قالوا عن المرحوم:
(والله المرحوم ده ما ساب لينا ولا شي، بس كرتونة كتب)،
احتار كثيراً في بعض امور الميراث وحصر التركة، ولا اجد بنوداً واضحة تتحدث عن تقسيم التركة المعرفية وايلولة المتعلقات الفكرية من كتب ومؤلفات ومخطوطات ومذكرات وغيرها من وسائل حفظ المعارف الإنسانية.
حدثتني صديقة من غانا، توفي عمها في (كندا)، وقد كان استاذاً بإحدى الجامعات، ان الجامعة قامت بمراسلتها لتستلم بعض متعلقات عمها التي تركها بمكتبه في الجامعة، ومنها كتب و ابحاث قصيرة، وهي بمثابة مراجع مختصرة، لمساعدة الطلاب في مرحلة التخرج.
فسالتهم: لماذا انا..لدينا الكثير من الاقارب!!
فكان ردهم: انها الوحيدة التي راسلته من اسرته خلال خمس عشرة سنة، قضاها في خدمة العلم والجامعة.
هو بلا شك قرار عاطفي، ليس له علاقة بالقوانين، لكنه ينصف المحبة والاهتمام الصادق بوجه من الوجوه.
وحكايات كثيرة عن تركات ضخمة، من الاموال والاطيان والبيوت، تم تقسيمها حسب قوانين الميراث، واما التركة المعرفية، فقدجمعت الكتب والاشرطة والاوراق في كراتين اودعت بالمخازن الرطبة المعتمة، لتتغذى عليها القوارض، وبعض الكائنات الدقيقة، التي سميتها لغرض الكتابة(بكتتيريا الكتب).
وسالت نفسي، كم اسرة تراها تملك كرتونة كتب، او كراتين، او حقائب من الميراث المعرفي والثقافي، الذي لم يتحمس لاقتسامه احد!!
يوصي بعض أصحاب المكتبات الكبيرة، بان تؤول كتبهم بعد ،انتقالهم لدار البقاء، لمصلحة إحدى المكتبات العامة الكبيرة، لتقوم بترقيمها ووضعها لعشاق القراءة والثقافة و طلاب العلم والمعرفة، بغرض الاطلاع المجاني على سبيل الوقف، وقد عايشت مبادرات جميلة للمكتبات المدرسية، حيث يتبرع كل تلميذ بعدد من الكتب، لتبادلها مع الزملاء او تدارسها في حصة المكتبة.
ومبادرات أخرى على نطاقات اضيق في منتديات القرى والأسر، ومجموعات الأصدقاء، اهتمت جميعها بالكتب.
ونجد ان اهتمام سكان السودان بالتوثيق ضارب في القدم، كما رأينا في المنحوتات الصخرية، والنقوش الجدرانية والبرديات وغيرها.
وحتى فترات الاستعمار، كانت تهتم بالتوثيق والوثائق ولو اختلفت النوايا ، ثم اصبحت لدينا، بفضل الاجتهاد والعمل الدؤوب، دار للوثايق غنية عامرة بالكنوز والنوادر، ولكن ما زال هناك الكثير من المخبأ والمدسوس في اقبية الذكريات الأسرية، والمخازن، وغرف (المراحيم) التي لم يفتح ابوابها احد منذ رحيلهم، تحتوي على الكثير من الكتب والاوراق والتسجيلات، التي تظهر لنا احياناً عبر الوسائط واسفلها عبارة(تسجيلات نادرة).
اذكر الكثير من الحفلات الأسرية، واحتفالات المولد النبوي والمناسبات المختلفة، التي كان يوثق لها عن طريق(المسجل)، كنت و ما زلت اتألم عندما ارى أحشاء أشرطة الكاسيت ملقية على الطرقات، اصلها ملقي على الأرض معقد في بعضه، وفرعها معلق على اسلاك الكهرباء،
إذاً، هي دعوة لفتح الأقفال واقتحام غرف المراحيم المظلمة، والمخازن الرطبة، والحقائب المركونة في زوايا المنازل وعلى رؤوس الدواليب وتحت الاسرة، لإخراج تلك الكنوز التي لم يرغب بامتلاكها احد، ومنحها للاقارب والاصدقاء من اهل المحبة والاهتمام، او التبرع بها للفائدة العامة، او السماح بنسخها وحمايتها من التلف بالطرق العلمية السليمة.
قد نستهين بكرتونة الكتب تلك، ونستحقرها كميراث كنا نتوقع افضل منه، لكنها قد تكون باباً للعلم والنجاح ونشر المعرفة ورفد التاريخ بوثأق تشهد على حقبة من حقبه، تعب من وثق لها ليحتفظ بها للاجيال كإرث ومرجع عام.
لا بد من اخراج ما نملك من ثروات معرفية، وإن لم يكن ذلك في سبيل المنفعة العامة، لتكن على سبيل الصدقة.
(والله المرحوم ده ما ساب لينا ولا شي، بس كرتونة كتب)،
احتار كثيراً في بعض امور الميراث وحصر التركة، ولا اجد بنوداً واضحة تتحدث عن تقسيم التركة المعرفية وايلولة المتعلقات الفكرية من كتب ومؤلفات ومخطوطات ومذكرات وغيرها من وسائل حفظ المعارف الإنسانية.
حدثتني صديقة من غانا، توفي عمها في (كندا)، وقد كان استاذاً بإحدى الجامعات، ان الجامعة قامت بمراسلتها لتستلم بعض متعلقات عمها التي تركها بمكتبه في الجامعة، ومنها كتب و ابحاث قصيرة، وهي بمثابة مراجع مختصرة، لمساعدة الطلاب في مرحلة التخرج.
فسالتهم: لماذا انا..لدينا الكثير من الاقارب!!
فكان ردهم: انها الوحيدة التي راسلته من اسرته خلال خمس عشرة سنة، قضاها في خدمة العلم والجامعة.
هو بلا شك قرار عاطفي، ليس له علاقة بالقوانين، لكنه ينصف المحبة والاهتمام الصادق بوجه من الوجوه.
وحكايات كثيرة عن تركات ضخمة، من الاموال والاطيان والبيوت، تم تقسيمها حسب قوانين الميراث، واما التركة المعرفية، فقدجمعت الكتب والاشرطة والاوراق في كراتين اودعت بالمخازن الرطبة المعتمة، لتتغذى عليها القوارض، وبعض الكائنات الدقيقة، التي سميتها لغرض الكتابة(بكتتيريا الكتب).
وسالت نفسي، كم اسرة تراها تملك كرتونة كتب، او كراتين، او حقائب من الميراث المعرفي والثقافي، الذي لم يتحمس لاقتسامه احد!!
يوصي بعض أصحاب المكتبات الكبيرة، بان تؤول كتبهم بعد ،انتقالهم لدار البقاء، لمصلحة إحدى المكتبات العامة الكبيرة، لتقوم بترقيمها ووضعها لعشاق القراءة والثقافة و طلاب العلم والمعرفة، بغرض الاطلاع المجاني على سبيل الوقف، وقد عايشت مبادرات جميلة للمكتبات المدرسية، حيث يتبرع كل تلميذ بعدد من الكتب، لتبادلها مع الزملاء او تدارسها في حصة المكتبة.
ومبادرات أخرى على نطاقات اضيق في منتديات القرى والأسر، ومجموعات الأصدقاء، اهتمت جميعها بالكتب.
ونجد ان اهتمام سكان السودان بالتوثيق ضارب في القدم، كما رأينا في المنحوتات الصخرية، والنقوش الجدرانية والبرديات وغيرها.
وحتى فترات الاستعمار، كانت تهتم بالتوثيق والوثائق ولو اختلفت النوايا ، ثم اصبحت لدينا، بفضل الاجتهاد والعمل الدؤوب، دار للوثايق غنية عامرة بالكنوز والنوادر، ولكن ما زال هناك الكثير من المخبأ والمدسوس في اقبية الذكريات الأسرية، والمخازن، وغرف (المراحيم) التي لم يفتح ابوابها احد منذ رحيلهم، تحتوي على الكثير من الكتب والاوراق والتسجيلات، التي تظهر لنا احياناً عبر الوسائط واسفلها عبارة(تسجيلات نادرة).
اذكر الكثير من الحفلات الأسرية، واحتفالات المولد النبوي والمناسبات المختلفة، التي كان يوثق لها عن طريق(المسجل)، كنت و ما زلت اتألم عندما ارى أحشاء أشرطة الكاسيت ملقية على الطرقات، اصلها ملقي على الأرض معقد في بعضه، وفرعها معلق على اسلاك الكهرباء،
إذاً، هي دعوة لفتح الأقفال واقتحام غرف المراحيم المظلمة، والمخازن الرطبة، والحقائب المركونة في زوايا المنازل وعلى رؤوس الدواليب وتحت الاسرة، لإخراج تلك الكنوز التي لم يرغب بامتلاكها احد، ومنحها للاقارب والاصدقاء من اهل المحبة والاهتمام، او التبرع بها للفائدة العامة، او السماح بنسخها وحمايتها من التلف بالطرق العلمية السليمة.
قد نستهين بكرتونة الكتب تلك، ونستحقرها كميراث كنا نتوقع افضل منه، لكنها قد تكون باباً للعلم والنجاح ونشر المعرفة ورفد التاريخ بوثأق تشهد على حقبة من حقبه، تعب من وثق لها ليحتفظ بها للاجيال كإرث ومرجع عام.
لا بد من اخراج ما نملك من ثروات معرفية، وإن لم يكن ذلك في سبيل المنفعة العامة، لتكن على سبيل الصدقة.
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com