- بسم الله الرحمن الرحيم:
" وعاشروهُنَّ بالمعروف" أى طيِّبوا أقوالكم لهُن وحسِّنوا أفعالكم، والمعروف هو مالا يُنكره الشَّرع والمروءة، وقيل فى هذا الصدد؛ ألا تُضرَب المرأة وألا يُساء الكلام معها.
"ولهُنَّ مثل الذى عليهنَّ بالمعروف" أي لهُنَّ من حُسْن الصُّحبة والعِشرة بالمعروف على أزواجهن مثلُ الذى عليهنَّ لهم من الطاعة .
هذا بعض ما وصَّى به الرؤوف الرحيم من فوق سبع سماوات .
أما النبى صلى الله عليه وسلم، فانظر رحمته ورفقهُ بالقوارير حين غارَت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يومًا، إذ أرسَلتْ إحدى ضرائرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناءٍ فيه طعام؛ فضربَت عائشة يد الخادم فوقع الإناء فانكسر؛ وتناثَر الطعام على أرض الغرفة، فما كان من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن جمَعَ الإناء المكسور، وأعاد الطعام الذى كان فيه إليه؛ وأخذ يقول للحاضرين: "غارت أمُّكم .. غارت أمُّكم" وأمرَهم بأن يأكلوا الطعام فأكلوه .
ثم أبقَى الإناء المكسور لعائشة؛ وأرسلَ بإناء عائشة السليم إلى تلك التى كُسر إناؤها؛ مُعللاً فعله هذا بقوله: "طعام بطعام وإناء بإناء".
( رواه الترمذى 1359، وقال فيه هذا حديث حسَن صحيح ) ( سنن أبي داود 3567 ) كما رواه البخارى في صحيحه في كتاب النكاح، باب الغيرة رقم 2525 وانظره أيضا ( برقم 2481 ).
وأما أم المؤمنين التي أرسَلتْ بالطعام، ففي رواية النَسَّائي أنها أمُّ سلَمَة، وفي حديث آخر عند النَسَّائي وأبي داود أنها صفية (راجع جامع الأصول 8/436، 437) .
- وها هم الصحابة الأبرار ينهجون ذات النهج الرَّحيم بالنساء :
فقد حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بن الخطاب يَشْكُو إلَيْهِ زَوْجَتِهِ؛ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ؛ فَسَمِعَ امْرَأَة عُمَر تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفَ إلى حال سبيله، إلا أنَّ عُمَرَ رَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ: مَا حَاجَتُك يَا أَخِى؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جئتُ أَشْكُو إلَيْك زَوْجَتِي؛ فَسَمِعْتُ زَوْجَتَكَ كَذَلِكَ فَرَجَعْت.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّمَا تَحَمَّلْتُهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ؛ إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي، خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي، غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي، رَضَّاعَةٌ لِوَلَدِي .
فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِى، قَالَ فَتَحَمَّلْهَا يَا أَخِى.
- العنف ضد المرأة يُُمَارَس ضدها قبل أن تُولَد:
ولكن – وا أسفاه – أن تتعرض المرأة للعنف في مجتمعاتنا ليس بالتحرش وحده ولكن حتى قبل أن تُولد، أي وهي لم تزَل جنينا فى بطن أمها، فثقافتنا لا زالت تتوجس من ولادة أنثى، حتى لو قبِلَ المُبَشَّر بالأنثى صاغرا ما بُشِّرَ به إلا أنه كان يتمناها ذكرًا.
ثم يلي ذلك الختان جبرًا عنها، بفعل غاية فى التعدي على الجسد وإهدارا لكرمتها بدون وعي وقبل استشارة طبيب.
ويلي ذلك أيضا انتقاءُ الزوج لها وإجبارها على قبوله، أو تزويجها مبكرا وهي لا تدري من أمر الزواج ما يقوم به أوْدُ بيت.
ناهيك عما كرَّثه الموروث الشَّعبى والفولكلور، فهذه روايات "دعاء الكروان" لطه حسين، و"الحرام" ليوسف إدريس، "و"قصة شفيقة ومتولي" جميعها أبرزت العنف ضد المرأة، وكيف أن من يقتُلها درءا للعار يُعد بطلا شعبيا يرفعه الناس بالمووايل فوق الأعناق، وهو ما أثَّرَ بالسَّلب على الوعي الجَّمعي لدى الناس، حتى بات الشَّرَف عندهم يساوى "غشاء البكارة" وهو من الخطأ بمكان حتى وإن قيل أن هذه الأعمال الأدبية إنما هي مرآة تعكس حقيقة الواقع، فإن كان كذلك فكان من الأوْلَى أن تكون المعالجة ليس بإعلاء قدر من قتل الأنثى، وإنما بعلاجها وعلاج طريقة التعامل مع خطيئتها.
- أما أمر القوانين فهو كالتالى :
- نُقرِّرُ بداءة أن قانون العقوبات وغيره من القوانين الجزائية الخاصة؛ لم يغادر وصفا لجريمة عنف "أو ما يطلق عليه التَّحرُّش" يمكن أن تقع على المرأة؛ إلا وجرَّمها، حتى المعاكسة بإيماءة أو بحركة عضوية من الجسم معاقب عليها، ولكن لنا بصدد هذا بعض ملاحظات :
- قانون العقوبات :
- لقد جرم قانون العقوبات العنف المادى والمعنوى الذى يقع ضد المرأة أى ذلك العنف الذى يستطيل إلى جسدها وكذلك الذى يمس سمعتها وشرفها .
أولا :جرائم الإعتداء على الجسم :
- الضرب: فقد عاقب القانون على الجرح أو الضرب الذى ينشأ عنه مرض ولا يفرق قانون العقوبات بين العنف الواقع على المرأة داخل الأسرة أو الواقع عليها من الغير فكلاهما تحكمه قواعد قانونية واحدة .
فإذا ضرب الأب ابنته ، أو ضرب الزوج زوجته ، أو الأخ أخته ، فهو يخضع للقواعد العامة التى تؤثم هذا الفعل بغض النظر عن صفة من ارتكبه .
ولنا فى هذا رأى: نرىأن يجب اعتبار هذه السلطة - الأبوية أو الزوجية أو الأخوية - ظرفًا مُشدِّدا للعقوبة؛ بدلاً من اعتبارها مُوجبًا لاستعمال الرأفة؛ بدعوى الحفاظ على الأواصر الأسرية، فالحفاظ على تلك الأواصر يمكن الإعتداد به؛ إذا لم يكن الإعتداء مُبرِّحا، ففي أحيان كثيرة – من خلال ما نظرنا من قضايا - أدَّى الضرب إلى الموت وكان قصد الجاني هو التأديب.
وحسنًا فعَل المشرع حين شدَّد العقوبة فى جرائم الإغتصاب إلى حدِّ الإعدام فى هتك العرض بالقوة‘ أو بغير قوة إلى حد السجن المشدَّد :
- إذا كان الفاعل من أصول المجنى عليها "الأب أو الجد".
- أو من المتولِّين تربيتها أو ملاحظتها "كالولى والوصى والقيم والمدرس وزوج الأم والعم والخال ومن التقط لقيطة وتولى تربيتها".
- أو ممن له سلطة عليها "كمن يخطف أنثى ويغتصبها، وزوج الأم، والمخدوم مع الخادمة، ومن رب العمل على عاملة أو موظفة لديه، ومن رئيس مصلحة حكومية وموظفة أو عاملة فى المصلحة، ومن طبيب على مريضته، أو مدرس مع طالبة سواء في مدرسة حكومية أو خاصة".
ومن ثم نرى أن يُشدِّد المشرع عقوبة العنف الجسدى ضد المرأة إذا كان واقعًا عليها ممن نُصَّ عليهم فى المادة فى المادة 267 / 2 عقوبات.
ولكن ما يحدث عملاً أنَّ كثيرًا من المحاكم تُفْرط فى استعمال الرأفة؛ وفي الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لدى الحكم على مثل هذا الأب أو الزوج أو الأخ؛ حتى لو كان الضرب الذي وقع منه مُبرِّحا، من باب الحفاظ على الأواصر الأسرية، مما يؤدى إلى عدم الإحساس بخطورة الإعتداء على المرأة، أما لو كان الضرب غير مُبرِّح فلا مانع من استعمال الرأفة أو الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة .
- الإجهاض :
جرَّم المشرع العنف الواقع على المرأة الحُبْلى ، فكل من أسقطها عمدا بضرب ونحوه من أنواع الإيذاء يعاقب بالسجن المشدد.
وجرَّم إسقاط الحُبلى عن طريق إعطائها أدوية أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك؛ ولو كان برضائها وجعَل العقوبة الحبس .
كما جرَّم إجهاض المرأة الحامل نفسها؛ إذا رضيَتْ بتعاطى الأدوية مع علمها بها؛ أو رضيَتْ باستعمال الوسائل السالف ذكرها بالحبس .
وإذا كان المُسقط طبيبًا أو جراحًا أو صيدليًا أو قابِلة يعاقب بالسجن المشدد.
ثانيا: جرائم الإعتداء على العرض :
- الإغتصاب: إن مواقعة أنثى بغير رضاها يُمثِّل أقصى درجات العنف الذى يمكن أن تتعرض له المرأة، وقد عاقبت عليه المادة 267 من قانون العقوبات بالإعدام أو السجن المؤبد.
- ويُعاقَب الفاعل بالإعدام فى الحالات الآتية :
- إذا كانت المجنى عليها لم يبلغ سنها ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة.
- أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها " أي الأب والجد".
- أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها "كالولى والوصى والقيم والمدرس وزوج الأم، والعم أو الخال إذا تولوا التربية، ومن التقط لقيطة وتولى تربيتها".
- أو ممن له سلطة عليها؛ كمن يخطف أنثى ويغتصبها؛ وكزوج الأم، والمخدوم مع الخادمة، أو من رب العمل على عاملة أو موظفة لديه، أو من رئيس مصلحة حكومية وموظفة أو عاملة فى المصلحة، أو من طبيب على مريضته، أو مدرس مع طالبة سواء في مدرسة حكومية أو خاصة".
- أو كان خادما بالأجر عند المجنى عليها؛ أو عند من تقدَّم ذكرهم، وهو من ينقطع للقيام بأعمال مادية للمجنى عليها فى حياتها اليومية، وفى الغالب يقيم فى مسكنها، أو يكون له حرية الدخول فيه والتجول فى أنحائه".
- أو إذا تعدد الفاعلون للجريمة.
وهُنا تَنبَّه المشرع لخطورة وقوع مثل هذا العنف على المرأة من داخل الأسرة، أو ممن يلاحظونها أو يتولون تربيته ، أو الخادم، ومن ثم فقد جعل العقوبة الإعدام وجوبا دون تخيير بينها وبين السجن المؤبد، وكذلك الحال إذا تعدد الجناة.
وفى عام 1999 تم إلغاء المادة 291 عقوبات التى التى كانت تُعفي الخاطف من العقاب إذا تزوج بمن خطفها، نظرًا لإساءة استخدامها من جانب الجناة، فكان الخاطف يتزوج بمن خطفها ليفلت من العقاب ثم يقوم بتطليقها.
- هتك العِرض بالقوة :
هتك العِرض هو كل مساس بجزء يُعدُّ عورة من جسم الإنسان، وقد جرَّم قانون العقوبات هتك العرض بالقوة أو بالتهديد، والشروع فى ذلك، وعاقب عليه يالسجن المشدد ( المادة 268 ) .
وإذا كان عُمْر من وقعَت عليه الجريمة؛ لم يبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة؛ أو كان مرتكبيها ممن نُصَّ عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات، تكون العقوبة السجن المشدد الذى لا يقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع الظرفان يُحكم بالسجن المؤبد.
- هتك العرض بغير قوة أو تهديد :
كل من هتك عِرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة ميلادية بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن.
وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتى عشرة سنة ميلادية كاملة، أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.
وهنا لم يعتَدْ المشرع برضا المجني عليها التى لم تبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية؛ لما يرتبط بهذا السن من ضَعف عن مقاومة إغراء الغواية الجنسية، وما يعنيه من نقص فى الخبرة بالحياة؛ وعجز عن فهم كامل لماهية الفعل؛ وعن تقدير صحيح لمخاطره، مما يجعل هذا الرضا غير ذى قيمة قانونية كاملة .
- الفعل الفاضح :
وهو سلوك عمدي يخل بحياء من يصل إلى حواسه، سواء كان علنيا أو غير علني، فكل من فعَل علانية فعلا فاضحًا مخلا بالحياء يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.
ويعاقب بذات العقوبة كل من ارتكب مع امرأة أمرا مخلا بالحياء ولو فى غير علانية ويفترض هنا عدم رضاء المرأة.
والفعل المخل بالحياء قد يأتيه المتهم على جسم الغير ويخل بحيائه أي يكون له دلالة ؛ كتقبيل امرأة أو الإمساك بيدها، قد يأتيه الجاني على نفسه ويخل بحياء من يطَّلع عليه كظهوره عاريًا فى مكان عام أو كشْف عورته.
ثالثا: جرائم الإعتداء على الشرف والإعتبار :
الشرف والإعتبار هو المكانة التى يحتلها كل شخص فى المجتمع، ومن ثم فقد حماه المشرع من الإعتداء عليه على النحو التالى :
- القذف العلنى : "وهو تحرش لفظي"
وهو إسناد واقعة محددة تستوجب عقاب من تُنسب إليه أو احتقاره عند أهل وطنه، وعلة تجريم القذف هو مساسه بشرف المجنى عليه، على أن يكون ذلك علنيا .
والواقعة التى تستوجب العقاب كأن يسند الجانى للمجنى عليه واقعة سرقة أو تزوير أو رشوة ... إلخ.
والواقعة التى تستوجب الاحتقار كأن يسند له الغش فى الميزان، أو بيع بضائع فاسدة ، أو أن طالبا يغش فى الإمتحان .
- وعقوبة القذف هى غرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه .
- كما جرَّم المشرع كل من قذف غيره بطريق التليفون ( م 308 مكررا ).
- السب العلنى : ( وهو تحرُّش لفظى )
السب هو خدش شرف واعتبار شخص عمدا دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه، وعقوبته هى الغرامة التى لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه ( المادة 306 عقوبات)
ومثال ذلك لصق عيب أخلاقى معين بشخص، أو وصفه بأنه لص أو نصاب أو فاسق، وعاقب المشرع على السب غير العلنى بغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها ( 378 / 9 عقوبات ) كما جرم المشرع السب بطريق التليفون ( م 308 مكررا ) .
- الغزَل: توجيه عبارات غزَل لامرأة هو سبٌّ لها، سواء اتخذ صورة إطراء مجرد، أمْ جاوَز ذلك إلى حثِّها على سلوك مخل بحيائها.
وعلة اعتبار الغزَل سبًّا على الرغم مما فى ظاهره من إطراء، أنه يتضمن افتراض ابتزال المرأة؛ وأنها تتقبَّل إطراء محاسنها من أي شخص، وهو غير سلوك المرأة الشريفة.
- خدش حياء أنثى فى طريق عام أو مكان مطروق أو عن طريق التليفون :
فقد جرَّم المشرع كل من تعرَّض لشخص بالقول أو بالفعل أو بالإشارة على وجه يخدش حياءه فى طريق عام أو مكان مطروق.
كما جرَّم خدش الحياء بطريق التليفون أو أى وسيلة من وسائل الإتصالات السلكية واللاسلكية.
رابعا: جرائم الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة:
- الحصول على الحديث أو الصورة :
لقد كفلت الأديان السماوية حُرمات وحريات الإنسان قبل أن تكفلها الدساتير والقوانين.
- وقد جرَّم المشرع المصرى استراق السمع؛ ونقل أحاديث جرَت فى مكان خاص بأى جهاز أو جرَت عن طريق التليفون.
- كما جرَّم التقاط أو نقل صورة شخص فى مكان خاص بأى جهاز من الأجهزة.
- وكذلك جرَّم إذاعة أو تسهيل إذاعة ما حصل عليه من تسجيلات.
- الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة بواسطة الإنترنت:
فعلى الرغم من مزايا البريد الإلكترونى وصفحات التواصل الاجتماعى، وما شابهها؛ إلا أنها قد تكون وسائل للمعاكسات، وتبادل الرسائل التى تتضمن مغازلة أو كلاما مبتزلا، وربما قذفا وسبا أو رسومات مسيئة.
وقد صدر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الجديد رقم 175 لسنة 2018 وجعل عقوبة جريمة انتهاك حُرمة الحياة الخاصة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف (المادة 25).
- قانون تنظيم الإتصالات :
جرَّم هذا القانون كل من تعَمَّد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات، كالمعاكسات التى تتم عن طريق استعمال أى جهاز اتصال، سواء أكان تليفونا أو جهاز حاسب آلى، أو البريد الإلكترونى، أو الإنترنت عموما، وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى. .
وقضت محكمة النقض فى حكم حديث لها سنة 1998 بأن مفهوم الإزعاج يتسع لكل قول أو فعل تعمَّده الجاني يضيق به صدر المواطن.
وعقوبة هذه الجريمة هي الحبس وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
- الجرائم الإلكترونية الواقعة على العرض :
لما كان هتك العرض أو الاغتصاب لا يقع إلا بالمساس بجسم المجنى عليه، إلا أنه يمكن تصوُّر الاشتراك فى هذه الجرائم عن طريق الإنترنت وذلك بقيام الشريك بتحريض الفاعل الأصلى على اغتصاب أو هتك عرض امرأة بعينها، بأن يرشده عن عنوانها وأوصافها ومكان وأوقات تحركاتها، ويعاقب الشريك بعقوبة الفاعل الأصلى .
- الفعل الفاضح المخل بالحياء :
وهذا الفعل سواء كان علنيا أو غير علني؛ يمكن وقوعه على المرأة الكترونيا كما لو أتى الجاني حركات جنسية أو كشف عن عورته أو أتى بإشارات جنسية فى غرف الدردشة المرئية، أو أرسلها إلى المجنى عليها .
- التحريض على الفسق :
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر كل من وجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.
وهذه الجريمة لا يتصور وقوعها فى مصر عبر الانترنت إلا بطريق الإشتراك فيها بالتحريض إذا وقع الفعل؛ أما إذا لم يقع فلا جريمة على المحرض، فى حين أن المشرع الإماراتى جرم التقنية الحديثة للتحريض أو الحض على الفسق أو إغواء أنثى لارتكاب الفجور
- استدراج أنثى وإغوائها لارتكاب الدعارة :
وهذا الفعل جرَّمه قانون مكافحة الدعارة، ويتحقق الكترونيا عن طريق البريد الإلكترونى، أو غرف الدردشة الصوتية والنصية، أو عرض صور وأفلام تستدرج إلى ممارسة الدعارة.
الأمر الذى يتعين معه تعديل قانون الآداب والنص فيه صراحة على تجريم الوسائل الالكترونية فى ارتكاب السلوك المكون لنماذج جرائم الآداب، لتجريم كل من أنشأ أو نشر موقعا على الشبكة المعلوماتية يخالف النظام العام والآداب.
- الاتجار بالبشر:
یُعد مرتكبا لجریمة الاتجار بالبشر وفقا للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر، كل من یتعامل بأیة صورة في شخص طبیعي بما في ذلك البیع أو العرض للبیع أو الشراء أو الوعد بھما أو الاستخدام أو النقل أو التسلیم أو الإیواء أو الاستقبال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودھا الوطنیة - إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التھدید بھما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتیال أو الخداع،أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالیة أو مزایا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر لھ سیطرة عليه - وذلك كله - إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أیا كانت صوره، بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحیة أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبیھة بالرق أو الاستعباد ، أو التسول ، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشریة، أو جزء منها.
ولا یُعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال في أى من صور الاتجار بالبشر ، متى استخدمت فیھا أیة وسیلة من الوسائل المنصوص علیھا في المادة (2) من ھذا القانون .
- وإن كان هذا القانون قد تضمن صورا عديدة من صور الإتجار بالبشر إلا أنه لم يتطرق إلى ما إذا كان تزويج الفتيات من الأثريا العرب يعد نوعا من الاتجار بهن من عدمه، لا سيما وأن بعضه يكون لفترة مؤقتة حال وجودهم فى مصر.
- قوانين الأحوال الشخصية :
- الزواج المبكر:
إن الزواج المبكر يعتبر نواعا من العنف ضد المرأة، وحسنا فعل المشرع حين رفع سن زواج الأنثى إلى ثمايى عشرة سنة بالتعديل الذى أجراه بالقانون رقم 126 لسنة 2008.
إلا أن الواقع العملى يشير إلى كثير من الثغرات التى يتحايل من خلالها الناس على سن الزواج، وبالتالى لابد من سد هذه النثغرات، ومثال ذلك تسنين الإناث بمعرفة مفتش الصحة، وتقديم شهادة بذلك للمأذون لا سيما فى المناطق البدوية والنوبية، فيتعين فى حالة عدم وجود شهادة ميلاد عرض الفتاة على الطب الشرعى لتقدير سنها، حيث يتم ذلك بوسائل علمية حديثة تبين السن الحقيقى كالتئام العظام.
وفى حالات أخرى يتم الزواج عرفيا بإشهار واسع باتفاق الطرفين على أن تحرر وثيقة الزواج بعد بلوغ سن الزواج، وهو أيضا نوع من أنواع التحايل على القانون يجب مجابهته.
- الزواج العرفى :
نرى ضرورة مراجعة النصوص التشريعية بشأن الزواج العرفي بعد أن ثبت عمليا، أن ما نص عليه القانون من عدم سماع دعوى الزوجية إلا بوثيقة رسمية لم يؤت ثماره فى الحد من الزواج العرفى، حيث تجد المرأة نفسها نهبا لضياع حقوقها، كالنفقة والمهر و الجهاز و تحقيق الوفاة والوراثة.
- نتائج:
- وضع آلية جديدة لتحرير محاضر وتوقيع العقاب فى واقعات التحرش الجنسى؛ استثناء من الاجراءات العادية لنظر الدعاوى، ليتم الردع الخاص فورا؛ حتى يؤتى ثماره بتحقيق الردع العام من خلال الإحساس الفورى بتوقيع الجزاء.
- تعديل قانون الآداب لتشديد العقاب بشأن ارتكاب الجرائم الواردة به من خلال الوسائل الالكترونية؛ ومواجهة ما استجد من أفعال تمس الآداب العامة كإنشاء أو نشر مواقع أو إعلانات ليجرم كل ما يقع من خلال الشبكة المعلوماتية ويدعو إلى الرذيلة أو كان خادشا الحياء العام .
- إعادة النظر فى مسألة حظر سماع الدعوى فى حالة الزواج العرفى إلا بوثيقة رسمية للحفاظ على الحقوق المالية لمن تزوجت عرفيا.
- مراجعة قانون الإتجار بالبشر لمجابهة صور تزويج الإناث الصغيرات من أثرياء عرب، لا سيما إذا كان الزواج فى حقيقته لفترة مؤقتة.
- ملاحظة: نُقِّحَتْ المحاضرة بالإشارة إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
المستشار بهاء المري
الإسكندرية فى نوفمبر 2014
* محاضرة ألقيت فى الاحتفال باليوم العالمى لمقاومة العنف ضد المرأة بمركز الإبداع بالإسكندرية في نوفمبر 2014.
" وعاشروهُنَّ بالمعروف" أى طيِّبوا أقوالكم لهُن وحسِّنوا أفعالكم، والمعروف هو مالا يُنكره الشَّرع والمروءة، وقيل فى هذا الصدد؛ ألا تُضرَب المرأة وألا يُساء الكلام معها.
"ولهُنَّ مثل الذى عليهنَّ بالمعروف" أي لهُنَّ من حُسْن الصُّحبة والعِشرة بالمعروف على أزواجهن مثلُ الذى عليهنَّ لهم من الطاعة .
هذا بعض ما وصَّى به الرؤوف الرحيم من فوق سبع سماوات .
أما النبى صلى الله عليه وسلم، فانظر رحمته ورفقهُ بالقوارير حين غارَت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يومًا، إذ أرسَلتْ إحدى ضرائرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناءٍ فيه طعام؛ فضربَت عائشة يد الخادم فوقع الإناء فانكسر؛ وتناثَر الطعام على أرض الغرفة، فما كان من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن جمَعَ الإناء المكسور، وأعاد الطعام الذى كان فيه إليه؛ وأخذ يقول للحاضرين: "غارت أمُّكم .. غارت أمُّكم" وأمرَهم بأن يأكلوا الطعام فأكلوه .
ثم أبقَى الإناء المكسور لعائشة؛ وأرسلَ بإناء عائشة السليم إلى تلك التى كُسر إناؤها؛ مُعللاً فعله هذا بقوله: "طعام بطعام وإناء بإناء".
( رواه الترمذى 1359، وقال فيه هذا حديث حسَن صحيح ) ( سنن أبي داود 3567 ) كما رواه البخارى في صحيحه في كتاب النكاح، باب الغيرة رقم 2525 وانظره أيضا ( برقم 2481 ).
وأما أم المؤمنين التي أرسَلتْ بالطعام، ففي رواية النَسَّائي أنها أمُّ سلَمَة، وفي حديث آخر عند النَسَّائي وأبي داود أنها صفية (راجع جامع الأصول 8/436، 437) .
- وها هم الصحابة الأبرار ينهجون ذات النهج الرَّحيم بالنساء :
فقد حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بن الخطاب يَشْكُو إلَيْهِ زَوْجَتِهِ؛ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ؛ فَسَمِعَ امْرَأَة عُمَر تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفَ إلى حال سبيله، إلا أنَّ عُمَرَ رَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ: مَا حَاجَتُك يَا أَخِى؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جئتُ أَشْكُو إلَيْك زَوْجَتِي؛ فَسَمِعْتُ زَوْجَتَكَ كَذَلِكَ فَرَجَعْت.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّمَا تَحَمَّلْتُهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ؛ إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي، خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي، غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي، رَضَّاعَةٌ لِوَلَدِي .
فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِى، قَالَ فَتَحَمَّلْهَا يَا أَخِى.
- العنف ضد المرأة يُُمَارَس ضدها قبل أن تُولَد:
ولكن – وا أسفاه – أن تتعرض المرأة للعنف في مجتمعاتنا ليس بالتحرش وحده ولكن حتى قبل أن تُولد، أي وهي لم تزَل جنينا فى بطن أمها، فثقافتنا لا زالت تتوجس من ولادة أنثى، حتى لو قبِلَ المُبَشَّر بالأنثى صاغرا ما بُشِّرَ به إلا أنه كان يتمناها ذكرًا.
ثم يلي ذلك الختان جبرًا عنها، بفعل غاية فى التعدي على الجسد وإهدارا لكرمتها بدون وعي وقبل استشارة طبيب.
ويلي ذلك أيضا انتقاءُ الزوج لها وإجبارها على قبوله، أو تزويجها مبكرا وهي لا تدري من أمر الزواج ما يقوم به أوْدُ بيت.
ناهيك عما كرَّثه الموروث الشَّعبى والفولكلور، فهذه روايات "دعاء الكروان" لطه حسين، و"الحرام" ليوسف إدريس، "و"قصة شفيقة ومتولي" جميعها أبرزت العنف ضد المرأة، وكيف أن من يقتُلها درءا للعار يُعد بطلا شعبيا يرفعه الناس بالمووايل فوق الأعناق، وهو ما أثَّرَ بالسَّلب على الوعي الجَّمعي لدى الناس، حتى بات الشَّرَف عندهم يساوى "غشاء البكارة" وهو من الخطأ بمكان حتى وإن قيل أن هذه الأعمال الأدبية إنما هي مرآة تعكس حقيقة الواقع، فإن كان كذلك فكان من الأوْلَى أن تكون المعالجة ليس بإعلاء قدر من قتل الأنثى، وإنما بعلاجها وعلاج طريقة التعامل مع خطيئتها.
- أما أمر القوانين فهو كالتالى :
- نُقرِّرُ بداءة أن قانون العقوبات وغيره من القوانين الجزائية الخاصة؛ لم يغادر وصفا لجريمة عنف "أو ما يطلق عليه التَّحرُّش" يمكن أن تقع على المرأة؛ إلا وجرَّمها، حتى المعاكسة بإيماءة أو بحركة عضوية من الجسم معاقب عليها، ولكن لنا بصدد هذا بعض ملاحظات :
- قانون العقوبات :
- لقد جرم قانون العقوبات العنف المادى والمعنوى الذى يقع ضد المرأة أى ذلك العنف الذى يستطيل إلى جسدها وكذلك الذى يمس سمعتها وشرفها .
أولا :جرائم الإعتداء على الجسم :
- الضرب: فقد عاقب القانون على الجرح أو الضرب الذى ينشأ عنه مرض ولا يفرق قانون العقوبات بين العنف الواقع على المرأة داخل الأسرة أو الواقع عليها من الغير فكلاهما تحكمه قواعد قانونية واحدة .
فإذا ضرب الأب ابنته ، أو ضرب الزوج زوجته ، أو الأخ أخته ، فهو يخضع للقواعد العامة التى تؤثم هذا الفعل بغض النظر عن صفة من ارتكبه .
ولنا فى هذا رأى: نرىأن يجب اعتبار هذه السلطة - الأبوية أو الزوجية أو الأخوية - ظرفًا مُشدِّدا للعقوبة؛ بدلاً من اعتبارها مُوجبًا لاستعمال الرأفة؛ بدعوى الحفاظ على الأواصر الأسرية، فالحفاظ على تلك الأواصر يمكن الإعتداد به؛ إذا لم يكن الإعتداء مُبرِّحا، ففي أحيان كثيرة – من خلال ما نظرنا من قضايا - أدَّى الضرب إلى الموت وكان قصد الجاني هو التأديب.
وحسنًا فعَل المشرع حين شدَّد العقوبة فى جرائم الإغتصاب إلى حدِّ الإعدام فى هتك العرض بالقوة‘ أو بغير قوة إلى حد السجن المشدَّد :
- إذا كان الفاعل من أصول المجنى عليها "الأب أو الجد".
- أو من المتولِّين تربيتها أو ملاحظتها "كالولى والوصى والقيم والمدرس وزوج الأم والعم والخال ومن التقط لقيطة وتولى تربيتها".
- أو ممن له سلطة عليها "كمن يخطف أنثى ويغتصبها، وزوج الأم، والمخدوم مع الخادمة، ومن رب العمل على عاملة أو موظفة لديه، ومن رئيس مصلحة حكومية وموظفة أو عاملة فى المصلحة، ومن طبيب على مريضته، أو مدرس مع طالبة سواء في مدرسة حكومية أو خاصة".
ومن ثم نرى أن يُشدِّد المشرع عقوبة العنف الجسدى ضد المرأة إذا كان واقعًا عليها ممن نُصَّ عليهم فى المادة فى المادة 267 / 2 عقوبات.
ولكن ما يحدث عملاً أنَّ كثيرًا من المحاكم تُفْرط فى استعمال الرأفة؛ وفي الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لدى الحكم على مثل هذا الأب أو الزوج أو الأخ؛ حتى لو كان الضرب الذي وقع منه مُبرِّحا، من باب الحفاظ على الأواصر الأسرية، مما يؤدى إلى عدم الإحساس بخطورة الإعتداء على المرأة، أما لو كان الضرب غير مُبرِّح فلا مانع من استعمال الرأفة أو الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة .
- الإجهاض :
جرَّم المشرع العنف الواقع على المرأة الحُبْلى ، فكل من أسقطها عمدا بضرب ونحوه من أنواع الإيذاء يعاقب بالسجن المشدد.
وجرَّم إسقاط الحُبلى عن طريق إعطائها أدوية أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك؛ ولو كان برضائها وجعَل العقوبة الحبس .
كما جرَّم إجهاض المرأة الحامل نفسها؛ إذا رضيَتْ بتعاطى الأدوية مع علمها بها؛ أو رضيَتْ باستعمال الوسائل السالف ذكرها بالحبس .
وإذا كان المُسقط طبيبًا أو جراحًا أو صيدليًا أو قابِلة يعاقب بالسجن المشدد.
ثانيا: جرائم الإعتداء على العرض :
- الإغتصاب: إن مواقعة أنثى بغير رضاها يُمثِّل أقصى درجات العنف الذى يمكن أن تتعرض له المرأة، وقد عاقبت عليه المادة 267 من قانون العقوبات بالإعدام أو السجن المؤبد.
- ويُعاقَب الفاعل بالإعدام فى الحالات الآتية :
- إذا كانت المجنى عليها لم يبلغ سنها ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة.
- أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها " أي الأب والجد".
- أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها "كالولى والوصى والقيم والمدرس وزوج الأم، والعم أو الخال إذا تولوا التربية، ومن التقط لقيطة وتولى تربيتها".
- أو ممن له سلطة عليها؛ كمن يخطف أنثى ويغتصبها؛ وكزوج الأم، والمخدوم مع الخادمة، أو من رب العمل على عاملة أو موظفة لديه، أو من رئيس مصلحة حكومية وموظفة أو عاملة فى المصلحة، أو من طبيب على مريضته، أو مدرس مع طالبة سواء في مدرسة حكومية أو خاصة".
- أو كان خادما بالأجر عند المجنى عليها؛ أو عند من تقدَّم ذكرهم، وهو من ينقطع للقيام بأعمال مادية للمجنى عليها فى حياتها اليومية، وفى الغالب يقيم فى مسكنها، أو يكون له حرية الدخول فيه والتجول فى أنحائه".
- أو إذا تعدد الفاعلون للجريمة.
وهُنا تَنبَّه المشرع لخطورة وقوع مثل هذا العنف على المرأة من داخل الأسرة، أو ممن يلاحظونها أو يتولون تربيته ، أو الخادم، ومن ثم فقد جعل العقوبة الإعدام وجوبا دون تخيير بينها وبين السجن المؤبد، وكذلك الحال إذا تعدد الجناة.
وفى عام 1999 تم إلغاء المادة 291 عقوبات التى التى كانت تُعفي الخاطف من العقاب إذا تزوج بمن خطفها، نظرًا لإساءة استخدامها من جانب الجناة، فكان الخاطف يتزوج بمن خطفها ليفلت من العقاب ثم يقوم بتطليقها.
- هتك العِرض بالقوة :
هتك العِرض هو كل مساس بجزء يُعدُّ عورة من جسم الإنسان، وقد جرَّم قانون العقوبات هتك العرض بالقوة أو بالتهديد، والشروع فى ذلك، وعاقب عليه يالسجن المشدد ( المادة 268 ) .
وإذا كان عُمْر من وقعَت عليه الجريمة؛ لم يبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة؛ أو كان مرتكبيها ممن نُصَّ عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات، تكون العقوبة السجن المشدد الذى لا يقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع الظرفان يُحكم بالسجن المؤبد.
- هتك العرض بغير قوة أو تهديد :
كل من هتك عِرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة ميلادية بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن.
وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتى عشرة سنة ميلادية كاملة، أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.
وهنا لم يعتَدْ المشرع برضا المجني عليها التى لم تبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية؛ لما يرتبط بهذا السن من ضَعف عن مقاومة إغراء الغواية الجنسية، وما يعنيه من نقص فى الخبرة بالحياة؛ وعجز عن فهم كامل لماهية الفعل؛ وعن تقدير صحيح لمخاطره، مما يجعل هذا الرضا غير ذى قيمة قانونية كاملة .
- الفعل الفاضح :
وهو سلوك عمدي يخل بحياء من يصل إلى حواسه، سواء كان علنيا أو غير علني، فكل من فعَل علانية فعلا فاضحًا مخلا بالحياء يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.
ويعاقب بذات العقوبة كل من ارتكب مع امرأة أمرا مخلا بالحياء ولو فى غير علانية ويفترض هنا عدم رضاء المرأة.
والفعل المخل بالحياء قد يأتيه المتهم على جسم الغير ويخل بحيائه أي يكون له دلالة ؛ كتقبيل امرأة أو الإمساك بيدها، قد يأتيه الجاني على نفسه ويخل بحياء من يطَّلع عليه كظهوره عاريًا فى مكان عام أو كشْف عورته.
ثالثا: جرائم الإعتداء على الشرف والإعتبار :
الشرف والإعتبار هو المكانة التى يحتلها كل شخص فى المجتمع، ومن ثم فقد حماه المشرع من الإعتداء عليه على النحو التالى :
- القذف العلنى : "وهو تحرش لفظي"
وهو إسناد واقعة محددة تستوجب عقاب من تُنسب إليه أو احتقاره عند أهل وطنه، وعلة تجريم القذف هو مساسه بشرف المجنى عليه، على أن يكون ذلك علنيا .
والواقعة التى تستوجب العقاب كأن يسند الجانى للمجنى عليه واقعة سرقة أو تزوير أو رشوة ... إلخ.
والواقعة التى تستوجب الاحتقار كأن يسند له الغش فى الميزان، أو بيع بضائع فاسدة ، أو أن طالبا يغش فى الإمتحان .
- وعقوبة القذف هى غرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه .
- كما جرَّم المشرع كل من قذف غيره بطريق التليفون ( م 308 مكررا ).
- السب العلنى : ( وهو تحرُّش لفظى )
السب هو خدش شرف واعتبار شخص عمدا دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه، وعقوبته هى الغرامة التى لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه ( المادة 306 عقوبات)
ومثال ذلك لصق عيب أخلاقى معين بشخص، أو وصفه بأنه لص أو نصاب أو فاسق، وعاقب المشرع على السب غير العلنى بغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها ( 378 / 9 عقوبات ) كما جرم المشرع السب بطريق التليفون ( م 308 مكررا ) .
- الغزَل: توجيه عبارات غزَل لامرأة هو سبٌّ لها، سواء اتخذ صورة إطراء مجرد، أمْ جاوَز ذلك إلى حثِّها على سلوك مخل بحيائها.
وعلة اعتبار الغزَل سبًّا على الرغم مما فى ظاهره من إطراء، أنه يتضمن افتراض ابتزال المرأة؛ وأنها تتقبَّل إطراء محاسنها من أي شخص، وهو غير سلوك المرأة الشريفة.
- خدش حياء أنثى فى طريق عام أو مكان مطروق أو عن طريق التليفون :
فقد جرَّم المشرع كل من تعرَّض لشخص بالقول أو بالفعل أو بالإشارة على وجه يخدش حياءه فى طريق عام أو مكان مطروق.
كما جرَّم خدش الحياء بطريق التليفون أو أى وسيلة من وسائل الإتصالات السلكية واللاسلكية.
رابعا: جرائم الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة:
- الحصول على الحديث أو الصورة :
لقد كفلت الأديان السماوية حُرمات وحريات الإنسان قبل أن تكفلها الدساتير والقوانين.
- وقد جرَّم المشرع المصرى استراق السمع؛ ونقل أحاديث جرَت فى مكان خاص بأى جهاز أو جرَت عن طريق التليفون.
- كما جرَّم التقاط أو نقل صورة شخص فى مكان خاص بأى جهاز من الأجهزة.
- وكذلك جرَّم إذاعة أو تسهيل إذاعة ما حصل عليه من تسجيلات.
- الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة بواسطة الإنترنت:
فعلى الرغم من مزايا البريد الإلكترونى وصفحات التواصل الاجتماعى، وما شابهها؛ إلا أنها قد تكون وسائل للمعاكسات، وتبادل الرسائل التى تتضمن مغازلة أو كلاما مبتزلا، وربما قذفا وسبا أو رسومات مسيئة.
وقد صدر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الجديد رقم 175 لسنة 2018 وجعل عقوبة جريمة انتهاك حُرمة الحياة الخاصة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف (المادة 25).
- قانون تنظيم الإتصالات :
جرَّم هذا القانون كل من تعَمَّد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات، كالمعاكسات التى تتم عن طريق استعمال أى جهاز اتصال، سواء أكان تليفونا أو جهاز حاسب آلى، أو البريد الإلكترونى، أو الإنترنت عموما، وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى. .
وقضت محكمة النقض فى حكم حديث لها سنة 1998 بأن مفهوم الإزعاج يتسع لكل قول أو فعل تعمَّده الجاني يضيق به صدر المواطن.
وعقوبة هذه الجريمة هي الحبس وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
- الجرائم الإلكترونية الواقعة على العرض :
لما كان هتك العرض أو الاغتصاب لا يقع إلا بالمساس بجسم المجنى عليه، إلا أنه يمكن تصوُّر الاشتراك فى هذه الجرائم عن طريق الإنترنت وذلك بقيام الشريك بتحريض الفاعل الأصلى على اغتصاب أو هتك عرض امرأة بعينها، بأن يرشده عن عنوانها وأوصافها ومكان وأوقات تحركاتها، ويعاقب الشريك بعقوبة الفاعل الأصلى .
- الفعل الفاضح المخل بالحياء :
وهذا الفعل سواء كان علنيا أو غير علني؛ يمكن وقوعه على المرأة الكترونيا كما لو أتى الجاني حركات جنسية أو كشف عن عورته أو أتى بإشارات جنسية فى غرف الدردشة المرئية، أو أرسلها إلى المجنى عليها .
- التحريض على الفسق :
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر كل من وجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.
وهذه الجريمة لا يتصور وقوعها فى مصر عبر الانترنت إلا بطريق الإشتراك فيها بالتحريض إذا وقع الفعل؛ أما إذا لم يقع فلا جريمة على المحرض، فى حين أن المشرع الإماراتى جرم التقنية الحديثة للتحريض أو الحض على الفسق أو إغواء أنثى لارتكاب الفجور
- استدراج أنثى وإغوائها لارتكاب الدعارة :
وهذا الفعل جرَّمه قانون مكافحة الدعارة، ويتحقق الكترونيا عن طريق البريد الإلكترونى، أو غرف الدردشة الصوتية والنصية، أو عرض صور وأفلام تستدرج إلى ممارسة الدعارة.
الأمر الذى يتعين معه تعديل قانون الآداب والنص فيه صراحة على تجريم الوسائل الالكترونية فى ارتكاب السلوك المكون لنماذج جرائم الآداب، لتجريم كل من أنشأ أو نشر موقعا على الشبكة المعلوماتية يخالف النظام العام والآداب.
- الاتجار بالبشر:
یُعد مرتكبا لجریمة الاتجار بالبشر وفقا للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر، كل من یتعامل بأیة صورة في شخص طبیعي بما في ذلك البیع أو العرض للبیع أو الشراء أو الوعد بھما أو الاستخدام أو النقل أو التسلیم أو الإیواء أو الاستقبال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودھا الوطنیة - إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التھدید بھما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتیال أو الخداع،أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالیة أو مزایا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر لھ سیطرة عليه - وذلك كله - إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أیا كانت صوره، بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحیة أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبیھة بالرق أو الاستعباد ، أو التسول ، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشریة، أو جزء منها.
ولا یُعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال في أى من صور الاتجار بالبشر ، متى استخدمت فیھا أیة وسیلة من الوسائل المنصوص علیھا في المادة (2) من ھذا القانون .
- وإن كان هذا القانون قد تضمن صورا عديدة من صور الإتجار بالبشر إلا أنه لم يتطرق إلى ما إذا كان تزويج الفتيات من الأثريا العرب يعد نوعا من الاتجار بهن من عدمه، لا سيما وأن بعضه يكون لفترة مؤقتة حال وجودهم فى مصر.
- قوانين الأحوال الشخصية :
- الزواج المبكر:
إن الزواج المبكر يعتبر نواعا من العنف ضد المرأة، وحسنا فعل المشرع حين رفع سن زواج الأنثى إلى ثمايى عشرة سنة بالتعديل الذى أجراه بالقانون رقم 126 لسنة 2008.
إلا أن الواقع العملى يشير إلى كثير من الثغرات التى يتحايل من خلالها الناس على سن الزواج، وبالتالى لابد من سد هذه النثغرات، ومثال ذلك تسنين الإناث بمعرفة مفتش الصحة، وتقديم شهادة بذلك للمأذون لا سيما فى المناطق البدوية والنوبية، فيتعين فى حالة عدم وجود شهادة ميلاد عرض الفتاة على الطب الشرعى لتقدير سنها، حيث يتم ذلك بوسائل علمية حديثة تبين السن الحقيقى كالتئام العظام.
وفى حالات أخرى يتم الزواج عرفيا بإشهار واسع باتفاق الطرفين على أن تحرر وثيقة الزواج بعد بلوغ سن الزواج، وهو أيضا نوع من أنواع التحايل على القانون يجب مجابهته.
- الزواج العرفى :
نرى ضرورة مراجعة النصوص التشريعية بشأن الزواج العرفي بعد أن ثبت عمليا، أن ما نص عليه القانون من عدم سماع دعوى الزوجية إلا بوثيقة رسمية لم يؤت ثماره فى الحد من الزواج العرفى، حيث تجد المرأة نفسها نهبا لضياع حقوقها، كالنفقة والمهر و الجهاز و تحقيق الوفاة والوراثة.
- نتائج:
- وضع آلية جديدة لتحرير محاضر وتوقيع العقاب فى واقعات التحرش الجنسى؛ استثناء من الاجراءات العادية لنظر الدعاوى، ليتم الردع الخاص فورا؛ حتى يؤتى ثماره بتحقيق الردع العام من خلال الإحساس الفورى بتوقيع الجزاء.
- تعديل قانون الآداب لتشديد العقاب بشأن ارتكاب الجرائم الواردة به من خلال الوسائل الالكترونية؛ ومواجهة ما استجد من أفعال تمس الآداب العامة كإنشاء أو نشر مواقع أو إعلانات ليجرم كل ما يقع من خلال الشبكة المعلوماتية ويدعو إلى الرذيلة أو كان خادشا الحياء العام .
- إعادة النظر فى مسألة حظر سماع الدعوى فى حالة الزواج العرفى إلا بوثيقة رسمية للحفاظ على الحقوق المالية لمن تزوجت عرفيا.
- مراجعة قانون الإتجار بالبشر لمجابهة صور تزويج الإناث الصغيرات من أثرياء عرب، لا سيما إذا كان الزواج فى حقيقته لفترة مؤقتة.
- ملاحظة: نُقِّحَتْ المحاضرة بالإشارة إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
المستشار بهاء المري
الإسكندرية فى نوفمبر 2014
* محاضرة ألقيت فى الاحتفال باليوم العالمى لمقاومة العنف ضد المرأة بمركز الإبداع بالإسكندرية في نوفمبر 2014.