شعبان مجاور علي المحامي - عصفور ُُ ُفي قاعة المحكمة.. قصة قصيرة

منتصف فصل الربيع حيث كل الاشياء والكائنات لها طبع وشكل مختلف عن سائر أيام السنة الشجر إكتسي بالخضرة - الزهور قدمت كل ما لديها من ألوان وعبق.. وكالعادة كنا في قاعة المحكمة. القاضي يجلس وعن شماله السكرتارية .هذه القاعة أيضا لها طبع خاص حيث يقطن سقفها زوج من العصافير وطوال السنة هم شهود علي ما يحدث بالجلسات .قد أتخلف يوما عن القاعة وقد يتخلف القاضي وبالطبع يتغير كل يوم الخصوم ، إلا العصفورين دوما هما الحضور ما أن تبدأ الجلسة ويسود السكون سوي من همهمة القاضي ومرافعة السادة المحامين يقطع ذلك كله زقزقة العصفورين . وأحيانا تصاحب المرافعة فيعطي لها رونقا آخر.
والذي حدث في منتصف جلسة اليوم هو أن علا صوت الزقزقة عن العادة مع حركة غير عادية للعصفورين ساكنا القاعة أخذا يهبطان ويعلوان وأنا أتابعهما بفضول وقع بصري علي الارض لاري سبب هذه الجلبة والحركة ، عصفور صغير في طور التعلم يقف بين أقدام حاجب الجلسة. أطلت النظر إليه . مسكين هذا العصفور يبدو قلقا خائفا لعله لم يفارق سقف القاعةيوما فذعر مما رأه علي الأرض . وجد بونا شاسعا بين أن يكون شاهدا من أعلي وبين أن ينزل ويخالط عن قرب .. من المؤكد أن تملكته الرهبة والهلع ومن المؤكد أيضا أن وصل ذلك كله لأبويه . إستوقفني عن التأمل خاطر . ماذا لو تحرك حاجب الجلسة فجأة ؟ بلا شك سيلصقه بأرضية القاعة ولا يحس به أحد ويصبح عدما . وبلا تفكير وجدتني اشهق وقمت فورا متجها حيث يقف الحاجب .. الكل صوب أنظارهم نحوي وفي أعيونهم بدت الحيرة . ما أن وصلت إلي الحاجب إلا وأنحنيت بكل هدوء وحذر.. وبسرعة أحسد نفسي عليها إلتقطت العصفور.. وأكاد أجزم أن الخوف وصل معه إلي مداه حيث لم يــبدر من عصفورنا أي حركة أو مقاومة . تأملته قليلا وقد ملأت زقزقة الأبوين أذني . رفعته وألقيت به بكل رفق في الهواء .. تلقاه الابوين معا في لهفة ونزلا معه فوق قفص الاتهام - يدوران حــوله يتأملانه وكأني بهما يقولان له (ما تستعجلش يا صغيرنا بكره ها تشوف وتسمع العجب.. خلينا فوق احسن)

تمــــــــــــــــــــــت
أبريل 2010


قصة قصيرة :عصفور ُُ ُفي قاعة المحكمة

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
الأدب القضائي - المحاكمات والمحاكمات الأدبية
المشاهدات
532
آخر تحديث
أعلى