وصفي هنري - مشاهير حينا

كان انتقالنا للقاهرة صيف العام ١٩٥٥ نقلة نوعية على كل الاصعدة .. انتقلنا الى حيّا " كان" جميلا ككل احياء الطبقة المتوسطة فى القاهرة لكنه كان الاحدث والأصغر وموقعة استراتيجى بكل المعاني حيث محطة مترو حلوان الملك الصالح وكورنيش النيل حيث يمر الترام والاوتوبيس وبعدها التروللى باص ، اسمه حى السادات وهو حى أسسته شركة بلچيكية فى عشرينيات القرن الماضى على كورنيش النيل ويقع بين كوبرى الملك الصالح وفم الخليج وهو عبارة عن مربع صغير عبارة عن اربعة شوارع متقاطعة مع الكورنيش وثلاثة شوارع موازية له .
اما حديثى اليوم عن شخصيات معروفة سكنت هذا الحى تركت انطباعا إيجابيا علىٓ شخصيا منذ الصغر وأتذكر تفصايل صغيرة فى طريقة المشي التى كان كل منهم يتميز بها ، بالاضافة للتواضع الجم والاناقة وطريقة التحية .. عظمة حقيقية
كان يملك " الڤيللا " المواجهة لمنزلنا سيدة أرستقراطية كان اسمها مدام حكمت ، الفيلا كانت مكونة من دور ارضى كان مسكنا للخدم ومطبخ كبير وله باب يفتح على الحديقة و كانت هى تسكن الطابق العلوى المكون من بهو كبير للاستقبال و سبع غرف وملحق به سلم يصل ايضا الحديقة الخلفية ... كانت فى حالها تماما لا نراها كثيرا الا عندما كانت احيانا تخرج بنفسها مع كلبها اللولو چيمى ، ، كان عندها أربعة أبناء يكبروننا بكثير وهم على الترتيب حازم وحمادة وحسن وحمدى ... اذكر منهم الاكثرهم شهرة وهو حمادة الراقص فى فرقة رضا وشاهدنا عددا من أفراد الفرقة عندما كانوا يزورونه منهم العزبى ومحمود رضا وعندما شاهدنا لاحقا فيلم غرام فى الكرنك سنة ٦٧ كنّا ننتظر دوره لنقول للآخرين ده كان حمادة جارنا .
فى العام ١٩٦٠ اشترى الفيللا صاحب مصانع نسيج الخيام على الكورنيش المهندس فهمى راشد ، كان رجلا مهيبا ، لم اره يسير على قدميه فكان يخرج
من الفيلا مباشرة ليستقل سيارته بقيادة عّم محمد السائق ليسير بها ٢٠٠ متر للمصنع 😊 .. بنى فهمى راشد دورين اخرين فوق الفيللا
سكن الدور الثاني من الفيللا رجلا راقيا كان قيمة وقامة علمية ولغوية ، هذا الرجل الثرى القادم من قرية اصفون المطاعنة بقنا وهو استاذنا عبد الستار احمد فراج عضو المجمع اللغوي فى نهاية الخمسينات ورئيس تحرير جريدة المجمع عام ١٩٦٠ ، حتى انتقل للعمل لاحقا بالكويت .. كان والد صديق العمر المرحوم سعد عبد الستار و أشقاءه المهندس ناصر والمهندس عمار والدكتور علاء
اما منزلنا المكون من طابقين فقط كان يسكن الطابق العلوى فوقنا شخصيتان الاولى غامضة وكان والدى يلقبه بوكيل النيابة لكننا كنّا نشك فى ذلك لتواضعه الجم وحمله لحقيبة جلدية قديمة لكنه كان غاية فى الاناقة و لم نسمع له ولا لاسرته صوتا حتى اكتشفنا فيما بعد انه رئيس نيابة القاهرة ، الله يرحمك أستاذ احمد علام ... وفى الشقة المقابله له كان يسكن الممثل المعروف فى ذلك الوقت محمد الدفراوى الذى ترك الشقة لاحقا لشقيقته الأكبر ، كنّا نحقد عليه شبابا عندما رأيناه فى فيلم يجمعه مع برلنتى عبد الحميد وبعدها كان احد نجوم فيلم فى بيتنا رجل
كان يسكن فى المنزل الملاصق لنا على طريق الكورنيش الكاتب الصحفي بجريدة الجمهورية والأديب الروائى اسماعيل عبد التواب والد صديق عمرى المهندس سراج اسماعيل ... كتب اسماعيل عبد التواب عدة روايات احداهما تحولت الى مسلسل إذاعى كنت اتتبعه مع والدتى احيانا اعتقد ان اسمه كان العسل المر الذى أطلق على أربعة من شخصيات المسلسل اسماء ابناءه نيازى " اذكر ان الممثل كان ينطقها نياظى " وليلى ومرفت و سراج ، وتم عمل مسلسل تليفزيوني من تأليفه ايضا اسمه المنبوذ .
على المستوى الرياضى كان معظم مشاهير الحى من لاعبى الأهلي ففى الزبير بن العوام رقم ٦ يسكن أصدقاء عمر شقيقى وجيه ، فوزى وميمى ( منير ) صالح وشقيقهم خط دفاع الأهلي المنيع أنور صالح " اطال الله فى عمره " ... كنا نهلل حين نسمع محمد لطيف فى الراديو وهباااا وقطعها أنور صالح وشوطة طوييييله وخدها على صدره صالح سلييييييييم .... الجدير بالذكر ان أنور صالح الان المدير التنفيذي لاتحاد الكرة .
من لاعبى الاهلى ايضا من اجيال مختلفة أنور سلامة ومدحت مصطفى ... جدير بالذكر ان فاروق جعفر كان له الشرف ان يلعب فى شارعنا ايام ما كان فى شارعنا سيارة واحدة فى ذلك الوقت كان يملكها والد زوجة صديق العمر المهندس عبد الرحمن عاشور .. هذا اللقاء الكروى كان يجذب كل شباب الحى والاحياء المجاورة عندما يقوم بين حى المنيرة بقيادة جعفر وإبراهيم عبد الصمد ( من الاهلى ) وتوتو وامورة .. و فريق السادات بقيادة فوزى صالح ويوسف عرفة . وكنا نحن نستمتع بسحر قدم الزائرين الذين أصبحوا من المشاهير .
الاسامى اتغيرت و احيائنا اتغيرت و منازلنا اتغيرت بعدما كانت دورين وعلى الأكثر ثلاثه اصابتها العشوائية وأصبحت غابة إسمنتية اصابت كل مساحة للتنفس ومنها حديقتنا الخلفية ... لكن تظل الذاكرة تحتفظ بكل ما هو جميل من الزمن الاجمل

وصفى هنرى
ڤيينا ٢٥ ابريل ٢٠٢٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى