قالها باب مدينة العلم، سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه، وقد صدق "خاطبوا الناس على قدر عقولهم". وهي حكمةٌ عظيمة، بل هي كنز الحكم. يوّفر اليسير من تطبيقها، عناء الشرح والتفسير. ويجنّبنا مخاطر سوء الفهم بسبب تعقيدات اللُّغة.
وكلمة بسيطة على قدر المُخاطب، تدخل إلى قلبه مباشرة، وتذيب من هاجس جمد اللّغة المتعالية، مقدار "مية ويبة"، وأكثر، كما يقال "كليمة طِيبة ولا مية ويبة دهيبة".
وجدت في ثنائية الإبداع الخالد، للراحلين البروفيسور عبد الله الطيب والدكتور أحمد الطيب، ودورهما الرائد في سودنة النصوص العربية والأجنبية، ما أطرب روحي وفتح نوافذ الإلهام لخيالي.
فمشهد السيدة الريفية العجوز على نافذة مكتب الدكتور أحمد الطيب، بمباني كلية التربية ببخت الرضا، يضُجّ بالجمال والروعة، حيث كانت تحدّثه عبر النافذة كل أسبوع وتسأله: هل هناك عروض مسرحية؟
ما يعني أنها تفهم ما يُقدم من مسرحيات، وأنّ مضمون خطابها جاء على قدر عقلها، فأحبت مشاهدة المزيد.
أسهم الدكتور أحمد الطيب في فتح بوابة التنوير والمعرفة للبسطاء الذين وجدوا ألسنتهم في فم شكسبير وشوسنغ، عندما تحدثوا بكلامهم، وتغنّوا بأشعارهم وضحكوا لما يضحكهم من عبارات الفكاهة، بل وشاركوهم في عزّ القبيلة ومورِثات الفخر والاعتزاز.
أما برنامج (دراسات في القرءآن الكريم) للبروفيسور عبد الله الطيب، فهو مبحثٌ غنيٌ جداً، يطول عنه الحديث ويحلو.
أن يجد المستمع إلى (الراديو)، في أية بقعة من بقاع السودان، ما يسليّه ويهوّن عليه مشاق العمل وهموم الحياة، فهذا أمر معتاد، لكن أن يجد تفسيراً للقرءآن الكريم بلسان بيئته، يبسّط له الأحكام، ويوضّح له قول الله سبحانه، دون أن ينظر إلى الآيات ككُتل من الرّسم المزخرف المقدّس التي يُقسم بها، لكنه لا يعرف منها غير الذي حفظه للصلاة، وحتى ذلك المحفوظ - وإن قلّ - يحسّه كنغمة يجنبه ترديدها - دون فهم - فكرة الانتماء إلى القوم الضالين، ليس إلّا.
وأما القصص التي وردت في القرءآن الكريم، فلها مع البروفيسور عبد الله الطيب، متعتان إضافيتان في الفهم السريع، والاستمتاع بتلك الرّاء المُحببة التي ميّز الله بها نطقه، وحبّبه للأسماع.
كان عندما يقص حكاية أهل الكهف، أو حكاية موسى وفرعون، أو حكاية يوسف وامرأة العزيز، يشعر السامع أنه مشاهدٌ حاضرٌ لتلك الفترة ومعايشٌ أصيل، لشرحه المُبسّط وتشبيهاته المُعزّزة بالصُور والأمثال السودانية.
فهل نحتاج لسودنة المزيد من الأقوال والكُتب، وربما الأفعال وغيرها ليصل الخطاب إلى العقول على قدرها؟!
تجربة أخرى، أخيرة، للفنّان (عبدو الصغير) في سودنة الأغنيات العربية، فعندما تغنّى بأغنية السيدة أم كلثوم (هذه ليلتي.. يا حبيبي طاب الهوى ما علينا/ لو حملنا الأيام في راحتينا)، غنّاها بلهجة سودانية ولحنٌ خُماسيٌ خفيف، كنت أراها فريدة تماماً، ولو انتقدتها الاسماع حينها. أذكرها لجمالها، وذلك الأثر الخالد في نفسي ونفوس عددٍ ممّن استمع إليها.
أجمع بعض كُتّاب الروايات، عن دهشتهم من نجاح القصص التي تُكتب بالعامية السودانية، وارتفاع نسبة الإعجاب بها أكثر من غيرها من القصص التي اعتمدت في سياقها لغة عربية فصحى.
بمنتهى الإعجاب، أكتب اليوم أيضاً، واتغزّل في تلك التجارب وأقول: يا سماحة السودنة!
وكلمة بسيطة على قدر المُخاطب، تدخل إلى قلبه مباشرة، وتذيب من هاجس جمد اللّغة المتعالية، مقدار "مية ويبة"، وأكثر، كما يقال "كليمة طِيبة ولا مية ويبة دهيبة".
وجدت في ثنائية الإبداع الخالد، للراحلين البروفيسور عبد الله الطيب والدكتور أحمد الطيب، ودورهما الرائد في سودنة النصوص العربية والأجنبية، ما أطرب روحي وفتح نوافذ الإلهام لخيالي.
فمشهد السيدة الريفية العجوز على نافذة مكتب الدكتور أحمد الطيب، بمباني كلية التربية ببخت الرضا، يضُجّ بالجمال والروعة، حيث كانت تحدّثه عبر النافذة كل أسبوع وتسأله: هل هناك عروض مسرحية؟
ما يعني أنها تفهم ما يُقدم من مسرحيات، وأنّ مضمون خطابها جاء على قدر عقلها، فأحبت مشاهدة المزيد.
أسهم الدكتور أحمد الطيب في فتح بوابة التنوير والمعرفة للبسطاء الذين وجدوا ألسنتهم في فم شكسبير وشوسنغ، عندما تحدثوا بكلامهم، وتغنّوا بأشعارهم وضحكوا لما يضحكهم من عبارات الفكاهة، بل وشاركوهم في عزّ القبيلة ومورِثات الفخر والاعتزاز.
أما برنامج (دراسات في القرءآن الكريم) للبروفيسور عبد الله الطيب، فهو مبحثٌ غنيٌ جداً، يطول عنه الحديث ويحلو.
أن يجد المستمع إلى (الراديو)، في أية بقعة من بقاع السودان، ما يسليّه ويهوّن عليه مشاق العمل وهموم الحياة، فهذا أمر معتاد، لكن أن يجد تفسيراً للقرءآن الكريم بلسان بيئته، يبسّط له الأحكام، ويوضّح له قول الله سبحانه، دون أن ينظر إلى الآيات ككُتل من الرّسم المزخرف المقدّس التي يُقسم بها، لكنه لا يعرف منها غير الذي حفظه للصلاة، وحتى ذلك المحفوظ - وإن قلّ - يحسّه كنغمة يجنبه ترديدها - دون فهم - فكرة الانتماء إلى القوم الضالين، ليس إلّا.
وأما القصص التي وردت في القرءآن الكريم، فلها مع البروفيسور عبد الله الطيب، متعتان إضافيتان في الفهم السريع، والاستمتاع بتلك الرّاء المُحببة التي ميّز الله بها نطقه، وحبّبه للأسماع.
كان عندما يقص حكاية أهل الكهف، أو حكاية موسى وفرعون، أو حكاية يوسف وامرأة العزيز، يشعر السامع أنه مشاهدٌ حاضرٌ لتلك الفترة ومعايشٌ أصيل، لشرحه المُبسّط وتشبيهاته المُعزّزة بالصُور والأمثال السودانية.
فهل نحتاج لسودنة المزيد من الأقوال والكُتب، وربما الأفعال وغيرها ليصل الخطاب إلى العقول على قدرها؟!
تجربة أخرى، أخيرة، للفنّان (عبدو الصغير) في سودنة الأغنيات العربية، فعندما تغنّى بأغنية السيدة أم كلثوم (هذه ليلتي.. يا حبيبي طاب الهوى ما علينا/ لو حملنا الأيام في راحتينا)، غنّاها بلهجة سودانية ولحنٌ خُماسيٌ خفيف، كنت أراها فريدة تماماً، ولو انتقدتها الاسماع حينها. أذكرها لجمالها، وذلك الأثر الخالد في نفسي ونفوس عددٍ ممّن استمع إليها.
أجمع بعض كُتّاب الروايات، عن دهشتهم من نجاح القصص التي تُكتب بالعامية السودانية، وارتفاع نسبة الإعجاب بها أكثر من غيرها من القصص التي اعتمدت في سياقها لغة عربية فصحى.
بمنتهى الإعجاب، أكتب اليوم أيضاً، واتغزّل في تلك التجارب وأقول: يا سماحة السودنة!
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com