يَبْدو أنَّ ثمَّة ﭽينًا يُولدُ بهِ الإنسانُ يَتعلَّقُ بما يُمْكنُ أنْ نُسمِّيهِ، مَجَازًا، بغريزةِ القراءة، ثُمَّ تَأْتي بعْدَ ذلك الظروفُ البيئيةُ التي إمّا أنْ تُغذِّي هذا الـﭽين، لِيَكْبُرَ ويتكاثرَ إلى أنْ يُؤدِّي دوْرهُ كما ينْبغي طائرًا بصاحبِهِ إلى عوالمَ أُخْرى، ليحْياها بصُحْبةِ ما يقْرأ، وإمّا أنْ تَئِدَ البيئةُ هذا الـﭽين، ونتيجةً لهذا الوَأْدِ يعيشُ الإنسانُ دونما ميْلٍ أو انْجذابٍ إلى دنْيا القراءة.وبهذا فهو يخسرُ خُسرانًا مُبينًا. لكنْ ينْبغي ألا ننْسى دوْرَ الطَّفراتِ التي تَحْدُثُ فَتُحْدِثُ ما هو غيرَ سائدٍ.
بالنسبةِ لي، لمْ يَكنْ أحدٌ في أُسْرتي يعْرفُ شيْئًا لا عَنْ الكتبِ ولا عن القراءةِ وعالمِها.أَبِي وأُمّي أُمِّيّان وأُشْرُفُ بهذا، وكذلك الأعْمامُ والجدودُ الأربعةْ. لكنني وفقًا لقانون الطفرات، على الرغم من هذا الطقس اللا " قرائيّ " بالْمَرّةِ، وَجَدْتُني مُغْرمًا بالكتب وباقتنائها وبقراءتها. بدأْتُ أشْتري الكتبَ والمجلاتِ وأنا ما زلتُ بعْدُ في مُنْتصفِ المرحلةِ الابتدائية. وقتها كنْتُ أذهبُ إلى بائعِ الجرائدِ في المدينةِ التي تنْتمي إليْها قرْيتي، وأَلُمُّ، نعمْ أَلُمُّ، عددًا من الكتبِ والمجلاتِ دونَ تَفَحُّصِ مُحْتواها، وأدْفعُ ثمنَها عائدًا فَرِحًا إلى منزلي لأقرأها، بغْية إعادة شَحْنِ بطَّاريْتي لِمواصلةِ الحياة.وقدْ كانَ كلُّ ما يشْغلُني في هذه الفترةِ هو أنْ يزْدادَ رصيدي " الكُتَبيّ " اقتناءً وقراءةً. ولِحُبِّي الشديدِ للكتبِ كنْتُ أَدَّخِرُ مصْروفَ جيْبي كاملًا لأبْتاعَ به كتبًا.حقًّا كنْتُ مُهْتمَّا بِغذاءِ عقْلي على حسابِ مِعْدتي التي كانتْ كثيرًا ما تَسْتنْكرُ بُخْلي عليْها حاقدةً على عقْلي وكتبهِ التي يَدْفعُ ثمنَها بسخاءٍ في الوقْتِ الذي لا يَسْمحُ لها بشراءِ ساندوتشْ!
وَجَدْتُها.. الآنَ اكْتشفْتُ أنَّ نحَافتي تَرْجِعُ إلى هذا السببِ.والآنَ أيْضًا، وبعْدَ أنْ تجاوزْتُ عَتَبةَ الأربعين بِنِصْفِ عَقْدٍ مِن الزمان، لا تُوْجدُ متعةٌ في حياتي تُنافسُ، ولوْ مِنْ مكانٍ قَصِيٍّ، مُتَعةَ القراءةِ،، حتَّى أنِّي أصْبحتُ أقْرأُ أحْيانًا وأنا أَسيرُ في الشارعِ وغالبًا وأنا أسْتقلُّ وسائل المواصلات. ها هي القراءةُ تَسْتأْثرُ بي، وتَحْتكرُ أوْقاتي، كما تُحيطُ بي كُتبي، وكأنَّها أطْفالي الذين جاءوا من صُلْبي، وتُلازمني كما تُلازمُ النِّقاطُ حروفَها، درجةَ أنّي أشْعرُ حينما أكونُ مَشْغولًا بفعْلِ الكتابةِ أوْ مُلْتزمًا بترجمةِ نَصٍّ ما، أنّني في سِجْنٍ حقيقيٍّ إذْ يمْنعُني هذا مِنْ القراءةِ ويُعيقُ مُمارستي لطقوسِ مُتْعتي الواحدةِ الوحيدةْ. وبهذا أَعْتبرُ هذا الوقْتَ هو الأسْوأُ في حياتي، لا سيّما وأنا أقْضيهِ، كأسيرٍ، بعيدًا عَنْ مَعْشوقتي الأولى والأخيرةْ.أقضيهِ مَحْرومًا، رغْمَ أنْفي، مِنْ مُتْعةِ القراءةْ.
بالنسبةِ لي، لمْ يَكنْ أحدٌ في أُسْرتي يعْرفُ شيْئًا لا عَنْ الكتبِ ولا عن القراءةِ وعالمِها.أَبِي وأُمّي أُمِّيّان وأُشْرُفُ بهذا، وكذلك الأعْمامُ والجدودُ الأربعةْ. لكنني وفقًا لقانون الطفرات، على الرغم من هذا الطقس اللا " قرائيّ " بالْمَرّةِ، وَجَدْتُني مُغْرمًا بالكتب وباقتنائها وبقراءتها. بدأْتُ أشْتري الكتبَ والمجلاتِ وأنا ما زلتُ بعْدُ في مُنْتصفِ المرحلةِ الابتدائية. وقتها كنْتُ أذهبُ إلى بائعِ الجرائدِ في المدينةِ التي تنْتمي إليْها قرْيتي، وأَلُمُّ، نعمْ أَلُمُّ، عددًا من الكتبِ والمجلاتِ دونَ تَفَحُّصِ مُحْتواها، وأدْفعُ ثمنَها عائدًا فَرِحًا إلى منزلي لأقرأها، بغْية إعادة شَحْنِ بطَّاريْتي لِمواصلةِ الحياة.وقدْ كانَ كلُّ ما يشْغلُني في هذه الفترةِ هو أنْ يزْدادَ رصيدي " الكُتَبيّ " اقتناءً وقراءةً. ولِحُبِّي الشديدِ للكتبِ كنْتُ أَدَّخِرُ مصْروفَ جيْبي كاملًا لأبْتاعَ به كتبًا.حقًّا كنْتُ مُهْتمَّا بِغذاءِ عقْلي على حسابِ مِعْدتي التي كانتْ كثيرًا ما تَسْتنْكرُ بُخْلي عليْها حاقدةً على عقْلي وكتبهِ التي يَدْفعُ ثمنَها بسخاءٍ في الوقْتِ الذي لا يَسْمحُ لها بشراءِ ساندوتشْ!
وَجَدْتُها.. الآنَ اكْتشفْتُ أنَّ نحَافتي تَرْجِعُ إلى هذا السببِ.والآنَ أيْضًا، وبعْدَ أنْ تجاوزْتُ عَتَبةَ الأربعين بِنِصْفِ عَقْدٍ مِن الزمان، لا تُوْجدُ متعةٌ في حياتي تُنافسُ، ولوْ مِنْ مكانٍ قَصِيٍّ، مُتَعةَ القراءةِ،، حتَّى أنِّي أصْبحتُ أقْرأُ أحْيانًا وأنا أَسيرُ في الشارعِ وغالبًا وأنا أسْتقلُّ وسائل المواصلات. ها هي القراءةُ تَسْتأْثرُ بي، وتَحْتكرُ أوْقاتي، كما تُحيطُ بي كُتبي، وكأنَّها أطْفالي الذين جاءوا من صُلْبي، وتُلازمني كما تُلازمُ النِّقاطُ حروفَها، درجةَ أنّي أشْعرُ حينما أكونُ مَشْغولًا بفعْلِ الكتابةِ أوْ مُلْتزمًا بترجمةِ نَصٍّ ما، أنّني في سِجْنٍ حقيقيٍّ إذْ يمْنعُني هذا مِنْ القراءةِ ويُعيقُ مُمارستي لطقوسِ مُتْعتي الواحدةِ الوحيدةْ. وبهذا أَعْتبرُ هذا الوقْتَ هو الأسْوأُ في حياتي، لا سيّما وأنا أقْضيهِ، كأسيرٍ، بعيدًا عَنْ مَعْشوقتي الأولى والأخيرةْ.أقضيهِ مَحْرومًا، رغْمَ أنْفي، مِنْ مُتْعةِ القراءةْ.