انتهى بي المطاف ذلك الصباح الباريسي المشمس في مقهى مغمور، في شارع فرعي يطل على زقاق منحدر إلى الحي اللاتيني، وانحزت إلى ركن مشمس، فما أجمل أشعة الشمس في وسط هذا البرد القارس الذي لا تدفئه لا الشمس ولا القهوة التي جلست احتسيها غارقاً بين دفتي كتاب تاريخي بالإنجليزية أعجبني غلافه، الذي يحمل رسوماً سريالية شدتني لتصفحه، وجدت فيه قصة أسطورية لهذه المدينة، والدلالات من العناصر الأثرية على أثر سابق للإنسان في هذه المدينة يعود إلى ما قبل الميلاد بسنوات كثيرة. إذ تم اكتشاف بقايا قرية ترقى إلى العصر الحديدي، أي إلى القرن الثامن قبل الميلاد.
وربما شدّ قراءتي لهذا الكتاب رجل مسن على ما يبدو كان يراقبني ربما مستغرباً من وجودي في هذا المكان، ولعله شعر بالفضول فاقترب مني ليبدي إعجابه بالكتاب الذي اقرأه وقال: إنه كتاب جميل، لكنه لا ينصف هذه المدينة التي كما ترى قديمة بقدم التاريخ وتشعر بأنها متحف مفتوح.
قلت وقد تململت في مقعدي الخشبي: اعذرني هل أدعوك لتناول القهوة..؟
هزّ رأسه شاكراً وهو يشير إلى الفنجان الذي أمامه، واستطرد في حديثه قائلاً: التاريخ قصة طويلة ومشوقة أحياناً، وهناك خبايا كثيرة في ثنايا التاريخ، ربما لا ينتبه لها الباحثون والمؤلفون، الكتاب الذي بين يديك كتاب قديم، لكنه يغفل أشياء كثيرة من تاريخ المدن الأوروبية، اتفقت معه في كثير من القصص التي رواها واختلفت معه في قصص أخرى، وطال الحديث دون أن ننتبه للوقت ودون أن أعرف من يكون هذا المسن الذي أزعج خلوتي ووحدتي في هذا المقهى المنعزل. ما دفعني لقطع حبل أفكاره وقصصه التاريخية التي لا تنتهي لأسأله عمن يكون، فمن الواضح أن لديه شغفاً بالتاريخ وحباً لهذه المدينة، قلت له أرجوك اعذرني فلم أتعرف عليك..
فأخبرني بأنه البروفيسور أندرياس بيتر مدرس تاريخ ومؤلف الكتاب الذي بين يدي..
ابتسمت معتذراً، مبدياً أنه شرف لي أن التقية مصادفة وأتعرف إليه، وأشرت إلى أنني مجرد عابر سبيل الآن، غير أنني اعتدت أن أكون كاتباً، وإن كانت كتاباتي ليست في مستوى كتابكم..
ابتسم من ملاحظتي الأخيرة وقال: لا تقلق سيأتي يوم ما تجد فيه من يهتم بما تكتب بعد أن يتحول ما كتبته إلى تاريخ..
استمر جلوسي في ذلك المقهى إلى أن غابت الشمس وشعرت بالبرد لدرجة التجمد وقد غادرني ذلك البروفيسور المهووس بالتاريخ فتركت المكان بحثاً عن قصة جديدة..
وربما شدّ قراءتي لهذا الكتاب رجل مسن على ما يبدو كان يراقبني ربما مستغرباً من وجودي في هذا المكان، ولعله شعر بالفضول فاقترب مني ليبدي إعجابه بالكتاب الذي اقرأه وقال: إنه كتاب جميل، لكنه لا ينصف هذه المدينة التي كما ترى قديمة بقدم التاريخ وتشعر بأنها متحف مفتوح.
قلت وقد تململت في مقعدي الخشبي: اعذرني هل أدعوك لتناول القهوة..؟
هزّ رأسه شاكراً وهو يشير إلى الفنجان الذي أمامه، واستطرد في حديثه قائلاً: التاريخ قصة طويلة ومشوقة أحياناً، وهناك خبايا كثيرة في ثنايا التاريخ، ربما لا ينتبه لها الباحثون والمؤلفون، الكتاب الذي بين يديك كتاب قديم، لكنه يغفل أشياء كثيرة من تاريخ المدن الأوروبية، اتفقت معه في كثير من القصص التي رواها واختلفت معه في قصص أخرى، وطال الحديث دون أن ننتبه للوقت ودون أن أعرف من يكون هذا المسن الذي أزعج خلوتي ووحدتي في هذا المقهى المنعزل. ما دفعني لقطع حبل أفكاره وقصصه التاريخية التي لا تنتهي لأسأله عمن يكون، فمن الواضح أن لديه شغفاً بالتاريخ وحباً لهذه المدينة، قلت له أرجوك اعذرني فلم أتعرف عليك..
فأخبرني بأنه البروفيسور أندرياس بيتر مدرس تاريخ ومؤلف الكتاب الذي بين يدي..
ابتسمت معتذراً، مبدياً أنه شرف لي أن التقية مصادفة وأتعرف إليه، وأشرت إلى أنني مجرد عابر سبيل الآن، غير أنني اعتدت أن أكون كاتباً، وإن كانت كتاباتي ليست في مستوى كتابكم..
ابتسم من ملاحظتي الأخيرة وقال: لا تقلق سيأتي يوم ما تجد فيه من يهتم بما تكتب بعد أن يتحول ما كتبته إلى تاريخ..
استمر جلوسي في ذلك المقهى إلى أن غابت الشمس وشعرت بالبرد لدرجة التجمد وقد غادرني ذلك البروفيسور المهووس بالتاريخ فتركت المكان بحثاً عن قصة جديدة..