( القسم الثاني من الفصل الأخير(26) من قصة الخلق)
- معنا اتصال . هلو .
- هلو . مرحبا أخت أسيل .
- مرحبا .. مين معنا ؟
- أنا فادية مصباح من لبنان . أود أن أشكر الأستاذ محمود على هذه الأفكارالانسانية النيّرة ، وهذا العقل الخلّاق الذي جعل الخالق في الانسان نفسه وفي الكون والكائنات ولم يعزله عنهما .. كم نحن في حاجة إلى فكرانساني حديث كهذا، يخرجنا مما نحن فيه من تخلّف ويلحقنا بركب الحضارة الانسانية . وأشكرك أخت أسيل على ادارتك الممتعة لهذا الحوار الفلسفي الممتع.
- ألعفو أخت فادية . وشكرا إلك مني ومن الأستاذ محمود . ونأمل من الأخوة المتصلين أن تقتصر اتصالاتهم على الأسئلة حتى لا يطول اللقاء ويدركنا الوقت .
هل لديك سؤال أخت فادية ؟
- نعم لدي سؤال خارج المسألة الوجودية . أريد أن أسأل الاستاذ محمود عن امكانية مساواة المرأة مع الرجل في كل شيء ؟
- ماذا تقول استاذ؟
- امكانية المساواة الشاملة في زمننا تبدو شبه مستحيلة ، لتخلف معظم المجتمعات. لكن يمكن تحقيق المساواة في بعض المجالات . وعلى المرأة أن لا تتوقف عن المطالبة لتحصل على كامل حقوقها ، بما فيها الحرية الجنسية قبل الزواج ! فلا يعقل أن تقتل الفتاة غريزتها الجنسية إلى أن يتسنى لها أن تتزوج!
- وماذا عن ما بعد الزواج؟
- هذا الأمر يصبح مسألة خاصة تخص الزوجين ، فهما من يتفقان على نمط حياتهما المشتركة . والأفضل هو الالتزام . أو غض الطرف عما يمكن أن يفعله أحد الزوجين .
- شكرا أستاذ.
سؤال فاديا عن حقوق المرأة أشعر أسيل أن أسئلة المشاهدين قد تنصب على مسائل اجتماعية فاضطرت أن تنبه إلى الأمر:
- أرجو من المشاهدين أن تقتصر أسئلتهم قدر الامكان على المسألة الوجودية وفهم الوجود والغاية منه . هلو نعم .
- معكم عاصي العريان من دمشق.
- أهلا عاصي. ماذا تريد أن تسأل ؟
- أريد أن أسأل الأستاذ محمود عن كيفية سريان طاقة الخلق في الكون والكائنات وتجسدها فيهما كألوهة ؟
- يبدو أن عاصي سأل أصعب سؤال يمكن أن يسأل أستاذ محمود .
- صحيح . هذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه بشكل صحيح تماما أو أقرب إلى الصحة، إلا من قبل الله نفسه . فهو الوحيد القادرعلى معرفة ذلك أكثر من غيره . بغض النظر إن كان يعتبر نفسه إلها أو خالقا دون ألوهة ما . لكن يمكن القول أن سريان الطاقة في الكون قد تم من لحظة الانبعاث من الهيولى البدئية ، وهو ما عرّفه العلم بالانفجار الكبير الذي بدأت به عملية الخلق . وما أعتقده هو أن الانفجار قد تم بفعل حالة عقلانية كانت كامنة في الهيولى البدئية. وكما نعلم أن هذا السريان في الكون والكائنات ما يزال قائما حتى يومنا ، وأن التجسد لا يتم إلا بعد المرور بتفاعلات على مدى عصور مديدة ، ويكفي أن نعلم أن أكثر من تسع مليارات عام مرت على الوجود دون أن يكون هناك إلا النجوم والفضاء وربما بعض الكواكب البعيدة والشهب والمذنبات ، ولم يكن هناك كوكب أرض مثلا ، الذي ثبت علمياً أن عمره لا يتجاوز أربع مليارات ونصف عام . على ضوء هذه الحقائق العلمية يمكننا أن نتصور مدى صعوبة السريان والتجسد.. ومدى التفاعلات التي حدثت في الكون وعلى كوكب الأرض حتى تم التجسد في الكائنات الحية ، التي توجت بخلق الانسان، ليرى الخالق أو المصمم نفسه في أرقى شكل يمكن أن يتجسد فيه . وهو ليس الشكل النهائي بالتأكيد . فلا أحد يعرف إلى أين سيصل الجمال بالخلق بعد آلاف أو ملايين الأعوام .
- ألو نعم ,
- أنا مشعل الطرفان من الأردن ! أريد أن أسأل السيد محمود كيف يمكن أن يكون كل شيء بحد ذاته، إلها، طالما أن طاقة الألوهة تسري في كل شيء.
- استاذ محمود ؟
- لقد تطرقنا للمسألة خلال حوارنا ، هذا الفهم خطأ بالمطلق . طاقة الألوهة أو طاقة الخلق تسري في كل شيء دون أن يكون أي شيء بذاته إلها، ودون أن تكون الطاقة السارية بدورها إلهاً .. فأنا مثلا تسري طاقة الخلق في جسدي كما تسري في جسد غيري ، لكني لست إلها ولست خالقا بالمعنى الإلهي.. وأشرت أكثر من مرة إلى أننا نوظف تعبير الله والالوهة بشكل مجازي للتعبير عن القائم بالخلق أو مصمم الوجود. وإذا كان ثمة من يحق له أن يعتبر نفسه إلها ، فهو الوجود كله وبكل ما فيه من أكوان وكائنات . وآمل أن لا يخرج علينا سائل جديد ليسألنا كيف تكون البعوضة إلهاً؟
- استاذ محمود، ماذا لو سألنا أحدهم عن امكانية أن تكون الطبيعة هي الخالق أو الله ؟
- هذا سؤال معقول لأن الطبيعة تشمل الوجود .
- هلو نعم .
- معكم علي الخرفان من فلسطين . استاذ محمود ما هو إله العلماء؟
- أي علماء منهم ؟
- علماء الذرة والفيزياء مثلا ؟
- هؤلاء مثلي يدركون أن الوجود مكون من مادة وطاقة ،ولا شيء غير ذلك ، وإذا كان ثمة إله أو خالق أو مصمم ذكي للوجود ، لا يمكن أن يكون خارجهما .
- هلو.. معكم سري المكشوف من برلين.. أستاذ محمود هل يمكن أن يشبه الله انسان ضخم بحجم جبل مثلا، يجلس على كرسي عرش في السماء ويدير العالم من هناك ؟
- لا لا يمكن .. وهذا تصور يحاكي تصور بعض المتدينيين .
- هلو نعم .
- أنا علياء الوزان من الرباط أريد أن أسأل الأستاذ عن إله سبينوزا ولماذا قال آينشتاين أنه يؤمن به .
- تطرقنا لمفهوم الإله عند اسبينوزا ضمن الحلقات ، فهو قريب من مفهومي في بعض الجوانب كونه يستند إلى مذهب وحدة الوجود.. وآينشتاين كعالم فيزياء يمكن أن يؤمن به. فهو كعالم يفضل إلها أقرب إلى العلم منه إلى الخيال والتفلسف الديني.
- هلو .. معكم فريال حموده من تونس. هل يحتاج إلهك إلى عبادة كالصلاة مثلا ؟
- العبادة عند إلهي هي العمل الصالح وفعل الخير والمحبة الانسانية والسعي لتحقيق الغايات النبيلة ، وهذا لا يمنع من أن يكون للانسان طريقته الخاصة في التقرب إلى الله إذا ما أحب ، كالتأمل مثلا ، أو الدعاء إلى الله .. فليس من السهل على الانسان أن يرى سريان طاقة الألوهة في جسده ، ليرى ألوهة في ذاته ، خاصة وأن الألوهة لا تتجسد فيه وحده ، بل بالوجود كله كما أسلفنا .
- هلو نعم مين معنا ؟
- أنا علي فاسي من المغرب. أسأل الأستاذ أبو االجدايل . إذا كان الله طاقة عقلانية ، أي أنه عقل . فلماذا لم يضع عقله كله في كل شيء، بما في ذلك الانسان ؟
- هل تريد لكل شيء أن يكون إلها بحد ذاته يا علي .. سبق وأن تحدثنا أن الله طاقة سارية ، ولا وجود لكائن مستقل اسمه الله، منزه عن الوجود ، ويوزع طاقة على كائنات وهو جالس في مكان ما.. المسألة ليست كذلك .. المسألة بث لطاقة دفعة واحدة لتنبعث في الوجود. أو تُحول من حال كامنة في ما يشبه العدم إلى حال مجسدة في وجود. هذا ما أحدثه هذا العقل الطاقوي حين قرر أن يظهرنفسه . ولم تكن هذه الطاقة قد بلغت الكمال، وحتى يومنا لم تبلغ الكمال المنشود .. فهي في حال متطورة باستمرار. إن أول ما فعلته هو تشكل ذرات وجزيئات الكون .. التي نتج عنها فضاء ونجوم وكواكب فيما بعد . لقد دام الأمر مليارات السنين حتى وجدت أحماض أمينية وخلايا حية نتج عنها خلق ما .. راح يتطور حسب المواد التي توفرت له ، إلى أن بلغ ذروته في الانسان منذ زمن قريب جدا مقارنة بعمر الكون.
كان ثمة تفاوت في قدرة الطاقة العقلية في الكائنات المختلفة. فهي في الانسان ذات قدرة أكثر مما هي في الحيوان والنبات .. لأن الطاقة الكلية بحاجة إلى هذا التنوع لإغناء ذاتها. فإن اكتفت بأن يكون للحيوان أو للنبات قدرة على انتاج شيء محدد، كالثمار بالنسبة للنباتات ، والعسل والتكاثر بالنسبة للحيوانات، فإنها جعلت للإنسان عقلا غير محدود ليكون مساهما فعالا في عملية الخلق، وذا قدرة فائقة على الاختراع. لذلك يمكن القول إن أفضل تجليات الألوهة الطاقوية ليس في شكل الانسان فحسب ، بل في عقله أيضا وهذا هو الأهم .. طبعا لا يخلو الواقع الانساني من عقول بائسة نتيجة وجود جينات وراثية غير متطورة في تكوين عقولها .. وثمة كسل وبلادة لدى بعض البشر تدفعهم إلى عدم توظيف عقولهم إلى ما هو أفضل وأجمل وأرقى ..
- هلو نعم .
- أنا علياء زهران من الجزائر أسأل عن عملية الخلق ، فلماذا لم تكتمل حتى يومنا، أو ما تزال تحبو حسب تعبير الأستاذ؟
- ثمة مجموعة مسائل لم تتحقق حتى يومنا من مجموع المسائل المنشودة التي تسعى إليها عملية الخلق ، والتي لخصناها في إقامة حضارة انسانية تتحقق فيها قيم الخير والعدل والمحبة والجمال. فلم يتحقق أي شيء من هذا .. ثمة تحقق نسبي ضئيل لبعض المسائل .. وعلى صعيد الخلق البيولوجي أعتقد أن ثمة أخطاء كثيرة في عملية الخلق لم يتم التخلص منها كخلق مخلوقات ضارة أو لا ضرورة لها .. والانسان بحد ذاته أعتقد أن عملية تخلقه في تسعة أشهر في رحم الأم، وأكثر من ثمانية عشر عاما ليكتمل نموه ، مسألة في حاجة إلى النظر فيها .. وثمة مسائل قد تتعلق بجمال الانسان أيضا ، أنا أعتقد أن الانسان ينبغي أن يكون في شكل أجمل وقدرات بيولوجية أكبر .. وخاصة ما يتعلق بالرجل أكثر منه بالمرأة .. كذلك يجب وضع حد للشيخوخة ، وإطالة عمر الانسان إلى مائتي عام على الأقل.. رغم أنني أطمح بشباب وخلود دائمين لمستقبل الوجود. إن عملية التكاثر هذه بالحمل والانجاب والتربية أصبحت عملية مملة ومرهقة للبشر وخاصة للمرأة . ثمة مسائل كثيرة في حاجة إلى تطوير..
- أنا معك أستاذ محمود في كل ما طرحته وخاصة في عملية الحمل والانجاب والتربية المرهقة للمرأة .. هلو نعم ..
- هلو أنا ناديا عبد اللطيف من القاهرة .
- أهلا يا ناديا ماذا لديك ؟
- استاذ محمود يهمني في البداية أن أشكرك لأنك أضأت لنا الطريق وعرفتنا بما نحن عليه من جهل .. أريد أن أسألك حول مسألة محيرة تحدثت عنها، حين قلت أن كل اللغات هي لغة الله مع أن الله لا يتحدث ولا لغة ، فكيف يكون ذلك ؟
- نعم يا عزيزتي . ألله كطاقة سارية هو مصدر كل شيء من الحياة إلى الموت وما بعده، فدون طاقة الله السارية في كل ذرة في أجسادنا وفي الكون وأجساد الكائنات، لا نستطيع أن نفعل شيئا مهما كان .. لقد سبق وأن تحدثنا عن الله كمصدر للبصر دون أن يكون له عيون ، وكمصدر للسمع دون أن يكون له آذان ، وكمصدر للعقل دون أن يكون له دماغ، وبناء على هذا الكلام يمكن القول أن الله هو مصدر النطق والكلام دون أن يكون له لسان ، فلسانه هو ألسن خلقه ، فكل لغات خلقه تكون لغته ، وكل مؤلفات خلقه تكون مؤلفاته ، وكل ما ينطقه خلقه ، يكون مجازا نطقه ، دون أن يكون هو مسؤولا عما جاء على لسان البشر .. لذلك قلنا أن الكاهن عزرا بالغ في الاجتهاد المتخيل حتى افترى على الله كذبا.. فالصدق والكذب يتم بقدرة الله وبطاقته ، دون أن يتحمل هومسؤولية الفعل.
- معنا اتصال . هلو نعم .
- هلو أسيل مساء الخير لك وللأستاذ محمود. أنا أسيل عثمان من الكويت .
- أهلابك يا سميتي ماذا لديك؟
- ما لدي هو على ضوء ما يقوله الاستاذ محمود عن الله أو الخالق أو الطاقة الخالقة، فهل القتل يمكن أن ينسب إلى الله مجازا ؟
- نعم مجازا ممكن ، لأن فعل القتل تم بطاقة الله ، لكن واقعيا لا .. لأن الله كطاقة سارية كالوقود بالنسبة للسيارة ، يحركها دون ان يحدد اتجاهها ، الذي يحدد اتجاهها هو السائق وبالطاقة السارية فيه أيضا ، فإن صدم جداراً أو انسانا، فالمسؤولية تقع على السائق وليس على الطاقة في الحافلة أو في السائق نفسه .
الأمر نفسه ينطبق على أي فعل مهما كان إن كان كلاما أو كان اختراعا أو كان فعلا مختلفا ..
- لكن لماذا عدم التحكم بعملية الخلق حتى الآن ،؟
- لقد سبق وأن أجبت على ذلك يا أخت اسيل عثمان . وأكرر :
أولا، لأن هذا ما توصلت إليه عملية الخلق حتى اليوم . وثانيا لأن الخالق في حاجة
إلى عقل المخلوق ليغني عقله ، وفي حاجة إلى عمله كعمل مساعد في عملية الخلق وبناء الحضارة ، ودون ذلك لا يمكن للعقل أن يتطور ولا لأي تقدم أن يحصل، وبالتالي لا يمكن لأي حضارة أن تقام . لقد سبق وأن قلنا أن الله لا يبني مدنا ، ولا يشق طرقا ، ولا يقيم جسورا وسدودا ، ولا يؤسس لحضارة راقية دون مخلوقه العظيم المتجلي فيه ، أي الإنسان .. المؤسف أن الانسان لا يعرف قدره حتى الآن ولا يدرك أن الألوهة تكمن فيه .. لذلك قلنا للإنسان " ابحث عن الله في قلبك وفي نفسك ، فإن لم تعثر عليه ، لن تعثر عليه على الاطلاق "
- شكرا أستاذ محمود وآسفة للإطالة .
****
- معنا اتصال . هلو .
- هلو . مرحبا أخت أسيل .
- مرحبا .. مين معنا ؟
- أنا فادية مصباح من لبنان . أود أن أشكر الأستاذ محمود على هذه الأفكارالانسانية النيّرة ، وهذا العقل الخلّاق الذي جعل الخالق في الانسان نفسه وفي الكون والكائنات ولم يعزله عنهما .. كم نحن في حاجة إلى فكرانساني حديث كهذا، يخرجنا مما نحن فيه من تخلّف ويلحقنا بركب الحضارة الانسانية . وأشكرك أخت أسيل على ادارتك الممتعة لهذا الحوار الفلسفي الممتع.
- ألعفو أخت فادية . وشكرا إلك مني ومن الأستاذ محمود . ونأمل من الأخوة المتصلين أن تقتصر اتصالاتهم على الأسئلة حتى لا يطول اللقاء ويدركنا الوقت .
هل لديك سؤال أخت فادية ؟
- نعم لدي سؤال خارج المسألة الوجودية . أريد أن أسأل الاستاذ محمود عن امكانية مساواة المرأة مع الرجل في كل شيء ؟
- ماذا تقول استاذ؟
- امكانية المساواة الشاملة في زمننا تبدو شبه مستحيلة ، لتخلف معظم المجتمعات. لكن يمكن تحقيق المساواة في بعض المجالات . وعلى المرأة أن لا تتوقف عن المطالبة لتحصل على كامل حقوقها ، بما فيها الحرية الجنسية قبل الزواج ! فلا يعقل أن تقتل الفتاة غريزتها الجنسية إلى أن يتسنى لها أن تتزوج!
- وماذا عن ما بعد الزواج؟
- هذا الأمر يصبح مسألة خاصة تخص الزوجين ، فهما من يتفقان على نمط حياتهما المشتركة . والأفضل هو الالتزام . أو غض الطرف عما يمكن أن يفعله أحد الزوجين .
- شكرا أستاذ.
سؤال فاديا عن حقوق المرأة أشعر أسيل أن أسئلة المشاهدين قد تنصب على مسائل اجتماعية فاضطرت أن تنبه إلى الأمر:
- أرجو من المشاهدين أن تقتصر أسئلتهم قدر الامكان على المسألة الوجودية وفهم الوجود والغاية منه . هلو نعم .
- معكم عاصي العريان من دمشق.
- أهلا عاصي. ماذا تريد أن تسأل ؟
- أريد أن أسأل الأستاذ محمود عن كيفية سريان طاقة الخلق في الكون والكائنات وتجسدها فيهما كألوهة ؟
- يبدو أن عاصي سأل أصعب سؤال يمكن أن يسأل أستاذ محمود .
- صحيح . هذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه بشكل صحيح تماما أو أقرب إلى الصحة، إلا من قبل الله نفسه . فهو الوحيد القادرعلى معرفة ذلك أكثر من غيره . بغض النظر إن كان يعتبر نفسه إلها أو خالقا دون ألوهة ما . لكن يمكن القول أن سريان الطاقة في الكون قد تم من لحظة الانبعاث من الهيولى البدئية ، وهو ما عرّفه العلم بالانفجار الكبير الذي بدأت به عملية الخلق . وما أعتقده هو أن الانفجار قد تم بفعل حالة عقلانية كانت كامنة في الهيولى البدئية. وكما نعلم أن هذا السريان في الكون والكائنات ما يزال قائما حتى يومنا ، وأن التجسد لا يتم إلا بعد المرور بتفاعلات على مدى عصور مديدة ، ويكفي أن نعلم أن أكثر من تسع مليارات عام مرت على الوجود دون أن يكون هناك إلا النجوم والفضاء وربما بعض الكواكب البعيدة والشهب والمذنبات ، ولم يكن هناك كوكب أرض مثلا ، الذي ثبت علمياً أن عمره لا يتجاوز أربع مليارات ونصف عام . على ضوء هذه الحقائق العلمية يمكننا أن نتصور مدى صعوبة السريان والتجسد.. ومدى التفاعلات التي حدثت في الكون وعلى كوكب الأرض حتى تم التجسد في الكائنات الحية ، التي توجت بخلق الانسان، ليرى الخالق أو المصمم نفسه في أرقى شكل يمكن أن يتجسد فيه . وهو ليس الشكل النهائي بالتأكيد . فلا أحد يعرف إلى أين سيصل الجمال بالخلق بعد آلاف أو ملايين الأعوام .
- ألو نعم ,
- أنا مشعل الطرفان من الأردن ! أريد أن أسأل السيد محمود كيف يمكن أن يكون كل شيء بحد ذاته، إلها، طالما أن طاقة الألوهة تسري في كل شيء.
- استاذ محمود ؟
- لقد تطرقنا للمسألة خلال حوارنا ، هذا الفهم خطأ بالمطلق . طاقة الألوهة أو طاقة الخلق تسري في كل شيء دون أن يكون أي شيء بذاته إلها، ودون أن تكون الطاقة السارية بدورها إلهاً .. فأنا مثلا تسري طاقة الخلق في جسدي كما تسري في جسد غيري ، لكني لست إلها ولست خالقا بالمعنى الإلهي.. وأشرت أكثر من مرة إلى أننا نوظف تعبير الله والالوهة بشكل مجازي للتعبير عن القائم بالخلق أو مصمم الوجود. وإذا كان ثمة من يحق له أن يعتبر نفسه إلها ، فهو الوجود كله وبكل ما فيه من أكوان وكائنات . وآمل أن لا يخرج علينا سائل جديد ليسألنا كيف تكون البعوضة إلهاً؟
- استاذ محمود، ماذا لو سألنا أحدهم عن امكانية أن تكون الطبيعة هي الخالق أو الله ؟
- هذا سؤال معقول لأن الطبيعة تشمل الوجود .
- هلو نعم .
- معكم علي الخرفان من فلسطين . استاذ محمود ما هو إله العلماء؟
- أي علماء منهم ؟
- علماء الذرة والفيزياء مثلا ؟
- هؤلاء مثلي يدركون أن الوجود مكون من مادة وطاقة ،ولا شيء غير ذلك ، وإذا كان ثمة إله أو خالق أو مصمم ذكي للوجود ، لا يمكن أن يكون خارجهما .
- هلو.. معكم سري المكشوف من برلين.. أستاذ محمود هل يمكن أن يشبه الله انسان ضخم بحجم جبل مثلا، يجلس على كرسي عرش في السماء ويدير العالم من هناك ؟
- لا لا يمكن .. وهذا تصور يحاكي تصور بعض المتدينيين .
- هلو نعم .
- أنا علياء الوزان من الرباط أريد أن أسأل الأستاذ عن إله سبينوزا ولماذا قال آينشتاين أنه يؤمن به .
- تطرقنا لمفهوم الإله عند اسبينوزا ضمن الحلقات ، فهو قريب من مفهومي في بعض الجوانب كونه يستند إلى مذهب وحدة الوجود.. وآينشتاين كعالم فيزياء يمكن أن يؤمن به. فهو كعالم يفضل إلها أقرب إلى العلم منه إلى الخيال والتفلسف الديني.
- هلو .. معكم فريال حموده من تونس. هل يحتاج إلهك إلى عبادة كالصلاة مثلا ؟
- العبادة عند إلهي هي العمل الصالح وفعل الخير والمحبة الانسانية والسعي لتحقيق الغايات النبيلة ، وهذا لا يمنع من أن يكون للانسان طريقته الخاصة في التقرب إلى الله إذا ما أحب ، كالتأمل مثلا ، أو الدعاء إلى الله .. فليس من السهل على الانسان أن يرى سريان طاقة الألوهة في جسده ، ليرى ألوهة في ذاته ، خاصة وأن الألوهة لا تتجسد فيه وحده ، بل بالوجود كله كما أسلفنا .
- هلو نعم مين معنا ؟
- أنا علي فاسي من المغرب. أسأل الأستاذ أبو االجدايل . إذا كان الله طاقة عقلانية ، أي أنه عقل . فلماذا لم يضع عقله كله في كل شيء، بما في ذلك الانسان ؟
- هل تريد لكل شيء أن يكون إلها بحد ذاته يا علي .. سبق وأن تحدثنا أن الله طاقة سارية ، ولا وجود لكائن مستقل اسمه الله، منزه عن الوجود ، ويوزع طاقة على كائنات وهو جالس في مكان ما.. المسألة ليست كذلك .. المسألة بث لطاقة دفعة واحدة لتنبعث في الوجود. أو تُحول من حال كامنة في ما يشبه العدم إلى حال مجسدة في وجود. هذا ما أحدثه هذا العقل الطاقوي حين قرر أن يظهرنفسه . ولم تكن هذه الطاقة قد بلغت الكمال، وحتى يومنا لم تبلغ الكمال المنشود .. فهي في حال متطورة باستمرار. إن أول ما فعلته هو تشكل ذرات وجزيئات الكون .. التي نتج عنها فضاء ونجوم وكواكب فيما بعد . لقد دام الأمر مليارات السنين حتى وجدت أحماض أمينية وخلايا حية نتج عنها خلق ما .. راح يتطور حسب المواد التي توفرت له ، إلى أن بلغ ذروته في الانسان منذ زمن قريب جدا مقارنة بعمر الكون.
كان ثمة تفاوت في قدرة الطاقة العقلية في الكائنات المختلفة. فهي في الانسان ذات قدرة أكثر مما هي في الحيوان والنبات .. لأن الطاقة الكلية بحاجة إلى هذا التنوع لإغناء ذاتها. فإن اكتفت بأن يكون للحيوان أو للنبات قدرة على انتاج شيء محدد، كالثمار بالنسبة للنباتات ، والعسل والتكاثر بالنسبة للحيوانات، فإنها جعلت للإنسان عقلا غير محدود ليكون مساهما فعالا في عملية الخلق، وذا قدرة فائقة على الاختراع. لذلك يمكن القول إن أفضل تجليات الألوهة الطاقوية ليس في شكل الانسان فحسب ، بل في عقله أيضا وهذا هو الأهم .. طبعا لا يخلو الواقع الانساني من عقول بائسة نتيجة وجود جينات وراثية غير متطورة في تكوين عقولها .. وثمة كسل وبلادة لدى بعض البشر تدفعهم إلى عدم توظيف عقولهم إلى ما هو أفضل وأجمل وأرقى ..
- هلو نعم .
- أنا علياء زهران من الجزائر أسأل عن عملية الخلق ، فلماذا لم تكتمل حتى يومنا، أو ما تزال تحبو حسب تعبير الأستاذ؟
- ثمة مجموعة مسائل لم تتحقق حتى يومنا من مجموع المسائل المنشودة التي تسعى إليها عملية الخلق ، والتي لخصناها في إقامة حضارة انسانية تتحقق فيها قيم الخير والعدل والمحبة والجمال. فلم يتحقق أي شيء من هذا .. ثمة تحقق نسبي ضئيل لبعض المسائل .. وعلى صعيد الخلق البيولوجي أعتقد أن ثمة أخطاء كثيرة في عملية الخلق لم يتم التخلص منها كخلق مخلوقات ضارة أو لا ضرورة لها .. والانسان بحد ذاته أعتقد أن عملية تخلقه في تسعة أشهر في رحم الأم، وأكثر من ثمانية عشر عاما ليكتمل نموه ، مسألة في حاجة إلى النظر فيها .. وثمة مسائل قد تتعلق بجمال الانسان أيضا ، أنا أعتقد أن الانسان ينبغي أن يكون في شكل أجمل وقدرات بيولوجية أكبر .. وخاصة ما يتعلق بالرجل أكثر منه بالمرأة .. كذلك يجب وضع حد للشيخوخة ، وإطالة عمر الانسان إلى مائتي عام على الأقل.. رغم أنني أطمح بشباب وخلود دائمين لمستقبل الوجود. إن عملية التكاثر هذه بالحمل والانجاب والتربية أصبحت عملية مملة ومرهقة للبشر وخاصة للمرأة . ثمة مسائل كثيرة في حاجة إلى تطوير..
- أنا معك أستاذ محمود في كل ما طرحته وخاصة في عملية الحمل والانجاب والتربية المرهقة للمرأة .. هلو نعم ..
- هلو أنا ناديا عبد اللطيف من القاهرة .
- أهلا يا ناديا ماذا لديك ؟
- استاذ محمود يهمني في البداية أن أشكرك لأنك أضأت لنا الطريق وعرفتنا بما نحن عليه من جهل .. أريد أن أسألك حول مسألة محيرة تحدثت عنها، حين قلت أن كل اللغات هي لغة الله مع أن الله لا يتحدث ولا لغة ، فكيف يكون ذلك ؟
- نعم يا عزيزتي . ألله كطاقة سارية هو مصدر كل شيء من الحياة إلى الموت وما بعده، فدون طاقة الله السارية في كل ذرة في أجسادنا وفي الكون وأجساد الكائنات، لا نستطيع أن نفعل شيئا مهما كان .. لقد سبق وأن تحدثنا عن الله كمصدر للبصر دون أن يكون له عيون ، وكمصدر للسمع دون أن يكون له آذان ، وكمصدر للعقل دون أن يكون له دماغ، وبناء على هذا الكلام يمكن القول أن الله هو مصدر النطق والكلام دون أن يكون له لسان ، فلسانه هو ألسن خلقه ، فكل لغات خلقه تكون لغته ، وكل مؤلفات خلقه تكون مؤلفاته ، وكل ما ينطقه خلقه ، يكون مجازا نطقه ، دون أن يكون هو مسؤولا عما جاء على لسان البشر .. لذلك قلنا أن الكاهن عزرا بالغ في الاجتهاد المتخيل حتى افترى على الله كذبا.. فالصدق والكذب يتم بقدرة الله وبطاقته ، دون أن يتحمل هومسؤولية الفعل.
- معنا اتصال . هلو نعم .
- هلو أسيل مساء الخير لك وللأستاذ محمود. أنا أسيل عثمان من الكويت .
- أهلابك يا سميتي ماذا لديك؟
- ما لدي هو على ضوء ما يقوله الاستاذ محمود عن الله أو الخالق أو الطاقة الخالقة، فهل القتل يمكن أن ينسب إلى الله مجازا ؟
- نعم مجازا ممكن ، لأن فعل القتل تم بطاقة الله ، لكن واقعيا لا .. لأن الله كطاقة سارية كالوقود بالنسبة للسيارة ، يحركها دون ان يحدد اتجاهها ، الذي يحدد اتجاهها هو السائق وبالطاقة السارية فيه أيضا ، فإن صدم جداراً أو انسانا، فالمسؤولية تقع على السائق وليس على الطاقة في الحافلة أو في السائق نفسه .
الأمر نفسه ينطبق على أي فعل مهما كان إن كان كلاما أو كان اختراعا أو كان فعلا مختلفا ..
- لكن لماذا عدم التحكم بعملية الخلق حتى الآن ،؟
- لقد سبق وأن أجبت على ذلك يا أخت اسيل عثمان . وأكرر :
أولا، لأن هذا ما توصلت إليه عملية الخلق حتى اليوم . وثانيا لأن الخالق في حاجة
إلى عقل المخلوق ليغني عقله ، وفي حاجة إلى عمله كعمل مساعد في عملية الخلق وبناء الحضارة ، ودون ذلك لا يمكن للعقل أن يتطور ولا لأي تقدم أن يحصل، وبالتالي لا يمكن لأي حضارة أن تقام . لقد سبق وأن قلنا أن الله لا يبني مدنا ، ولا يشق طرقا ، ولا يقيم جسورا وسدودا ، ولا يؤسس لحضارة راقية دون مخلوقه العظيم المتجلي فيه ، أي الإنسان .. المؤسف أن الانسان لا يعرف قدره حتى الآن ولا يدرك أن الألوهة تكمن فيه .. لذلك قلنا للإنسان " ابحث عن الله في قلبك وفي نفسك ، فإن لم تعثر عليه ، لن تعثر عليه على الاطلاق "
- شكرا أستاذ محمود وآسفة للإطالة .
****