدث كل ذلك في وقت تشهد فيه الدول الناطقة باللغة الإنكليزية زيادة كبيرة في عدد المؤلفات بلغتها، ما يخلق فائض عرض يفوق حاجة هذه الدول ويغنيها عن مؤلفات غيرها. وخير مثال على ذلك السوق الأمريكية ففي عام 2018، بلغت مبيعات الكتب المطبوعة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها نسبة 675 مليون نسخة، وهو ما يبرر بكل تأكيد عدم حاجة الجماهير في هذه المجتمعات إلى مؤلفات أجنبية.
واليوم لكي يتمكن الأدب الفرنسي والفرانكفوني من استعادة مجده الضائع في عالم شديد التنافس، لابد له من إعادة مراجعة أوراقه واستدراك نقائصه والاستفادة من تجارب رواده الكبار أمثال جان جاك روسو واميل زولا وفولتير وسارتر الذين تأتى لهم خطف أنظار العالم والنفوذ إلى قلوب الجماهير من خلال كتابات عميقة تتناول قضايا إنسانية مشتركة جديرة بالاهتمام، بأسلوب سلس سهل الفهم مجرد من الحشو والعقيد وتكرار الذات.
مولود بن زادي أقلام مهاجرة حرة بريطانيا